مدح السلطان وفخ الشيطان
كان (طه حسين) طالباً في الجامعة المصرية القديمة، وتقرر إرساله في بعثة إلى أوربا فأراد حضرة السلطان حسين رحمه الله أن يكرمه بعطفه ورعايته، فاستقبله في قصره استقبالاً كريماً، وحباه هديةً قيمة المغزى والمعنى.
وكان هناك خطيباً من خطباء المساجد التابعين لوزارة الأوقاف، خطيب فصيح متكلم مقتدر، وكان السلطان حسين رحمه الله مواظباً على صلاة الجمعة.
فصلى الجمعة يوماً ما، وندبت وزارة الأوقاف ذلك الخطيب لذلك اليوم وأراد الخطيب أن يمدح عظمة السلطان، وأن ينوه بما أكرم (طه حسين)، ولكن خانته فصاحته وغلبه حب التعالي في المدح، فزلّ زلّة لم تقم له قائمة من بعدها.
إذ قال أثناء خطبته "جاءه الأعمى فما عبس في وجهه وما تولى" وكان من شهود هذه الصلاة والدي الشيخ محمد شاكر وكيل الأزهر سابقاً رحمه الله فقام بعد الصلاة يعلن الناس في المسجد أن صلاتهم باطلة، وأمرهم أن يعيدوا صلاة الظهر فأعادوها، ذلك بأن الخطيب كفر بما شتم صلى الله عليه وسلم تعريضاً لا تصريحاً لأن الله سبحانه عتب على رسوله صلى الله عليه وسلم حين جاءه ابن أم مكتوم الأعمى، وهو يحدث بعض صناديد قريش يدعوهم إلى الإسلام. فأعرض عن الأعمى قليلاً حتى يفرغ من حديثه فأنزل الله عتاب رسوله في هذه السورة الكريمة.
ثم جاء هذا الخطيب الأحمق الجاهل-هداه الله-، يريد أن يتملق عظمة السلطان رحمه الله وهو عن تملقه غني والحمد لله، فمدحه بما يوهم السامع أنه يريد إظهار منقبة لعظمته، بالقياس إلى ما عاتب الله عليه رسوله، واستغفر الله من حكاية هذا فكان صنع الخطيب المسكين تعريضاً بمحمد صلى الله عليه وسلم لا يرضى به مسلم وفي مقدمة من ينكره السلطان نفسه.
ولكن الله لم يدع لهذا المجرم جرمه في الدنيا قبل أن يجزيه جزاءه في الأخرى؛ فأقسمُ بالله: لقد رأيته بعيني رأسي بعد بضع سنين وبعد أن كان متعالياً متنفخاً مستعزاً بمن لاذ بهم من العظماء والكبراء، رأيتهُ مهيناً ذليلاً خادماً على باب مسجد من مساجد القاهرة، يتلقى نعال المصلين يحفظها في ذلة وصغار حتى لقد خجلت أن يراني، وأنا أعرفه وهو يعرفني، لا شفقة عليه فما كان موضعا للشفقة ولا شماتة فيه فالرجل النبيل يسمو على الشماتة، ولكن ما رأيت من عبرة وموعظة.
هذهِ القصة ذكرها الشيخ المُحدث: أبو الأشبال "أحمد شاكِر" رحمهُ الله، فى كِتابه كلمة الحق صـ50(بتصرف).
يقصُ فيها عاقبة النفاق , وانتقام الله ممن آذى رسوله؛ علماً بأن العلامة شاكر ذهب بنفسه ليعلم السلطان بوجوب اعادة الصلاة، و هذا دليل قوي على أنه رحمه الله لم يكن فقيه البلاط و لا يخاف في الله لومة لائم.
أين العلماء الربانيون ؟ - أبو إسحاق الحويني
قصة " فما عبس ولا تولى " [مبكية] - صالح المغامسي
العُلَمَاءُ وشَرَك فِتْنَةِ الحُكْمِ
أَعُلماء عَلمانيون؟! (2): تنصير الشريعة وإشراك قيصر