التعليق على نونية ابن القيم - تابع الأدلة على أن الله تعالى فوق سماواته على عرشه

منذ 2001-08-29
يشرح الشيخ ابن عثيمين رحمة الله عليه قول الناظم ابن القيم رحمه الله :

فاليوم بالتفسير أولى من عذا ***** ب واقع للقرب والجيران

ويكون ذكر عروجهم في هذه الد*****نيا ويوم قيامة الأبدان

فنزولهم أيضا هنالك ثابت ***** كنزولهم أيضا هنا للشان

وعروجهم بعد القضا كعروجهم ***** أيضا هنا فلهم إذا شأنان

ويزول هذا السقف يوم معادنا ***** فعروجهم للعرش والرحمن

هذا وما نضجت لدي وعلمها ***** الموكول بعد لمنزل القرآن

وأعوذ بالرحمن من جزم بلا ***** علم وهذا غاية الأمكان

والله أعلم بالمراد بقوله ***** ورسوله المبعوث بالفرقان


فصل

هذا وخامسها صعود كلامنا ***** بالطيبات إليه والإحسان

وكذا صعود الباقيات الصالحا ***** ت إليه من أعمال ذي الأيمان

وكذا صعود تصدق من طيب ***** أيضا إليه عند كل أوان

وكذا عروج ملائك قد وكلوا ***** منا بأعمال وهم بدلان

فإليه تعرج بكرة وعشية ***** والصبح يجمعهم على القرآن

كي يشهدون ويعرجون إليه بال ***** أعمال سبحان العظيم الشان

وكذاك سعي الليل ترفعه إلى الرحمن ***** من قبل النهار الثاني

وكذاك سعي اليوم يرفعه له ***** من قبل ليل حافظ الإنسان

وكذاك معراج الرسول إليه حق ***** ثابت ما فيه من نكران

بل جاوز السبع الطباق وقددنا ***** منه إلى أن قدرت قوسان

بل عاد من موسى إليه صاعدا ***** خمسا عداد الفرض في الحسبان

وكذاك رفع الروح عيسى المرتضى ***** حقا إليه جاء في القرآن

وكذاك تصعد روح كل مصدق ***** لما تفوز بفرقة الأبدان

حقا إليه كي تفوز بقربه ***** وتعود يوم العرض للجثمان

وكذا دعا المضطر أيضا صاعد ***** أبدا إليه عند كل أوان

وكذا دعا المظلوم أيضا صاعد ***** حقا إليه قاطع الأكوان


فصل

هذا وسادسها وسابعها النز ***** ل كذلك التنزيل للقرآن

والله أخبرنا بأن كتابه ***** تنزيله بالحق والبرهان

أيكون تنزيلا وليس كلام من ***** فوق العباد إذاك ذو إمكان

أيكون تنزيلا من الرحمن والرحمن ***** ليس مباين الأكوان

وكذا نزول الرب جلاله ***** في النصف من ليل وذاك الثاني

من ذاك يسألني فيعطي سؤله ***** من ذا يتوب إلي من عصيان

فيقول لست بسائل غيري بأحوال ***** العباد أنا العظيم الشان

من ذاك يسألني فأغفر ذنبه ***** فأنا الودود الواسع الغفران

من ذا يريد شفاءه من سقمه ***** فأنا ا لقريب مجيب من ناداني

ذا شأنه سبحانه وبحمده ***** حتى يكون الفجر فجرا ثاني

يا قوم ليس نزوله وعلوه ***** حقا لديكم بل هما عدمان

كذاك ليس يقول شيئا عندكم ***** لا ذا ولا قولا سواه ثان

كل مجاز لا حقيقة تحته ***** أول وزد وأنقص بلا برهان

فصل

هذا وثامنها بسورة غافر ***** هو رفعة الدرجات للرحمن

درجاته مرفوعة كمعارج ***** أيضا له وكلاهما رفعان

وفعيل فيها ليس معنى فاعل ***** وسياقها يأباه ذو التبيان

لكنها مرفوعة درجاته ***** لكمال رفعته على الأكوان

هذا هو القول الصحيح فلا تحد ***** عنه وخذ معناه في القرآن

فنظيرها المبدي لنا تفسيرها ***** في ذي المعارج ليس يفترقان

والروح والاملاك تصعد في معارجه ***** إليه جل ذو السلطان

ذا رفعة الدرجات حقا ما هما ***** إلا سواء او هما شبهان

فخذ الكتاب ببعضه بعضا كذا ***** تفسير أهل العلم للقرآن


فصل

هذا وتاسعها النصوص بأنه ***** فوق السماء وذا بلا حسبان

فاستحضر الوحيين وانظر ذا ***** ك تلقاه مبينا واضح التبيان

ولسوف نذكر بعض ذلك عن قر ***** يب كي تقوم شواهد الأيمان

وإذا أتتك فلا تكن مستوحشا ***** منها ولا تك عندها بجبان

ليست تدل على انحصار إلهنا ***** عقلا ولا عرفا ولا بلسان

إذ أجمع السلف الكرام بأن ***** معناها كمعنى فوق بالبرهان

او ان لفظ سمائه يعنى به ***** نفس العلو المطلق الحقان

والرب فيه وليس يحصره من ***** المخلوق شيء ذو السلطان

كل الجهات بأسرها عدمية ***** من حقه هو فوقها ببيان

قد بان عنها كلها فهو المحيط ***** ولا يحاط بخالق الأكوان

ما ذاك ينقم بعد ذو التعطيل في ***** وصف العلو لربنا الرحمن

ايرد ذو عقل سليم قط ذا ***** بعد التصور يا اولي الاذهان

والله ما رد امرؤ هذا بغير ***** الجهل او بحمية الشيطان


فصل

هذا وعاشرها اختصاص البعض من ***** أملاكه بالعند للرحمن

وكذا اختصاص كتاب رحمته بعند ***** الله فوق العرش ذو تبيان

لو لم يكن سبحانه فوق الورى ***** كانوا جميعا عند ذي السلطان

ويكون عند الله ابليس وجبريل هما في العند مستويان

وتمام ذاك القول ان محبة الر ***** حمن غير ارادة الأكوان

و كلامها محبوبه ومراده ***** وكلامها هو عنده سيان

ان قلتم عندية التكوين فالذ*****اتان عند الله مخلوقان

أو قلتم عندية التـقريب تقـ ***** ريب الحبيب وما هما عدلان

فالحب عندكم المشيئة نفسها ***** وكلاهما في حكمها مثلان

لكن منازعكم يقول بأنها ***** عندية حقا بلا روغان

جمعت له حب الإله وقربه ***** من ذاته وكرامة الإحسان

والحب وصف وهو غير مشيئة ***** والعند قرب ظاهر التبيان


فصل

هذا وحادي عشرهن إشارة ***** نحو العلو بأصبع وبنان

لله جل جلاله لا غيره ***** إذ ذاك اشراك من الانسان

ولقد أشار رسوله في مجمع الـ ***** حج العظيم بموقف الغفران

نحو السماء بأصبع قد كرمت ***** مستشهدا للواحد الرحمن

يا رب فاشهد انني بلغتهم ***** ويشير نحوهم لقصد بيان

فغدا البنان مرفعا ومصوبا ***** صلى عليك الله ذو الغفران

أديت ثم نصحت إذ بلغتنا ***** حق البلاغ الواجب الشكران


فصل

هذا وثاني عشرها وصف الظهو ***** ر له كما قد جاء في القرآن

والظاهر العالي الذي ما فوقه ***** شيء كما قد قال ذو البرهان

حقا رسول الله ذا تفسيره ***** ولقد رواه مسلم بضمان

فاقبله لا تقبل سواه من التفا ***** سير التي قيلت بلا برهان

والشيء حين يتم منه علوه ***** فظهوره في غاية التبيان

أو ما ترى هذي السما وعلوها ***** وظهورها وكذلك القمران

والعكس أيضا ثابت فسفوله ***** وخفاؤه اذ ذاك مصطحبان

فانظر إلى علو المحيط وأخذه ***** صفة الظهور وذاك ذو تبيان

وانظر خفاء المركز الادنى ووصـ ***** ــف السفل فيه وكونه تحتاني

وظهوره سبحانه بالذات مثـ ***** ـل علوه فهما له صفتان

لاتجحدنهما جحود الجهم أو ***** صاف الكمال تكون ذا بهتان

وظهوره هو مقتض لعلوه ***** وعلوه لظهوره ببيان

وكذاك قد دخلت هناك الفا ***** ء للتسبيب مؤذنة بهذا الشان

فتأملن تفسير أعلم خلقه ***** بصفاته من جاء بالقرآن

إذ قال أنت كذا فليس لضده ***** أبدا إليك تطرق الإتيان


فصل

هذا وثالث عشرها إخباره ***** انا نراه بجنة الحيوان

فسل المعطل هل يرى من تحتنا ***** أم عن شمائلنا وعن إيمان

أم خلفنا وأمامنا سبحانه ***** أم هل يرى من فوقنا ببيان

يا قوم ما في الأمر شيء غير ذا ***** أو أن رؤيته بلا إمكان

إذ رؤية لا في مقابلة من الرائي ***** محال ليس في الامكان

ومن ادعى شيئا سوى ذا كان دعواه مكابرة على الاذهان

ولذاك قال محقق منكم ***** لأهل الاعتزال مقالى بأمان

ما بيننا خلف وبينكم لدى الت ***** حقيق في معنى فيا إخوان

شدوا بأجمعنا لنحمل حملة ***** تذر المجسم في أذل هوان

اذ قال إن إلهنا حقا يرى ***** يوم المعاد كما يرى القمران

وتصير أبصار العباد نواظرا ***** حقا اليه رؤية بعيان

لا ريب أنهم إذا قالوا بذا ***** لزم العلو لفاطر الأكوان

ويكون فوق العرش جل جلاله ***** فلذاك نحن وحزبهم خصمان

لكننا سلم وانتم اذ تساعدنا ***** على نفي العلو لربنا الرحمن

فعلوه عين المحال وليس فو ***** ق العرش من رب ولا ديان

لا تنصبوا معنا الخلاف فما له ***** طعم فنحن وأنتم سلمان

هذا الذي والله مودع كتبهم ***** فانظر ترى يا من له عينان

محمد بن صالح العثيمين

كان رحمه الله عضواً في هيئة كبار العلماء وأستاذا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

  • 8
  • 1
  • 14,537
الدرس السابق
الأدلة على أن الله تعالى فوق سماواته على عرشه
الدرس التالي
تابع الأدلة على أن الله تعالى فوق سماواته على عرشه

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً