التعليق على نونية ابن القيم - تابع الأدلة على أن الله تعالى فوق سماواته على عرشه

منذ 2001-08-29
يشرح الشيخ ابن عثيمين رحمة الله عليه قول الناظم ابن القيم رحمه الله :

كلا ولا في كتبهم هذا بلا ***** بالعكس أوصوكم بلا كتمان

إذ قد أحاط العلم منهم أنهم ***** ليسوا بمعصومين بالبرهان

كلا وما منهم أحاط بكل ما ***** قد قاله المبعوث بالقرآن

فلذاك أوصوكم بأن لا تجعلوا ***** أقوإلهم كالنص في الميزان

لكن زنوها بالنصوص فان توا ***** فقها فتلك صحيحة الاوزان

لكنكم قدمتم أقوإلهم ***** أبدا على النص العظيم الشان

والله لا لوصية العلما*****ء نفذتم ولا لوصية الرحمن

وركبتم الجهلين ثم تركتم الن*****صين مع ظلم ومع عدوان

قلنا لكم فتعلموا قلتم أما ***** نحن الائمة فاضلو الازمان

من أين والعلماء أنتم فاستحوا ***** أين النجوم من الثرى التحتاني

لم يشبه العلماء الا انتم ***** أشبهتم العلماء في الاذقان

والله لا علم ولا دين ولا ***** عقل ولا بمروءة الانسان

عاملتم العلماء حين دعوكم ***** للحق بل بالبغي والعدوان

إن أنتم الا الذباب إذا رأى ***** طعما في المساقط الذبان

وإذا رآ فزعا تطاير قلبه ***** مثل البغاث يساق بالعقبان

وإذا دعوناكم إلى البرهان كا ***** ن جوابكم جهلا بلا برهان

نحن المقلدة الالى ألفوا كذا ***** آباءهم في سالف الازمان

قلنا فكيف تكفرون وما لكم ***** علم بتكفير ولا إيمان

اذ أجمع العلماء أن مقلدا ***** للناس كالاعمى هما أخوان

والعلم معرفة الهدى بدليله ***** ما ذاك والتقليد مستويان

حرنا بكم والله لا أنتم ***** مع العلماء تنقادون للبرهان

كلا ولا متعلمون فمن ترى ***** تدعوه نحسبكم من الثيران

لكنها والله أنفع منكم ***** للارض في حرث وفي دوران

نالت بهم خيرا ونالت منكم ال*****معهود من بغي ومن عدوان

فمن الذي خير وأنفع للورى ***** أنتم أم الثيران بالبرهان


فصل

هذا وثامن عشرها تنزيهه ***** سبحانه عن موجب النقصان

وعن العيوب وموجب التمثيل والت*****شبيه جل الله ذو السلطان

ولذاك نزه نفسه سبحانه ***** عن أن يكون له شريك ثان

أو أن يكون له ظهير في الورى ***** سبحانه عن إفك ذي بهتان

أو أن يوالي خلقه سبحانه ***** من حاجة أو ذلة وهوان

أو أن يكون لديه أصلا شافع ***** الا بإذن الواحد المنان

وكذاك نزه نفسه عن والد ***** وكذاك عن ولدهما نسبان

وكذاك نزه نفسه عن زوجه ***** وكذاك عن كفء يكون مدان

ولقد أتى التنزيه عما لم يقل ***** كي لا يدور بخاطر الانسان

فانظر إلى التنزيه عن طعم ولم ***** ينسب اليه قط من انسان

وكذلك التنزيه عن موت وعن ***** نوم وعن سنة وعن غشيان

وكذلك التنزيه عن نسيانه ***** والرب لم ينسب إلى نسيان

وكذلك التنزيه عن ظلم وفي إلى ***** أفعال عن عبث وعن بطلان

وكذلك التنزيه عن تعب وعن ***** عجز ينافي قدرة الرحمن

ولقد حكى الرحمن قولا قاله ***** فنحاص ذو البهتان والكفران

إن الإله هو الفقير ونحن أصحا*****ب الغني ذو الجد والامكان

ولذاك أضحى ربنا مستقرضا ***** أموالنا سبحان ذي الإحسان

وحكى مقالة قائل من قومه ***** ان العزيز ابن من الرحمن

هذا وما القولان قط مقالة ***** منصورة في موضع وزمان

لكن مقالة كونه فوق الورى ***** والعرش وهو مباين الأكوان

قد طبقت شرق البلاد وغربها ***** وغدت مقررة لذي الاذهان

فلأي شيء لم ينزه نفسه ***** سبحانه في محكم القرآن

عن ذي المقالة مع تفاقم أمرها ***** وظهورها في سائر الاديان

بل دائما لنا إثباتها ***** ويعيده بأدلة التبيان

لا سيما تلك المقالة عندكم ***** مقرونة بعبادة الاوثان

أو انها كمقالة لمثلث ***** عبد الصليب المشرك النصراني

إذ كان جسما كل موصوف بها ***** ليس الإله منزل الفرقان

فالعابدون لمن على العرش استوى ***** بالذات ليسوا عابدي الديان

لكنهم عباد أوثان لدى ***** هذا المعطل جاحد الرحمن

ولذاك قد جعل المعطل كفرهم ***** هو مقتضى المعقول والبرهان

هذا رأيناه بكتبهم ولم ***** نكذب عليكم فعل ذي البهتان

ولأي شيء لم يحذر خلقه ***** عنها وهذا شأنها ببيان

هذا وليس فسادها بمبين ***** حتى يحال لنا على الاذهان

ولذاك قد شهدت فأفضلكم لها ***** بظهورها للوهم في الانسان

وخفاء ما قالوه من نفي على ال*****أذهان بل تحتاج للبرهان


فصل

هذا وتاسع عشرها إلزام ذي الت*****عطيل أفسد لازم ببيان

وفساد لازم قوله هو مقتض ***** لفساد ذاك القول بالبرهان

فسل المعطل عن ثلاث مسائل ***** تقضي على التعطيل بالبطلان

ماذا تقول أكان يعرف ربه ***** هذا الرسول حقيقة العرفان

أم لا وهل كانت نصيحة لنا ***** كل النصيحة ليس بالخوان

أم لا وهل حاز البلاغة كلها ***** فاللفظ والمعنى له طوعان

فإذا انتهت هذي الثلاثة فيه كا ***** ملة مبرأة من النقصان

فلأي شيء عاش فينا كاتما ***** للنفي والتعطيل في الازمان

بل مفصحا بالضد منه حقيقة ال ***** إفصاح موضحة بكل بيان

ولأي شيء لم يصرح بالذي ***** صرحتم في ربنا الرحمن

ألعجزه عن ذاك أم تقصيره ***** في النصح أم لخفاء هذا الشان

حاشاه بل ذا وصفكم يا أمة التـ ***** ـعطيل لا المبعوث بالقرآن

ولأي شيء كان يذكر ضد ذا ***** في كل مجتمع وكل زمان

أتراه أصبح عاجزا عن قوله استولى وينزل أمره وفلان

ويقول أين الله يعني من بلفظ الأي*****ن هل هذا من التبيان

والله ما قال الأئمة كل ما ***** قد قاله من غير ما كتمان

لكن لان عقول أهل زمانهم ***** ضاقت بحمل دقائق الإيمان

وغدت بصائرهم كخفاش أتى ***** ضوء النهار فكف عن طيران

حتى إذا ما الليل جاء ظلامه ***** ابصرته يسعى بكل مكان

وكذا عقولكم لو استشعرتم ***** يا قوم كالحشرات والفئران

أنست بإيحاش الظلام وما لها ***** بمطالع الانوار قط يدان

لو كان حقا ما يقول معطل ***** لعلوه وصفاته الرحمن

لزمتكم شنع ثلاث فأرتؤوا ***** أو خلة منهن أو ثنتان

تقديمهم في العلم أو في نصحهم ***** أو في البيان إذاك ذو إمكان

إن كان ما قد قلتم حقا فقد ***** ضل الورى بالوحي والقرآن

إذ فيهما ضد الذي قلتم وما ***** ضدان في المعقول يجتمعان

بل كان أولى أن يعطل منهما ***** ويحال في علم وفي عرفان

أما على جهم وجعد أو ***** على النظام أو ذي المذهب اليونان

وكذاك أتباع لهم فقع الفلا ***** صم وبكم تابعو العميان

وكذاك أفراخ القرامطة الالى ***** قد جاهزوا بعداوة الرحمن

كالحاكمية والالى وألوهم ***** كأبي سعيد ثم آل سنان

وكذا ابن سينا والنصير نصيـ *****ر أهل الشرك والتكذيب والكفران

وكذاك أفراخ المجوس وشبههم ***** والصائبين وكل ذي بهتان

إخوان ابليس اللعين وجنده ***** لا مرحبا بعساكر الشيطان

أفمن حوالته على الت*****نزيل والوحي المبين ومحكم القرآن

كمحير أضحت حوالته على ***** أمثإله أم كيف يستويان

أم كيف يشعر تائه بمصابه ***** والقلب قد جعلت له قفلان

قفل من الجهل المركب فوقه ***** قفل التعصب كيف ينفتحان

ومفاتح الإقفال في يد من له الت*****صريف سبحان العظيم الشان

فاسأله فتح القفل مجتهدا على ال ***** أسنان ان الفتح بال بالأسنان


فصل

هذا وخاتم هذه العشرين وجها ***** وهو أقربها إلى الاذهان

سرد النصوص فانها قد نوعت ***** طرق الادلة في أتم بيان

والنظم يمنعني من استيفائها ***** وسياقه الالفاظ بالميزان

فاشير بعض إشارة لمواضع ***** منها وأين البحر من خلجان

فاذكر نصوص الاستواء فانها ***** في سبع آيات من القرآن

واذكر نصوص الفوق أيضا في ثلا ***** ث قد غدت معلومة التبيان

واذكر نصوص علوه في خمسة ***** معلومة برئت من النقصان

واذكر نصوصا في الكتاب تضمنت ***** تنزيله من ربنا الرحمن

فتضمنت أصلين قام عليهما ال ***** اسلام والأيمان كالبنيان

كون الكتاب كلامه سبحانه ***** وعلوه من فوق كل مكان

وعدداها سبعون حين تعد أو ***** زادت على السبعين في الحسبان

واذكر نصوصا ضمنت رفعا ومع*****راجا وإصعادا إلى الديان

هي خمسة معلومة بالعد ***** والحسبان فاطلبها من القرآن

ولقد أتى في سورة الملك التي ***** تنجي لقاريها من النيران

نصان أن الله فوق سمائه ***** عند المحرف ما هما نصان

محمد بن صالح العثيمين

كان رحمه الله عضواً في هيئة كبار العلماء وأستاذا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

  • 6
  • 0
  • 13,003
الدرس السابق
تابع الأدلة على أن الله تعالى فوق سماواته على عرشه
الدرس التالي
تابع الأدلة على أن الله تعالى فوق سماواته على عرشه

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً