العلاقة مع الله
أيها العبد المسلم، لا تقدِّم على علاقتك مع الله أحدًا من البشر، اجعلها هي حبلك المتين، وركنك الشديد، وعروتك الوثقى، وميثاقك الذي لا يُنقَض، لا تكن صلتك به في المواسم ثم تنتهي، ولا تجعلها عند الشدائد، ثم تنساه في حال الرخاء، فاجعل ذكره حيًّا دائمًا في قلبك ببقاء أنفاسك.
ليس هناك من علاقة يحقق بها الإنسان هدف وجوده، ويرقى بها أرفع درجات مجدِهِ، وينال عليها أسمى نياشين إنجازاته، سوى العلاقة مع الله؛ إن توثَّقت سعِد وأنس، وإن ضعُفت انهار ويَئِس، ومهما مَلَكَ الإنسان من الماديات، تبقى الروح تحتاج إلى قوة أعلى، والى شعور أكمل، ولن يكون ذلك إلا في الصلة بالله، والارتباط به، والاعتصام والقرب منه، واللجوء إليه، وهذا هو جوهر الدين؛ صلة الروح بخالقها، وعلاقتها بموجدها ورازقها، الجميع يحتاج إلى هذه الصلة بلا استثناء، ولن تعيش بطمأنينة وسعادة ما دمتَ قاطعًا صلتك به، وكانت علاقتك به علاقة غائبة بعيدة، ضعيفة هشَّة.
وصلاح أحوال الناس في دنياهم وآخرتهم إنما يكون بصلاح علاقتهم بربهم سبحانه، كما أن فساد دنياهم وآخرتهم سببه انقطاع الصلة بينهم وبين الله؛ كما قال سبحانه: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30].
ولن تستطيع تجاوز محن الحياة والمدلهمَّات والخطوب، والشدائد والكروب، إلا بعقيدة راسخة في أن الله هو أكرم الأكرمين، وأنه مالك الناس أجمعين، وأن كل الخير من عنده، وأنه اللطيف بك، والعالم بما فيه الخير لك، والمانع لكل شرٍّ وضر محيط بك.
ومتى نسيت هذا المعنى، زاد الحزن، وتعمَّق الاكتئاب، ولم تزدد حياتك إلا سوءًا.
إن الله رب العالمين الذي يجب عليك أن تصلح علاقتك به هو من لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، يعلم الظاهر والباطن، ويعلم ما تعلم وما لا تعلم، وما تُخفِي وما تُعلِن، ويعلم دقائق الأمور، ويعلم سريرتك وعلانيتك، يعلم نياتك وخواطرك؛ قال سبحانه: {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا} [سبأ: 2]، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ} [آل عمران: 5]، فربٌّ هذا علمه، وإله هذه إحاطته، ألَا يستحق أن نهتم بعلاقتنا معه، وأن نحسن الصلة به؟
أيها العبد المسلم، لا تقدِّم على علاقتك مع الله أحدًا من البشر، اجعلها هي حبلك المتين، وركنك الشديد، وعروتك الوثقى، وميثاقك الذي لا يُنقَض، لا تكن صلتك به في المواسم ثم تنتهي، ولا تجعلها عند الشدائد، ثم تنساه في حال الرخاء، فالله دائم وباقٍ، لا يفنى ولا يزول، فاجعل ذكره حيًّا دائمًا في قلبك ببقاء أنفاسك.
عباد الله، الذي يجب أن يكون عليه الفرد في العلاقة مع الله جل جلاله هو لسان حال الشاعر؛ حين يقول:
فليتك تحلو والحياة مريـــرة ** وليتك ترضى والأنام غِضابُ
وليت الذي بيني وبينك عامر ** وبيني وبين العالمين خــرابُ
إذا نلتُ منك الود فالكل هينٌ ** وكل الذي فوق التراب تـرابُ
العلاقة مع الله مؤنِسة، جابرة، أبدية، مختلفة، عندما يحبك الله، سينعكس حبه على وجهك وأخلاقياتك، سيُسخر لك الأرض ومن عليها، حتى تكره التعلق بأحد سواه، فتحب ما يحب، وتبغض ما يبغض، ستجده دائمًا معك، ستشعر معه بالحماية والوقاية والأمان التام.
مهما تعددت علاقاتك مع من حولك، فإن علاقتك بالله تعالى تبقى أساس كل العلاقات، كل علاقة مهما بلغت من المودة، فلا بد لها من انقطاع أو فراق بالموت، إلا علاقة المؤمن بربه وخالقه، فلا تنتهي أبدًا.
العلاقة بالله هي العلاقة الوحيدة الناجحة والمستمرة، علاقة لا يشوبها شكٌّ، ولا غدر، ولا مصلحة، علاقة مطمئنة مريحة، واضحة الملامح والأهداف.
قال الله تعالى: {وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ} [التوبة: 111]، وقال سبحانه: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} [البقرة: 40]، وقال أيضًا: {قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ} [البقرة: 80].
"مهما تهتَ في مسارح الحياة، فلا تنسَ علاقتك مع الله، تحسَّسْها كأعظم شيء تخاف فقدانه، حافظ عليها كما تحافظ على روحك؛ لأنك بها كل شيء، وبدونها لا شيء".
فمن صلحت علاقته بالله، صلحت علاقته بمن حوله، وصلحت كل أحواله، من صلحت علاقته بالله، تيسرت أموره، وانفرجت همومه، وأُجيبت دعوته؛ وفي الحديث: «تعرف إلى الله في الرخاء، يعرفك في الشدة».
أيها المسلمون: ما مدى حسن علاقتنا بربنا؟ كيف نستطيع نوطد علاقتنا مع الله وصلتنا به؟ إن حسن العلاقة مع الله دليل المحبة والخشية له سبحانه وتعالى، وعلامة ذلك وَجَلُ القلب إذا ذَكَرَ الله، وزيادة الإيمان بعد سماع القرآن، والذكر الدائم حين القيام، وحين القعود، وعلى الجنب، والتفكر الإيماني في خلق السماوات والأرض، ثم الدعاء الصادق الخالص: {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران: 191].
عباد الله، توثيق العلاقة مع الله تكون من خلال العبادة والطاعة، والعمل الصالح، والصلاة صلة بالله الرب القادر، الخالق الرازق، الحي القيوم، ذي الجلال والإكرام، منها نستمد القوة لمواجهة صعوبات الحياة، ونحظى بالطمأنينة والسكينة، والشعور بالأمان والسلام.
فالذي يمتنع عن الصلاة، ولا يسعد بها يكون قد منع ذاته عن صحبة الله وصلته به، لا يستطيع إنسان أن يقول: إنه يحب الله، إن كان لا يتحدث معه في صلاته وركوعه وسجوده، ولا ينطرح بين يديه.
إن الذي لا يجد في نفسه دافعًا إلى الصلاة، ولا تكون له رغبة في الصلاة والعبادة، هو إنسان جافٌّ من الداخل، خالٍ من الروح، ميت القلب والوجدان، لا علاقة له بالله؛ لأن أول ثمار العلاقة مع الله هي الصلاة.
ثم اعلم أن قربك من الله، وأنسك به، وتلذذك بمعيته ومراقبته، لا يحصل لك إلا بتعزيز وتقوية قراءتك للقرآن؛ لأن العلاقة بالقرآن هي التي تربطك بالله، فيتحدث الله إليك، ويكلمك بكتابه وآياته، وهي علاقة العبد بسيده ومولاه، وليس بينك وبين الله علاقة غير العبودية له تتقرب إليه من خلالها.
إن لم تكن من أهل {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ} [البقرة: 121]، فلا تنسَ: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20]، فإن فاتك هذا وذاك، فالزم: {فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204].
الغاية من ذلك ألَّا تنقطع عن التحدث إليه وأنت تتلوه في صلاتك، وألَّا تحرِم نفسك حديثه إليك وأنت ترتله وتقرؤه وتستمع إليه: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: 2].
إذا أردت أن يكلمك الله، فاقرأ القرآن، وإذا أردت أن تكلم الله، فافزع إلى الصلاة؛ قال السلف رضي الله عنهم ورحمهم: "كل آية في القرآن درجة في الجنة، ومصباح في بيوتكم"، وقالوا أيضًا: "من قرأ القرآن، فقد أُدرجت النبوة بين جنبيه، إلا أنه لا يُوحَى إليه".
قال أبو هريرة: "إن البيت الذي يُتلَى فيه القرآن اتسع بأهله، وكثُر خيره، وحضرته الملائكة، وخرجت منه الشياطين، وإن البيت الذي لا يُتلى فيه كتاب الله عز وجل، ضاق بأهله، وقل خيره، وخرجت منه الملائكة، وحضرته الشياطين".
من حسن العلاقة بالله المداومة على الذكر؛ فبذكر الله تطمئن القلوب بعد اضطرابها، وبذكر الله تعالج النفوس من أتعابها وأوصابها، بل هو الملاذ للفوز والفلاح، ولم يأمرنا ربنا سبحانه بالإكثار من أي شيء إلا من ذِكْرِهِ؛ حيث يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الأحزاب: 41، 42].
وذكر الله يُورِث معيته، والقرب منه ومحبته؛ فمن أكْثَرَ من ذكر الله تعالى، أكْثَرَ الله من ذكره في الملأ الأعلى؛ ففي الصحيحين يقول الله عز وجل: «أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ، ذكرته في ملأ خيرٍ منه».
وإن من المفارقات العجيبة أن تكون علاقة الإنسان بالآخرين طيبة، وسمعته حسنة، وعلاقته بالله ضعيفة أو مقطوعة، عياذًا بالله من الخذلان، ويخطئ من يتصل بالمخلوقين طالبًا منهم نفعًا، وينسى من بيده النفع كله.
وإن أعظم صلة بين العبد وربه في قوله تبارك وتعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186].
ما لا تعرفه أنت، ولا يعرفه الكثير منا أن مصائبَ كثيرة، وخيباتٍ عظيمة، وأسقامًا جسيمة، وخسائرَ فادحة، وضرباتٍ موجِعة - صرفها الله عنا بأدعية ظننَّا أنها ما أُجيبت.
استمر في الدعاء، وتفنَّن في الثناء، وأبْقِ اللسان لهجًا، والقلب موقنًا، واليد مرفوعةً؛ فالدعاء باب خير كبير.
العلاقة بالله لا يستغني عنها الإنسان، ومن استغنى عنها باءَ بالخسران، بل كيف يعيش في الحياة منقطعَ الصلة بالله الكريم الرحمن؟ فالقوي من قوَّاه الله، والعالم من علَّمه الله، والغني من أغناه الله، والقادر من أقدره الله، والمرزوق من رزقه الله، والمكفيُّ من كفاه الله، والمحفوظ من حفظه الله، فلا إله إلا الله، ولا معبود بحقٍّ سواه.
هكذا يجب أن يكون المسلم؛ يتعلق بربه، يتشبث بعُراه، ليس له إلا الله؛ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر: 15]، تقرب إلى الله بالطاعة، احفظ حدوده، راعِ حقوقه، تعرف إليه في الرخاء، يعرفك في الشدة.
فيا عباد الله، علِّقوا قلوبكم وأرواحكم وأنفسكم بالله، واللجوء إلى الله، فليس لنا إلا هو، ولا غِنى لنا عنه طرفة عين: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ} [يونس: 107].
وإذا حسُنت علاقة العبد بربه، أحسن بربه الظن، ورضيَ به ربًّا، واطمأن إلى قضائه وحكمه، فسعد قلبه، وانشرح صدره، وذاق طعم الإيمان.
فإن العبد إذا وثق بربه، انقاد له في كل أموره، وفوَّض الأمر إليه سبحانه في جميع شؤونه؛ ممتثلًا قوله تعالى: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [غافر: 44]، فيا من وثقت بربك، وفوضت إليه أمرك، عليك بحسن الظن به سبحانه؛ فقد ورد في الحديث: أن واثلة بن الأسقع دخل على يزيد بن الأسود يريد عيادته، فقال له: كيف ظنك بالله؟ قال: ظني بالله والله حسن، قال: فأبْشِرْ؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قال الله جل وعلا: أنا عند ظن عبدي بي، إن ظن خيرًا، وإن ظن شرًّا»؛ [الحاكم]، فظُنُّوا بالله تعالى الظن الحسن، وثِقُوا به سبحانه في المنن والمحن.
الخبيئة الصالحة - أيها الإخوة - هي زينة العبد في خَلوته، وزاده لآخرته، بها تُفرج الكُرُبات، وتسمو الدرجات، وتُكفَّر السيئات، دافعها الإخلاص، ويزينها الصدق، يلفها الكتمان، يفعلها العبد بعيدًا عن العيون والأنظار، في موقف إيماني صافٍ لا يشوبه طلب سمعة ولا شهرة، ولا تعلق بمدح وثناء، ولا دافع رياء.
وهي كنز من كنوز الحسنات، يوفِّق الله لها بعض عباده الصالحين الذين أخلصت قلوبهم لله تعالى، فلا يستطيعها المنافقون ولا المراؤون، رغَّب فيها الإسلام لتكون للمؤمن فرجًا عند الكربات، وطوقًا للنجاة من النيران، وغرسًا طيبًا في فسيح الجنان.
عباد الله، نحن بحاجة إلى معرفة الله معرفةً حقيقية؛ لتزداد خشيتنا له، وخوفنا منه، ورجاؤنا فيه، وتوكلنا عليه، وقيامنا بحقوقه، وتعظيمنا لشعائره، ووقوفنا عند حدوده.
يا شيخًا كبيرًا احدودب ظهره، ودنا أجله، ماذا تنتظر؟ وماذا أعددت للقاء الله؟ كيف علاقتك بربك وصلتك به؟ هل تجهزت للرحيل؟ ويا شابًّا غره شبابه، وطول الأمل، ماذا تنتظر؟ وماذا أعددت للقاء الله؟
يا من بدنياه اشتغل ** وغرَّه طول الأمـــــل
الموت يأتي بغتــــة ** والقبر صندوق العمل
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأحقاف: 13، 14].
فقد يراك البعض تقيًّا، وقد يراك آخرون فاسقًا، وقد يراك آخرون عاصيًا، ولكن أنت أدرى بنفسك؛ فالسر الوحيد الذي لا يعلمه غيرك هو سر علاقتك بربك؛ فلا يغرك المادحون، ولا يضرك القادحون؛ قال تعالى: {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} [القيامة: 14].
• من خطورة العيش بين الطاعة والمعصية أنك لا تدري في أي فترة منهم ستكون الخاتمة.
• افعل الطاعة إخلاصًا لا تخلصًا، وحافظ على النفل تقربًا لا تكرمًا؛ فأنت – والله - أحوج إلى الطاعة وربك سبحانه غني عنها.
• لا تجعل همك هو حب الناس لك؛ فالناس قلوبهم متقلبة، قد تحبك اليوم وتكرهك غدًا، وليكن همك كيف يحبك رب الناس؛ فإنه إن أحبك، جعل أفئدة الناس تحبك.
• والحرام يبقى حرامًا حتى لو كان الجميع يفعله، لا تتنازل عن مبادئك ودَعْكَ منهم؛ فسوف تحاسَب وحدك.
• لذا استقم كما أمرت، لا كما رغِبت، واجعل لنفسك خبيئة، وسريرة، لا يعلمها إلا الله، فكما أن ذنوب الخلوات مهلكات، فكذلك حسنات الخلوات منجيات.
ابسطوا أيديكم - أيها المؤمنون - بالتوبة والاستغفار، ابسطوها لرحمات الله التي تتنزل في الثلث الأخير من الليل، عندما تكون الخلائق قد أخلدت إلى النوم، وهدأت الدنيا، وغارت النجوم، وتفتحت أبواب السماء لدعوات الداعين، ولاستغفار المذنبين، ولاستغاثات المنكوبين، ولتضرعات الذين ظلموا أنفسهم من الناس أجمعين، أقْبِلوا - أيها المؤمنون - على الله الكريم، فاسألوه من فضله؛ فهو الذي يقبل من عاد إليه، وهو الذي لا تنفد خزائنه، ولا يبخل على سائليه، بل يمن عليهم بالمغفرة والثواب.
ألَا فاتقوا الله ثم اتقوا الله، فتقواه سبحانه عروة ليس لها انفصام، من تعلق بها، كان له بإذن الله حسن العاقبة، والحفظ من شرور كل نائبة، أسعدنا الله وإياكم بلزوم ما أمر به، وجنبنا وإياكم أسباب سخطه وغضبه.
- التصنيف: