حكم الشرب من إناء به قطعة للتداوي

منذ 2024-02-27
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله، هناك من يلجأ إلى الفضة كعلاج شعبي، فيضعون قطعة نقدية منها في إناء مليء بالماء لمدة طويلة ويشربون منه. ما حكم هذه الطريقة؟ وهل يجوز القيام بها لأسباب غير علاجية؟ وهل تدخل في نوع الآنية التي حرم الشرب منها والاستفادة منها؟ جزاكم الله خيراً

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فمن المعلو أن الفضة تستخدم من قديم في علاج الأمراض، كما استخدامها العرب قديمًا في تنقية الماء؛ نظرًا لقدرتها الفائقة على قتل (البكتريا) والكائنات الدقيقة والطحالب؛ حيث كان الماء يوضع في القِرَب المصنوعة من جِلْد الشَّاة ويُملأ ما يَقْرُب من ثلاثة أرباعها بالماء، والباقي هواء، ويُوضع في الماء قِطع معدنية من عملات الفضة. وفي أثناء الرحلات طويلة المسافات تهتز القِرْبَة، فتحتكُّ القطع ببعضها البعض؛ مما ينتج عنه ذوبان جزء بسيط من الفضة في الماء في صورة مسحوق فائق النعومة، يؤدِّي إلى قتل (البكتريا) وتطهير الماء.

وكذلك أثبتت الدراسات الحديثة أنه يمكن استخدام الفضة في تنقية المياة بدلاً من استخدام (الكلور) الغير آمِن صحيًّا؛ حيث إنَّ الجرعة المستخدَمة من الفضة في تنقية الماء أقل من واحد في (البليون)؛ أي: ما يُعادل واحد (ملليجرام) في (المتر المكعَّب) من الماء، وهذا يعني أن تكلفة التنقية تصل إلى حوالي نصف قرش بالعملة المصرية، بينما (الكلور) يكلِّف ثلاثة قروش، إلى جانب المخاطر على العاملين والسكان المحيطين من غاز (الكلور).

 كما يمكن استخدام الفضة في تعقيم المياه المستخدَمة في محطَّات توليد الكهرباء، ومياه الصرف الصحي، وأبراج التبريد الصناعية، ومياه حمامات السباحة.

وتُستخدم الفضة الآن في صناعة بعض (المَراهِم)، وفي علاج (القدم السكَّري)؛ حيث تضبط نسبة السكر في الجسم. وتستخدم في حمامات الماء المضاف إليه ماء (الأوكسجين)، والمطعَّم بـ(أيون) الفضة؛ حيث تقوم بقتل الكائنات الدقيقة الملوِّثة للقُروح في القَدَم، ثم تُتْرَك طبقة خفيفة من الفضة تقوم بمنع نموِّ أيِّ كائنات أخرى.

قال ابن القيِّم في كتابه "زاد المعاد": "وهي – الفضة - من الأدوية النافعة من الهمِّ والغمِّ والحزن، وضعف القلب وخفقانه، وتدخل في المعاجين الكبار، وتجتذب بخاصيتها ما يتولَّد في القلب من الأخلاط الفاسدة، خصوصًا إذا أُضيفت إلى العسل المصفَّى والزعفران. ومزاجها إلى اليُبوسة والبُرودة، ويتولَّد عنها منَ الحرارة والرطوبة ما يتولَّد".

ولعل السائل الكريم تحرج من الشرب من وعاء به قطعة فضة؛ لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الشرب في آنية الذهب والفضة، والجواب: أن النهي من أجل السرف والخيلاء والفخر، وذلك منتفٍ إذا احتيج إليه للتداوي وغيره.

ففي الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "رخص للزبير وعبد الرحمن بن عوف في لبس الحرير لحكة كانت بهما"،  والحرير محرم على الرجال، ولكن لما دعت الحاجة إليه أبيح للتداوي.

إذا تحرر هذا؛ فيجوز التداوي بالفضة لأن الطب مداره على التجربة والقياس،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 3
  • 0
  • 1,046

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً