وسم: الأصل الأخلاقي

رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (10)- الأصل الأخلاقي (1)

والحديث عن الأصل الأخلاقي في كل ثقافة يطول ويتشعب، ولكن من المهم أن تعلم أنه ليس قواعد عقلية ينفرد العقل بتقريرها ابتداءً من عند نفسه، لأن القواعد العقلية مهما بلغت من القوة والسيطرة لا تستطيع أن تقوم بهذا العبء، لسبب لا يمكن إغفاله في مثل هذه القضية، وهذا السبب هو أن الأمر كله متعلق بالإنسان نفسه. وكل إنسان صندوق مغلق، فيه من الطبائع والغرائز والأهواء المتنازعة بين الخير والشر، وفيه أيضًا من القوة والضعف، مقادير مختلفة لا تكاد تضبط أحوالها وآثارها، ولا يكاد يضبط تقلبها تقلبًا يفضي إلى حيرة في شأن صاحبها. فالظابط في هذا الموج المتلاطم المتصادم في الصندوق المغلق لا بد أن يكون كامنًا في سريرة الإنسان نفسه. فالقواعد العقلية المجردة لا تكاد تقوم بهذا العبء كله، بل العقائد وحدها هي صاحبة هذا السلطان على الإنسان. ولذلك قلت إن هذا الظابط الرقيب يأتي من قبل الثاقفة ورأس الثقافة الدين. 

رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (11)- الأصلا الأخلاقي (2)

وأسلافنا نحن العرب والمسلمين قد منحوا هذا الأصل الأخلاقي عناية فائقة شاملة، لم يكن لها شبيه عند أمة سبقتهم، ولم يتح لأمة لحقتهم وجاءت بعدهم أن يكون لهم عندهم شبيه أو مقارب. وهذه العناية بالأصل الأخلاقي هي التي حفظت على الثقافة الإسلامية تماسكها وترابطها مدة 14 قرنًا، مع كل ما مر عليها من القوارع والنكبات ووقائع الدهر على طول هذا المدى، ومع كل ما انتابها من الضعف، ومع كل ما دخل عليها من التقصير والخلل. وبقاء هذا التماسك على طول القرون، هو وحده إحدى عجائب الحضارات والثقافات التي عرفها البشر. 

شخصيات قد تهتم بمتابَعتها

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً