مع المحبرة إلى المقبرة
منذ 2005-12-04
رأى رجلٌ مع الإمام أحمد محبرة فقال له: يا أبا عبد الله، أنت قد بلغت هذا المبلغ، وأنت إمام المسلمين، ومعك المَحبَرَةُ تحملها فقال: مع المَحبَرة إلى المقبرة. وجاء عن محمد بن إسماعيل الصائغ أنه قال: كنت في إحدى سَفَرَاتي ببغداد، فمرّ بنا أحمد بن حنبل وهو يَعْدُو ونعلاه في يده، فأخذ أبي هكذا بمجامع ثوبه فقال: يا أبا عبد الله، ألا تستحيي؟! إلى متى تعدو مع هؤلاء الصبيان؟! فقال: إلى الموت. عليك سلام الله ما كنت جاهلاً *** فقد كنت ذا عقل وكنت حصيفًا الإمام أحمد يعدو ونحن لا نعدو، وإن عدَونا أو غَدونا فإلى الدنيا، وشتان بين غدوٍّ وغدوٍّ، فكل الناس يغدو، فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها. سارت مشرِّقة وسِرتُ مغرِّبًا *** شتان بين مشرِّق ومغرِّب الإمام أحمد لا يعرف وقتًا محدَّدًا للطلب، ولا عمرًا معيَّنًا للتعلّم، فنداوَة حبره تغذّي قبرَه، وهو مع المحبرة إلى المقبرة. أما نحن فلا نفهم إلا أن فترةَ التعلّم محدودة، ولا نفهِم أولادنا إلا ذاك، فهي (شدّة وتزول)، ثم يعلو الكتابَ التّرابُ. إن العلم عبادة، والله لم يجعل لعبادة المؤمن حدًّا في الدنيا إلا الموت {وَٱعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ ٱلْيَقِينُ} [الحجر:99] ،,, ومع المحبرة إلى المقبرة.