صلاح الدين علي عبد الموجود
صلاح الدين علي عبد الموجود
صلاح الدين علي عبد الموجود
نسائم الأسحار
تكلّم فَضِيلَةُ الشَّيْخِ - حَفِظَهُ اللهُ - عن حال العباد في
الأسحار وتقصيرهم في المناجاة والاستغفار فهلا سرنا على هدي الأول
وحذونا حذوهم، وشمرنا عن سواعد الجد كما جدوا في سيرهم، فإنهم اتخذوا
الليل مسلكًا لجهادهم واجتهادهم , حرمُوا رَاحة النَّوم أَجفَانهم ,
أَقبلت قلوبهم تراعي حق الحق , فذهلت بذلك عن مناجاة الخلق 0 فالأبدان
بين أهل الدنيا تسعى, والقُلوب في رياض الملكوت ترعى , وجَنَّ عليهم
الليل فباتوا ساهرين , وناداهم منادى الصَّلاح حىّ على الفلاح فقاموا
متهجدين , وهبت عليهم ريح الأَسحار فتيقظوا مستغفرين , فلمَّا رجعوا
وقت الفجر بالأَجر نادى الهجر : يا خيبة النائمين .
فيا غافلا عن مصيره , يا واقفا في تقصيره , سبقك أهل العزائم وأنت في
اليقظة نائم , قف على الباب وقوف نادم , ونَكِّس رأس الذل وقل : أنا
ظالم . وناد في الأسحار : مذنبٌ وواجم , وتشبه بالقوم وإن لم تكن منهم
وزاحم , قم في الدجى نادباً , وقف على الباب تائبا , واستدرك من العمر
ذاهبا , ودع اللهو والهوى جانبا , وطلق الدنيا إن كنت للأخرى طالبا،
أطلب قلبك وانشده في الخلوات والمجامع , فإن وجدته فشمر وسابق , والحق
بالركب وأدرك ما فاتك.