ما زال للخير بقية

منذ 2023-04-22

اجتهدوا في الطاعات، وإياكم والكسل والفتور، فاللهَ اللهَ في الاستقامة والثبات على الدين في كل حين، فلا تدروا متى يلقاكم ملك الموت؛ فاحذروا أن يأتيكم وأنتم على معصية.

ما زال للخير بقية

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا أما بعد:

عباد الله، فلنقارن بين حالنا في رمضان وحالنا بعد رمضان؛ كنا في صلاة وقيام وتلاوة وصيام، وذكر ودعاء، وصدقة وإحسان، وصلة أرحام، ذاق بعضنا حلاوة الإيمان، ولذة الدمعة، وحلاوة المناجاة في الأسحار، وبعضنا كان ينفق نفقة من لا يخشى الفقر، كنا نتقلب في أعمال الخير وأبوابه، حتى قال بعضنا: يا ليتني مت على هذا الحال، يا ليت خاتمتي كانت في رمضان، رحل رمضان ولم يمض على رحيله إلا القليل، ولربما عاد تارك الصلاة لترْكه، وآكِل الربا لأكْله، ومشاهد الفُحش لفُحشه، وشارب الدخان لشُربه، فنحن لا نقول لنكُن كما كنا في رمضان من الاجتهاد، ولكن نقول: لا للانقطاع عن الأعمال الصالحة، فلنحيَ على الصيام، والقيام، والصدقة، ولو القليل، ها نحن ودَّعنا رمضان المبارك، ونهاره الطيب، ولياليه العطرة، ها نحن ودعنا شهر القرآن، والتقوى، والصبر، والجهاد، والرحمة، والمغفرة، والعتق من النار.

 

فماذا جنينا من ثماره اليانعة وظلاله الوارفة؟ هل تعلَّمنا فيه الصبر والمصابرة على الطاعة وعن المعصية؟ هل جاهدنا أنفسنا وشهواتنا وانتصرنا عليها؟ إياكم وترك الطاعات والأعمال الصالحة بعد رمضان.

 

الحذر الحذر من تضييع الصلوات مع الجماعة، فبعد امتلاء المساجد بالمصلين في صلاة التراويح التي هي سنة؛ نراها قد قل روادها في الصلوات الخمس التي هي فرض.

 

فمن علامات قبول العمل أن ترى العبد في أحسن حال من حاله السابق، وأن ترى فيه إقبالًا على الطاعة؛ قال تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: 7]؛ أي: زيادة في الخير الحسي والمعنوي، فيشمل الزيادة في الإيمان والعمل الصالح.


فلو شكر العبد ربَّه حق الشكر، لرأيته يزيد في الخير والطاعة، ويبعد عن المعصية، والشكر ترك المعاصي.

 

هكذا يجب أن يكون العبد مستمرًّا على طاعة الله، ثابتًا على شرعه، مستقيمًا على دينه، لا يعبد الله في شهر دون شهر، أو في مكان دون آخر، لا، وألف لا، بل يعلم أن رب رمضان هو رب بقية الشهور والأيام؛ قال تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ} [هود: 112]، وقال: {فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ} [فصلت: 6].

 أما بعد:

 

فاتقوا الله عباد الله حق التقوى، واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، واعلموا أن أجسادكم على النار لا تقوى.

 

والآن بعد انتهاء صيام رمضان، فهناك صيام النوافل: (كالست من شوال)، (والاثنين، والخميس)، (وعاشوراء)، (وعرفة)، وغيرها.

 

وبعد انتهاء قيام رمضان، فقيام الليل مشروع في كل ليلة، وهو سنة مؤكدة حثَّ النبي صلى الله عليه وسلم على أدائها بقوله: «عليكم بقيام الليل؛ فإنه دأبُ الصالحين قبلكم، وقُربة إلى ربكم، وتكفير للسيئات، ومَنهاة عن الإثم، ومَطردة للداء عن الجسد»؛ (رواه الترمذي وغيـره بسند حسن).


وقال صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل»؛ (رواه الحاكم وغيره بسند صحيح).


وقد حافظ النبي صلى الله عليه وسلم على قيام الليل، وقام صلى الله عليه وسلم وهو سيد ولد آدم المغفور له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر حتى تفطَّرت قدماه، فقيل له في ذلك، فقال: «أفلا أكون عبدًا شكورًا»؛ (متفق عليه).

 

فإذا أراد المسلم أن يكون ممن ينال شرف مناجاة الله تعالى، والأنس بذكره في ظلم الليل، فليحذر الذنوب، فإنه لا يوفَّق لقيام الليل من تلطخ بأدران المعاصي، وقيام الليل عبادة تصل القلب بالله تعالى، وسمات النفوس الكبيرة، وقد مدحهم الله وميَّزهم عن غيرهم؛ قال تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر: 9].


والآن بعد أن انتهت (زكاة الفطر)، فهناك الزكاة المفروضة، وهناك أبواب للصدقة، والتطوع، وقراءة القرآن وتدبُّره؛ ليست خاصةً برمضان، بل هي في كل وقت، وهكذا، فالأعمال الصالحة في كل وقت وكل زمان.

 

فاجتهدوا في الطاعات، وإياكم والكسل والفتور، فاللهَ اللهَ في الاستقامة والثبات على الدين في كل حين، فلا تدروا متى يلقاكم ملك الموت؛ فاحذروا أن يأتيكم وأنتم على معصية.

_________________________________________________________
الكاتب: المؤلف: صالح التميمي

  • 9
  • 0
  • 1,883
  • أحمد طالب المغفرة

      منذ
    جزاكم الله خيرا وبارك فيكم. في موازين حسناتكم إن شاء الله تعالى.

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً