وقد جاء رجل إلى أبي هريرة - رضي الله عنه - فقال: إني أريد أن أتعلم العلم وأخاف أن أضيعه، فقال أبو ...


وقد جاء رجل إلى أبي هريرة - رضي الله عنه - فقال: إني أريد أن أتعلم العلم وأخاف أن أضيعه، فقال أبو هريرة - رضي الله عنه -: " كفى بتركك له تضييعا " .
ولهذا قال بعض الحكماء عندما سُئلَ: ما السبب الذي ينال به العلمِ؟ قال: بالحرص عليه يتبع، وبالحب له يستمع، وبالفراغ له يجتمع، [عَلم علمك من يجهل، وتعلم ممن يعلم، فإنك إن فعلت ذلك علمت ما جهلت، وحفظت ما علمت] .
ولهذا قال الِإمام الشافعي رحمه الله:
أخي لن تنال العلم إلا بستةٍ ... سأنبئك عن تفصيلها ببيان
ذكاءٌ , وحرصٌ , واجتهاد , وبلغة ... وصحبةُ أستاذٍ وطول زمان
-ومنها: الاجتهاد في طلب العلم، والشوق إليه، والرغبة الصادقة فيه ابتغاء مرضاة الله تعالى، وبذل جميع الأسباب في طلب علم الكتاب والسنة .
...المزيد

-(فإن قيل) إن الإيمان بالغيب ووجود الرب غريزى فى الفطرة البشرية كما حققتم، أو إلهام من إلهاماتها ...

-(فإن قيل) إن الإيمان بالغيب ووجود الرب غريزى فى الفطرة البشرية كما حققتم، أو إلهام من إلهاماتها يلقى فى روع أفرادها عند نمو إدراكهم، وأن بعض الحكماء المفكرين قد ارتقوا فى معارفهم العقلية إلى حيث أقاموا البراهين على وجود واجب الوجود وعلمه وحكمته، ووجوب تعظيمه وشكره وعبادته، وقد قرر بعضهم بقاء النفس بعد الموت وخلودها فى نعيم مقيم أو عذاب أليم، ووضعوا للناس أصول الفضائل والتشريع والآداب التى تصلح بها الإنسانية وروابط الاجتماع. ...المزيد

. . . -سألَ سائلٌ فقال: ما نصيبُ أصحابِ التخصصات العلمية، كالهندسة، والكيمياء، وغيرها من هذه ...

.
.
.
-سألَ سائلٌ فقال:
ما نصيبُ أصحابِ التخصصات العلمية، كالهندسة، والكيمياء، وغيرها من هذه الدروسِ والدوراتِ، وهم كُثُرٌ، ويريدون الفائدةَ؟ .
فكانَ الجوابُ:
من الواجب على كلِّ مسلمٍ أن يتعلمَ ما تصحُّ به عقيدتُه وما تصح به عبادتُه.
وهذا واجبٌ على المهندسِ والطبيبِ والمتخصصِ في الرياضيات والكيمياء والمهندس المعماري والكمبيوتر وغيرها من الفنون.
وهؤلاء يتعلمونَ ما تصحُّ به عقيدتُهم وعبادتُهم، وهذه الدوراتُ فرصةٌ لهم يستفيدونَ علمًا كثيرًا في وقتٍ وجيزٍ.
فإن تخرّجوا وتوظَّفوا فيأخذونَ من كلِّ علمٍ ما يحتاجون إليه.
ولا شكَّ أن أمثالَ هؤلاء لديهم استعداداتٌ فطريةٌ لِفَهْمِ العلومِ الشرعيةِ، لهذا قال بعضُ الحكماء:" مَنْ لم يكنْ مهندسًا فلا يدخلُ داري " قالها لطائفةٍ؛ لأن عقولَ أصحابِ هذا الفنِّ مرتبةٌ تصلحُ للعلومِ الشرعية.
...المزيد

. . . . . . . . . . قيل في اخر الزمان .. العلم انس ونزهة..ونعمى . قال: «مُعْتَرَكُ ...

.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
قيل في اخر الزمان .. العلم انس ونزهة..ونعمى
.
قال: «مُعْتَرَكُ الْمَنَايَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ» .
وإذا بلغ الإنسان الستين، فقد أعذر الله إليه في العمر، قال تعالى: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} [فاطر: 37]. وبوَبَّ البخاري: باب من بلغ ستين فقد أعذر الله إليه في العمر، ثم ساق بسنده إلى أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «أَعْذَرَ اللَّه إِلَى امْرِئٍ أَخَّرَ أَجَلَهُ حَتَّى بَلَّغَهُ سِتِّينَ سَنَةً» .
قال ابن حجر -رحمه الله- في فتح الباري: «اختلف أهل التفسير في المراد بالنذير، فالأكثر على أنه المشيب؛ لأنه يأتي في سن الكهولة فما بعدها، وهو علامة لمفارقة سن الصبى الذي هو مظنة اللهو.
وقوله في الحديث: أعذر الله: «الإعذار إزالة العذر، والمعنى أنه لم يبق له اعتذار كأن يقول: لو مد لي في الأجل لفعلت ما أُمرت به، يقال: أعذر إليه إذا بلغه أقصى الغاية في العذر ومكنه منه، وإذا لم يكن له عذر في ترك الطاعة مع تمكنه منها بالعمر الذي حصل له فلا ينبغي له حينئذ إلا الاستغفار والطاعة والإقبال على الآخرة بالكلية» .
قال ابن بطال: «وإنما كانت الستون حدًّا لهذا لأنها قريبة من المعترك وهي سن الإنابة والخشوع وترقب المنية، فهذا إعذار بعد إعذار لطفًا من الله بعباده حتى نقلهم من حالة الجهل إلى حالة العلم، ثم أعذر إليهم فلم يعاقبهم إلا بعد الحجج الواضحة وإن كانوا فطروا على حب الدنيا وطول الأمل لكنهم أُمروا بمجاهدة النفس في ذلك ليمتثلوا ما أمروا به من الطاعة، وينزجروا عما نهوا عنه من المعصية، وفي الحديث إشارة إلى أن استكمال الستين مظنة لانقضاء الأجل» .
قال بعض الحكماء: «الأسنان أربعة: سن الطفولة، ثم الشباب، ثم الكهولة، ثم الشيخوخة وهي آخر الأسنان، وغالب ما يكون ما بين الستين والسبعين، وحينئذ يظهر ضعف القوة بالنقص والانحطاط، فينبغي له الإقبال على الآخرة بالكلية لاستحالة أن يرجع إلى الحالة الأولى من النشاط والقوة» .
وخير الناس من طال عمره وحسن عمله، روى الترمذي في سننه من حديث نفيع بن الحارث -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سُئل: أي الناس خير؟ قال: «مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ»، قِيلَ: فَأَيُّ النَّاسِ شَرٌّ؟ قَالَ: «مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَسَاءَ عَمَلُهُ» .
وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: كان رجلان من بلي حي من قضاعة أسلما مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واستشهد أحدهما وأُخر الآخر سنة، قال طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه-: فأُريت الجنة فرأيت فيها المؤخر منهما أُدخل الجنة قبل الشهيد، فعجبت لذلك، فأصبحت فذكرت ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم-، أو ذكر ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «أَلَيْسَ قَدْ صَامَ بَعْدَهُ رَمَضَانَ، وَصَلَّى سِتَّةَ آلَافِ رَكْعَةٍ، أَوْ كَذَا وَكَذَا رَكْعَةً صَلَاةَ السَّنَةِ»

-
...المزيد

. .. . . . . . . . مسؤوليتنا في تيسير الزواج.. -إخوة الإيمان! وهذه إشارة ثانية إلى مشكلة ...

.
..
.
.
.
.
.
.
.
مسؤوليتنا في تيسير الزواج..
-إخوة الإيمان! وهذه إشارة ثانية إلى مشكلة أخرى، وعقبة كئود، ألا وهي عضل النساء عن زواج الأكفاء، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفسادٌ عريض} خرَّجه الترمذي وابن ماجة والحاكم بسندٍ صحيح.
إن بعض الأولياء -هداهم الله- قد خانوا الأمانة التي حملوها في بناتهم وفتياتهم بمنعهن من الزواج من الأكفاء ديناً وخلقاً وأمانة، فقد يتقدم إليهم الخاطب الكفء فيماطلونه ويعتذرون له بأعذارٍ واهية، وينظرون فيه إلى أمور شكلية وجوانب كمالية يسألون عن ماله، وعن وظيفته، وعن وجاهته ومكانته، ويغفلون أمر دينه وخلقه وأمانته، بل لقد وصل ببعض الأولياء الجشع والطمع أن يعرض ابنته الحرة المسلمة الكريمة سلعة للمزايدة، وتجارة للمساومة والعياذ بالله! وما درى هؤلاء المساكين أن هذا عضلٌ وظلمٌ وخيانة، وقد تكون مدرسة أو موظفة فيطمع في مرتبها، فأين الرحمة في هؤلاء الأولياء؟ وكيف لا يفكرون بالعواقب؟
أيسرهم أن يسمعوا الأخبار المفجعة عن بناتهم مما يندى له جبين الفضيلة والحياء؟
يا سبحان الله! كيف يجرؤ مسلم غيور يعلم فطرة المرأة وغريزتها على الحكم عليها بالسجن المؤبد في بيته إلى ما شاء الله؟!
ولو عقل هؤلاء لبحثوا هم لبناتهم عن الأزواج الأكفاء،
فهذا عمر رضي الله عنه يعرض ابنته حفصة على أبي بكر ليتزوجها، ثم على عثمان رضي الله عنهم أجمعين، وهذا سعيد بن المسيب رحمه الله يزوج تلميذه أبا وادعة، وهذا ديدن السلف في عصورهم الزاهية.
إن تضييق فرص الزواج علة خراب الديار، به تقض المضاجع، وبه تكون الديار بلاقع، وبه يقتل العفاف، وتوأد الفضائل، وتسود الرذائل، وتهتك الحرمات، وتنتشر الخبائث والسوءات.
فيا أيها الأولياء: اتقوا الله في من تحت أيديكم من البنات، بادروا بتزويجهن متى ما تقدم الخطاب الأكفاء في دينهم وأخلاقهم، إلاَّ تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفسادٌ كبير، واعلموا أن عضل النساء ورد الأكفاء فيه جناية على النفس وعلى الفتاة، وعلى الخاطب وعلى المجتمع برمته، والمعيار كفاءة الدين، وكرم العنصر، وطيب الأرومة، وزكاء المعدن، وسلامة المحضن، وحسن المنبت، وصدق التوجه.
أوصى بعض الحكماء بنيه عند الزواج فقال: يا بني! لا يحملنكم جمال النساء عن صراحة النسب، وكرم العنصر، فإن المناكح الكريمة مدارج الشرف، وأبلغ من ذلك قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: {فاظفر بذات الدين تربت يداك}.
فيا أيها الأولياء: اتقوا الله عز وجل في مسئولياتكم.
...المزيد

. . . . . .ذو النون رضي الله عنه يلتقي المريدين في اسفاره وعن ذى النون رضى الله عنه قال بينما ...

.
.
.
.
.
.ذو النون رضي الله عنه يلتقي المريدين في اسفاره
وعن ذى النون رضى الله عنه قال بينما انا فى بعض جبال لكان إذا برجل قائم يصلى والسباع حوله ترتبض فلما أقبلت نحوه نفرت عنه السباع فاوجز فى صلاته وقال يا أبا الفيض لو صفوت لطلبتك السباع وحنت إليك الجبال فقلت ما معنى قولك لو صفوت قال تكون لله خالصا حتى يكون لك مريدا قال فقلت فبم الوصول الى ذلك قال لا تصل الى ذلك حتى تخرج حب الخلق من قلبك كما خرج الشرك منه فقلت هذا والله شديد على فقال هذا أيسر الأعمال على العارفين فولاية الخلق مطلقا إذا كانت سبيلا للضلالة فما ظنك بولاية الشياطين سواء كانوا شياطين الانس او شياطين الجن فلا بد من محبة الله تعالى فويل لمن جاوز محبة الله تعالى الى محبة ما سواه وقد ذمه الله بقوله من دون الله نسأل الله تعالى ان لا يزيغ قلوبنا بعد ما هدانا الى محبته وأرشدنا الى طريق طاعته وعبادته
.
وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها -كما صح عند البخاري وغيره- تستمع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يقول: (يبعث الله عز وجل الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلاً، فقالت أم المؤمنين: يا رسول الله! الرجال والنساء جميعاً ينظر بعضهم إلى بعض؟ -فطرة الحياء والإيمان أنطقتها- فقال صلى الله عليه وسلم: إن الأمر أشد من أن يهمهم ذلك) إنه أمر لا يبقى فيه للعقل انصراف إلى شهوة، ولا تفكير في لذة، إنه هول صوره حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم عندما قال: (ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه كفاحاً ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أمامه فإذا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة).
وهاهو صلى الله عليه وسلم يقول: (لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً، ولخرجتم إلى الصعدات تجئرون إلى الله تعالى).
ألسنا نقرأ هذه الآيات؟! ألسنا نعرف المعاني والدلالات؟! فأين التذكر والاتعاظ والاعتبار؟! أين الإيمان الذي ضعف في القلوب؟ أين اليقين الذي تزعزع وتضعضع في النفوس؟ أين استحضار ذلك كما كان حاله صلى الله عليه وسلم عندما قال: (كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم قرنه، وأحنى جبهته ينتظر الأمر بالنفخ في الصور) الأمر أعجل من أن تبنى الدور وأن تؤثث القصور، وأن يتزاحم على الدنيا أهل الدثور.
وقديماً قال بعض الحكماء: لو تأمل الإنسان في حاله لبنى داره على شفير قبره.
تلك صورة من الهول الدنيوي الأرضي العابر تذكر المؤمنين بالهول الأخروي الذي ينبغي أن يهيئوا أنفسهم له، وأن يستحضروا دائماً هوله ليزجرهم عن المعاصي والسيئات، وليدفعهم إلى الطاعات والقربات، وليجعلهم دائماً في خوف من سخط جبار الأرض والسماوات، فإذا كان حدث واحد زلزل العالم كله، وقضى على الآلاف المؤلفة من الأرواح، وشرد الملايين من البشر، فأي هول يمكن أن يقارن بعد ذلك بالهول الذي جاءت به الآيات، وذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! إنه لحري بنا أن نجعل هذه الحقائق في قلوبنا، وأن نتلو الآيات، وهي بالمناسبة من السور التي يكثر تلاوتها في الصلوات: {إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ} [الانفطار:1]، {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} [التكوير:1] فإننا قد نسمعها في كل يوم، أو على أقل تقدير في الأسبوع مرة أو أكثر، فأين القلوب المتعظة؟ وأين العقول المتدبرة؟ وأين الأحوال المتغيرة؟ وأين الاستقامة والإنابة التي ينبغي أن نلتفت إليها وننتبه إلى حقائقها؟!

...المزيد

,,,,, , , ,, ,, , ايامرون الناس بالبر وينسون انفسهم.. ابن عمر رضي الله عنهما: (كن في ...

,,,,,

,
,
,,

,,
,
ايامرون الناس بالبر وينسون انفسهم..
ابن عمر رضي الله عنهما: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)،
وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وخذ من صحتك لسقمك ومن حياتك لموتك، في بعض الروايات: فإنك يا عبد الله! لا تدري ما اسمك غداً.
فقوله صلى الله عليه وسلم: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)، الغريب -كما قال الحسن - لا ينافس في عزها، ولا يجزع من ذلها، له شأن وللناس شأن، فالمؤمن غريب في الدنيا؛ لأن المؤمنين من الجنة وإلى الجنة:
كم منزل للمرء يألفه الفتى ....وحنينه أبداً لأول منزل
يقول ابن القيم رحمه الله:
فحيَّ على جنات عدن فإنها .....منازلنا الأولى وفيها المخيم
ولكننا سبي العدو فهل...... ترى نعود إلى أوطاننا ونسلم
فأهل الإيمان غرباء في الدنيا؛ لأنهم من أهل الجنة وليسوا من أهل الدنيا الذين صارت الدنيا أكبر همهم ومبلغ علمهم.
قال الحسن بن آدم: إنك على مطيتين راحلتين تحملانك: يحملك الليل إلى النهار، والنهار إلى الليل حتى يسلمانك إلى الآخرة، فالعبد إما أن يكون غريباً في الدنيا أو يحس أنه عابر سبيل، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما لي وللدنيا؟ إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل رجل قال في ظل شجرة، ثم راح وتركها).
قال الفضيل بن عياض لرجل: كم أتت عليك؟ قال: ستون سنة، قال: أنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك يوشك أن تبلغ، قال الرجل: إنا لله وإنا إليه راجعون، قال: أتعلم تفسيرها؟ يعني: أنت لله عبد وإليه راجع، وما دمت راجعاً فأنت موقوف، وما دمت موقوفاً فأنت مسئول، وما دمت مسئولاً فأعد للسؤال جواباً، قال: ما الحيلة؟ قال: يسيرة؛ تحسن فيما بقي يغفر لك ما مضى، وإن أسأت فيما بقي أخذت بما مضى وما بقي.
أقام معروف الصلاة ثم قال لرجل: صل بنا، قال: أنا إن صليت بكم هذه الصلاة لا أصلي بكم غيرها، قال: وأنت تحدث نفسك أن تصلي صلاة غيرها؟ نعوذ بالله من طول الأمل؛ فإنه يمنع من خير العمل.
اجتمع ثلاثة من العلماء فقال اثنان للثالث: ما أملك؟ قال: ما أتى علي شهر إلا وظننت أني سأموت فيه، فقالا: هذا هو الأمل، ثم قال لأحدهما: ما أملك؟ قال: ما أتى علي أسبوع أو جمعة إلا وظننت أني سأموت فيها، قال: فقال الآخران: هذا هو الأمل، فقالوا للثالث: ما أملك؟ قال: وما أمل من نفسه بيد غيره؟ فإن الموت كما قيل: كرب بيد سواك لا تدري متى يغشاك.
قال بعض الحكماء: كيف يأمن من يومه يهدم شهره، وشهره يهدم سنته وسنته تهدم عمره؟ وفي الحديث: (خط النبي صلى الله عليه وسلم خطاً وخط إلى جواره خطاً آخر، ثم خط خطاً آخر أبعد منه، ثم قال للخط الأول: هذا هو الإنسان، وللذي يليه: وهذا هو أجله، وأشار إلى الخط الأبعد فقال: وهذا هو أمله، فبينما هو كذلك إذ جاءه الأقرب).
...المزيد

. . . . . . . . . . . . . . .كوبي كولي .. وكاتب الكلام ..الم بموضوع الهوى اولى له ...

.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.كوبي كولي .. وكاتب الكلام ..الم بموضوع الهوى اولى له فاولى..واستحضر اراء الحكماء من قاص ودان ..روضة مزهرة في فصل خضرة
.
-قال ابن القيم رحمه الله: ولما امتحن المكلف بالهوى من بين سائر البهائم، وكان كل وقتٍ تحدث عليه حوادث جعل فيه حاكمان: حاكم العقل، وحاكم الدين، وأمره أن يرفع حوادث الهوى دائماً إلى هذين الحاكمين، وأن ينقاد لحكمهما.
والمقصود العقل المتبع الموافق للشرع وليس العقل المخالف للشرع، فالمخالف للشرع ليس بعقل في الحقيقة، وإنما سمي العقل عقلاً؛ لأنه يعقل صاحبه عما يضره.
وقال الماوردي رحمه الله في كلام نفيس له: فلما كان الهوى غالباً، وإلى سبيل المهالك مورداً؛ جُعل العقل عليه رقيباً مجاذباً، يلاحظ عثرة غفلته، ويدفع ذاكرة خطوته، وخداع حيلته؛ لأن سلطان الهوى قوي، ومدخل مكره خفي، ومن هذين الوجهين يؤتى العاقل حتى تنفذ أحكام الهوى عليه؛ قوة السلطان وخفاؤه .
قال محمد بن البشير:كلٌ يرى أن الشباب له في كل مبلغ لذةٍ عذرا
كلما أراد أن يتبع لذة محرمة هونت عليه القضية أنه شاب، يقول: مازال شاباً صغيراً اصبر عليه، الآن يلعب ويلهو في الحرام لأنه شاب.
قال تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات:40 - 41].
وقال الحسن البصري: أفضل الجهاد جهاد الهوى.
وقال بعض الحكماء: أعز العز الامتناع من ملك الهوى.
وقال بعض البلغاء: خير الناس من عصى هواه بطاعة ربه.
وقال بعض الأدباء: من أمات شهوته أحيا مروءته.
وطبعاً ليس المقصود بإماتة الشهوة المباحة والمستحبة، كلا، هي توجيه وعملية تنظيم وضبط الغريزة.
وقال بعض العلماء كلاماً بليغاً: ركب الله الملائكة من عقل بلا شهوة، وركب البهائم من شهوة بلا عقل، وركب ابن آدم من كليهما فمن غلب عقله على شهوته فهو خير من الملائكة، ومن غلبت شهوته على عقله، فهو شر من البهائم.
وقيل لبعض الحكماء: من أشجع الناس وأحراهم في الظفر في مجاهدته؟ قال: من جاهد الهوى طاعة لربه، واحترس في مجاهدته من ورود خواطر الهوى على قلبه.
قد يدرك الحازم من رأى المنى... بطاعة الحزم وعصيان الهوى
قال الماوردي: وأما الوجه الثاني: فهو أن يخفي الهوى مكره حتى تتموه أفعاله على العقل، يعني: ليس كل حرام يأتي إلى الإنسان واضحاً وصريحاً، الهوى يستعمل أسلوب اللف والدوران والإخفاء والتدبير والتمويه والتغريب في قالبٍ يحبه الناس.
والهوى يموه فيتصور القبيح حسناً، والضار نفعاً، وهذا يدعو إليه أحد شيئين: إما أن يكون للنفس ميلٌ إلى ذلك الشيء، فيخفى عنها القبيح لحسن ظنها، وتتصوره حسناً لشدة ميلها، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (حبك الشيء يعمي ويصم) أي: يعمي عن الرشد ويصم عن الموعظة، وضبطها شيخٌ لي في النحو قرأت عليه: يعمي ويصمي.
وقال علي رضي الله عنه: الهوى عمى.
وأما السبب الثاني: فهو اشتغال الفكر في تمييز ما اشتهى، فيطلب الراحة في اتباع ما تسهل حتى يظن أن ذلك أوثق الأمرين، وأحمد الحالين، اغتراراً بأن الأسهل محمود والأعسر مذموم، فلا يعدم أن يتورط بخدع الهوى، وريبة المكر، في كل حسن ومكروه.
ولذلك قال عامر بن الطلق: الهوى يقظان والعقل غلب فهذا سبب نجاح عملية التمويل، فالهوى يقظان والعقل راقد والنفس تطلب الأسهل.
وقال سليمان بن وهب الهوى أمنع، والرأي أنفع.
وقيل في المثل: العقل الوزير الناصح، والهوى وكيل فاضح.
كيف نتغلب على السبب الأول وعلى السبب الثاني؟ التغلب أن يجعل فكر قلبه حكماً على نظر عينه، فإن العين رائد الشهوة، والشهوة من دواعي الهوى، والقلب رائد الحق، والحق من دواعي العقل.
وقال بعض الحكماء: نظر الجاهل بعينه، ونظر العاقل بقلبه
وقال علي رضي الله عنه: [من تفكر أبصر، والمحبوب أسهل شيء تسرع النفس إليه، وتعجل بالإقدام عليه، فيكون استدراك ولا ينفع التفكير بعد العمل، ولا الاستبانة بعد الفوز -إذاً: خرجنا الآن بأمرين فانظر ما تميل إليه نفسك فخالفه- وإذا تعرضت لأمرين فانظر أثقلهما عليك فرجح أن يكون فيه الصواب وأخفهما على نفسك فشك ورجح أن هذا فيه الخطأ والباطل].
إذا نظرنا إلى قول الله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الجاثية:23] أي: اتخذ دينه هواه، لا يهوى شيئاً إلا ركبه، فهؤلاء الكفار لا يؤمنون بالله، ولا يحرمون ما حرمه، ولا يحللون ما أحله، إنما دينهم اتباع الهوى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الجاثية:23] ذلك الكافر اتخذ دينه بغير هدى من الله ولا برهان: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الجاثية:23] لا يهوى شيئاً إلا ركبه، ولا يخاف الله، هذه بعض عبارات المفسرين في تفسير هذه الآية، حتى كان الواحد من العرب الكفار يعبد حجراً، فإذا رأى حجراً أحسن منه طرح الأول وعبد الثاني، لماذا؟: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الجاثية:23] أفرأيت -يا محمد- من اتخذ معبوده هواه فيعبد ما هوي من شيء دون إله الحق الذي له ملكية كل شيء {وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} [الجاثية:23] فليس في علمه طريق حقٍ يسير فيه.
وحق الهوى أن الهوى سبب الهوى ولولا الهوى في القلب ما وجد الهوى
ألا ترى علم الله بالأشياء ما أكمله، ألا ترى أنه جعل الضلالة والحيرة فيمن أضله عن علم: {وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} [الجاثية:23] وهذا أشد شيء، ألا ترى أن العاشق من شدة إعجابه يكاد يعبد المعشوق.
--الذل والصغار والحرمان
والثاني والعشرون: أن لكل عقل بداية ونهاية، فمن كانت بدايته اتباع الهوى كانت نهايته الذل والصغار، والحرمان والبلاء بحسب ما اتبع من هواه، بل يصير له ذلك في نهايته عذاباً يعذب به في قلبه، كما قال الشاعر:
مآرب كانت في الشباب لأهلها... عِذاباً وصارت في المشيب عَذاباً
مآراب كانت في الشباب لأهلها عذاباً: جمع عذب وهو ماء طيبٌ وما يستساغ من الشراب.مآراب: أغراض نفسية وشهوات.
فلو تأملت كل صاحب حال سيئة لرأيت بدايته الذهاب مع هواه، وإيثار الهوى على العقل، ومن كانت بدايته مخالفة هواه كانت نهايته العز والشرف والغنى والجاه عند الله وعند الناس.
قال أبو علي الدقاق: من ملك شهوته في حال شبيبته أعزه الله في حال كهولته، ومن ملكته شهوته في حال الشباب أذله الله في حال الكهولة.
وابن جرير الطبري رحمه الله كان من أصحاب السمت الحسن، والعبادة والطاعة والدين، وكان يغلب ويقهر هواه، ولذلك بلغ عمره الثمانين بل أكثر من الثمانين، فكان مرة في مجلس علم مع طلابه والناس، وفجأة قام قومة شديدة كأنشط ما يكون، فاستغربوا أن ابن الثمانين يقوم هذه القومة، وكأن بعضهم قال: هذا الشيخ لا تليق به هذه القومة، قال: تلك جوارحنا حفظناها في الصغر فحفظها الله لنا في الكبر.
وقيل للمهلب بم نلت ما نلت؟ يعني وصلت إلى هذه الدرجة والمستوى، قال: بطاعة الحزم وعصيان الهوى.
هذا في الدنيا لكن في الآخرة جعل الله الجنة نهاية عظيمة لمن خالف هواه، والنار نهاية شنيعة لمن اتبع هواه.قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات:37 - 41].
وهذه أقوال لبعض السلف في ذم الهوى لكي تعلم كيف كان موقفهم منه.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: [اقدعوا هذه النفوس عن شهواتها] والقدع: هو الكف والمنع: [اقدعوا هذه النفوس عن شهواتها] أي: كفوها وامنعوها من الشهوات.[فإنها طلاعة تنزع إلى شر غاية، وإن هذا الحق ثقيل مريء، وإن الباطل خفيفٌ وبيء، وترك الخطيئة خيرٌ من معالجة التوبة، ورب نظرة زرعت شهوة، وشهوة ساعة أورثت حزناً طويلا].
وقال عبد الله بن مسعود: [إذا رأيت الناس قد أماتوا الصلاة، وأضاعوا الأمانة، واستحلوا الكذب، وأكثروا الحلف، وأكلوا الربا، وأخذوا الرشا، وشيدوا الزنا، واتبعوا الهوى، وباعوا الدين بالدنيا، فالنجاة ثم النجاة ثكلتك أمك!] انج بنفسك، لا يعاش بينهم.
قال أبو الدرداء: [إذا أصبح الرجل اجتمع هواه وعمله، فإن كان عمله تبعاً لهواه فيومه يوم سوء، وإن كان هواه تبعاً لعمله، فيومه يومٌ صالح] قال الزبير بن عبد المطلب:
وأجتنب الكبائر حيث كانت......... وأترك ما هويت لما خشيتُ
أي: فأنا مستعد أن أترك ما يدعوني إليه الهوى لأجل خشيتي لله عز وجل.
وعن علي رضي الله عنه قال: [إنما أخشى عليكم اثنتين: طول الأمل واتباع الهوى، فإن طول الأمل ينسي الآخرة، وإن الدنيا قد ترحلت مدبرة، وإن الآخرة مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة؛ فإن اليوم عمل ولا حساب، وغداً حسابٌ ولا عمل].
وقال رضي الله عنه: [إياكم وتحكيم الشهوات على العقول؛ فإن عاجلها ذميم، وآجلها وخيم، فإن لم ترها -يعني النفس- تنقاد بالتحذير والإرهاب فسوفها بالتأنيب والإرغاب فإن الرغبة والرهبة إذا اجتمعا على النفس ذلت لهما وانقادت].
وعن ابن عباس قال: [ليأتين على الناس زمانٌ يكون همة أحدهم فيه بطنه، ودينه هواه] مثل أهل البدع، دينهم أهواء، يهوى شيئاً فيتبعه ويجعله ديناً.
وعن أبي الدرداء كان يقول: [من كان الأجوفان همه خسر ميزانه يوم القيامة].
وقال رجل: العقل والهوى يصطرعان فأيهما غلب مال بصاحبه.
وقال ابن جريب:وآفة العقل الهوى فمن علا على هواه عقله فقد نجا والفعل علا، والفاعل عقله.
وقال عمر بن عبد العزيز: أفضل الجهاد جهاد الهوى.
وقال سفيان الثوري: أشجع الناس أشدهم من الهوى امتناعاً، ومن المحقرات التي يحقرها الناس تنتج الموبقات.
ويقولون: إن هشام بن عبد الملك لم يقل بيت شعر قط إلا هذا البيت:
إذا أنت لم تعصِ الهوى قادك ........الهوى إلى بعض ما فيه عليك مقالُ
قال ابن عبد البر: لو قال: إلى كل ما فيه عليك مقال، كان أبلغ وأحسن،
قال ابن مفلح: وما قاله ابن عبد البر متوجه.
وقال بعض الحكماء: إنما يحتاج اللبيب ذو الرأي والتجربة إلى المشاورة ليتجرد له رأيه من هواه، يعني: لو قيل هذا حكيم كبير في السن، فلماذا يشاور؟! يقال: حتى يتجرد رأيه عن هواه.
وقال بعضهم: اعص النساء وهواك واصنع ما شئت.
قال ابن عبد البر: لو قال اعص الهوى لاكتفى، لا يوجد داعي لذكر النساء، قال: اعص الهوى، ثم إن الهوى قد يأتي من رجل وقد يأتي من امرأة، قال ابن مفلح: وصدق ابن عبد البر وكان أوجز.
لأن الهوى هو كل شيء، إذا عصيت الهوى خلصت، وقد امتدح بعضهم جماعة من الحكماء لتركهم الهوى.
وللشافعي:
إذا حار وهمك في معنيين وأعياك حيث الهوى والصواب
لم تستطع أن ترجح أيهما، ولم تعرف أيهما الهوى وأيهما الصواب
فدع ما هويت فإن الهوى يقود النفوس إلى ما يُعاب
كان يقال: إذا غلب عليك عقلك فهو لك، وإن غلب هواك فهو لعدوك.
قال عمر لـ معاوية: من أغضب الناس؟ قال: من كان رأيه رداً لهواه.
قال أعرابي: أشد جولة الرأي عند الهوى، وأشد فطام النفس عند الضبط.
وقال قائل: إن المرآة لا تريك خدوش وجهك في صداها -إذا صار فيها صدى- وكذلك نفسك لا تريك عيوبك في هواها.
قال الشعبي: [إنما سمي الهوى؛ لأنه يهوي بصاحبه]، وقال الأوزاعي: [قال إبليس لأوليائه: من أي شيء تأتون بني آدم؟ فقالوا: من كل شيء، قال: فهل تأتونهم من قبل الاستغفار؟ قالوا: هيهات ذاك شيء قُرن بالتوحيد، قال: لأبثن فيهم شيئاً لا يستغفرون الله منه، قالوا: فبث فيهم الأهواء].
هل الأهواء هم أهل البدع، وأصحاب الطرق البدعية.
سواءً كانت بدعهم في القضاء والقدر كـ الجبرية والقدرية، أو كانت بدعهم في الأسماء والصفات كـ المعتزلة والأشاعرة والجهمية قبلهم، أو كانت بدعتهم في الإيمان كـ الخوارج والمعتزلة والمرجئة، وأصحاب هؤلاء الفرق هل كل واحد منهم كل يوم يتوب إلى الله من بدعته؟ هل يستغفر الله من بدعته؟ لا، لماذا؟ لأنه يرى نفسه على حق: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} [الكهف:103 - 104] ولذلك تعهد إبليس أن ينشر في البشر اتباع الأهواء حتى يرى الواحد منهم نفسه على الحق، فلماذا يستغفر؟ فيستمر؛ لكن لو أن إبليس اكتفى بإيقاع الناس في الزنا والخمر والربا فقط فإن الناس سيعرفون أنها حرام، وقد يوفق أناس للتوبة، لكن إذا أوقعهم في البدع والأهواء فكل واحد يرى نفسه على صواب فلا يستغفر، إذا نصحته يقول: استغفر لنفسك أنت! وعن جعفر بن الجمرخان قال: بلغني عن أبي منبه أنه قال: إن من أعوان الخلائق على الدين الزهاد في الدنيا، وأوشكها رداً اتباع الهوى، ومن اتباع الهوى الرغبة في الدنيا، ومن الرغبة في الدنيا حب المال والشرف وإن من حب المال والشرف، استحلال الحرام وغضب الله.
وقال أبو سهل: سمعت عبد الله بن أحمد يقول: سئل أبي ما الفتوة؟ فقال: ترك ما تهوى لما تخشى لأجل خشية الله، والآخرة تترك الهوى.
وقال أبو حازم: قاتل هواك أشد مما تقاتل عدوك.
وقال ابن المبارك:
ومن البلاء وللبلاء علامة ألا ترى لك عن هواك نزوعُ
العبد عبد النفس في شهواتها والحر يشبع مرة ويجوعُ
...المزيد

. . . . . . . .ان هاهنا علما وأشار الى صدره..لو وجدت له اوعية..اما مبتدع او مستعمل الة الدين ...

.
.
.
.
.
.
.
.ان هاهنا علما وأشار الى صدره..لو وجدت له اوعية..اما مبتدع او مستعمل الة الدين للدنيا..قاله احد الخلفاء الراشدين
رابط المادة: http://iswy.co/e4djn

.بعض الحكماء: "نصف رأيك مع أخيك، فشاوره يكمل لك الرأي".
.
ومن حق العاقل أن يضيف إلى رأيه آراء العقلاء، ويجمع إلى عقله عقول الحكماء، فرأي الفرد الواحد ربما زلّ، والعقل الفرد ربما ضلّ، ولكن عندما تجتمع العقول تصل إلى المأمول
.
"استرشدوا العاقل ترشدوا، ولا تعصوه فتندموا"،
.
وقال عبد الله بن الحسن لابنه محمد: احذر مشاورة الجاهل وإن كان ناصحاً، كما تحذر عداوة العاقل إذا كان عدواً، فإنه يوشك أن يورطك بمشاورته.
.
.
...المزيد

. . . . . . . . .-وفي حديث معقِل بن يسار - رضي الله عنه - في "صحيح مسلم" عن النبي - صلى ...

.
.
.
.
.
.
.
.
.-وفي حديث معقِل بن يسار - رضي الله عنه - في "صحيح مسلم" عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «العبادة في الهَرْج كهجرةٍ إليَّ».
قال أهل العلم: "أي: العبادة في وقت اختلاف الناس واشتغالهم"، قالوا: "وعظُم الفضل لأن الناس يغفلونَ عنها ويشتغِلون بها، ولا يتفرَّغ إلا من رحِم الله وعصَم".
وتأمَّل ما تفعلهُ وسائلُ الإعلام في صرفِ الناس وانشغالهم بمُتابعتها ليلاً ونهارًا، يشغلُ بها المُبتَلى نفسَه وفِكرَه وأصحابه في تحليلات وتعليلات وتخييلات وهو ليس فيها من قبيلٍ ولا دبيرٍ؛ هل هذا خير أم انصراف المرء إلى الإحسان في عمله ومسؤولياته المُؤتَمن عليها والمسؤولٍ عنها والمُحاسَب عليها.
شغلَ نفسَه بقراءة الصحف وسماع المِذياع ومُشاهَدة القنوات ومُتابعة المواقع، ومن انشغلَ بما لا يعنيه انصرف عما يعنيه. ولعلَّ المُتأمِّل يُدركُ لماذا شبَّه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - العبادَة بالهجرة؟

قال أهل العلم: "لأن الهجرة فرارٌ بالدين من المكان المَخوف المُضطرب إلى المكان الآمِن الذي يُقيم فيه المسلمُ دينَه".
والعبادةُ في أزمان الفتن فرارٌ من هذه الموجات، فرارٌ إيجابي وليس انهزامًا وسلبية؛ بل هو البناءُ والعمل، اشتغالٌ بالعمل الصالح والعبادة والإصلاح ونُصرة الدين وجمع الكلمة والتحذير من الفُرقة، في أبوابٍ من عمل الخير وأنواعٍ من العبادات الواسعة مفتوحة؛ من صلواتٍ، وصدقاتٍ، وصيامٍ، وحجٍّ، وعمرةٍ، وزيارةٍ، وإحسانٍ في المعاملات، وصدقٍ في العلاقات، وصفاءٍ في القلوب، وحبٍّ في الخير، والنُّصح، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من كل ما يُحبُّه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، من أعمالٍ مالية وبدنية وقولية وقلبية، وما فتحَ الله من أنواع الأعمال والطاعات، ولكل عملٍ بابٌ من أبواب الجنة.
فشمَّر الصالحون المُوفَّقون عن ساعد الجدِّ، وتلمَّسوا أبوابَ الخير والنجاة والثبات، واتقَوا الفتن، واجتنَبوا أبوابَ الشر، «وإذا قامَت القيامة وفي يد أحدكم فَسيلة فليغرِسها».
.
يقول عبد الله: "إنها ستكون هنَّاتٌ وأمورٌ مُشتبِهات؛ فعليك بالتُّؤدة، فلأَن تكون تابعًا في الخير خيرٌ من أن تكون رأسًا في الشر".
فالعاقل الزاكي من يُدرِك الأمور بعقله وبصيرته، والجاهلُ يندفِعُ بعاطفته وغفلته، العاقل المُتثبِّت يلزمُ الهدوء والسكينة والاعتدال، ويجتنبُ العجلَة والخفَّة، لا يقنَط عند المُصيبة، ولا يضطرِبُ عند النازِلة، ولا يتعدَّ حدود الشر ولا سيما ذوو الرأي والريادة ومن هم في مقام الرئاسات والتوجيه وذوي الشأن.
ولقد قال الحبيبُ المُصطفى - صلى الله عليه وآله وسلم - لأصحابه - وقد سمِعوا اضطرابًا في المدينة -: «لن تُراعوا».
وتأمَّلوا ثبات أبي بكر - رضي الله عنه - عند موت النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهل هناك مُصابٌ جلَلٌ أعظمُ منه؟! لقد جمع الله لأبي بكر - رضي الله عنه - الصبرَ والثباتَ واليقينَ، يقول أنس - رضي الله عنه -: "خطَبَنا رسول الله أبو بكر - رضي الله عنه - وكنا كالثعالب، فما زال يُشجِّعُنا حتى صِرنا كالأسود"، ثم كان من أبي بكر ما كان؛ من بعثِ جيش أسامة، وحروب الرِّدَّة ومانِعي الزكاة، فثبَّتَ الله به الدين والأصحابَ، وقوَّى العزائم، وحفِظَ الإسلام.
ومن التثبُّت: التروِّي وعدم التعجُّل في إعطاء الرأي أو إبداء الحكم أو التفسير؛ بل قد لا يلزمُ إبداء الرأي ولا التكلُّم في كل نازلة، فما كل رأيٍ يُجهَر به، ولا كل ما يُعلَم يُقال، ولا كل ما يصلُح للقول يُقال عند كل أحد.
وقد قال بعض الحكماء: "إن لابتداء الكلام فتنةً تروق، وجِدَّةً تُعجِب، ومن سكت لا يكاد يندَم، ومن تكلَّم لا يكاد يسلَم، والعجِل يقول قبل أن يعلَم، ويُجيبُ قبل أن يفهَم، ويعزِم قبل أن يُفكِّر، ويمضِي قبل أن يعزِم، وخَميرُ الرأي خيرٌ من فَطيره، والخطأُ زادُ العَجول، ورُبَّ رجلٍ واسعِ العلمِ بحرٍ لا يُزاحَم، لكنه قصير النظر، يُؤتَى من جُرأته وتسرُّعه وقلَّة أناتِه وتدبُّره".
..وفي مثل ذلك جاء الحديث الصحيح في "سنن أبي داود" عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن بين أيديكم فتنًا كقطع الليل المُظلِم، يُصبِح الرجلُ فيها مؤمنًا ويُمسِي كافرًا، ويُمسِي مؤمنًا ويُصبِح كافرًا، القاعدُ فيها خيرٌ من القائم، والقائمُ فيها خيرٌ من الماشي، والماشي فيها خيرٌ من الساعي». قالوا: فما تأمرنا؟ قال: «كونوا أحلاسَ بيوتكم».
وفي خبرٍ آخر في "سنن الترمذي": «أمسِك عليك لسانَك، وليسَعْك بيتُك، وابكِ على خطيئتك».
وعند أبي داود أيضًا: «إن السعيدَ لمن جُنِّب الفتن، إن السعيدَ لمن جُنِّب الفتن، إن السعيدَ لمن جُنِّب الفتن، ولمن ابتُلِي فصبَر».
ومن أظهر مظاهر الاعتزال: كفُّ اللسان؛ فقد أخرج ابن ماجه في "سننه" عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تكون فتنة تستنظِفُ العرب - أي: تقتلهم -، قتلاها في النار، اللسانُ فيها أشدُّ من وَقع السيف».
وكم للإعلام في ذلك بوسائله من ضحايا وهَلْكى وقتلَى؟!
وفي هذه الأجواء والظروف جاء توجيه الشرع الحكيم بأن يأخذ الإنسان ما يعرف ويترك ما يُنكِر؛ ففي "صحيح البخاري" - رحمه الله - عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: شبَّك النبي - صلى الله عليه وسلم - أصابعَه وقال: «يا عبد الله بن عمرو! كيف بك إذا بقيتَ في حُثالةَ الناس؟!». قلتُ: يا رسول الله! كيف ذلك؟ قال: «إذا مرَجَت عهودهم وأماناتُهم، وكانوا هكذا» - وشبَّك يونس أصابعَه -. قلتُ: ما أصنع عند ذلك يا رسول الله؟ قال: «اتق الله - عز وجل -، وخذ ما تعرف ودع ما تُنكِر، وعليك بخاصَّتك، وإياك وعوامَّهم».
.
.
...المزيد

. . . . . . . . . . .ياله من فضل واجر وانس وروح (لعالم ومتعلم) -قال الله تعالى: {قُلْ ...

.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.ياله من فضل واجر وانس وروح (لعالم ومتعلم)

-قال الله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الزمر:9]،
وقال تبارك اسمه: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر:28]،
وقال عز وجل: {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت:43].

وقال صلى الله عليه وسلم: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من سلك طريقاً يلتمس به علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة, وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وحفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، وذكرهم الله فيمن عنده).

فكفاك فخراً أن يذكرك الله جل وعلا فيمن عنده، وذكر الله لك: بأن يثني عليك في الملأ الأعلى أمام جبريل وميكائيل وإسرافيل، وتذكر باسمك، فيا للفخر! ولذلك أبي بن كعب ما فرح بعد فرحه بالإسلام مثل فرحه عندما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أبي إن الله أمرني أن أقرأ عليك سورة البينة)، فقال أبي: (يا رسول الله! أسماني ربي؟ قال: نعم، فبكى من الفرح) يعني: قال له: اقرأ على أبي.

وروي عن عيسى على نبينا وعليه السلام أنه قال: من عَلِم وعمل وعَلَّم فذلك يدعى في ملكوت السماوات عظيماً.

وعن ابن عباس رضي الله عنه وأرضاه أنه قال: خير سليمان بن داود -عليهما وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى السلام- بين العلم والملك فاختار العلم فأعطي الملك والمال مع العلم،

قال الإمام الشافعي: هذا العلم شريف، من طلب به الآخرة أخذها, ومن طلب به الدنيا أخذها, ومن طلب به العلا ارتفع به.

وسئل الإمام أحمد: يا أحمد! لم تفعل بنفسك هكذا؟ -وأحمد كان سيد الزهاد، قال فيه الشافعي: ما خلفت بالعراق أعلم ولا أزهد ولا أورع من أحمد
- قال الإمام أحمد: والله لو أردت الدنيا بأسرها بهذا العلم لأخذتها، ولكني أريد به الله جل في علاه.

وقال عمر بن عبد العزيز: من عمل بغير علم كان ما يهدم أكثر مما يبني, ومن لم يعد كلماته من عمله كثرت خطاياه.
وعن أبي بكر بن عبد الرحمن قال: من غدا أو راح إلى مسجد لا يريد إلا العلم ثم رجع إلى بيته كان كالمجاهد في سبيل الله يرجع غانماً.

وعن عمر رضي الله عنه وأرضاه أنه قال: إن الرجل ليخرج من بيته وعليه من الذنوب مثل جبل تهامة، فإذا سمع العلم خاف واسترجع من ذنوبه, فانصرف إلى منزله وليس عليه ذنب.
وقال علقمة بن قيس: لأن أغدو على قوم أسألهم عن الله ويسألوني عن الله أحب إلي من أحمل على فرس في سبيل الله عز وجل.

قال ابن القيم: العلماء يفضلون المجاهدين بمرحلتين, فكفى العلماء فخراً هذه الآية العظيمة: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ} [آل عمران:18].

وقال سعيد بن جبير: كنت أكون مع ابن عباس فأسمع منه الحديث, فأكتبه في واسطة الرحل، فإذا نزلت نسخته.

وروي عن يزيد الرقاشي أن لقمان قال لابنه: يا بني! جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك، فإن الله يحيي القلوب الميتة بنور الحكمة كما يحيي الأرض الميتة بوابل السماء.

وقال بعض الحكماء: لا أرحم أحداً أكثر من رحمتي لرجلين: رجل يطلب العلم ولا يفهم، ورجل يفهم ولا يطلب العلم! وعدم فهم العلم من سوء النية وسوء الطوية، والخلل كل الخلل من نفسه، فليراجع نفسه, فلا بد أن في القلب شيء , أو أن قلبه متعلق بغير الله, والفهم هو من الله ليس منه وليس من ذكاء المرء ولا العقل، قال الله: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنِ اللَّهِ} [النحل:53]، فإذا حجب الله عنه الفهم فهناك خلل إما في الديانة وإما في النية.

وروي أن لقمان قال لابنه: يا بني! اغد عالماً أو متعلماً أو مستمعاً أو محباً ولا تكن الخامس فتهلك.

وسئل مالك فقيل له: يا أبا عبد الله! أي شيء أفضل ما يصنعه العبد؟ قال: طلب العلم والفقه, أما سمعت قوله تعالى: {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ} [التوبة:122].

وقال رجل لـ أبي هريرة: أريد أن أتعلم العلم وأخاف أن يضيع, قال: كفى بتركك له تضييعاً.

وعن سفيان بن عيينة قال: طلبنا العلم لغير الله فأبى إلا أن يكون لله.

وروي عن عطاء قال: قال موسى: يا رب! أي عبادك أخشى لك؟ قال: أعلمهم.
وقيل للقمان: أي الناس خير؟ قال: مؤمن غني.قيل له: غني من المال؟ قال: لا، ولكن غني من العلم، إن احتيج إليه وجد عنده علم، وإن استغني عنه كف نفسه.
بمعنى: أنه تعلم ما ينفعه عند ربه، ويرفع به جهله، ويكف نفسه عن الحرام, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لـ أبي ذر: (إن لم تجد فكف شرك عن الناس فإنها صدقة) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كونوا أحلاس بيوتكم)، وقال: (ابك على خطيئتك، وليسعك بيتك)، فإن العالم ينظر إلى عيوب نفسه ولا ينظر إلى عيوب الناس.
وقال بعض الحكماء: ليت شعري! أي شيء أدرك من فاته العلم، وأي شيء فاته من أدرك العلم؟! فمن فاته العلم فاتته الدنيا بأسرها، إذ العلم هو الذي يسير الدنيا.

وقال الحسن: مداد العلماء يوزن يوم القيامة بدم الشهداء, وهذا الكلام لا أدري ما شرحه، ففيه دلالة: على أن العالم يوزن عند الله جل وعلا بأمة بأسرها.

وكان يقال: العلماء سرج الأزمنة, وكل عالم مصباح زمانه يستضيء به أهل عصره.

وقال بعض الحكماء: العالم سفير بين الله وخلقه, فلينظر كيف يكون, فالعالم رسول لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما ثبت عن ابن عيينة بسند صحيح قال: خير الناس الواسطة بين رب الناس وبين الناس.
وقال سالم بن أبي الجعد: اشتراني مولاي بثلاثمائة درهم فأعتقني، فقلت: بأي حرفة أحترف؟ يريد عملاً يعمله حتى يكفي نفسه، قال: فاخترت العلم، فما تمت لي سنة حتى أتاني أمير المؤمنين زائراً فلم آذن له! فلو كان تاجراً هل سينظر إليه أمير المؤمنين؟ أمير المؤمنين أكثر منه مالاً, وهذا العبد الذي لا يساوي الأحرار، وعندما أعتق وطلب العلم فبعد عام واحد أمير المؤمنين يستأذن عليه حتى يسأله أن يدعو له, فلما وصل إليه لم يأذن له العبد؛ لأنه خشي على نفسه من السلاطين,
كما يحكى عن الأعمش: أن أمير المؤمنين بعث إليه بكتاب فيه مال، وأراد أن يقرأ عليه بعض الأحاديث, فأخذ الورقة بعدما قرأها فأطعمها عنزة.
فـ الأعمش كان قوياً في الدين قوياً في نصرة السنة, وكان حرباً على القصاصين, والقصاصون ليسوا من أهل العلم، فالقصاص يسرد أحاديث موضوعة حتى يشوق قلوب الناس فقط, فهذا رجل واعظ كان يكذب على رسول الله جهلاً منه، فكان الأعمش يسمعه وهو يقص على الناس وقد جذب قلوب الناس، فأخذ يحدث عن الجنة وعن النار وعن القبر وأهوال القيامة وعلامات الساعة ويقول: حدثني الأعمش سليمان بن مهران حدثني فلان حدثني فلان عن رسول الله، ويسرد الحديث كيفما شاء، حدثني الأعمش، حدثني الأعمش , فقام الأعمش والناس ينظرون إليه فخلع رداءه وأخذ ينتف إبطه, فقال له الرجل القاص: ألا تتقي الله؟! أما تعلم أنك في مجلس علم؟! قال: دعك عني، ما أنا فيه خير مما أنت فيه، أي: أنت قصاص كذاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم, والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)، وهو ينتف شعر إبطه، وذلك من السنة.

وقال لقمان لابنه: يا بني! إن الحكمة أجلست المساكين مجلس الملوك، وهذا ما قاله عمر بن الخطاب عندما سأل عامله على مكة: من خلفت عليهم؟ قال: ابن أبزى، قال: من الموالي أم من الأحرار؟ قال: من الموالي، قال: خلفت عليهم مولى من الموالي!؟ قال: إنه قد قرأ القرآن, وتعلم الفرائض, وتعلم الحديث, فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله يرفع بهذا القرآن أقواماً ويضع به آخرين)، ولهذا فأكثر الحفاظ موالي من العجم وليسوا من العرب.

قال الزبير بن بكار: كتب إلي أبي من العراق: يا بني! عليك بالعلم فإنك إن افتقرت إليه كان مالاً, وإن استغنيت عنه كان جمالاً.

وقد أجاز بعض المحدثين الأجرة على التحديث لمن احتاج إلى ذلك، وهذا ليس من السنة, لكن جوز بعضهم ذلك إذا لم يجد المحدث ما يكفيه من الأموال، لكن على الأمة أن تكفي العالم؛ ولذلك الإمام الشافعي قال: أرى أن يصرف خمس الفيء الذي لرسول الله صلى الله عليه وسلم في العلماء والمجاهدين، ولا يصرف في غير هؤلاء.

وعن سفيان الثوري قال: ما يراد الله بشيء أفضل من طلب العلم، وما طلب العلم في زمان أفضل منه اليوم.
وروي عن علي بن أبي طالب أنه قال: ليس شيئاً مثل العلم, العلم خير من المال, العلم يحرسك وأنت تحرس المال, والعلم حاكم والمال محكوم عليه, والمال تنقصه النفقة والعلم يزكو مع الإنفاق.

وسئل بعضهم: أيهما أفضل الأغنياء أو العلماء؟ فقال: العلماء.
فقيل له: فما بال العلماء يأتون الأغنياء؟ قال: لمعرفة العلماء بفضل ما عند الأغنياء، وجهل الأغنياء بفضل ما عند العلماء.
قال أبو الأسود: ليس شيئاً أعز من العلم,
.
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً