مفهوم البيعة وحكم الخروج على ولاة الأمر

منذ 2007-12-26
برنامج محاضرة اليوم قناة المجد العلمية

صالح بن فوزان الفوزان

عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية

  • 8
  • 0
  • 9,743
  • مسلمة

      منذ
    [[أعجبني:]] بسم الله الرحمن الرحيم وبه عز وجل نستعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته المحاضرة مهمة جدا ليعرف كثير من الشباب حقيقة ما يدور حولهم، ولا تدع للبعض فرصة التغرير بهم، ولقد قمت بحمد الله بتفريغها عل ذلك يفيد، وفيما يلي التفريغ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. بسم الله الرحمن الرحيم وبه عز وجل نستعين وجوب طاعة ولي الأمر، لفضيلة الشيخ: صالح بن فوزان الفوزان.. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.. أما بعد.. فإن الله سبحانه وتعالى أمر المؤمنين بالاجتماع، ونهاهم عن التفرق والاختلاف، قال سبحانه وتعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ ..}[ آل عمران/103] وقال سبحانه: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [ آل عمران/105] وذلك لما يترتب على اجتماع المؤمنين من القوة والتآلف، والمحبة بينهم والتناصر على الحق، ولذلك شرع الله للمسلمين اجتماعات تتكرر عليهم في اليوم والليلة وتتكرر في الأسبوع وتتكرر في السنة، يجتمعون في مكان واحد لأداء عبادة، وفريضة من فرائض الله سبحانه وتعالى، شرع لهم صلاة في جماعة، الصلوات الخمس في اليوم والليلة، وتوعد الذين يتخلفون عن صلاة الجماعة من غير عذر شرعي، وشرع لهم الاجتماع أسبوعيا لصلاة الجمعة، وشرع لهم اجتماعا سنويا لصلاة العيدين، وشرع لهم اجتماعا أكبر يأتي إليه المسلمون من مشارق الأرض ومغاربها لأداء الحج كل سنة، ووحد كلمتهم في هذه الاجتماعات يقتدون بإمام واحد في الصلوات الخمس وفي الجمعة، وفي الأعياد وكذلك يجتمعون على أداء المناسك، مناسك الحج تحت قيادة واحدة هي الولاية على بلاد الحرمين، وشرع الاجتماع أيضا لبعض النوافل كصلاة التراويح وصلاة الكسوف، وكل هذا تربية للمسلمين على الاجتماع والتآلف والتعارف والتراحم وأن يكونوا كالجسد الواحد إذا اشتكي منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، يتفقدون بعضهم البعض في هذه الاجتماعات فمن فقدوه بحثوا عنه وتعرفوا على حاله ونصحوه إن لم يكن له عذر ليحضر في المسجد ويصلي مع جماعة المسلمين، فلو أن المسلمين تفرقوا وكل يصلي وحده، ولا يرى بعضهم بعضا لحصل من التنافر والاختلاف الشيء الكثير، فهذا الدين ولله الحمد هو دين الاجتماع والتعاون على البر والتقوى والتناهي عن الإثم والعدوان، ولما كان الاجتماع للمسلمين لا يتم ولا يحصل إلا بقيادة تقودهم وتتولى أمورهم، وتنفذ الأحكام الشرعية فيهم وتمنع الظالم عن ظلمه وتؤدي الحق لصاحبه، فهذا لا يتم إلا بقيادة وولاية منهم من المسلمين، والولاية والقيادة لا تتم إلا بالسمع والطاعة قال الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ..} [النساء/59] وقال النبي صلى الله عليه وسلم، لما طلب منه أصحابه الوصية: "أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة ". *فبين -صلى الله عليه وسلم- أن الذي يعصم من الاختلاف والضلال أمران: الأمر الأول: السمع والطاعة لولي أمر المسلمين وعدم الخروج عليه وعدم معصيته إذا أمر بطاعة الله سبحانه وتعالى. الأمر الثاني: التمسك بسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وترك البدع والمحدثات. *فلا يفرق المسلمين إلا أحد هذين الأمرين: الأمر الأول: الخروج على ولي أمر المسلمين وعصيانه، والأمر الثاني: الخروج على سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى البدع والمحدثات في الدين. وأكد -صلى الله عليه وسلم- على السمع والطاعة لولاة الأمور فقال: "من يطع الأمير فقد أطاعني ومن عصى الأمير فقد عصاني" وقد نهى-صلى الله عليه وسلم- وشدد على مفارقة جماعة المسلمين والشذوذ والاختلاف، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "من شق عصا الطاعة وفارق الجماعة ومات، فميتته جاهلية" وقال صلى الله عليه وسلم: "من فارق الجماعة فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه" ولما سأله حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: "حينما يحصل الاختلاف ماذا يعمل؟ قال له صلى الله عليه وسلم: "تلزم جماعة المسلمين وإمامهم" قال: "فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام، قال: "فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يأتيك الموت وأنت على ذلك" فأمره باعتزال الفرق المختلفة والتمسك بالكتاب والسنة ولو كان وحده، يتمسك بالكتاب والسنة حتى يأتيه الموت ويصبر على ما يلقى في ذلك من التعب ولو أن يعض على أصل شجرة، كلها يدل على احترام السمع والطاعة واحترام ولاة أمور المسلمين وعدم مخالفتهم ومعصيتهم. ولكن أعداء الإسلام خصوصا في هذا الزمان، يحاولون أن يبثوا الفرقة بين المسلمين ويحاولون أن ينشروا الأفكار الخبيثة والسموم القاتلة التي تفرق جماعة المسلمين وتبغض إمامهم إليهم وتبغضهم إلى إمامهم إلى أن يتفرقوا فيصبحوا تحت أيديهم ويهون قيادهم لعدوهم لأن العدو يعلم أن المسلمين لو اجتمعوا تحت قيادة إمامهم فإن عدوهم لا يستطيع أن ينال منهم، أما إذا تفرقوا واختلفوا فإن العدو يتغلب عليهم ويتدخل في شئونهم وحين إذن لا يرحمهم ولا يشفق عليهم لأنه عدو، والعدو لا يتوقع منه رحمة ولا يتوقع منه خير في عدو، فهذا أمر من أصل العقيدة، اجتماع الكلمة، والنهي عن التفرق ولزوم جماعة المسلمين وإمام المسلمين، هذا من أصول عقيدة المسلمين، وهو مسجل في كتب العقائد يتدارسه المسلمون جيلا بعد جيل ويدرسوه لأولادهم وشبابهم لأنه أمر مهم، مهم جدا، ولما كان لا يتم اجتماع كلمة المسلمين وائتلافهم إلا بإمام ينصبونه يتولى شئونهم، فإن نصب الإمام فريضة على المسلمين. ولهذا لما توفي النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يشتغلوا في تجهيزه -صلى الله عليه وسلم- حتى بايعوا الخليفة من بعده، مما يدل على أن أمر الإمامة والقيادة أمر مهم جدا، لا تمر ساعة أو أي زمن إلا وللمسلمين إمام تنعقد عليه بيعتهم وجماعتهم، فالإمامة تتم بأحد أمور ذكرها أهل العلم: الأمر الأول: بيعة أهل الحل والعقد لإمام يختارونه كما بايع الصحابة رضي الله عنهم أبا بكر الصديق بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم-. فبايعه أهل الحل والعقد من المهاجرين والأنصار وتبعهم بقية المسلمين، فبقية الرعية تبع لأهل الحل والعقد من الأمراء والعلماء وذوي الرأي والعلم والشان، فإذا بايع هؤلاء فالبقية تبع لهم، ينوبون عنهم، ويمثلونهم لأن المسلمين كالجسد الواحد وكالبنيان يشد بعضه بعضا، هذا الطريق الأول من طرق إنعقاد البيعة لولي الأمر، أن يختاره أهل الحل والعقد من المسلمين ويبايعونه، فإذا تمت بيعته من أهل الحل والعقد، لزمت طاعته والانقياد له من حضر البيعة ومن لم يحضرها من المسلمين. الأمر الثاني: مما تنعقد به البيعة، اختيار ولي العهد، أن يختار ولي أمر المسلمين من يتولى الأمر من بعده، تسمى هذه الولاية والعهد، فإذا اختار ولي الأمر من يقوم بالأمر من بعده، لزمت طاعة ولي العهد من بعد موت الإمام، وتنقل إمامته باختيار ولي الأمر له، لأن ولي الأمر نائب عن المسلمين، فإذا اختار وليا للعهد لزم المسلمين القبول والطاعة، والدليل على هذا اختيار أبو بكر رضي الله عنه لعمر بن الخطاب ولاه العهد من بعده، ورضي المسلمون بذلك وانقادوا ولم يعترضوا، فعمر بن الخطاب تولى الأمر لولاية العهد ممن قبله وهو أبو بكر الصديق رضي الله عنه. الفريق الثالث: ما تتم به بيعة ولي الأمر إذا تغلب بسيفه على المسلمين، لم يكن هناك ولاية فقام رجل فيه الكفاءة وفيه القوة وتغلب بالقوة والسيف فإنه تجب طاعته، وتتم ولايته بذلك، لأن منازعته تجر على المسلمين شرا وتفجر خلافا وسفكا للدماء فإذا قام واحدا من المسلمين في مجتمع ليس فيه إمام، كأن مات الإمام أو غير ذلك، وتغلب بالقوة والسيف وهو مسلم تجب طاعته، أما أن يقوم هذا وولي الأمر موجود، فهذا أمر محرم ولا يجوز وأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقتله، قال: "من أتاكم وأمركم جميع على واحد منكم يريد أن يشق عصا الطاعة ويفرق الجماعة فاقتلوه كائنا من كان" أما إذا لم يكن هناك ولي أمر وقام من المسلمين من تتوفر به الكفاية وقام بالقوة، وفي ذلك خير للمسلمين، فتلزم طاعته، ويمثلون لذلك عبد الملك بن مروان الأموي، فإنه لما انتهت الخلافة لمعاوية واليزيد ابنه، وحصل من المسلمين ما حصل من الاختلاف، قام عبد الملك بن مروان وكان رجلا شهما شجاعا عالما حازما فربط الأمور واستولى على الرعية، فأطاع له المسلمون وفيهم العلماء وفيهم أصحاب الرأي، انقادوا له وأطاعوا لما في ذلك من المصلحة للمسلمين. فهذه هي الأمور الثلاثة التي تتم بها البيعة لولاية الأمر كما ذكرها أهل العلم، أخذا من تاريخ المسلمين الماضي في عهد الصحابة والتابعين والقرون المفضلة فيجب علينا أن نسير على هذا المنهج ولا نستورد نظاما من الخارج مخالف للإسلام ونتبعه بل يجب علينا أن نتبع ما جاء به الشرع المطهر وصار عليه المسلمون وأقروه فمن خالفه فقد شذ عن الجماعة ومن شذ شذ في النار. أما ما يذكر الآن من البيعة لبعض الفرق السياسية أو الفرق المبتدعة، من أنهم يبايعون واحدا، جماعات سياسية لا تدخل في طاعة المسلمين ولا ترى رأي المسلمين وإنما تريد أن تفرق الشمل فيبايعون واحدا منهم هذه بيعة باطلة وهذه ينطبق عليه قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- من أتاكم وأمركم جميع على واحد منكم يريد أن يفرق جماعتكم ويشق عصا الطاعة فاقتلوه كائنا من كان، والنوع الثاني بيعة أهل البدع كالصوفية وغيرهم، على أنهم يبايعون واحدا منهم على أنهم يتبعونه ولا يخالفونه مهما أمرهم يطيعونه ولا يخالفونه هذه بيعة

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً