لو كنا ..مؤلفين للتفسير..... لا نزيد ولا ننقص شيئا على تفسير ابن كثير ..بعد التوفيق التوفيق في ...

لو كنا ..مؤلفين للتفسير.....
لا نزيد ولا ننقص شيئا على تفسير ابن كثير ..بعد التوفيق
التوفيق في مناسبة الاثر والحديث ..بساطة لا كلفة

وَمِمَّا يضارع خبر بهْرَام جور فِي السياسة وَالتَّدْبِير والتلطُّفِ والاحتيال، فِي ترقية الْمَرْء ...

وَمِمَّا يضارع خبر بهْرَام جور فِي السياسة وَالتَّدْبِير والتلطُّفِ والاحتيال، فِي ترقية الْمَرْء من الدناءة إِلَى معالي الْأَحْوَال، مَا حَدَّثَنِي بِهِ بعضُ إِخْوَاننَا من أَهْل الْأَدَب عَمَّن ذكره من نُظرائه، أَن بعض الْحُكَمَاء حَضَّ أصحابَه عَلَى طلب الْعلم، وذَكَر لَهُم عِظَمَ فَضله وشَرَفَ أَهله، وقصَّ عَلَيْهِم فِيهِ قصصا، وَضرب لَهُم أَمْثِلَة، فَكَانَ مِمَّا قَالَه لَهُم: إنّ الرَّجُل قَدْ يبلغُهُ الْكِبَر، فَتَكِلُّ أدواتُه، وتضعُف آلاته، وتنقطعُ لَذَّاته، فَلَا يحفلُ بشيءٍ من أمْر الدُّنْيَا إِلا بِأَن يُثْنَى عَلَيْه بالمعرفة، ويُعَظَّمَ بِأَن يُشارَ إِلَيْهِ بِالْعلمِ وَالْحكمَة، فجِدُّوا فِي طلب الْعلم، وَلا تيأسوا من إِدْرَاكه.
فقد بَلغنِي أَن رَجُلا قَرَأَ فِي صحيفَة: أَنَّهُ من أَرَادَ شَيْئا وسعى فِي طلبه ناله أَوْ شَيْئا مِنْهُ، فَقَالَ فِي نَفسه: أريدُ أَتزوّج فُلانة - يَعْنِي مَلِكَةً كَانَتْ فِي زَمَانه، وَأخذ فِي طلب ذَلِكَ، فتوجَّه إِلَى بلادها وأتى قصرهَا، وَرَأى الْحَاشِيَة المحيطة ببابها، وَكَانَ يَأْتِي الْبَاب فِي كُلّ يوْم فيجلسُ فِي فنائه، وَصَارَ بَينه وبَيْنَ الْحَاشِيَة بعضُ الأنْسِ لِكَثْرَة ترداده، وَكَانَ يُحَدِّثهُمْ ويحدثونه، وَرُبمَا سَأَلُوهُ عَنْ حَاجَة إِن كَانَتْ لَهُ فَلَا يُجِيبهُمْ بِشَيْء، إِلا أَنَّهُ بَعْدُ قَالَ: لي حاجةٌ إِلَى الملكة، فَقَالُوا لَهُ: أخْبِرنا بهَا فإنّ وَرَاءَنَا خدمًا وَمن بعدهمْ جوارٍ ووصائفَ بحضرتها، وَمن قِبَلِهِنَّ تَنْتَهِي الْأَخْبَار إِلَيْهَا، فَقَالَ: لَا أذكر حَاجَتي إِلا لَهَا، فأمسكوا عَنْهُ، وَكَانَت الملكةُ تشرِفُ من بعض مُسْتشرفاتها عَلَى فنَاء قصرهَا، وَترى من يَحْضُرُ ببابها، فأرسلتْ بعد سنةٍ من مصير ذَلِكَ الرَّجُل إِلَى حضرتها إِلَى مَنْ بِالْبَابِ: إِنِّي أرى منذُ سَنة رجلا غَرِيبا يَأْتِي فِي كُلّ يوْم، فانظروا مَا شَأْنه، فَإِن كَانَ مَظْلُوما نصرناهُ، وَإِن كَانَ مُسْتميحًا أعطيناه، وَإِن خطب عملا يصلُحُ لمثله ولّيناه، فأرسلوا إِلَيْهَا بِمَا خاطبهم بِهِ إِذْ سَأَلُوهُ عَنْ حَاله، فَأمرت بإدخاله إِلَيْهَا، فَلَمَّا وقف بَيْنَ يَديهَا سَأَلْتُهُ عَنْ حَاجته، فَقَالَ: لَا أذكرها وأحدٌ يسمعُ مَا أذكرهُ، فَأمرت جواريها بالتباعد، ثُمّ قالَتْ لَهُ: قُل، فَقَالَ: قصدتُ الملكة خاطبًا لَهَا، أتزوِّجُني نَفسهَا؟ فَقَالَت: إِنَّك لست بملكٍ وَلَا من وَلَد الْمُلُوك، وَمَتى تزوجتُك سقطَت منزلتي، وَزَالَ ملكي، وَلَكِن مالذي جَرَّأك عَلَى أَن خاطبتني بِهَذَا؟ فَأَخْبرهَا بِمَا خطر لَهُ حِين قَرَأَ الصَّحِيفَة، فَقَالَت لَهُ: فإنني أرى أَن تطلب الْحِكْمَة، وتتعلم الْعلم حَتَّى تصير رَأْسا فِيهِ، وتشتهر فِي النّاس منزلتك مِنْهُ، فَإِن منزلَة الْعلم أشرفُ من منزلَة الْمُلْك، فَإِذا صرتَ فَردا فِي الْحِكْمَة حَسُن مِنْك أَن تَخْطُبنِي وحَسُن بِي أَن أتزوَّجك، وَأَن أسمع أَهل مملكتي فَأَقُول لَهُم: قَدْ طالَتْ أيّامُ مُلكي وَلَيْسَ فِي أَهْل بَيْتِي من يقوم بِهِ بعدِي، وَقَدْ رَأَيْت أَن أَتزوّج إِلَى هَذَا وأرجع إِلَى رَأْيه فِي حَياتِي، لفضل علمه وَظُهُور حكمته، وَيقوم مقَامي بعد وفاتي، فَلَا ينكرُ ذَلِكَ أحدٌ من رعيتي.
وَفِي هَذِهِ الْمَدِينَة دارٌ يجْتَمع فِيهَا أَهْل الْحِكْمَة ورؤساء الفلاسفة، ويجتمع النّاس إِلَيْهِم للْقِرَاءَة عَلَيْهِم والتعلُّمِ مِنْهُم، وَأَنا أتقدَّم إِلَى الْمُتَقَدّم مِنْهُم بالتقديم لَك والإقبال عَلَيْك، فاجتهدْ فِي التَّعَلم، واقطعْ ليلك ونهارك باقتباسه، فَإِذا بلغتَ مِنْهُ رُتْبَة عالية فَحِينَئِذٍ تنالُ مَا أَنْت راغبٌ فِيهِ من جِهتي، فَفعل ذَلِكَ وَصَارَ إِلَى الدّار وَأَقْبل عَلَى التعلُّمِ، وَكَانَ ذَا ذكاءٍ وفطنة، وَكَانَ يأخذُ فِي الْمدَّة الْيَسِيرَة مَا يأخذُ غَيره فِي الْمدَّة الطَّوِيلَة، إِلَى أَن لحق بِمن
هُنَالك من متقدِّمي الْحُكَمَاء، ثُمّ تقدَّمهم إِلَى أَن صَار فَردا فيهم، واشتهر فِي النّاس فضلُه، وعَظَّموه لِسَعَةِ علمه وَظُهُور حكمته، وَصَارَ مَقْصُودا للاستفادة مِنْهُ، فخطر ببال الملكة ذكره، فسألتْ عَنْهُ فأُخْبِرت بِمَا انْتهى إِلَيْهِ أمره، فَأمرت باستدعائه فَحَضَرَ، فَقَالَت لَهُ: قَدْ بَلَغني مَا أصبتُه من الْحِكْمَة، فَهَل لَك فِيمَا كُنْت سألتنيه؟ فَقَالَ: لَا حاجَة لي فِي ذَلِكَ، فَقَالَت: وَلِم، وَقَدْ كنتَ حَرِيصًا عَلَيْه؟ فَقَالَ: رغبتُ فِي هَذَا وَأَنا أرى أَنَّهُ أفضلُ مَا يبلغهُ الإِنْسَان فِي دُنْيَاهُ، فَلَمَّا نِلتُ مَا نلتُه من الْحِكْمَة، وعلمتُ مَا علمتُ من أفانين الْعلم، تبينتُ مَا بَيْنَ الْعلم والْمُلْك من الْفَضْل، فرغبتُ بعلمي عَنْ مُلْكِ الدُّنْيَا، فَقَالَت لَهُ: لهَذَا أمرتُك بِمَا أمرتُك بِهِ، ورأيتُ أنَّكَ إِن لَمْ تبلغ الْغَايَة فِي الْعلم لَمْ تَعُد إليَّ، وَإِن عَلَتْ طبقتُك فِيهِ رغبتَ بِنَفْسِك عَنْ أُمُور الدُّنْيَا، وعلمتَ أَن مَا ظفرتَ بِهِ أفضلُ مِمَّا كنتَ التمسته.
وصَرَفَتْه وَلَمْ تَزَلْ مُكْرِمةً لَهُ.
...المزيد

-قال بعض حكمائهم: الصبرُ يناضل الحدثان. وقال آخر: الحلم فدام السفيه. وقال آخر: خاطر من استغنى ...

-قال بعض حكمائهم: الصبرُ يناضل الحدثان.
وقال آخر: الحلم فدام السفيه.
وقال آخر: خاطر من استغنى برأيه.
وقال غيره: الجزع من أعوان الزمان والمودة قرابة مستفادة.
وفضل بعضهم المودة والمودة على القرابة فقال: القرابة محتاجةٌ إلى المودةُ مستغنيةٌ عن القرابة.
وقال غيره وسوى بين المودة والقرابة: الصاحب مناسبٌ.
وقالوا عجبُ المرء بنفسه أحد حساد عقله.
ومن موجز الكلام قول بعضهم: من نال استطال والفاحشة كاسمها.
وقولهم أصاب متأملٌ أو كاد.
وقولهم العفوُ زكاة الجاهِ. وقولهم راحي البخيل مُكد.
وقول بعضهم قلما تصدقك الأمنية. وقيل الصيانة مألف المروءة.
وقال بعض الحكماء البلاء رديف الرخاء. وقيل خمول الذكر أسنى من الذكر الذميم.
.
وقيل للأحنف إن حارثة بن بدر يقع فيك فقال:
(عثيثةٌ تقرم جلداً أملساً ... )
وقال بعض الحكماء حصادُ المنى الأسف وعاقبتها الندامة وليس لذي لب بها مستمتعٌ.
ومن فصيح أمثال العرب قولهم: الفرار بقرابٍ أكيس.
وعزى أعرابيٌّ رجلاً فقال لا أراك الله بعد هذه المصيبة ما ينسيكها.
وعزى شبيبُ بن شيبة ذمياً فقال أعطاك الله عن مصيبتك أفضل ما أعطى أهل ملتك.
وقال عبد العزيز بن زرارة أول المعرفة الاختبار.
وقال رجلٌ للأحنف ممن أنت قال ممن ودني.
وقال البلاغةُ البلوغُ عند الكفاية.
وقيل للأحنف ما أحسن المجالس قال ما سافر فيه البصرُ واتدع فيه البدن وأمن فيه الثقل وكترت فيه الفائدة.
وكتب المهلب إلى عبد الملك حين هزم الأزارقة أما بعد فإنا لقينا المارقة ببلاد الأهواز وكانت في الناس جولة ثم ثاب أهل الدينُ والمروءة ونصرنا اللهُ عليهم فنزل القضاء بأمرٍ جاوزت النعمة فيه الأمل فصاروا درئية رماحنا وضرائب سيوفنا وقتل رئيسهم في جماعة من حماتهم وذوي الثبات منهم وأجلى الباقون ليلاً عن معسكرتهم وأرجو أن يكون آخر هذه النعمة كأولها إن شاء الله تعالى. كتب إلى الحجاج: الحمد لله الكافي بالاسلام ما وراءه الذي لا تنقطع وموادٌ نعمه حتى تنقطع من خلقه مواد الشكر عليها وإنا كنا وعدونا على حاليتن يسرنا منهم أكثر مما يسوءنا ويسوءهم منا أكثر مما يسرهم فلم يزل الله تعالى يزيدنا وينقصهم ويمحضنا ويمحقهم حتى بلغ الكتابُ أجلهُ فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين.
.
وقالت العرب: أكرم الخيل أشدها خوفا من السوط وأكيس الصبيان أشدهم بغضاً للمكتب وأكرم الصفايا أشدها حنيناً إلى أوطانها وأكرم المهارة أشدها ملازمة لأمهاتها وأكرم الناس آلفهم للناس.
وقد بين الله تعالى فضل الوطن وكلف النفوس به في قوله تعالى {ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليلٌ منهم} فجعل خروجهم من ديارهم كفؤ قتلهم لأتفسهم ومنه قوله تعالى: {وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم} وقول تعالى: {ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا} فجعل إخراجه إياهم من ديارهم بدلاً من العذاب المستأصل لهم لشبهه به عندهم.
وقال بعض الحكماء: الخروج من الوطن أحد السبابين والجلاء أحد القتلين. وقال يحيى بن طالب:
(إذا إرتجلت نحو اليمامة رفقةٌ ... دعاني الهوى وارتاح قلبي إلى الذكرِ)
(يقولونَ إنَّ الهجرَ يشفي من الهوى ... وما ازددتُ إلا ضعف ما بي على الهجرِ)
وكان كثيرٌ من العرب ممن يعتزي إلى فضل كرم لا ينتجعون وكذلك كانت قريش. وقال الحارث بن ظالم:
(رفعتُ الرُّمح إذ قالوا قُريشٌ ... وشبهت الشمائل والقبابا)
...المزيد

اكثرنا خوفا من معبر رفح....رجاءاا منه قول الآخر: (أروحُ وأغدو نحوكم في حوائجي ... فأصبحُ منها ...

اكثرنا خوفا من معبر رفح....رجاءاا منه
قول الآخر:
(أروحُ وأغدو نحوكم في حوائجي ... فأصبحُ منها غدوةُ كالذي أمسى)
(وقد كنتُ أرجو للصديقِ شفاعتي ... فقد صرتُ أرضى أن أشفعَ في نفسي)
وقول الآخر:
(وللموتُ خيرٌ من حياةٍ زهيدةٍ ... وللمنعُ خيرٌ من عطاءٍ مكدَّرِ)
ومن مليح الإستبطاء ما كتب بعضهم: كتابي ليس باستبطاء وإمساكي ليس بإستغناء ولكن كتابي تذكرة لك وإمساكي ثقة بك. وكتب عثمان إلى علي رضي الله تعالى عنهما: أبا بعد فقد بلغ الماء الزبى والحزم الطبيين وطمع فيّ من لا يدفع عن نفسه:
(فإن كنتُ مأكولاً فكن خيراً آكل ... وإلاّ فأدركني ولما أمزَّق)

ومما جاء في ذم العتاب قول بعض الحكماء: العتاب رسول الله الفرقة وداعي القلى وسبب السلوان وباعث الهجران.
وقال بعضهم: العتاب يبعث التجني والتجني ابن المحاجة والمحاجة أخت العداوة والعداوة أم القطيعة.


وكتبت في فصل لي: العتاب مقدمة القطيعة وطليعة الفرقة فتجنبه قبل أن يجنبك حظك من السرور برؤية أحبابك وانتقل عنه قبل أن ينتقل بك عن مقر غبطتك بمشاهدة أودائك وإن لم تجد منه أبداً فاقتصد فيه ولا تكثر منه فإن الكثير من المحبوب مملول فكيف من المكروه والإقتصاد في المحمود ممدوح فكيف من المذموم.
وقال ابن الرومي:
(أرَفِّه ما أرفهُ في التقاضي ... وليسَ لديكَ غيرُ المطلِ نقدُ)
...المزيد

. . ولا يزال امرؤ القيس في كثير من شعره يفخر بالصيد وأكل لحمه، كقوله مع عراقته في الملك: تظلُّ ...

.
.
ولا يزال امرؤ القيس في كثير من شعره يفخر بالصيد وأكل لحمه، كقوله مع عراقته في الملك:
تظلُّ طهاةُ اللحم من بين منضج ... صفيف شواء أو قدير معجّلِ
وسماه لذة واكتفى بذلك من أن يذكر الصيد لعلمهم بذلك واشتهاره فيهم وقدره عندهم فقال:
كأني لم أركب جواداً للذة ... ولم أتبطن كاعباً ذات خلخالِ
ومن فضائله ما فيه من التبرز على ركوب الخيل صعوداً وحدوراً وكرّاً وانكفاءً وتعطفاً وانثناءً، وذلك كما قدمنا زائد في الفروسية، ملين من المعاطف، مسلس من المراود، محلل لكوامن الفضول، مثبت للركبة، منسيء للشهوة، مؤمن من العلل المزمنة.
وقال بعض الحكماء: قلما يعمش ناظر زهرة، أو يزمن مريغ طريدة، يعني بذلك من أدمن الحركة في الصيد، ونظر البساتين، فاستمتع طرفه بنضرتها، وأنيق منظرها
.
وليس يكبر الملك الرئيس العظيم العربي الوقور إذا أثيرت الطريدة أن يستخف نفسه في ارغتها، ويستحضر فرسه في أثرها، ويترجل عنه في المواضع التي لا يقتحم الفرس مثلها.
.
وحكي عن عظماء الأكاسرة من ذلك ما هو مشهور في سيرهم، وعن الخلفاء الراشدين ما نذكره في باب من أغري به منهم، ومنها ما يسنح فيه من النشاط والأريحية، لا سيما مع الظفر، ودرك البغية، فأن المرء يكون في تلك الحال أطرب منه عند سماع شائق الألحان، وتشاجي النغم من ذوي الإحسان، وربما قويت النفس حينئذ، وانبسطت الحرارة الغريزية فعملت في كوامن العلل.
...المزيد

متى الفرج.. كثرة الاخوان مغرم وحقوق ومؤونه على طرف واحد -رأيتُ أقلَّ الناسِ عَقلاً إذا انتشى ...

متى الفرج.. كثرة الاخوان مغرم وحقوق ومؤونه على طرف واحد

-رأيتُ أقلَّ الناسِ عَقلاً إذا انتشى ... أقلّهم عقلاً إذا كان صاحيا
تزيد حُميّاها السَّفيه سفاهةً ... وتتركُ أخلاقَ الكريم كما هيا
فخبر بزيادة سوء أدب السيئ الأدب وزيادة حسن أخلاق الكريم وهو صحيح وقال المتنبي
وأنفسُ ما للفَتى لُبُّهُ ... وذو اللبِ يكرهُ إنفاقَهُ
ولا أعرف شيئاً دعا الناس إلى محبة الشراب إلا ما يعلمه من إنفاق العقل الذي إن ذهب الليلة عاد غداً وقد أوجد ريحاً من السرور ينتهز فرصته وتحلو لذته فقد كره أبو الطيب ما أحبه الناس هذا مع فضائل يكثر عددها وتتواتر مددها منها ما يفعله الفرح في الجسم مع زيادة اللحم والدم وقد قال بعض الحكماء) الأرواح تحتاج إلى أقواتها من الفرح كما تحتاج الأجسام إلى أقواتها من الطعام ولن يفعل الفرح من الشراب الجزء اليسير إنما يفعله الشراب الكثير (.
وقد قال بعض الظرفاء لآخر: أتشرب النبيذ، قال: القدح والقدحين فقال: ما شربته فتوة ولا تركته مروة ولم يوجد طريق إلى الشرور كالشراب أخصر مسافة ولا أسهل مأخذاً من غيره معونة من الدهر لِما يحدث للقلب سروراً حتى تتغطى عيوبه وتغفر جنايته وذنوبه ويحسن الظن بالله عز وجل فيتسع بذلك ضنك المكان ويرضى عن الزمان هذا إلى ما يحدثه من السماحة في البخلاء والشجاعة في الجبناء وهذه فضائل لا يبعثها إلا أريحية الشراب ومعاقرة الأحباب عند تغير العقل، فكيف كره إنفاق العقل أبو الطيب ولولا ما يخاف من الإثم في الشراب بما يحدثه السكر لوجب غفران ذنبه في جنب محاسنه، ولو قال أبو الطيب
وأنفس ما للفتى ذنبه (لما أعترض كلامه ولا جاز أن ينكر، ولكنه جعل سبب ترك الشراب الخوف من تغير العقل الذي من أجله شربته العقلاء هرباً من عدم اللذات واشتعال النفس بالفكر من العواقب والحوادث الممضات فمن بالغ في الرغبة والحرص على الشراب أبو نواس.
فقال:
اسقني حتّى تَراني ... حسناً عِندي القبيح
والقبيح لا يصير حسناً إلا عند التغير بالسكر، وقد قال أبو نواس:
فما الغبن إلاّ أن تراني صاحياً ... وما الغنمُ إلا أن يتعتعني السكرُ
...المزيد

لا يزال امرؤ القيس في كثير من شعره يفخر بالصيد وأكل لحمه، كقوله مع عراقته في الملك: تظلُّ طهاةُ ...

لا يزال امرؤ القيس في كثير من شعره يفخر بالصيد وأكل لحمه، كقوله مع عراقته في الملك:
تظلُّ طهاةُ اللحم من بين منضج ... صفيف شواء أو قدير معجّلِ
وسماه لذة واكتفى بذلك من أن يذكر الصيد لعلمهم بذلك واشتهاره فيهم وقدره عندهم فقال:
كأني لم أركب جواداً للذة ... ولم أتبطن كاعباً ذات خلخالِ
ومن فضائله ما فيه من التبرز على ركوب الخيل صعوداً وحدوراً وكرّاً وانكفاءً وتعطفاً وانثناءً، وذلك كما قدمنا زائد في الفروسية، ملين من المعاطف، مسلس من المراود، محلل لكوامن الفضول، مثبت للركبة، منسيء للشهوة، مؤمن من العلل المزمنة.
وقال بعض الحكماء: قلما يعمش ناظر زهرة، أو يزمن مريغ طريدة، يعني بذلك من أدمن الحركة في الصيد، ونظر البساتين، فاستمتع طرفه بنضرتها، وأنيق منظرها..
.
وليس يكبر الملك الرئيس العظيم العربي الوقور إذا أثيرت الطريدة أن يستخف نفسه في ارغتها، ويستحضر فرسه في أثرها، ويترجل عنه في المواضع التي لا يقتحم الفرس مثلها.
.
وحكي عن عظماء الأكاسرة من ذلك ما هو مشهور في سيرهم، وعن الخلفاء الراشدين ما نذكره في باب من أغري به منهم، ومنها ما يسنح فيه من النشاط والأريحية، لا سيما مع الظفر، ودرك البغية، فأن المرء يكون في تلك الحال أطرب منه عند سماع شائق الألحان، وتشاجي النغم من ذوي الإحسان، وربما قويت النفس حينئذ، وانبسطت الحرارة الغريزية فعملت في كوامن العلل
...المزيد

--وقد مضى في ذلك مثل ضربه بعض الحكماء. قال الملك: وكيف كان ذلك؟ قال الفيلسوف: زعموا أن جماعة ...

--وقد مضى في ذلك مثل ضربه بعض الحكماء. قال الملك: وكيف كان ذلك؟ قال الفيلسوف: زعموا أن جماعة احتفروا ركية فوقع فيها رجل صائغ وحية وقرد وببر، ومر بهم رجل سائح فأشرف على الركية، فبصر بالرجل والحية والببر والقرد ففكر في نفسه، وقال: لست أعمل لآخرتي عملاً أفضل من أن أخلص هذا الرجل من بين هؤلاء الأعداء. فأخذ حبلاً وأدلاه إلى البئر فتعلق به القرد لخفته فخرج. ثم دلاه ثانية، فالتفت به الحية فخرجت. ثم دلاه ثالثاً فتعلق به الببر فأخرجه. فشكرن له صنيعه. وقلن له: لا تخرج هذا الرجل من الركية: فإنه ليس شيء أقل شكراً من الناس ثم هذا الرجل خاصةً. ثم قال له القرد: إن منزلي في جبل قريب من مدينة يقال لها: نوادرخت. فقال له الببر: أنا أيضاً في أجمة إلى جانب تلك المدينة. قالت الحية: أنا أيضاً في سور تلك المدينة. فإن أنت مررت بنا يوماً من الدهر، واحتجت إلينا فصوّت علينا حتى نأتيك فنجزيك بما أسديت إلينا من معروف. فلم يلتفت السائح إلى ما ذكروا له من قلة شكر الإنسان، وأدلى الحبل، فأخرج الصائغ، فسجد له، وقال له: لقد أوليتني معروفاُ. فإن أتيت يوماً من الدهر لمدينة نوادرخت فاسأل عن منزلي: فأنا رجل صائغ لعلي أكافئك بما صنعت إلي من معروف. فانطلق إلى مدينته وانطلق السائح إلى جانبه. فعرض بعد ذلك أن السائح اتفقت له الحاجة إلى تلك المدينة، فانطلق، فاستقبله القرد، فسجد له وقبّل رجليه. واعتذر إليه، وقال: إن القرود لا يملكون شيئاً، ولكن اقعد حتى آتيك. وانطلق القرد، وآتاه بفاكهة طيبة، فوضعها بين يديه، فأكل منها حاجته. ثم إن السائح انطلق حتى دنا من باب المدينة فاستقبله الببر، فخرّ له ساجداً وقال له: إنك قد أوليتني معروفاً. فاطمئن ساعة حتى آتيك. فانطلق الببر فدخل في بعض الحيطان إلى بنت الملك فقتلها، وأخذ حليها، فأتاه بها، من غير أن يعلم السائح من أين هو. فقال في نفسه: هذه البهائم قد أولتني هذا الجزاء، فكيف لو قد أتيت إلى الصائغ فأنه إن كان معسراً لا يملك شيئاً فسيبيع هذا الحلي فيستوفي ثمنه. فيعطيني بعضه، ويأخذ بعضه، وهو أعرف بثمنه. فانطلق السائح فأتى إلى الصائغ. فلما رآه رحب به وأدخله إلى بيته. فلما بصر بالحلي معه، عرفه وكان هو الذي صاغه لابنة الملك.فقال للسائح: اطمئن حتى آتيك بطعام فلست أرضى لك ما في البيت. ثم خرج وهو يقول: قد أصبت فرصتي: أريد أن أنطلق إلى الملك وأدله على ذلك، فتحسن منزلتي عنده. فانطلق إلى باب الملك، فأرسل إليه: إن الذي قتل ابنتك وأخذ حليها عندي. فأرسل الملك وأتى بالسائح فلما نظر الحلي معه لم يمهله، وأمر به أن يعذب ويطاف به في المدينة، ويصلب. فلما فعلوا به ذلك جعل السائح يبكي ويقول بأعلى صوته: لو أني أطعت القرد والحية والببر فيما أمرنني به وأخبرنني من قلة شكر الإنسان لم يصر أمري إلى هذا البلاء، وجعل يكرر هذا القول. فسمعت مقالته تلك الحية فخرجت من جحرها فعرفته، فاشتد عليه أمره، فجعلت تحتال في خلاصه. فانطلقت حتى لدغت ابن الملك، فدعى الملك أهل العلم فرقوه ليشفوه فلم يغنوا عنه شيئاً. ثم مضت الحية إلى أخت لها من الجن، فأخبرتها بما صنع السائح إليها من المعروف، وما وقع فيه. فرقت له، وانطلقت إلى ابن الملك، وتخايلت له. وقالت له: إنك لا تبرأ حتى يرقيك هذا الرجل الذي قد عاقبتموه ظلماً. وانطلقت الحية إلى السائح فدخلت عليه السجن، وقالت له: هذا الذي كنت نهيتك عنه من اصطناع المعروف إلى هذا الإنسان: ولم تطعني. وأتته بورق ينفع من سمِّها. وقالت له: إذا جاءوا بك لترقي ابن الملك فاسقه من ماء هذا الورق: فإنه يبرأ. وإذا سألك الملك عن حالك فاصدقه: فإنك تنجوا إن شاء الله تعالى. وإن ابن الملك أخبر الملك أنه سمع قائلاً يقول: إنك لن تبرأ حتى يرقيك هذا السائح الذي حبس ظلماً. فدعا الملك السائح، وأمره أن يرقي ولده. فقال: لا أحسن الرقي، ولكن اسقه من ماء هذه الشجرة فيبرأ بإذن الله تعالى. فسقاه فبرئ الغلام. ففرح الملك بذلك: وسأله عن قصته، فأخبره. فشكره الملك، وأعطاه عطية حسنة، وأمر بالصائغ أن يصلب. فصلبوه لكذبه وانحرافه عن الشكر ومجازاته الفعل الجميل بالقبيح. ثم قال الفيلسوف للملك: ففي صنيع الصائغ بالسائح، وكفره له بعد استنقاذه إياه، وشكر البهائم له، وتخليص بعضها إياه، عبرة لمن اعتبر، وفكرة لمن تفكر، وأدب في وضع المعروف والإحسان عند أهل الوفاء والكرم، قربوا أو بعدوا لما في ذلك من صواب الرأي وجلب الخير وصرف المكروه. ...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً