حكم عمل بدون ضرورة قصوى

منذ 2024-01-29
السؤال:

انا اعمل بدون ضرورة قصوى ولكن لكي استطيع شراء ما ارغب به حيث لا استطيع مع راتب والدي القليل ولكن اعمل بمكان به عاملين من الجنسين رجال ونساء واحيانا اجدهم يتحدثون ويمزحون سويا احاول قدر الامكان ان اتحدث فقط للضرورة ولكن ما حكم ذهابي الى العمل اثناء وجود هذه المنكرات من الزملاء ؟ هل آثم بذهابي للعمل لاحتوائه على منكر وانا اذهب دون ضرورة قصوى ؟

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:

 فقد دلّ الكتاب العزيز على أن البيت هو مثابة المرأة، التي تجد فيها نفسها على حقيقتها التي أرادها الله تعالى؛ كما قال عزَّ وجلّ: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الأحزاب: 33].

وليس معنى هذا الأمر ملازمة البيوت فلا يبرحْنها إطلاقًا، إنما هي إيماءة لطيفة إلى أن يكون البيت هو الأصل في حياتهن، لتقوم بوظيفتها التي هيأها الله لها بالفطرة؛ فهو المقر وما عداه استثناء طارئًا، لا يثقلن فيه ولا يستقررن، إنما هي الحاجة تقضى، وبقدرها.

فإذا دعت الحاجة للخروج، فلا بأس حينئذ؛ فالله تعالى أذن للمرأة بالخروج للعمل إذا كانت هناك حاجة، أو مصلحة تدعو، مثل أن تحتاج المرأة للنفقة على نفسها، أو تنفق على أبنائها، إن عجز الزوج عن النفقة، أو تعين والديها على شئون الحياة، وغير ذلك.

 وحينئذ يجب على المرأة الالتزام بالضوابط الشرعية، من عدم الاختلاط بالرجال إلا في أضيق الحدود، ولا تخلو برجل أجنبي، مع الالتزام بالحجاب الشرعي، وعدم الخضوع بالقول؛ قال – تعالى -: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب:59]، وقال – تعالى -: {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [الأحزاب:32]..

كما يشترط أن يكون العمل مباح في نفسه، ولا يزري بالفتاة.

فالحاجة التي تدعو للعمل لا ينبغي أن تكون سببًا للإخلال بما أوجبه الله عليها، مهما كانت حاجتها!

فإن حَدَثَ خَلَلٌ في واجب من الواجبات التي ذكرناها، أو غيرها، أو آنست من نفسها ميلاً للحرام، أو أنسًا بالإختلاط = فيجب تركُ العمل في الحال؛ لأن السلامة في الدين لا يعدلها شيء، ومن ترك شيئًا لله، عَوَّضَهُ الله خيرًا منه؛ كما صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله: ((إن روح القدس نفث في رُوعي أن نفسًا لن تموت حتى تستكمل أَجَلَهَا وتستوعب رزقها؛ فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله؛ فإن الله - تعالى - لا ينال ما عنده إلا بطاعته))؛ رواه عبدالرزاق في "مصنفه" والبزار في "مسنده".

والحاصل أن عمل المرأة في زماننا هو مخاطرة بالدين والخلق، غير أن الحاجة والضرورة تبيحها، ولكن لا تتطوع به المراة أو الفتاة، وهي قادره على اجتنابها، حتى تتجنب الشرور والضلال، بله إصابة الأرواح والضمائر والعقول،، والله أعلم.

 

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 3
  • 1
  • 806

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً