حكم من عذر شخصا لم يكفر النصاري بالجهل

منذ 3 ساعات
السؤال:

انا عارفة إنه النصاري كفار وعارفة إن اللي مش بيكفرهم حكمه مثلهم كفار أيضا ولكن فيه علماء وأهل سنة قالوا نقيم الحجة فإن أصروا كفروا اي حكمهم أليس من لم يكفرهم لا شبهة لهم ؟! وهل من لم يكفر من لم يكفر الكافر بسبب شبهة كذلك يعذر

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فإن من نواقض الإيمان عدم تكفر الكافر الظاهر الكفر كاليهود والنصارى، إلا أن يكون ثمّ عارض من إكراه أو تأويل، فحينئذ لا يكفره حتى تقام عليه الحجة الرسالية، وتزال الشبهة.

والقاعدة العامة: أن من لم يكفر المشركين، أو شك في كفرهم، أو صحح مذهبهم، أو جادل عن المشركين، أو استحسن مناهجهم، أو قال: إن غير المسلمين يدخلون الجنة= فكل هؤلاء يكفرون؛ لرد النصوص الصحيحة، والإجماع القطعي.

 ولكن من توقف في تكفيره لشبهة رآها، فإنه لا يكفر.

وقد قرر تلك القاعدة شيخ الإسلام ابن تيمية في مواضع كثيرة من كتبه، منها "مجموع الفتاوى": 2 / 367 – 368 ]، فقال - في معرض كلامه عن فصوص الحكم لابن عربي -: "وأقوال هؤلاء شر من أقوال النصارى، وفيها من التناقض من جنس ما في أقوال النصارى؛ ولهذا يقولون بالحلول تارة وبالاتحاد أخرى وبالوحدة تارة، فإنه مذهب متناقض في نفسه ولهذا يلبسون على من لم يفهمه؛ فهذا كله كفر باطناً وظاهراً بإجماع كل مسلم، ومن شك في كفر هؤلاء بعد معرفة قولهم ومعرفة دين الإسلام فهو كافر كمن يشك في كفر اليهود والنصارى والمشركين".

فاشترط رحمه الله للحكم بتكفير المعين أن يكون عارفًا لقولهم وحالهم، .

وقال رحمه الله (2 / 132- 133) - في معرض كلامه عن النصيرية وهي فرقة كفرية -: "ولكن هؤلاء التبس أمرهم على من لم يعرف حالهم، كما التبس أمر القرامطة الباطنية لما ادعوا أنهم فاطميون وانتسبوا إلى التشيع، فصار المتبعون مائلين إليهم غير عالمين بباطن كفرهم، ولهذا كان من مال إليهم أحد رجلين: إما زنديقاً منافقاً، وإما جاهلاً ضالاً".

إذا تقرر هذا؛ فإن من توقف في كفر اليهود والنصارى، فإنه يكفر بغير خلاف، وهو قول جميع أهل السنة القائلين بأن الإيمان قول وعمل،  ولكن لا يَكْفُر من كان متأولاً، أو قامت عنده شهبة أوجبت هذا الوهم، حتى يعلم وتقام عليه الحجة الرسالية التي يكفر تاركها؛ كما قال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [التوبة: 115]، وتبين الأشياء للقلب ضد اشتباهها، ورسول الله صلى الله عليه وسلم عرف الأمة جميع ما يحتاجون إليه من دينهم، ونصَّ علي كل ما يعصم من المهالك نصاً قاطعاً للعذر، وقال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: 9] ، وقال تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} [المائدة: 15].

الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية

وقال تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6]، قد علم أن المراد أنه يسمعه سمعًا يتمكن معه من فهم معناه؛ إذ المقصود لا يقوم بمجرد سمع لفظ لا يتمكن معه من فهم المعنى، فلو كان غير عربي وجب أن يترجم له ما يقوم به عليه الحجة، ولو كان عربيًا - وفي القرآن ألفاظ غريبة ليست لغته، وجب أن يبين له معناها، ولو سمع اللفظ كما يسمعه كثير من الناس، ولم يفقه المعنى وطلب منا أن نفسره له ونبين له معناه، فعلينا ذلك.
وإن سألنا عن سؤال يقدح في القرآن أجبناه عنه، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أورد عليه بعض المشركين أو أهل الكتاب أو المسلمين سؤالاً يوردونه على القرآن، فإنه كان يجيبه عنه كما أجاب ابن الزبعري لما قاس المسيح على آلهة المشركين، وظن أن العلة في الأصل بمجرد كونهم معبودين، وأن ذلك يقتضي كل معبود غير الله، فإنه يعذب في الآخرة، فجعل المسيح مثلا لآلهة المشركين قاسهم عليه قياس الفرع على الأصل". قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه: "الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح" (1/ 222- 221)

هذا؛ والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 0
  • 0
  • 30

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً