لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي و يميت و هو على كل شيء قدير .

لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي و يميت و هو على كل شيء قدير .

ربي اني عدت إليك فاقبلني، رب إني لما أنزلت من خير فقير

ربي اني عدت إليك فاقبلني، رب إني لما أنزلت من خير فقير

ما رزقك الله إياه من فضل فسخره لله واجعله سببا لأن تنال به رضوان الله.

ما رزقك الله إياه من فضل فسخره لله واجعله سببا لأن تنال به رضوان الله.

حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت و هو رب العرش العظيم ❤

حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت و هو رب العرش العظيم ❤

خطبة جمعة بعنوان : أربع من أمر الجاهلية إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور ...

خطبة جمعة بعنوان : أربع من أمر الجاهلية
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
فعن أبي مالك الأشعري, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {أربع في امتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر بالأحساب, والطعن في الأنساب, والاستسقاء بالنجوم, والنياحة. وقال: النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران, ودرع من جرب} _رواه مسلم و غيره
خصال الجاهلية التي لا تزال مستمرة في الأمة كثيرة, منها قطيعة الأرحام, والاستغاثة بأصحاب القبور, وأكل الربى وأكل مال اليتيم. وإنما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأربع من باب ضبط العلم, حتى يتيسر حفظه, ونسب هذه الخصال المذكورة إلى الجاهلية,تحذيرا منها وتنفيرا, فهذا أبلغ من أن يقال: هذه الخصال محرمة عليكم أيها المسلمون. ولذلك لما عير أبو ذر أحد الصحابة بأمه, شكاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لأبي ذر: {يا أبى ذر أعيرته بأمه؟ إنك امرء فيك جاهلية} .قال: أعلى كبر سني؟ قال: {نعم}, يعني هذا لا يليق بمثلك, ومقامك, والجاهلية هي مرحلة ما قبل الإسلام, سميت بذلك لأن الناس كانوا في جهل مطبق, وضلال مبين, يعبدون الأوثان, ويئدون البنات, ويقتلون أولادهم خشية الفقر, ويأكل القوي منهم الضعيف, قال العلماء: "ولا يجوز وصف المجتمع المسلم بأنه مجتمع جاهلي" هذا خطأ فادح, لأن معنى ذلك أنه ليس في المجتمع رائحة الإسلام, وهذا خطأ عظيم, ترتبت عليه الويلات, والطامات, وإنما يقال: المجتمع فيه خصال من خصال الجاهلية. قال عليه الصلاة والسلام: {الفخر بالأحساب} أي يتفاخر الإنسان بمآثر آبائه,وأجداده. كأن يقول: كان أبي شجاعا مقداما يقوله من باب الفخر, والتباهي, كان أبي شجاعا مقداما وفارسا مغوارا, وكان جوادا قل نظيره في الأمة, وكان جدي مضيافا ملجأ لليتامى, والأرامل, ويدخل في الفخر بالأحساب: التباهي بشرف القبيلة, كأن يقول القائل قبيلتنا أشرف من قبيلتكم, ونسبنا أرفع من نسبكم, كأنهم خلقوا من ذهب, وغيرهم خلق من طين, وقد قال الله تعالى: [إن أكرمكم عند الله أتقاكم] الكريم على الله هو التقي, بغض النظر عن كونه شريفا أو غير ذلك. الخصلة الثانية: {الطعن في الأنساب} كأن يعيب زيد نسب عمر ويتنقصه, ويحقر نسبه ونسب أبيه وجده, وأن يعتبر نسبه أرقى من نسب صاحبه, وليست الأنساب هي التي تنفعك عند الله, ليست الأنساب هي التي ترفع قدرك عند ذي الجلال والإكرام, قال صلى الله عليه وسلم: {ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه} كم من شريف وقد صغره فجوره, وحقره فسقه, وكم ممن يعده الناس وضيع النسب, وقد رفع قدره عند الله تقواه, وتواضعه. المؤمن إذا كان حقيقة نسيبا لا يزيده ذلك إلا تواضعا لربه, قال صلى الله عليه وسلم: {وما تواضع عبد لله إلا رفعه الله عز وجل} _رواه مسلم_.
ما ضر بلال أن كان مولى وقد قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يا بلال بم سبقتني إلى الجنة؟ لقد سمعت البارحة بين يدي دف نعليك في الجنة} وهل نفع أبا لهب نسبه؟ وهو عم نبينا صلى الله عليه وسلم, قال الله عنه: [تبت يدا أبي لهب وتب[] ما أغنى عنه ماله وما كسب[] سيصلى نارا ذات لهب] ومما ترتب على الفخر بالأحساب والطعن في الأنساب, أن كثيرا من الأسر يرفضون أن يزوجوا بناتهم لأناس نسبهم وضيع, كما يدعون ويزعمون, وإلا فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: {كلكم من آدم وآدم من تراب}. ألم تعلموا أيها المسلمون أن زيد بن حارثة وكان مولى, تزوج زينب النسيبة, القرشية, وأن بلالا المولى, بلال الحبشي تزوج أخت عبد الرحمن بن عوف القرشية
كن بن من شئت واكتسب أدبا يغنيك مضمونه عن النسب إن الفتى من يقول هآ أنا ذا ليس الفتى من يقول كان أبي
يقول الله عز وجل: [فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتسآلون] يخبر الله تعالى أنه إذا نفخ في الصور نفخة البعث والنشور, وقام الناس من القبور, فلا يبالي أحد بأحد, ولو كان أقرب قريب, [ولا يسأل حميم حميما [] يبصرونهم...] أي لا يسأل قريب قريبه عن حاله وهو يبصره, ولو كان عليه من الخطايا ما أثقل ظهره, ولو كان أعز عليه في الدنيا من كل عزيز, لا يمكن أن يلتفت إليه, ولا يمكن أن يحمل عنه مثقال جناح بعوضة. عن بن مسعود رضي الله عنه قال: إذا كان يوم القيامة, جمع الله الأولين والآخرين, ثم نادى مناد: ألا من كان له مظلمة, فليجئ فليأخذ حقه, فيفرح المرء أن يكون له الحق على والده أو ولده أو زوجته, وإن كان صغيرا, ومصداق ذلك [فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتسآلون] , يصيبهم من الهول ما ينسيهم أنسابهم التي كانوا يتعززون بها في الدنيا, ويفتخرون.
الخصلة الثالثة {الاستسقاء بالنجوم} كان أهل الجاهلية يعتقدون أن النجوم لها تأثير في نزول المطر, وفي زمننا هذا طوائف من المسلمين يصنعون الوعدة والزردة لأصحاب القبور ليرضوا عنهم, ويشفعوا لهم عند الله زعموا, ليغيثهم, فإذا نزل الغيث قالوا رضي عنا سيدنا, أليس في هؤلاء رجل رشيد؟ الصحابة رضي الله عنهم كانوا إذا أقحطوا ذهبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو على قيد الحياة, فسالوه أن يدعو لهم, أو أن يصلي بهم صلاة الاستسقاء, فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم هل صنعت له الوعدة؟ كلا. بل كان عمر وهو على المنبر, يوم الجمعة يقول: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا, وإنا اليوم نتوسل إليك بعم نبينا, قم يا عباس فادع الله أن يغيثنا, فيقوم العباس فيدعوا, لماذا لم يستغيثوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن بينهم وبين قبره سوى أمتار, لأنهم كانوا في المسجد النبوي, يا قومنا أجيبوا داعي الله, وتوبوا من هذه الشركيات, والبدع والضلالات, إني لكم ناصح امين, المنبغي إذا رأى الناس المطر, أن يقولوا: مطرنا بفضل الله ورحمته, [وما بكم من نعمة فمن الله], [أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون] هكذا يقول ربنا سبحانه. الخصلة الرابعة: النياحة هي البكاء على الميت برفع الصوت, مع التسخط على قدر الله وقضاءه, كأن تقول المراة إذا فقدت زوجها: وا حزناه, وا أسفاه على أسد فقدته, من لي ولأولادي بعدك, يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا, وا حسرتاه, يا ويلتاه, هذه من الجاهلية المقيتة البغيضة, يقول النبي صلى الله عليه وسلم: {صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة: مزمار عند نعمة_وذلك ما يصنعه اليوم الناس في الأعراس والمناسبات السارة -, ورنة عند مصيبة} المنبغي الرضى بقضاء الله وقدره, نعم يجوز البكاء بدمع العين, لما مات إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إن العين لتدمع, وإن القلب ليحزن, ولا نقول إلا ما يرضي ربنا, وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون} .قال صلى الله عليه وسلم: {والنائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب} وهذا فيه دليل على أن التوبة تمحو ما تقدمها من الذنوب, يقول النبي صلى الله عليه وسلم: { إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر} أي لم تبلغ روحه حلقومه, توبته مقبولة. تقام يوم القيامة بين أهل الموقف, للفضيحة, وعليها سربال من قطران أي لباس من قطران , والقطران مادة تطلى بها الإبل الجرباء للمداواة, فيحرق القطران بحره وحدته الجرب. فهذه المرأة تلبس لباس من قطران, { ودرع من جرب} قال العلماء: "الدرع طبعا هو اللباس الذي تلبسه النساء, يسلط على أعضاء النائحة يوم القيامة الحكة والجرب, بحيث تغطي جلدها كما يغطي الدرع جسدها, ثم تطلى بالقطران, فيأذيها بحدته وحره, ونتن ريحه وسواد لونه, بحيث تشمئز منها النفوس". يقول بعض العلماء: "خصت النائحة بالدرع من الجرب لأنها كانت تأذي بكلماتها المحرقة قلوب ذوات المصائب, وتهيجهن على الحزن والبكاء, فعوقبت بما يماثل ذلك في الصورة, وخصت بسربال من قطران لأنها كانت تلبس الثياب السود في المآتم, فألبسها الله سربالا من قطران". أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم.
الحمد لله رب العالمين, والعاقبة للمتقين,ولا عدوان إلا على الظالمين, وأشهد الا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
من فوائد هذا الحديث: تحريم النياحة على الميت, لما في ذلك من عدم الرضا بقضاء الله وقدره, ثم إن النياحة سبب في تعذيب الميت, فيا من تبكين أمواتكن أتردن أن تعذبن أمواتكن؟ هل هذا هو الوفاء؟ أهكذا يكون الوفاء والمحبة؟ إن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: { إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه} فالمنبغي على المسلم الرضى بقضاء الله وقدره, وبعض المسلمين عفا الله عنا وعنهم, إذا فقد عزيزا أعفى لحيته, ليعبر عما هو فيه من شدة الحزن, هذه عادة مقيتة, بغيضة مستكرهة, المنبغي أن يعفي المسلم لحيته في كل زمان ومكان, وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم: { أنهكوا الشوارب وأعفوا اللحى} لو كان النبي صلى الله عليه وسلم حيا بين ظهرانينا, هل يجرأ أحد أن يقول له يا رسول الله أهذه سنة أم واجب؟ كلا بل سيسارع الجميع إلى امتثال امره صلى الله عليه وسلم. المسلم يعفي لحيته وجوبا, كما قال العلماء المحققون, ولما في ذلك من التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم, [لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر]
اللهم رضنا بقضائك, اللهم اجعلنا عند النعماء من الشاكرين, وعند البلاء من الصابرين, اللهم اجعل هذا البلد آمنا مستقرا وسائر بلاد المسلمين, ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار, آمين والحمد لله رب العالمين.
أبو أنس الجزائري
...المزيد

خطبة جمعة بعنوان : أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان إن الحمد لله نحمده ونستعينه ...

خطبة جمعة بعنوان : أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحابته أجمعين أما بعد:
يقول الله تعالى وهو يصف نبينا صلى الله عليه وسلم: (وإنك لعلى خلق عظيم) قال الشيخ عبد الرحمن السعدي في تفسيره: "في هذه الآية أن النبي صلى الله عليه وسلم كان سهلا لينا قريبا من الناس, مجيبا لدعوة من دعاه, قاضيا لحاجة من استقضاه, جابرا لقلب من سأله لا يحرمه ولا يرده خائبا, وإذا أراد أصحابه منه أمرا وافقهم عليه وتابعهم فيه إذا لم يكن فيه محظور, وإن عزم على أمر لم يستبد به دونهم, لم يستبد به دونهم حتى يشاورهم ويآمرهم, وكان يقبل من محِسنهم ويعفو عن مسيئهم, ولم يكن يعاشر جليسه إلا أتم عشرته, إلا أتم عشرة وأحسنها, وكان لا يعبس في وجهه, ولا يغلظ عليه في مقاله, ولا يطوي عنه بشرة, ولا يمسك عليه فلتات لسانه -يعني لا يآخذه بزلات اللسان-, ولا يآخذه بما يصدر منه من جفوة بل يحسن إلى عشيره غاية الإحسان, ويحتمله غاية الاحتمال" إنتهى كلامه رحمه الله.
أيها المسلمون إن الأخلاق أحد الأهداف السامية والغايات النبيلة التي بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل تحقيقها {إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق} –حديث صحيح-, وصفته عائشة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما بقولها: {كان خلقه القرآن} –والحديث صحيح كما هو معروف-, كان خلقه القرآن يعني كان يأتمر بأوامره وينتهي بنواهيه, فالأخلاق باب عظيم من أبواب الدين, والأخلاق من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم. لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غار حراء وفرائسه ترتعد, أرادت خديجة رضي الله عنها أن تطمئنه وتسكنه, فقالت: {والله لا يخزيك الله أبدا, إنك لتصل الرحم, وتحمل الكل, وتكسب المعدوم –الفقير-, وتقري الضيف, وتعين على نوائب الحق} –رواه البخاري-. وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {أثقل شيء في الميزان الخلق الحسن} –والحديث مخرج في الصحيحة-, وعن أسامة بن شريك قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم كأنما على رؤوسنا الطير –يعني صامتين- ما يتكلم منا متكلم, إذ جاءه أناس فقالوا: من أحب عباد الله إلى الله؟, قال: {أحسنهم خلقا}. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن معاذا رضي الله عنه أراد سفرا, فقال: يا رسول الله أوصني, قال: {اعبد الله ولا تشرك به شيئا}, قال: يا نبي الله زدني, قال: {إذا أسأت فأحسن} -إذا صدرت منك سيئة فأتبعها بحسنة تمحها-, قال: يا رسول الله زدني, قال: {استقم ولتحسن خلقك}. وأريد في هذه العجالة أن أتحدث عن أخلاق نبينا صلى الله عليه وسلم في رمضان, فلقد صام رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع رماضانات لم يبد منه إلا كل خلق نبيل, في رمضان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفيض جودا وكرما وسخاءا مثل الريح المرسلة التي يجيء بعدها الغيث الذي ينبت الزرع ويحيي الأرض بعد موتها ويعم نفعه الجميع, فعن بن عباس رضي الله عنهما قال: {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس, وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل, وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن, فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة} –رواه البخاري-. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: {من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه}, من لم يدع الكذب والنميمة والغيبة وقول الزور وشهادة الزور وغيرها من الآثام فكأنه لم يصم, فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه -رواه البخاري-. فما أجدر المسلم أن يتحلى في هذا الشهر الكريم بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم, وكل مسلم مأمور بالاقتداء به صلى الله عليه وسلم, (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا) وكان عليه الصلاة والسلام يخص هذا الشهر دون غيره بمزيد من البذل والعطاء, قال بن القيم في الزاد: "كان من هديه صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان الإكثار من أنواع العبادات, فكان جبريل يدارسه القرآن في رمضان, وكان إذا لقيه أجود بالخير من الريح المرسلة, وكان أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان, يكثر في هذا الشهر من الصدقة والإحسان وتلاوة القرآن والصلاة والذكر والاعتكاف, وكان يخص رمضان من العبادة بما لا يخص غيره من الشهور, ثم إنه كان يواصل الصيام يواصل النهار بالليل يواصل فيه أحيانا حتى يوفر ساعات ليله ونهاره بالعبادة" –إنتهى كلامه رحمه الله-. وقد تعلم الصحب الكرام من النبي صلى الله عليه وسلم هذا الهدي, فكان لهم في رمضان مزيد من البذل والعطاء أيضا والجود والكرم, فكان أحدهم لا يهنأ بطعام حتى يرى على مائدته الفقراء والمساكين, كانوا يبحثون عن الفقير أكثر مما يبحث عنهم فكأنهم هم أصحاب الحاجة, وقد أثر عن بن عمر رضي الله عنهما أنه كان لا يأكل طعاما إلا ومعه يتيم على مائدته, وكان حماد بن أبي سليمان يفطر كل ليلة في شهر رمضان مئة نفس فإذا كانت ليلة الفطر كساهم أو كسى كل أحد منهم ثوبا, فالمسلم يتقرب إلى الله في هذا الشهر ويكثر من الطاعة والعبادة كما كان نبينا صلى الله عليه وسلم يفعل. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلى على الظالمين وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
أيها المسلمون, إن المسلم في رمضان يتربى على الأخلاق الفاضلة والشمائل الحسنة, يتربى على الصبر والحلم وضبط النفس, ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: {...والصيام جنة -وقاية-, فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث –لا يقل كلاما سخيفا سيئا-, ولا يسخب –لا يصيح ولا يصرخ-, فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم إني صائم} –رواه البخاري ومسلم-. يتربى المسلم في رمضان خاصة وإن كانت حياة المسلم كلها تربية وآداب, يتربى المسلم في رمضان على كبح جماح شهواته وتهذيب نفسه وتزكيتها, فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة, يقول الصيام: أي ربي منعته الطعام والشهوات بالنهارفشفعني فيه, ويقول القرآن: أي ربي منعته النوم بالليل فشفعني فيه, قال: فيشفعان} –والحديث صحيح مخرج في صحيح الترغيب والترهيب- .
أيها المسلمون ويجب على المسلم أن يحذر من الخصام والشجار والغضب والاختلاف مع إخوانه, لماذا قلت هذا؟ ,لأن الخلاف شأم. فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبرنا بليلة القدر, فتلاحى رجلان –يعني اختصم رجلان-, والنبي صلى الله عليه وسلم جاء ليخبر الصحابة أي ليلة هي ليلة القدر, فتلاحى رجلان من المسلمين, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: {خرجت لأخبركم بليلة القدر, وإنه تلاحى فلان وفلان فرفعت وعسى أن يكون خير لكم}, يعني رفع العلم بها من أجل ما كان من الخصام بين ذينك الرجلين, فالخلاف والخصام شأم فقد رفع العلم بليلتها من أجل الخصام الذي كان بين الرجلين. فاللهم جنبنا الخلاف وشر الخلاف, وبلغنا رمضان وتقبله منا, اللهم تب علينا إنك أنت التواب الرحيم, وتقبل منا إنك أنت السميع العليم, اللهم آت نفوسنا تقواها, وزكها أنت خير من زكاها, أنت وليها ومولاها, ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة, وقنا عذاب النار, آمين والحمد لله رب العالمين .

أبو أنس الجزائري
...المزيد

خطبة جمعة بعنوان : إحذر أن تلقى الله بغير زاد إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من ...

خطبة جمعة بعنوان : إحذر أن تلقى الله بغير زاد
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
عن أبي هريرة رضي الله عنه, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {من أنفق زوجين في سبيل الله, دعي في الجنة: يا عبد الله هذا خير, فمن كان من أهل الصلاة, دخل من باب الصلاة, ومن كان من أهل الجهاد, دخل من باب الجهاد, ومن كان من باب الصدقة, دخل من باب الصدقة, ومن كان من أهل الصيام دخل من باب الريان}. قال أبو بكر الصديق: يا رسول الله, ما على أحد يدعى من تلك الأبواب من ضرورة, فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {نعم. وأرجوا أن تكون منهم} –رواه البخاري ومسلم-.
يقول عليه الصلاة والسلام: {من أنفق زوجين في سبيل الله...} يعني من تصدق بشيئين من صنف واحد, إبتغاء وجه ربه الأعلى, من تصدق بثوبين, أو كيسين من طعام –هذه أمثلة-, أو درهمين, أو كتابين مثلا يهديهما إلى طالب علم, أو عقارين, أو غير ذلك من وجوه الإحسان, المقصود تشفيع صدقة بأخرى, والمقصود من الحديث, الاستكثار من الصدقات, ويلحق بذلك جميع أعمال البر, من صلاة وصيام, وحج, وغير ذلك, لذلك قال في الحديث: {...فمن كان من أهل الصلاة, دخل من باب الصلاة, ومن كان من أهل الجهاد...-وهكذا-}, والمسلم إذا أكثر من الصدقة, وسائر أعمال البر, عود نفسه البذل والعطاء, ودربها على الطاعة, فألفت نفسه ذلك, فصار طبيعة لها وعادة, والمال أيها المسلمون شقيق الروح, إذ كثيرا ما يرد في كتاب الله قول الله تعالى: [جاهدوا بأموالهم وأنفسهم] فمن أنفق مما جعله الله مستخلفا فيه, فذلك برهان على صدق إيمانه, ألم تسمعوا إلى قول البشير النذير صلى الله عليه وسلم: {...والصلاة نور, والصبر ضياء, والصدقة برهان...} –رواه مسلم-. الصدقة برهان: أي على صدق الإيمان, فمن أكثر من فعل الخير, نادته خزنة الجنة من باب العمل الذي كان يكثر منه, فقالت: يا عبد الله, هلم, أقبل, تعال فادخل من هذا الباب فهو خير لك, المقصود هنا بالأعمال الصالحة نوافل الطاعات, إذ هي التي يتفاوت فيها الناس, فمن مستقل منهم ومستكثر, وأما الواجبات فيستوي في القيام بها المسلمون جميعا, ومن ترك شيئا من الواجبات يخاف عليه أن يدعى من أبواب جهنم, وإنما يتفاضل الناس بعد أداء الواجبات بكثرة النوافل, التي تؤهلهم إلى أن ينادوا من تلك الأبواب. ولما فهم الصديق رضي الله عنه هذا المعنى قال: يا رسول الله هل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ يعني تكريما له وتشريفا, لأن الإنسان لا يمكن أن يدخل إلا من باب واحد. سؤال أبي بكر الصديق: هل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها يعني تكريما له وتشريفا, هو الذي يختار. وأبو بكرمن السابقين إلى الخيرات, وقد جمع كثيرا من خصال الخير, لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم مجيبا عن سؤاله: {نعم يا أبا بكر, وأرجو أن تكون منهم} والله عز وجل لا يخيب رجاء نبينا صلى الله عليه وسلم. وفي الحديث أن أبواب الجنة تسمى بالأعمال الصالحة, باب الصلاة, الصدقة, الجهاد, الريان, ترغيبا للعاملين في الجد والتشمير. وقد سمي الباب الذي يدخل منه الصائمون, بالريان, تنبيها على أن العطشان بسبب الصوم لاسيما في أيام الحر الشديد, سيروى, واكتفي بذكر الري عن الشبع, لأنه يدل عليه من حيث أنه يستلزمه. الحديث ذكرت فيه أربعة من أبواب الجنة, وقد دلت السنة على أن للجنة ثمانية أبواب, كما أن للنار سبعة أبواب, [لها سبعة أبواب لكل منهم جزء مقسوم]. ومن أبواب الجنة التي اطلعت عليها: باب الحج, وباب الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس, وباب المتوكلين الذي يدخل منه من لا حساب عليه ولا عذاب, وقيل الباب الثامن هو باب الذكر, وقيل باب العلم, والله تعالى أعلم. قال الصديق: يا رسول الله, ما على أحد أن يدعى من تلك الأبواب من ضرورة, فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ يعني: ليس على الشخص الذي يدعى من باب واحد ضرر يلحقه, ما دام مصيره الفوز العظيم, فلا يهمه أن يدخل من باب واحد, ولكن يقول له: يا رسول الله هل يمكن أن ينادى أحد من تلك الأبواب كلها تكريما له وتشريفا لقيامه بالأعمال الموجبة لها؟, قال نبينا صلى الله عليه وسلم: {نعم. وأرجوا أن تكون منهم}. من فوائد هذا الحديث بيان فضل كثرة الطاعات, والإنفاق في سبيل الله, إذ العمل الصالح سبب لدخول الجنة, قال الله تعالى: [وتلك الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون]. وفي الحديث حث على التنافس في فعل الخيرات, والاستباق إليها, وقد ورد في كتاب الله عز وجل, آيات بينات ترغب في التنافس على فعل الخير, قال الله تعالى: [إن الأبرار لفي نعيم[] على الأرائك ينظرون[] تعرف في وجوههم نضرة النعيم[] يسقون من رحيق مختوم[] ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون]. [إن الأبرار لفي نعيم] إن أهل البر والإحسان لفي نعيم, وجنات فيها فضل عميم, وخير عظيم, [على الأرائك ينظرون] أي عل السرر المزينة بالفرش الحسان, ينظرون إلى ما أعده الله من الملك الكبير, ينظرون إلى وجه ربهم الكريم, وهذا في مقابل ما وصف به الفجار, قال الله تعالى: [كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون] هذه الآية تقول: [تعرف في وجوههم نضرة النعيم], يعني تعرف أيها الناظر إلى وجوههم وجوه أهل الجنة, بهاءها وحسنها, ورونقها, فإن توالي النعم والمصرات, والملذات, تكسب الوجوه نورا وبهاءا, وبهجة. قال الله تعالى: [يسقون من رحيق مختوم] أي من أطيب ما يكون من الأشربة, وألذها, وقيل هو خمر الجنة, قد طيبه الله بالمسك الأذفر, [...وفي ذلك فليتنافس المتنافسون] في ذلك النعيم الذي لا يعلم مقداره, وحقيقته إلا عالم الغيب والشهادة, فليتسابق المتسابقون. فهذا أحق ما بذلت فيه الجهود, وأنفقت في الأموال, ومن فوائد هذا الحديث: أن من أكثر من شيء عرف به, من كان من أهل الجهاد دخل من باب الجهاد, ومن كان من أهل الصدقة دخل من باب الصدقة, من أكثر من شيء عرف به, ومن فوائد هذا الحديث أن أعمال البر جميعا لا يمكن أن تتوفر في شخص واحد, ولا تفتح إلا للقليل من الناس. ومما يستفاد من هذا الحديث: أن الملائكة يحبون صالحي بني آدم, ويفرحون بهم, ويبشرونهم بفضل الله ورضوانه, ومن فوائد الحديث: جواز مدح الإنسان في وجهه إذا لم يخف عليه الفتنة, ألم تسمعوا إلى قول نبينا صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: {...وأرجوا أن تكون منهم}. أما إن خفت على أخيك أن تدخل عليه الغرور, فلا تمدحه في وجهه, ولذلك لما سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يمدح اخاه, قال: {ويلك, أو ويحك, قسمت ظهر صاحبك}, أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم.
الحمد لله رب العالمين, والعاقبة للمتقين,ولا عدوان إلا على الظالمين, وأشهد الا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
عن أبي هريرة رضي الله عنه, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {من أصبح منكم اليوم صائما؟} قال أبو بكر: أنا. قال: {من تبع منكم اليوم جنازة؟}, قال أبو بكر: أنا. قال: {فمن أطعم منكم اليوم مسكينا؟}, قال أبو بكر: أنا. قال: {فمن عاد منكم اليوم مريضا}, قال أبو بكر: انا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ما اجتمعن –أي هذه الخصال- في امرئ إلا دخل الجنة} –رواه مسلم- الحديث يبين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتفقد أحوال أصحابه, ويحثهم على التنافس على فعل الخيرات, ويبين الحديث أن الإنسان إذا قال: انا ليجيب عن استفسار, عن استيضاح فلا حرج عليه, لأننا دائما نسمع من يقول: أعوذ بالله من قول أنا, نعم إذا قالها الإنسان مباهاة وتفاخرا فهذا مذموم, والدليل على ذلك قول إبليس لما أمره الله تعالى بالسجود لآدم: [قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين]. وفي الحديث بشارة عظيمة لمن اجتمعت فيه هذه الخصال الأربعة في يوم واحد, فليحاول كل منا أن يحقق هذه الأمنية العزيزة لأن وراءها الثواب العظيم, ولو مرة واحدة, وإن كان الحديث فيه حظ وحث على المواظبة على المداومة على كثرة الطاعات, وفيه الدعوة إلى مجاهدة النفس, بحيث لو تيسر للإنسان أن تجتمع فيه هذه الخصال وغيرها في أيام متفرقة مرات وكرات, فينبغي أن يغتنم الفرصة ولا يضيعها, فلا ينبغي أيها المسلم أن يكون حظك من هذه الأحاديث مجرد سماعها والعلم بها, ويستفاد من هذا الحديث أن العمل الصالح من أعظم أسباب تجديد الإيمان في القلوب, الإنسان محتاج من حين لآخرأن يجدد إيمانه, لا سيما في زمن الفتن الذي نحن فيه, قال نبينا صلى الله عليه وسلم: {إن الإيمان ليخلق –يعني ليبلى- كما يخلق الثوب, فسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم}. ثم ينبغي على المسلم أن يحول إيمانه إلى واقع عملي, الإيمان ليس مجرد اعتقاد, ينبغي أن تحوله إلى واقع عملي, في حسن خلقك, في محافظتك على الصلاة, في الإحسان إلى جارك, ينبغي أن تحول إيمانك الذي في قلبك إلى منهج حياة, أنظر إلى الصحابة رضي الله عنهم كيف استطاعوا أن يحولوا إيمانهم إلى منهج حياة, ويتحولوا من رعاة للإبل والغنم إلى سادة, وإلى قادة للعالم.
اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم, اللهم اغفر لنا هزلنا وجدنا وخطأنا وعمدنا وكل ذلك عندنا, اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا مستقرا وسائر بلاد المسلمين, اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار, آمين والحمد لله رب العالمين.
أبو أنس الجزائري
...المزيد

خطبة جمعة بعنوان : اتقوا الدنيا واتقوا النساء إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من ...

خطبة جمعة بعنوان : اتقوا الدنيا واتقوا النساء
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحابته أجمعين أما بعد:
عن أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء} –رواه مسلم-. جاء في أحاديث أخرى: أن النبي صلى الله عليه وسلم حث على العناية بالنساء، على العناية المادية، بملبسهن، ومطعمهن، وحث كذلك على العناية الروحية، التربوية، الدينية، وهذا أعظم. قال صلى الله عليه وسلم: {استوصوا بالنساء خيرا، فإنهن عندكم عوان}. فالمرأة إذا اعتني بها، فهي من أكبر النعم، وإذا لم يعتن بها، فهي نقمة، بلية. النساء مما حبب إلى النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا، قال صلى الله عليه وسلم: {حبب إلى من دنياكم الطيب، والنساء، وجعلت قرة عيني في الصلاة}. ولما سأل، من أحب الناس إليك؟، قال: {عائشة}، جعلهن الله على رأس قائمة الشهوات، التي زينت للناس، فقال سبحانه: (زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب). قال بعض الفضلاء: "إذا التزم العبد بالحدود الشرعية، فإن المزين هو الله، لأن الآية ورد فيها الفعل زين مبنيا للمجهول, وإذا تجاوز العبد الحدود الشرعية, فإن المزين هو الشيطان". وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنهن أكثر أهل النار, وذلك لأنهن يكثرن اللعن, ويكفرن العشير, وهذا فيه تحذير للمؤمنات, لأن لا يتعاطين سبب دخول النار, وليس من أجل الاستهانة بهن, وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن المرأة فتنة, ولذلك أمر الرجال أن يغضوا من أبصارهم, ويحفظوا فروجهم, وأن يبتعدوا عن الاختلاط بالنساء, وعن الخلوة بالأجنبية, وحرم على المرأة السفر من غير محرم, وأن تخضع بالقول, لأن لا يطمع الذي في قلبه مرض, وحرم عليها أن تصافح الأجانب, كل ذلك صيانة لها, وحفاظا على عفتها, وكرامتها, المرأة إذا لم تضبط بضوابط الشرع, إذا لم يضبطها وليها, أو زوجها, فتنت بتبرجها, وجمالها, ولباسها, وانقيادها إلى الحرام, فصارت سببا في انتشار الفساد, والرذيلة في الأرض, ولذلك عول عليها الكفارفي تخطيطهم, لإشاعة الفاحشة في مجتمعات المسلمين, فخدعوها بشعاراتهم الزائفة البراقة, باسم التحرر من القيود, والعادات القديمة البالية, وأوهموها أن الحجاب من العادات البالية, التي تقيد حريتها, وزينوا لها الاختلاط بالرجال, بدعوى أن المجتمع لابد أن يقوم على قدمين, لا يمكن أن يمشي على قدم واحدة, فهو محتاج إلى رجاله ونسائه معا, وهذا حق أريد به باطل, فالمجتمع بحاجة إلى الرجال والنساء معا, لكن ليس بالطريقة الغربية, ليس بأن يختلط الرجال والنساء, وأن تتجرد المرأة من حياءها, ومن جلبابها, وأن تتخذ أصدقاء من الرجال, وأن يتخذ الرجل صديقات من النساء, ولما سار المسلمون على هذا الطريق, ارتفعت نسبة الطلاق, وكثرت المشكلات الأسرية, واستشرى الفساد, وانتشرت الرذيلة, وصدق شوقي حين قال:
خدعوها بقولهم حسناء والغواني يغرهن الثناء نظرة فابتسامة فسلام فكلام, فموعد فلقاء
قال أحد الصالحين, حين سمع هذين البيتين: "أعوذ بالله من هذه الفاءات التي تجر إلى سقر". فتنة النساء أشد ضررا على الرجال من غيرها, لأن الطباع تميل إليهن, وتقع في الحرام من أجلهن, وتسعى في العداوة بسببهن, فكم من إخوان في الدين والنسب, كانوا متآلفين, يحب بعضهم بعضا, ويقف بعضهم إلى جانب بعض, في السراء والضراء, فلما تزوجوا, هجر بعضهم بعضا بالسنوات, وهذا واقع, كأن لم يكونوا إخوانا بالأمس, بسبب أن زوجة هذا حرضت زوجها على هجر أخيه, على أخيه, وربما أمه, فحلت العداوة بدل الوئام, والمودة, أهكذا يكون المسلم؟ المسلم يخاف الله, يرجو الله ويخافه, يعلم أنه لو هجر مسلما مثله فوق ثلاث, فمات, فماذا سيكون مصيره؟ دخل النار,هذا إذا هجر مسلما من غير الأقارب, فكيف إذا هجر قريبا؟ بل كيف إذا هجر أخاه, أو أمه وأباه؟ . قيل أرسل بعض الخلفاء إلى الفقهاء بجوائز, فقبلوها, وردها الفضيل, فقالت له امرأته: ترد عشرة آلاف, وما عندنا قوت يومنا, فقال:" مثلي ومثلكم, كمثل قوم لهم بقرة, يحرثون عليها, فلما هرمت -كبرت- ذبحوها, وكذلك أنتم أردتم ذبحي على كبر سني, موتوا جوعا, قبل أن تذبحوا فضيلا". وكان سعيد بن المسيب يقول وقد أتت عليه ثمانون سنة: "ما شيء أخوف عندي علي من النساء", وقيل: إن إبليس لما خلقت المرأة قال: أنت نصف جندي, وأنت موضع سري, وأنت سهمي الذي أرمي به فلا أخطأ أبدا.
أيها الناس إن المرأة إذا لم يمنعها دينها وصلاحها, كانت عين المفسدة, فلا تأمر زوجها إلا بشر, ولا تحثه إلا على فساد, إذا لم تكن على صلاح وخير, ترغبه في الدنيا فيتهالك عليها, وأي فتنة أضر من ذلك؟. وحب الدنيا رأس كل خطيئة. عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {إن الدنيا حلوة خضرة, وإن الله مستخلفكم فيها, فناظر كيف تعملون, فاتقوا الدنيا واتقوا النساء, وإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء} –رواه البخاري ومسلم-. الدنيا ناعمة, طرية جذابة, محبوبة للنفوس, فإن النفوس تطلبها طلبا شديدا, فهي كالفاكهة, حلوة خضرة, خضرة في منظرها, حلوة في مذاقها, وكل منهما يرغب فيه, الطعم والمنظر, يرغب فيه منفردا, فكيف إذا اجتمعا معا؟ فالدنيا مشتهاة, تعجب الناظرين, فمن استكثر منها أهلكته, فعلى العاقل أن يقنع منها بما تدعوا إليه الحاجة, ويجتنب الإفراط والتفريط في تناولها. الله عز وجل زينها للناس, ابتلاءا, واختبارا, وجعل بعضهم يخلف بعض, وإن الله مستخلفكم فيها, أجيال تخلفها أجيال, فناظر كيف تعملون, لينظر كيف يتصرف عباده هل يسلكون سبيل مرضاته, فيفلحون ويسعدون. أم يسلكون طريق الغواية, فيشقون ويخسرون, {فاتقوا الدنيا} أي احذروها بما فيها من الجاه والمال, واقنعوا فيها بما يعين على حسن المآل, فإن حلالها حساب, وحرامها عذاب. {واتقوا النساء} أي احذروا كيدهن ومكرهن والاغترار بهن, واحذروا أن تميلوا إليهن, في المنهيات وتقعوا في فتنة الدين بسببهن, وبسبب الافتتان بهن, فإنهن ناقصات عقل ودين, ويحملنكم على تعاطي ما فيه نقصان العقل والدين, أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم.
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلى على الظالمين وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {الدنيا متاع, وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة} –رواه مسلم وبن ماجه-, الدنيا متاع قليل, زائل عما قريب, قال تعالى: (قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى) فعلى العاقل أن يأخذ منها بقدر حاجته, وخص في هذا الحديث بالذكر الزوجة الصالحة, لأنها معينة على أمور الدين, والدنيا, صالحة في نفسها, مصلحة لزوجها وأولادها. ففي الحديث الحث على البحث عن المرأة الصالحة, إذ هي خير ما يكتنزه المرء, وبها تحصل الحياة الطيبة التي تتصل بالحياة الأخرى الأبدية, والسعادة السرمدية. بعض الناس يظن أن الرزق هو المال فقط, وهذا غير صحيح, فالمرأة الصالحة من أعظم أصناف الرزق, وخير ما يسأل المسلم ربه, أن يأتى في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة, ومن حسنة الدنيا المرأة الصالحة, وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم من أصاب المرأة الصالحة بالظفر أي بالغنم ,لأنه أصاب غنيمة, فقال: {فاظفر بذات الدين تربت يداك}.
أثنى الله على المراة الصالحة فقال: (فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله ) قانتات معناه: مطيعات عابدات. حافظات للغيب أي: لأزواجهن في حال غيابهم. حافظات للغيب بما حفظ الله أي: بتوفيق الله لهن. ومن الأدعية القرآنية العظيمة التي وردت في الكتاب وكل أدعية القرآن عظيمة من أدعية القرآن التي علمنا قول الله سبحانه: (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما). ولا تقر عين المؤمن إلا بصلاح زوجه وذريته. سمعت أحد أهل العلم وهو ينصح أحدا استشاره في أمر زواجه, قال: "إجعل من زواجك حظا لآخرتك", كيف هذا؟ قال: "إعمد إلى امرأة قليلة الجمال قد عزف عنها الخطاب, شريطة أن تكون ذات دين وخلق وصلاح, فتزوجها يبارك لك فيها ولأن كان ينقصها الجمال, فإن دينها يجملها" –إنتهى-. فإذا كان كل الناس يتهافتون على الحسناوات, فمن للصالحات القانتات قليلات الحظ من الجمال. ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما, اللهم اهدنا واهد بنا, واجعلنا هداة مهتدين, اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة, اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين, ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار, آمين والحمد لله رب العالمين.
أبو أنس الجزائري
...المزيد

"أرفع الناس قدرا من لا يرى قدره وأكثرهم فضلا من لا يرى فضله" الشافعي

"أرفع الناس قدرا من لا يرى قدره وأكثرهم فضلا من لا يرى فضله" الشافعي
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
17 ربيع الآخر 1446
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً