التعليق على نونية ابن القيم - ذكر جملة من معتقد الجهمية والرد عليها
منذ 2001-08-29
حكم المحبة ثابت الأركان ***** ما للصدود بفسح ذاك يدان
إني وقاضي الحس نفذ حكمها ***** فلذا أقر بذلك الخصمان
وأتت شهود الوصل تشهد أنه ***** حقا جرى في مجلس الإحسان
فتأكد الحكم العزيز فلم تجد ***** فسخ الوشاة إليه من سلطان
ولأجل ذا حكم العذول تداعت ال ***** أركان منه فخر للأذقان
وأتى الوشاة فصادفوا الحكم الذي ***** حكموا به متيقن البطلان
ما صادف الحكم المحل ولا هواس ***** توفي الشروط فصار ذا بطلان
فلذاك قاضي الحسن أثبت محضرا ***** بفساد حكم إلهجر والسلوان
وحكى لك الحكم المحال ونقضه ***** فأسمع إذا يا من له إذان
حكم الوشاة بغير ما برهان ***** إن المحبة والصدود لدان
والله ما هذا بحكم مقسط ***** أين الغرام وصد ذي هجران
شتان بين الحالتين فإن ترد ***** جمعا فما الضدان يجتمعان
يا والها هانت عليه نفسه ***** إذ باعها غبنا بكل هوان
أتبيع من تهواه نفسك طائعا ***** بالصد والتعذيب وإلهجران
أجهلت أوصاف المبيع وقدرة ***** أن كنت ذا جهل بذي الأثمان
واها لقلب لا يفارق طيره ال ***** أغصان قائمة على الكثبان
ويظل يسجع فوقها ولغيره ***** منها الثمار وكل قطف دان
ويبيت يبكي والمواصل ضاحك ***** ويظل يشكو وهو ذو هجران
هذا ولو أن الجمال معلق ***** بالنجم هم إليه بالطيران
لله زائرة بالليل لم تخف ***** عسس الأمير ومرصد السجان
قطعت بلاد الشام ثم تيممت ***** من أرض طيبة مطلع الأيمان
وأتت على وادي العقيق فجاوزت ***** ميقاته حلا بلا نكران
وأتت على وادي الأراك ولم يكن ***** قصدا لها فألا بأن ستراني
وأتت على عرفات ثم محسر ***** ومنى فكم نحرته من قربان
وأتت على الجمرات ثم تيممت ***** ذات الستور وربة الاركان
هذا وما طافت ولا استلمت ولا ***** رمت الجمار ولا سعت لقران
ورقت على أعلى الصفا فتيممت ***** دارا هنالك للمحب العاني
أترى الدليل أعارها أثوابه ***** والريح أعطتها من الخفقان
والله لو أن الدليل مكانها ***** ما كان ذلك منه في إمكان
هذا ولو سارت مسير الريح ما ***** وصلت به ليلا إلى نعمان
سارت وكان دليلها في سيرها ***** سعد السعود وليس بالدبران
وردت جفار الدمع وهي غزيرة ***** فلذاك ما احتاجت ورود الضان
وعلت على متن إلهوى وتزودت ***** ذكرى الحبيب ووصله المتدان
وعدت بزورتها فأوفت بالذي ***** وعدت وكان بملتقى الاجفان
لم يفجأ المشتاق إلا وهي دا ***** خلة الستور بغير ما استئذان
قالت وقد كشفت نقاب الحسن ما ***** بالصبر لي عن ان أراك يدان
فتحدثت عندي حديثا خلته ***** صدقا وقد كذبت به العينان
فعجبت منه وقلت من فرحي به ***** طمعا ولكن المنام دهاني
ان كنت كاذبة الذي حدثتني ***** فعليك إثم الكاذب الفتان
جهم بن صفوان وشيعته الالى ***** جحد واصفات الخالق الديان
بل عطلوا منه السموات العلى ***** والعرش أخلوه من الرحمن
ونفوا كلام الرب جل جلاله ***** وقضوا له بالخلق والحدثان
قالوا وليس لربنا سمع ولا ***** بصر ولا وجه فكيف يدان
وكذاك ليس لربنا من قدرة ***** وإرادة أو رحمة وحنان
كلا ولا وصف يقوم به سوى ***** ذات مجردة بغير معان
وحياته هي نفسه وكلامه ***** هو غيره فاعجب لذا البهتان
وكذاك قالوا مإله من خلقه ***** أحد يكون خليله النفسان
وخليله المحتاج عندهم وفي ***** ذا الوصف يدخل عابدو الاوثان
فالكل مفتقر إليه لذاته ***** في أسر قبضته ذليل عان
ولأجل ذا ضحى بجعد خالد القسري ***** يوم ذبائح القربان
إذ قال إبراهيم ليس خليله ***** كلا ولا موسى الكليم الدان
شكر الضحية كل صاحب سنة ***** لله درك من أخي قربان
فصل
والعبد عندهم فليس بفاعل ***** بل فعله كتحرك الرجفان
وهبوب ريح أو تحرك نائم ***** وتحرك الأشجار للميلان
والله يصليه على ما ليس من ***** أفعإله حر الحميم الآن
لكن يعاقبه على أفعإله ***** فيه تعالى الله ذو الإحسان
والظلم عندهم المحال لذاته ***** أنى ينزه عنه ذو السلطان
ويكون مدحا ذلك التنزيه ما ***** هذا بمعقول لذي الأذهان
فصل
وكذاك قالوا مإله من حكمة ***** هي غاية للأمر والإتقان
ما ثم غير مشيئة قد رجحت ***** مثلا على مثل بلا رجحان
هذا وما تلك المشيئة وصفه ***** بل ذاته أو فعله قولان
وكلامه مذ كان غيرا كان مخ ***** لوقا له من جملة الأكوان
قالوا وإقرار العباد بأنه ***** خلاقهم هو منتهى الأيمان
والناس في الأيمان شيء واحد ***** كالمشط عند تماثل الاسنان
فاسأل أبا جهل وشيعته ومن ***** ولاهم من عابدي الاوثان
وسل اليهود وكل أقلف مشرك ***** عبد المسيح مقبل الصلبان
واسأل ثمود وعاد بل سل قبلهم ***** أعداء نوح أمة الطوفان
واسأل أبا الجن اللعين أتعرف ال ***** خلاق أم أصبحت ذا نكران
واسأل شرار الخلق أعني أمة ***** لوطية هم ناكحو الذكران
واسأل كذاك إمام كل معطل ***** فرعون مع قارون مع هامان
هل كان فيهم منكر للخالق الرب ***** العظيم مكون الا كوان
فليبشروا ما فيهم من كافر ***** هم عند جهم كاملو الأيمان
فصل
وقضى بأن الله كان معطلا ***** والفعل ممتنع بلا إمكان
ثم استحال وصار مقدورا له ***** من غير أمر قام بالديان
بل حإله سبحانه في ذاته ***** قبل الحدوث وبعده سيان
وقضى بأن النار لم تخلق ولا ***** جنات عدن بل هما عدمان
فإذا هما خلقا ليوم معادنا ***** فهما على الاوقات فانيتان
وتلطف العلاف من أتباعه ***** فأتى بضحكة جاهل مجان
قال الفناء يكون في الحركات لا ***** في الذات واعجبا لذا إلهذيان
أيصير أهل الخلد في جناتهم ***** وجحيمهم كحجارة البنيان
ما حال من قد كان يغشى أهله ***** عند انقضاء تحرك الحيوان
وكذاك ما حال الذي رفعت يدا ***** ه أكلة من صحفة وخوان
فتناهت الحركات قبل وصولها ***** للفم عند تفتح الاسنان
وكذاك ما حال الذي امتدت يد ***** منه إلى قنو من القنوان
فتناهت الحركات قبل الأخذ هل ***** يبقى كذلك سائر الازمان
تبا لهاتيك العقول فانها ***** والله قد مسخت على الابدان
تبا لمن أضحي بقدمها على ال ***** آثار والاخبار والقرآن
فصل
وقضى بأن الله يجعل خلقه ***** عدما ويقلبه وجودا ثان
العرش والكرسي والأرواح وال ***** أملاك والقمران
والأرض والبحر المحيط وسائر ال ***** أكوان من عرض ومن جثمان
كل سيفنيه الفناء المحض لا ***** يبقى له أثر كظل فان
ويعيد ذا المعدوم أيضا ثانيا ***** محض الوجود إعادة بزمان
هذا المعاد وذلك المبدا الذي ***** جهم وقد نسبوه للقرآن
هذا الذي قاد ابن سينا والالى ***** قالوا مقالته إلى الكفران
لم تقبل الأذهان ذا وتوهموا ***** أن الرسول عناه بالأيمان
هذا كتاب الله أنى قال ذا ***** أو عبدة المبعوث بالبرهان
او صحبه من بعده أو تابع ***** لهم على الأيمان والإحسان
بل صرح الوحي المبين بأنه ***** حقا مغير هذه الأكوان
فيبدل الله السماوات العلى ***** والارض ايضا ذات تبديلان
وهما كتبديل الجلود لساكني النيران ***** عند النضج من نيران
وكذاك يقبض أرضه وسماءه ***** بيديه ما العدمان مقبوضان
وتحدث الأرض التي كنا بها ***** أخبارها في الحشر للرحمن
وتظل تشهد وهي عدل بالذي ***** من فوقها قد أحدث الثقلان
أفيشهد العدم الذي هو كاسمه ***** لا شيء هذا ليس في الامكان
لكن تسوى ثم تبسط ثم تسهد ***** ثم تبدل وهي ذات كيان
وتمد ايضا مثل مد أديمنا ***** من غير أودية ولا كثبان
وتقيء يوم العرض من أكبادها ***** كالاسطوان نفائس الاثمان
كل يراه بعينه وعيانه ***** ما لامرىء بالأخذ منه يدان
وكذا الجبال تفت فتا محكما ***** فتعود مثل الرمل ذي الكثبان
وتكون كالعهن الذي ألوانه ***** وصباغة من سائر الالوان
وتبس بسا مثل ذاك فتنثني ***** مثل إلهباء لناظر الانسان
وكذا البحار فإنها مسجورة ***** قد فجرت تفجير ذي سلطان
وكذلك القمران يأذن ربنا ***** لهما فيجتمعان يلتقيان
هذي مكورة وهذا خاسف ***** وكلاهما في النار مطروحان
وكواكب الافلاك تنثر كلها ***** كلآلىء نثرت على ميدان
وكذا السماء تشق شقا ظاهرا ***** وتمور ايضا أيما موران
وتصير بعد الانشقاق كمثل هـ ***** ذا المهل او تك وردة كدهان
والعرش والكرسي لا يفنيهما ***** أيضا وإنهما لمخلوقان
والحور لا تفنى كذلك جنة ال ***** مأوى وما فيها من الولدان
ولاجل هذا قال جهم إنها ***** عدم ولم تخلق إلى ذا الآن
والانبياء فإنهم تحت الثرى ***** أجسامهم حفظت من الديدان
ما للبلى بلحومهم وجسومهم ***** أبدا وهم تحت التراب يدان
وكذاك عجب الظهر لا يبلى بلى ***** منه تركب خلقة الانسان
وكذلك الأرواح لا تبلى كما ***** تبلى الجسوم ولا بلى اللحمان
ولاجل ذلك لم يقر الجهم بال ***** أرواح خارجة عن الابدان
لكنها من بعض أعراض بها ***** قامت وذا في غاية البطلان
فالشأن للارواح بعد فراقها ***** أبدانها والله أعظم شان
إما عذاب أو نعيم دائم ***** قد نعمت بالروح والريحان
وتصير طيرا سارحا مع شكلها ***** تجني الثمار بجنة الحيوان
وتظل واردة لأنهار بها ***** حتى تعود لذلك الجثمان
لكن أرواح الذين استشهدوا ***** في جوف طير أخضر ريان
فلهم بذاك مزية في عيشهم ***** ونعيمهم بالروح والابدان
بذلوا الجسوم لربهم فأعاضهم ***** أجسام تلك الطير بالإحسان
ولها قناديل إليها تنتهي ***** مأوى لها كمساكن الانسان
فالروح بعد الموت أكمل حالة ***** منها بهذي الدار في جثمان
وعذاب أشقاها اشد من الذي ***** قد عاينت أبصارها بعيان
والقائلون بأنها عرض أبوا ***** ذا كله تبا لذي نكران
وإذا أراد الله اخراج الورى ***** بعد الممات إلى المعاد الثاني
ألقى على الاض التي هم تحتها ***** والله مقتدر وذو سلطان
مطرا غليظا أبيضا متتابعا ***** عشرا وعشرا بعدها عشران
فتظل تنبت منه أجسام الورى ***** ولحومهم كمنابت الريحان
حتى إذا ما الأم حان ولادها ***** وتمخضت فنفاسها متدان
أوحى لها رب السما فتشققت ***** فبدا الجنين كأكمل الشبان
وتخلت الأم الولود فأخرجت ***** أثقالها انثى ومن ذكران
والله ينشئ خلقه في نشأة ***** اخرى كما قد قال في القرآن
هذا الذي جاء الكتاب وسنة إله ***** ادي به فاحرص على الأيمان
ما قال إن الله يعدم خلقه ***** طرا كقول الجاهل الحيران
إني وقاضي الحس نفذ حكمها ***** فلذا أقر بذلك الخصمان
وأتت شهود الوصل تشهد أنه ***** حقا جرى في مجلس الإحسان
فتأكد الحكم العزيز فلم تجد ***** فسخ الوشاة إليه من سلطان
ولأجل ذا حكم العذول تداعت ال ***** أركان منه فخر للأذقان
وأتى الوشاة فصادفوا الحكم الذي ***** حكموا به متيقن البطلان
ما صادف الحكم المحل ولا هواس ***** توفي الشروط فصار ذا بطلان
فلذاك قاضي الحسن أثبت محضرا ***** بفساد حكم إلهجر والسلوان
وحكى لك الحكم المحال ونقضه ***** فأسمع إذا يا من له إذان
حكم الوشاة بغير ما برهان ***** إن المحبة والصدود لدان
والله ما هذا بحكم مقسط ***** أين الغرام وصد ذي هجران
شتان بين الحالتين فإن ترد ***** جمعا فما الضدان يجتمعان
يا والها هانت عليه نفسه ***** إذ باعها غبنا بكل هوان
أتبيع من تهواه نفسك طائعا ***** بالصد والتعذيب وإلهجران
أجهلت أوصاف المبيع وقدرة ***** أن كنت ذا جهل بذي الأثمان
واها لقلب لا يفارق طيره ال ***** أغصان قائمة على الكثبان
ويظل يسجع فوقها ولغيره ***** منها الثمار وكل قطف دان
ويبيت يبكي والمواصل ضاحك ***** ويظل يشكو وهو ذو هجران
هذا ولو أن الجمال معلق ***** بالنجم هم إليه بالطيران
لله زائرة بالليل لم تخف ***** عسس الأمير ومرصد السجان
قطعت بلاد الشام ثم تيممت ***** من أرض طيبة مطلع الأيمان
وأتت على وادي العقيق فجاوزت ***** ميقاته حلا بلا نكران
وأتت على وادي الأراك ولم يكن ***** قصدا لها فألا بأن ستراني
وأتت على عرفات ثم محسر ***** ومنى فكم نحرته من قربان
وأتت على الجمرات ثم تيممت ***** ذات الستور وربة الاركان
هذا وما طافت ولا استلمت ولا ***** رمت الجمار ولا سعت لقران
ورقت على أعلى الصفا فتيممت ***** دارا هنالك للمحب العاني
أترى الدليل أعارها أثوابه ***** والريح أعطتها من الخفقان
والله لو أن الدليل مكانها ***** ما كان ذلك منه في إمكان
هذا ولو سارت مسير الريح ما ***** وصلت به ليلا إلى نعمان
سارت وكان دليلها في سيرها ***** سعد السعود وليس بالدبران
وردت جفار الدمع وهي غزيرة ***** فلذاك ما احتاجت ورود الضان
وعلت على متن إلهوى وتزودت ***** ذكرى الحبيب ووصله المتدان
وعدت بزورتها فأوفت بالذي ***** وعدت وكان بملتقى الاجفان
لم يفجأ المشتاق إلا وهي دا ***** خلة الستور بغير ما استئذان
قالت وقد كشفت نقاب الحسن ما ***** بالصبر لي عن ان أراك يدان
فتحدثت عندي حديثا خلته ***** صدقا وقد كذبت به العينان
فعجبت منه وقلت من فرحي به ***** طمعا ولكن المنام دهاني
ان كنت كاذبة الذي حدثتني ***** فعليك إثم الكاذب الفتان
جهم بن صفوان وشيعته الالى ***** جحد واصفات الخالق الديان
بل عطلوا منه السموات العلى ***** والعرش أخلوه من الرحمن
ونفوا كلام الرب جل جلاله ***** وقضوا له بالخلق والحدثان
قالوا وليس لربنا سمع ولا ***** بصر ولا وجه فكيف يدان
وكذاك ليس لربنا من قدرة ***** وإرادة أو رحمة وحنان
كلا ولا وصف يقوم به سوى ***** ذات مجردة بغير معان
وحياته هي نفسه وكلامه ***** هو غيره فاعجب لذا البهتان
وكذاك قالوا مإله من خلقه ***** أحد يكون خليله النفسان
وخليله المحتاج عندهم وفي ***** ذا الوصف يدخل عابدو الاوثان
فالكل مفتقر إليه لذاته ***** في أسر قبضته ذليل عان
ولأجل ذا ضحى بجعد خالد القسري ***** يوم ذبائح القربان
إذ قال إبراهيم ليس خليله ***** كلا ولا موسى الكليم الدان
شكر الضحية كل صاحب سنة ***** لله درك من أخي قربان
فصل
والعبد عندهم فليس بفاعل ***** بل فعله كتحرك الرجفان
وهبوب ريح أو تحرك نائم ***** وتحرك الأشجار للميلان
والله يصليه على ما ليس من ***** أفعإله حر الحميم الآن
لكن يعاقبه على أفعإله ***** فيه تعالى الله ذو الإحسان
والظلم عندهم المحال لذاته ***** أنى ينزه عنه ذو السلطان
ويكون مدحا ذلك التنزيه ما ***** هذا بمعقول لذي الأذهان
فصل
وكذاك قالوا مإله من حكمة ***** هي غاية للأمر والإتقان
ما ثم غير مشيئة قد رجحت ***** مثلا على مثل بلا رجحان
هذا وما تلك المشيئة وصفه ***** بل ذاته أو فعله قولان
وكلامه مذ كان غيرا كان مخ ***** لوقا له من جملة الأكوان
قالوا وإقرار العباد بأنه ***** خلاقهم هو منتهى الأيمان
والناس في الأيمان شيء واحد ***** كالمشط عند تماثل الاسنان
فاسأل أبا جهل وشيعته ومن ***** ولاهم من عابدي الاوثان
وسل اليهود وكل أقلف مشرك ***** عبد المسيح مقبل الصلبان
واسأل ثمود وعاد بل سل قبلهم ***** أعداء نوح أمة الطوفان
واسأل أبا الجن اللعين أتعرف ال ***** خلاق أم أصبحت ذا نكران
واسأل شرار الخلق أعني أمة ***** لوطية هم ناكحو الذكران
واسأل كذاك إمام كل معطل ***** فرعون مع قارون مع هامان
هل كان فيهم منكر للخالق الرب ***** العظيم مكون الا كوان
فليبشروا ما فيهم من كافر ***** هم عند جهم كاملو الأيمان
فصل
وقضى بأن الله كان معطلا ***** والفعل ممتنع بلا إمكان
ثم استحال وصار مقدورا له ***** من غير أمر قام بالديان
بل حإله سبحانه في ذاته ***** قبل الحدوث وبعده سيان
وقضى بأن النار لم تخلق ولا ***** جنات عدن بل هما عدمان
فإذا هما خلقا ليوم معادنا ***** فهما على الاوقات فانيتان
وتلطف العلاف من أتباعه ***** فأتى بضحكة جاهل مجان
قال الفناء يكون في الحركات لا ***** في الذات واعجبا لذا إلهذيان
أيصير أهل الخلد في جناتهم ***** وجحيمهم كحجارة البنيان
ما حال من قد كان يغشى أهله ***** عند انقضاء تحرك الحيوان
وكذاك ما حال الذي رفعت يدا ***** ه أكلة من صحفة وخوان
فتناهت الحركات قبل وصولها ***** للفم عند تفتح الاسنان
وكذاك ما حال الذي امتدت يد ***** منه إلى قنو من القنوان
فتناهت الحركات قبل الأخذ هل ***** يبقى كذلك سائر الازمان
تبا لهاتيك العقول فانها ***** والله قد مسخت على الابدان
تبا لمن أضحي بقدمها على ال ***** آثار والاخبار والقرآن
فصل
وقضى بأن الله يجعل خلقه ***** عدما ويقلبه وجودا ثان
العرش والكرسي والأرواح وال ***** أملاك والقمران
والأرض والبحر المحيط وسائر ال ***** أكوان من عرض ومن جثمان
كل سيفنيه الفناء المحض لا ***** يبقى له أثر كظل فان
ويعيد ذا المعدوم أيضا ثانيا ***** محض الوجود إعادة بزمان
هذا المعاد وذلك المبدا الذي ***** جهم وقد نسبوه للقرآن
هذا الذي قاد ابن سينا والالى ***** قالوا مقالته إلى الكفران
لم تقبل الأذهان ذا وتوهموا ***** أن الرسول عناه بالأيمان
هذا كتاب الله أنى قال ذا ***** أو عبدة المبعوث بالبرهان
او صحبه من بعده أو تابع ***** لهم على الأيمان والإحسان
بل صرح الوحي المبين بأنه ***** حقا مغير هذه الأكوان
فيبدل الله السماوات العلى ***** والارض ايضا ذات تبديلان
وهما كتبديل الجلود لساكني النيران ***** عند النضج من نيران
وكذاك يقبض أرضه وسماءه ***** بيديه ما العدمان مقبوضان
وتحدث الأرض التي كنا بها ***** أخبارها في الحشر للرحمن
وتظل تشهد وهي عدل بالذي ***** من فوقها قد أحدث الثقلان
أفيشهد العدم الذي هو كاسمه ***** لا شيء هذا ليس في الامكان
لكن تسوى ثم تبسط ثم تسهد ***** ثم تبدل وهي ذات كيان
وتمد ايضا مثل مد أديمنا ***** من غير أودية ولا كثبان
وتقيء يوم العرض من أكبادها ***** كالاسطوان نفائس الاثمان
كل يراه بعينه وعيانه ***** ما لامرىء بالأخذ منه يدان
وكذا الجبال تفت فتا محكما ***** فتعود مثل الرمل ذي الكثبان
وتكون كالعهن الذي ألوانه ***** وصباغة من سائر الالوان
وتبس بسا مثل ذاك فتنثني ***** مثل إلهباء لناظر الانسان
وكذا البحار فإنها مسجورة ***** قد فجرت تفجير ذي سلطان
وكذلك القمران يأذن ربنا ***** لهما فيجتمعان يلتقيان
هذي مكورة وهذا خاسف ***** وكلاهما في النار مطروحان
وكواكب الافلاك تنثر كلها ***** كلآلىء نثرت على ميدان
وكذا السماء تشق شقا ظاهرا ***** وتمور ايضا أيما موران
وتصير بعد الانشقاق كمثل هـ ***** ذا المهل او تك وردة كدهان
والعرش والكرسي لا يفنيهما ***** أيضا وإنهما لمخلوقان
والحور لا تفنى كذلك جنة ال ***** مأوى وما فيها من الولدان
ولاجل هذا قال جهم إنها ***** عدم ولم تخلق إلى ذا الآن
والانبياء فإنهم تحت الثرى ***** أجسامهم حفظت من الديدان
ما للبلى بلحومهم وجسومهم ***** أبدا وهم تحت التراب يدان
وكذاك عجب الظهر لا يبلى بلى ***** منه تركب خلقة الانسان
وكذلك الأرواح لا تبلى كما ***** تبلى الجسوم ولا بلى اللحمان
ولاجل ذلك لم يقر الجهم بال ***** أرواح خارجة عن الابدان
لكنها من بعض أعراض بها ***** قامت وذا في غاية البطلان
فالشأن للارواح بعد فراقها ***** أبدانها والله أعظم شان
إما عذاب أو نعيم دائم ***** قد نعمت بالروح والريحان
وتصير طيرا سارحا مع شكلها ***** تجني الثمار بجنة الحيوان
وتظل واردة لأنهار بها ***** حتى تعود لذلك الجثمان
لكن أرواح الذين استشهدوا ***** في جوف طير أخضر ريان
فلهم بذاك مزية في عيشهم ***** ونعيمهم بالروح والابدان
بذلوا الجسوم لربهم فأعاضهم ***** أجسام تلك الطير بالإحسان
ولها قناديل إليها تنتهي ***** مأوى لها كمساكن الانسان
فالروح بعد الموت أكمل حالة ***** منها بهذي الدار في جثمان
وعذاب أشقاها اشد من الذي ***** قد عاينت أبصارها بعيان
والقائلون بأنها عرض أبوا ***** ذا كله تبا لذي نكران
وإذا أراد الله اخراج الورى ***** بعد الممات إلى المعاد الثاني
ألقى على الاض التي هم تحتها ***** والله مقتدر وذو سلطان
مطرا غليظا أبيضا متتابعا ***** عشرا وعشرا بعدها عشران
فتظل تنبت منه أجسام الورى ***** ولحومهم كمنابت الريحان
حتى إذا ما الأم حان ولادها ***** وتمخضت فنفاسها متدان
أوحى لها رب السما فتشققت ***** فبدا الجنين كأكمل الشبان
وتخلت الأم الولود فأخرجت ***** أثقالها انثى ومن ذكران
والله ينشئ خلقه في نشأة ***** اخرى كما قد قال في القرآن
هذا الذي جاء الكتاب وسنة إله ***** ادي به فاحرص على الأيمان
ما قال إن الله يعدم خلقه ***** طرا كقول الجاهل الحيران
محمد بن صالح العثيمين
كان رحمه الله عضواً في هيئة كبار العلماء وأستاذا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
- التصنيف:
- المصدر: