التعليق على نونية ابن القيم - تراجم لبعض الشخصيات الواردة في القصيدة

منذ 2001-08-29
يشرح الشيخ ابن عثيمين رحمة الله عليه قول الناظم ابن القيم رحمه الله :

وقديم الإحسان الكثير ودائم الجود ***** العظيم وصاحب الغفران

من غير إنكار عليهم فطرة ***** فطروا عليها لا تواص ثان

اوليس فعل الرب تابع وصفه ***** وكما له أفذاك ذو حدثان

وكما له سبب الفعال وخلقه ***** أفعإلهم سبب الكمال الثاني

أو ما فعال الرب عين كمإله ***** أفذاك ممتنع على المنان

أزلا إلى أن صار فيما لم يزل ***** متمكنا والفعل ذو إمكان

تالله قد ضلت عقول القوم إذا ***** قالوا بهذا القول ذي البطلان

ماذا الذي أضحى له متجددا ***** حتى تمكن فانطقوا ببيان

والرب ليس معطلا عن فعله ***** بل كل يوم ربنا في شان

والامر والتكوين وصف كما له ***** ما فقد ذا ووجوده سيان

وتخلف التأثير بعد تمام مو ***** جبه محال ليس في الامكان

والله ربي لم يزل ذا قدرة ***** ومشيئة ويليهما وصفان

العلم مع وصف الحياة وهذه ***** أوصاف ذات الخالق المنان

وبها تمام الفعل ليس بدونها ***** فعل يتم بواضح البرهان

فلأي شيء قد تأخر فعله ***** مع موجب قد تم بالاركان

ما كان ممتنعا عليه الفعل بل ***** ما زال فعل الله ذا إمكان

والله عاب المشركين بأنهم ***** عبدوا الحجارة في رضى الشيطان

ونعى عليهم كونها ليست بخا ***** لقة وليست ذات نطق بيان

فأبان أن الفعل والتكليم من ***** أوثانهم لا شك مفقودان

فإذا هما فقدا فما مسلوبها ***** بإله حق وهو ذو بطلان

والله فهو إله حق دائما ***** أفعنه ذا الوصفان مسلوبان

أزلا وليس لفقدها من غاية ***** هذا المحال واعظم البطلان

إن كان رب العرش حقا لم يزل ***** أبدا إله الحق ذا سلطان

فكذاك أيضا لم يزل متكلما ***** بل فاعلا ما شاء ذا إحسان

والله ما في العقل ما يقضي لذا ***** بالرد والابطال والنكران

بل ليس في المعقول غير ثبوته ***** للخالق الازلي ذي الإحسان

هذا وما دون المهيمن حادث ***** ليس القديم سواه في الأكوان

والله سابق كل شيء غيره ***** ما ربنا والخلق مقترنان

والله كان وليس شيء غيره ***** سبحانه جل العظيم الشان

لسنا نقول كما يقول الملحد الزنديق ***** صاحب منطق اليونان

بدوام هذا العالم المشهود وال ***** أرواح في أزل وليس بفان

هذي مقالات الملاحدة الالى ***** كفروا بخالق هذه الأكوان

وأتى ابن سينا بعد ذاك مصانعا ***** للمسلمين فقال بالإمكان

لكنه الأزلي ليس بمحدث ***** ما كان معدوما ولا هو فان

وأتى بصلح بين طائفتين ***** بينهما الحروب وما هما سلمان

أنى يكون المسلمون وشيعة الـ ***** يونان صلحا قط في الأيمان

والسيف بين الأنبياء وبينهم ***** والحرب بينهما فحرب عوان

وكذا أتى الطوسي بالحرب الصريح***** بصارم منه وسل لسان

وأتى إلى الإسلام يهدم أصله ***** من أسه وقواعد البنيان

عمر المدارس للفلاسفة الألى ***** كفروا بدين الله والقرآن

وأتى إلى أوقاف أهل الدين ينقلها ***** إليهم فعل ذي أضغان

وأراد تحويل الاشارات التي ***** هي لابن سينا موضع الفرقان

وأراد تحويل الشريعة بالنوا ***** ميس التي كانت لدى اليونان

لكنه علم اللعين بأن هذا *****ليس في المقدور والإمكان

إلا إذا قتل الخليفة والقضـ ***** ـاة وسائر الفقهاء في البلدان

فسعى لذاك وساعد المقدو*****ر بالأمر الذي هو حكمة الرحمن

فأشار أن يضع التتار سيوفهم في ***** عسكر الأيمان والقرآن

لكنهم يبقون اهل صنائع الدنيا ***** لأجل مصالح الأبدان

فغدا على سيف التتار الالف في ***** مثل لها مضروبة يوزان

وكذا ثمان مئينها في ألفها ***** مضروبة بالعد والحسبان

حتى بكى الإسلام أعداء اليهو ***** د كذا المجوس وعابدوا الصلبان

فشفى اللعين النفس من حزب الرسول ***** وعسكر الأيمان والقرآن

وبوده لو كان في أحد وقد ***** شهد الوقيعة مع أبي سفيان

لأقر أعينهم وأوفى نذره ***** أو ان يرى متمزق اللحمان

وشواهد الاحداث ظاهرة على ***** ذا العالم المخلوق بالبرهان

وأدلة التوحيد تشهد كلها ***** بحدوث كل ما سوى الرحمن

لو كان غير الله جل جلاله ***** معه قديما كان ربا ثاني

إذ كان عن رب العلى مستغنيا ***** فيكون حينئذ لنا ربان

والرب باستقلإله متوحد ***** أفممكن أن يستقل اثنان

لوكان ذاك تنافيا وتساقطا ***** فإذا هما عدمان ممتنعان

والقهر والتوحيد يشهد منهما ***** كل لصاحبه هما عدلان

ولذلك اقترنا جميعا في صفا ***** ت الله فانظر ذاك في القرآن

فالواحد القهار حقا ليس في ال ***** إمكان أن تحظى به ذاتان


فصل
في اعتراضهم على القول بدوام فاعلية الرب تعالى وكلامه والانفصال عنه


فلئن زعمتم أن ذاك تسلسل ***** قلنا صدقتم وهو ذو إمكان

كتسلسل التأثير في مستقبل ***** هل بين ذينك قط من فرقان

والله ما افترقا لدى عقل ولا ***** نقل ولا نظر ولا برهان

في سلب إمكان ولا في ضده ***** هذي العقول ونحن ذو أذهان

فليأت بالفرقان من هو فارق ***** فرقا يبين لصالح الأذهان

وكذاك سوى الجهم بينهما كذا ***** العلاف في الانكار والبطلان

ولأجل ذا حكما بحكم باطل ***** قطعا على الجنات والنيران

فالجهم افنى الذات والعلاف ***** للحركات أفنى قاله الثوران

وأبو علي وابنه والاشعري ***** وبعده ابن الطيب الرباني

وجميع أرباب الكلام الباطل ***** المذموم عند أئمة الأيمان

فرقوا وقالوا ذاك فيما لم يزل ***** حق وفي أزل بلا إمكان

قالوا لاجل تناقض الازلي وال ***** احداث ما هذان يجتمعان

لكن دوام الفعل في مستقبل ***** ما فيه محذور من النكران

فانظر إلى التلبيس في ذا الفرق تر ***** ويجا على العوران والعميان

ما قال ذو عقل بأن الفرد ذو ***** أزل لذي ذهن ولا أعيان

محمد بن صالح العثيمين

كان رحمه الله عضواً في هيئة كبار العلماء وأستاذا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

  • 7
  • 0
  • 13,622
الدرس السابق
مناقشة المبتدعة حول صفات الرب عز وجل
الدرس التالي
تفنيد أقوال المتكلمين في أفعال الله أزلاً وأبداً

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً