هل يأخذ أجر الماهر بالقرآن من لا يستطيع تعلم التجويد والمخارج
انا لدغه في حروف كتير شوية فافي التجويد مبعرفش اضبط مخارج الحروف والصفات كويس وكمان في التجويد بيبقي في حاجات صعبة عليا مبعرفش اطلعها وانا كنت نفسي ابقي وانا بحفظ القرآن اكون من السفرة الكرام البررة وكمان عدم اتقاني التجويد بيخليني اقصر في حفظ القران اعمل ايه سؤال تاني لما بصلي علي الرسول بصيغه الابراهيمية باخد وقت أطول وعدد صغير ولما بصلي باي صيغه تانية باخد وقت اقل وعدد اكبر انهو الافضل
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن المقرر في الشريعة الإسلامية الغراء أن نية المرء أبلغ من عمله، والمراد بالنية الإرادة الجازمة التي توجب أن يَفعل المريد ما يقدر عليه من الفعل، فإذا لم يفعل مقدوره لم تكن إرادته جازمة، ولا يتخلف عنها الفعل مع القدرة إلا لعجز يجري صاحبها مجرى الفاعل التام في الثواب والعقاب؛ ووالأدلة على تلك القاعدة أكثر من أن تحصى من الكتاب والسنة المتواترة، ففي الصحيحين عن النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ألا وإن في الجسد مضغة: إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب"، وفيهما عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيما يروي عن ربه عز وجل قال: قال: "إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له عنده عشر حسنات إلى سبع مائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له سيئة واحدة".
وفي صحيح البخاري من حديث أبى موسى قال: {إذا مرض العبد أو سافر كتب له من العمل ما كان يعمل مقيما صحيحا"، وفيه عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع من غزوة تبوك فدنا من المدينة، فقال: "إن بالمدينة أقواما، ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم»، قالوا: يا رسول الله، وهم بالمدينة؟ قال: «وهم بالمدينة، حبسهم العذر".
وفي الصحيح عن سهل بن حنيف، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من سأل الله الشهادة بصدق، بلغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه"، ورى أحمد وأبو داود والنسائي عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من توضأ فأحسن وضوءه، ثم راح فوجد الناس قد صلوا:- أعطاه الله جل وعز مثل أجر من صلاها وحضرها، لا ينقص ذلك من أجرهم شيئا"، وشواهد هذا كثيرة جدًا وجميعها يدل أن من نوى الخير وعمل منه مقدوره وعجز عن إكماله كان له أجر عامله.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (10/ 722-723): "والإرادة الجازمة إذا فعل معها الإنسان ما يقدر عليه كان في الشرع بمنزلة الفاعل التام، له ثواب الفاعل التام وعقاب الفاعل التام الذي فعل جميع الفعل المراد حتى يثاب ويعاقب على ما هو خارج عن محل قدرته؛ مثل المشتركين والمتعاونين على أفعال البر، ومنها ما يتولد عن فعل الإنسان كالداعي إلى هدى أو إلى ضلالة، والسان سنة حسنة وسنة سيئة كما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الوزر مثل أوزار من تبعه من غير أن ينقص من أوزارهم شيء"، وثبت عنه في الصحيحين أنه قال: "من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شيء"، فالداعي إلى الهدى وإلى الضلالة هو طالب مريد كامل الطلب والإرادة لما دعا إليه؛ لكن قدرته بالدعاء والأمر، وقدرة الفاعل بالاتباع والقبول.". اهـ.
وقال: مجموع الفتاوى (10/ 732-735): "إن الغزو يحتاج إلى جهاد بالنفس وجهاد بالمال، فإذا بذل هذا بدنه وهذا ماله مع وجود الإرادة الجازمة في كل منهما، كان كل منهما مجاهدًا بإرادته الجازمة ومبلغ قدرته، وكذلك لا بد للغازي من خليفة في الأهل، فإذا خلفه في أهله بخير فهو أيضًا غازٍ، وكذلك الصيام لا بد فيه من إمساك، ولا بد فيه من العشاء الذي به يتم الصوم، وإلا فالصائم الذي لا يستطيع العشاء لا يتمكن من الصوم؛ وكذلك قوله في الحديث الصحيح: "إذا أنفقت المرأة من مال زوجها غير مفسدة كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها مثل ذلك لا ينقص بعضهم من أجور بعض شيئًا"، وكذلك قوله في حديث أبي موسى: " الخَازِنُ المُسْلِمُ الأَمِينُ، الَّذِي يُنْفِذُ - وَرُبَّمَا قَالَ: يُعْطِي - مَا أُمِرَ بِهِ كَامِلًا مُوَفَّرًا طَيِّبًا بِهِ نَفْسُهُ، فَيَدْفَعُهُ إِلَى الَّذِي أُمِرَ لَهُ بِهِ أَحَدُ المُتَصَدِّقَيْنِ"؛ أخرجاه؛ وذلك أن إعطاء الخازن الأمين الذي يُعطي ما أُمر به موفرًا طيبة به نفسه لا يكون إلا مع الإرادة الجازمة الموافقة لإرادة الآمر، وقد فعل مقدوره وهو الامتثال:- فكان أحد المتصدقين.
ومن هذا الباب حديث أبي كبشة الأنماري الذي رواه أحمد وابن ماجه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما الدنيا لأربعة: رجل آتاه الله علمًا ومالاً فهو يعمل فيه بطاعة الله، فقال رجل: لو أن لي مثل فلان لعملت بعمله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم فهما في الأجر سواء"، وقد رواه الترمذي مطولا وقال حديث حسن صحيح، فهذا التساوي مع الأجر والوزر هو في حكاية حال من قال ذلك وكان صادقًا فيه، وعلم الله منه إرادة جازمة لا يتخلف عنها الفعل إلا لفوات القدرة؛ فلهذا استويا في الثواب والعقاب". اهـ.
إذا تقرر هذا فإن كنت بذلت الوسع لتعلم المخارج الصحيحة والتجويد ولم تتمكن منها، فنرجو من الله البر الرحيم أن يعطيك أجر الماهر بالقرآن؛ لما سبق بيانه من أن الثواب والعقاب إنما يكون على ما في القلب من إرادة جازمة مصحوبًا بفعل المستطاع،، والله أعلم.
- المصدر: