عقد مجالس للتحكيم مع الجهمية

يشرح الشيخ ابن عثيمين رحمة الله عليه قول الناظم ابن القيم رحمه الله :

فصل

وقضى بأن الله ليس بفاعل ***** فعلا يقوم به بلا برهان

بل فعله المفعول خارج ذاته ***** كالوصف غير الذات في الحسبان

والجبر مذهبه الذي قرت به ***** عين العصاة وشيعة الشيطان

كانوا على وجل من العصيان إذ ***** هو فعلهم والذنب للانسان

واللوم لا يعدوه إذ هو فاعل ***** بإرادة وبقدرة الحيوان

فأراحهم جهم وشيعته من الل ***** وم العنيف وما قضوا بأمان

لكنهم حملوا ذنوبهم على ***** رب العباد بعزة وأمان

وتبرؤوا منها وقالوا إنها ***** أفعإله ما حيلة الانسان

ما كلف الجبار نفسا وسعها ***** أنى وقد جبرت على العصيان

وكذا على الطاعات أيضا قد غدت ***** مجبورة فلها إذا جبران

والعبد في التحقيق شبه نعامة ***** قد كلفت بالحمل والطيران

إذ كان صورتها تدل عليهما ***** هذا وليس لها بذاك يدان

فلذاك قال بأن طاعات الورى ***** وكذاك ما فعلوه من عصيان

هي عين فعل الرب لا أفعإلهم ***** فيصيح عنهم عند ذا نفيان

نفي لقدرتهم عليها أو لا ***** وصدورها منهم بنفي ثان

فيقال ما صاموا ولا صلوا ولا ***** زكوا ولا ذبحوا من القربان

وكذلك ما شربوا وما قتلوا وما *** سرقوا ولا فيهم غوي زان

وكذاك لم يأتوا اختيارا منهم ***** بالكفر والإسلام والأيمان

الا على وجه المجاز لأنها ***** قامت بهم كالطعم والالوان

جبروا على ما شاءه خلاقهم ***** ما ثم ذو عون وغير معان

والكل مجبور وغير ميسر ***** كالميت أدرج داخل الأكفان

وكذاك أفعال المهيمن لم تقم ***** أيضا به خوفا من الحدثان

فإذا جمعت مقالتيه أنتجا ***** كذبا وزورا واضح البهتان

إذ ليست الافعال فعل إلهنا ***** والرب ليس بفاعل العصيان

فإذا انتفت صفة الإله وفعله ***** وكلامه وفعائل الانسان

فهناك لا خلق ولا أمر ولا ***** وحي ولا تكليف عبد فان

وقضى على أسمائه بحدوثها ***** وبخلقها من جملة الأكوان

فانظر إلى تعطيله الأوصاف وال ***** أفعال والاسماء للرحمن

ماذا الذي في ضمن ذا التعطيل من ***** نفي ومن جحد ومن كفران

لكنه أبدى المقالة هكذا ***** في قالب التنزيه للرحمن

وأتى إلى الكفر العظيم فصاغه ***** عجلا ليفتن أمة الثيران

وكساه أنواع الجواهر والحلي ***** من لؤلؤ صاف ومن عقيان

فرآه ثيران الورى فأصابهم ***** كمصاب إخوتهم قديم زمان

عجلان قد فتن العباد بصوته **** إحداهما وبحرفه ذا الثان

والناس أكثرهم فأهل ظواهر **** تبدو لهم ليسوا بأهل معان

فهم القشور وبالقشور قوامهم ***** واللب حظ خلاصة الانسان

ولذا تقسمت الطوائف قوله ***** وتوارثوه إرث ذي السهمان

لم ينج من أقوإله طرا سوى ***** أهل الحديث وشيعة القرآن

فتبرؤوا منها براءة حيدر ***** وبراءة المولود من عمران

من كل شيعي خبيبث وصفه ***** وصف اليهود محللي الحيتان


فصل
في مقدمة نافعة قبل التحكيم

يا أيها الرجل المريد نجاته ***** إسمع مقالة ناصح معوان

كن في أمورك كلها متمسكا ***** بالوحي لا بزخارف إلهذيان

وانصر كتاب الله والسنن التي ***** جاءت عن المبعوث بالفرقان

واضرب بسيف الوحي كل معطل ***** ضرب المجاهد فوق كل بنان

واحمل بعزم الصدق حملة مخلص ***** متجرد لله غير جبان

واثبت بصبرك تحت ألوية الهدى ***** فإذا أصبت ففي رضى الرحمن

واجعل كتاب الله والسنن التي ***** ثبتت سلاحك ثم صح بجنان

من ذا يبارز فليقدم نفسه ***** أومن يسابق يبد في الميدان

واصدع بما قال الرسول ولا تخف ***** من قلة الانصار والاعوان

فالله ناصر دينه وكتابه ***** والله كاف عبده بأمان

لا تخش من كيد العدو ومكرهم ***** فقتإلهم بالكذب والبهتان

فجنود اتباع الرسول ملائك ***** وجنودهم فعساكر الشيطان

شتان بين العسكرين فمن يكن ***** متحيزا فلينظر الفئتان

واثبت وقاتل تحت رايات الهدى ***** واصبر فنصر الله ربك دان

واذكر مقاتلهم لفرسان الهدى ***** لله در مقاتل الفرسان

وادرأ بلفظ النص في نحر العدى ***** وارجمهم بثواقب الشهبان

لا تخش كثرتهم فهم همج الورى ***** وذبابه أتخاف من ذبان

واشغلهم عند الجدال ببعضهم ***** بعضا فذاك الحزم للفرسان

وإذا هم حملو عليك فلا تكن ***** فزعا لحملتهم ولا بجبان

واثبت ولا تحمل بلا جند فما ***** هذا بمحمود لدى الشجعان

فإذا رأيت عصابة الاسلام قد ***** وافت عساكرها مع السلطان

فهناك فاخترق الصفوف ولا تكن ***** بالعاجز الواني ولا الفزعان

وتعر من ثوبين من يلبسهما ***** يلقى الردى بمذمة وهوان

ثوب من الجهل المركب فوقه ***** ثوب التعصب بئست الثوبان

وتحل بالانصاف أفخر حلة ***** زينت بها الاعطاف والكتفان

واجعل شعارك خشية الرحمن مع ***** نصح الرسول فحبذ الامران

وتمسكن بحبله وبوحه ***** وتوكلن حقيقة التكلان

فالحق وصف الرب وهو صراطه ال ***** هادي اليه لصاحب الأيمان

وهو الصراط عليه رب العرش أي ***** ضا ذا وذا قد جاء في القرآن

والحق منصور وممتحن فلا ***** تعجب فهذي سنة الرحمن

وبذاك يظهر حزبه من حزبه ***** ولا جل ذاك الناس طائفتان

ولأجل ذاك الحرب بين الرسل و ال ***** كفار مذ قام الورى سجلان

لكنما العقبى لأهل الحق إن ***** فاتت هنا كانت لدى الديان

واجعل لقلبك هجرتين ولا تنم ***** فهما على كل امرئ فرضان

فإلهجرة الاولى إلى الرحمن بال ***** إخلاص في سرو وفي إعلان

فالقصد وجه الله بالاقوال وال ***** أعمال والطاعات والشكران

فبذاك ينجو العبد من إشراكه ***** ويصير حقا عابد الرحمن

وإلهجرة الاخرى إلى المبعوث بال ***** حق المبين وواضح البرهان

فيدور مع قول الرسول وفعله ***** نفيا واثباتا بلا روغان

ويحكم الوحي المبين على الذي ***** قال الشيوخ فعنده حكمان

لا يحكمان بباطل أبدا وكل ***** العدل قد جاءت به الحكمان

وهما كتاب الله أعدل حاكم ***** فيه الشفا وهداية الحيران

والحاكم الثاني كلام رسوله ***** ما ثم غيرهما لذي إيمان

فإذا دعوك لغير حكمهما فلا ***** سمعا لداعي الكفر والعصيان

قل لا كرامة لا ولا نعما ولا ***** طوعا لمن يدعو إلى طغيان

وإذا دعيت إلى الرسول فقل لهم ***** سمعا وطوعا لست ذا عصيان

وإذا تكاثرت الخصوم وصيحوا ***** فاثبت فصيحتهم كمثل دخان

يرقى إلى الاوج الرفيع وبعده ***** يهوي إلى قعر الحضيض الداني

هذا وان قتال حزب الله بال ***** أعمال لا بكتائب الشجعان

والله ما فتحوا البلاد بكثرة ***** أنى وأعداهم بلا حسبان

وكذاك ما فتحو القلوب بهذه ال ***** آراء بل بالعلم والأيمان

وشجاعة الفرسان نفس الزهد في ***** نفس وذا محذور كل جبان

وشجاعة الحكام والعلماء زه ***** د في الثنامن كل ذي بطلان

فإذا هما اجتمعا لقلب صادق ***** شدت ركائبه إلى الرحمن

واقصد إلى الأقران لا أطرافها ***** فالعز تحت مقاتل الاقران

واسمع نصيحة من له خبر بما ***** عند الورى من كثرة الجولان

ما عندهم والله خير غير ما ***** أخذوه عمن جاء بالقرآن

والكل بعد فبدعة أو فرية ***** او بحث تشكيك ورأي فلان

فاصدع بأمر الله لا تخش الورى ***** في الله اخشاه تفز بأمان

واهجر ولو كل الورى في ذاته ***** لا في هواك ونخوة الشيطان

واصبر بغير تسخط وشكاية ***** واسفح بغير عتاب من هو جان

واهجرهم إلهجر الجميل بلا أذى ***** ان لم يكن بد من إلهجران

وانظر إلى الأقدار جارية بما ***** قد شاء من غي ومن إيمان

واجعل لقلبك مقلتين كلاهما ***** بالحق في ذا الخلق ناظرتان

فانظر بعين الحكم وارحمهم بها ***** اذ لا ترد مشيئة الديان

وانظر بعين الأمر واحملهم على ***** احكامه فهما إذا نظران

واجعل لوجهك مقلتين كلاهما ***** من خشية الرحمن باكيتان

لو شاء ربك كنت أيضا مثله ***** فالقلب بين أصابع الرحمن

واحذر كمائن نفسك اللاتي متى ***** خرجت عليك كسرت كسر مهان

وإذا انتصرت لها فأنت كمن بغى ***** طفي الدخان بموقد النيران

والله أخبر وهو أصدق قائل ***** أن سوف ينصر عبده بأمان

من يعمل السوأى سيجزى مثلها ***** او يعمل الحسنى يفز بجنان

هذي وصية ناصح ولنفسه ***** وصى وبعد لسائر الاخوان

فصل
وهذا أول عقد مجلس التحكيم



فاجلس إذا في مجلس الحكمين لل ***** رحمن لا للنفس والشيطان

الأول النقل الصحيح وبعده ال ***** عقل الصريح وفطرة الرحمن

واحكم إذا في رفقة قد سافروا ***** يبغون فاطر هذه الأكوان

فترافقوا في سيرهم وتفارقوا ***** عند افتراق الطرق بالحيران

فأتى فريق ثم قال وجدته ***** هذا الوجود بعينه وعيان

ما ثم موجود سواه وإنما ***** غلط اللسان فقال موجودان

Audio player placeholder Audio player placeholder
رؤية الكل
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
26 ذو الحجة 1445
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

شخصيات قد تهتم بمتابَعتها

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً