والذي ذكرنا في قوله - جل ثناؤه -: [ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ] فهو تبكيت، وقد جاء في ...

والذي ذكرنا في قوله - جل ثناؤه -: [ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ] فهو تبكيت، وقد جاء في الشعر مثله، قال شاعر يهجو جريراً:

أبلغْ جريراً وأبلغ مَنْ يُبلغُه = أني الأغرُّ وأني زهرةُ اليَمَنِ فقال جرير مبكتاً له:

ألم تكن في وُسُوم قد وَسَمْتَ بها = من حَانَ موعظةٌ يا زهرة اليمنِ؟
.
ويكون اللفظ خبراً، والمعنى دعاء وطلب، وقد مر في الجملة.
ونحوه: [إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ] (الفاتحة: 5) معناه: فأعنا على عبادتك.
ويقول القائل: (أستغفر الله)، والمعنى: اغْفِر.
قال الله - جل ثناؤه -: [لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ] (يوسف:92).
ويقول الشاعر:

أستغفر الله ذنباً لستُ مُحْصِيَهُ = ربَّ العبادِ إليه الوجهُ والعملُ) [5] ثانياً: الإنشاء:
الإنشاء هو قسيم الخبر، وقد يعبر عنه أحياناً بالطلبِ، والحديثُ عنه سيتناول ما يلي:
أ- تعريفه: قيل: هو الكلام الذي لا يحتمل الصدق والكذب لذاته.
وعلى حد تعبير البلاغيين: هو ما يستدعي مطلوباً غير حاصل في وقت الطلب.
أو - كما يقولون بعبارة أخرى -: هو ما يتأخر وجود معناه عن وجود لفظه [6].
ب- أمثلة للإنشاء: 1 - قال أحد الحكماء لابنه: (يا بني تعلم حسن الاستماع كما تتعلم حسن الحديث).
2 - قال ابن عباس - رضي الله عنهما - يوصي رجلاً: (لا تتلكم بما لا يعنيك، ودع الكلام في كثير مما يعنيك حتى تجد له موضعاً) [7].
ج- ما سبب كون الإنشاء لا يحتمل الصدق والكذب لذاته؟: لأنه ليس لمدلول لفظه قبل النطق واقع خارجي يمكن أن يقارن به؛ فإن طابقه قيل: إنه صادق، وإن خالفه قيل: إنه كاذب.
ولمزيد من التوضيح يمكننا النظر إلى المثالين الماضيين في فقرة (ب).
ففي المثال الأول نداء وأمر، وفي المثال الثاني نهي وأمر.
وأنت لا تستطيع أن تقول لمن ينادي شخصاً، ويأمره، وينهاه: إنك صادق أو كاذب؛ لأنه لا يُعلمنا بحصول شيء أو عدم حصوله.
إن من ينادي أو يأمر أو ينهى ليس لندائه، أو أمره، أو نهيه وجود خارجي قبل حصول النداء أو الأمر أو النهي؛ فكيف يحتمل كلامه الصدق أو الكذب، وذلك لا يكون إلا بمطابقة الواقع، أو عدم المطابقة.
وفي مثل هذه الأساليب لا واقع تعرض عليه مدلولاتها وتقارن به.
ومثل هذا القول ينطبق على سائر أساليب وأنواع الإنشاء الأخرى من استفهام، وتمنٍّ، وغيرها.
وعدم احتمال الأسلوب الإنشائي للصدق والكذب إنما هو بالنظر إلى ذات الأسلوب بغض النظر عما يستلزمه.
وإلا فإنه يستلزم خبراً يحتمل الصدق والكذب؛ فقول القائل: (يا بني تعلم) يستلزم خبراً هو: أنا طالب منك التعلم، وقول القائل: (لا تتكلم) يستلزم خبراً هو: أنا طالب منك عدم التكلم، وهكذا ...
ولكن ما تستلزمه الصيغة الإنشائية من الخبر ليس مقصوداً ولا منظوراً إليه.
إنما المقصود والمنظور إليه هو ذات الصيغة الإنشائية.
وبذلك يكون عدم احتمال الإنشاء للصدق والكذب إنما هو بالنظر إلى ذات الإنشاء [8].
د- أقسام الإنشاء: ينقسم الإنشاء إلى قسمين: طلبي وغير الطلبي.
- الإنشاء الطلبي: وهو الذي يستدعي مطلوباً غير حاصل وقت الطلب.
وهو خمسة أنواع:
1 - الأمر: وهو طلب الفعل على وجه الاستعلاء والإلزام نحو قوله - تعالى -: [يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ] (آل عمران: 200).
وللأمر أربع صيغ تنوب كل منها مناب الأخرى في طلب أي فعل من الأفعال على وجه الاستعلاء والإلزام، وهي:
أ- فعل الأمر: كما في المثال الماضي، وكما في قوله - تعالى -: [خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا] (التوبة: 103).
ب- المضارع المقرون بلام الأمر: كما في قوله - تعالى -: [فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ] (قريش: 3).
ج- اسم فعل الأمر: كما في قوله - تعالى -: [عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ] (المائدة: 105).
د- المصدر النائب عن فعل الأمر كما في قوله - تعالى -: [وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً] (البقرة: 83).
وقوله: [فَضَرْبَ الرِّقَابِ] (محمد: 4).
2 - النهي: وهو طلب الكف عن الفعل، أو الامتناع عنه على وجه الاستعلاء والإلزام.
وللنهي صيغة واحدة وهي المضارع المقرون بـ: لا الناهية الجازمة، نحو قوله -تعالى-: [وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً] (الحجرات: 12).
(يُتْبَعُ)
...المزيد

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ثلاث آيات مقرونة بثلاث ?? ـ[ tafza] ...

.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.

.
.
.
.
.
.
.
ثلاث آيات مقرونة بثلاث ??
ـ[ tafza] •-------------
ثلاث آيات مقرونة بثلاث ??
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم.
ثلاث آيات مقرونة بثلاث فمن لم يعمل بكليهما فكانه لم يعمل باحداهما:
قال تعالى:
وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول:
فمن أطاع الله ولم يطع الرسول فكانه لم يطع الله:
قال تعالى:
وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة:
فمن اقام الصلاة ولم يزكي فكأنه لم يصل:
قال تعالى:
ان اشكر لي ولوالديك:
فمن شكر الله ولم يشكر والديه فكانه لم يشكر الله:
دواء القلب خمسة اشياء:
قراءة القرآن بتدبر وخلاء البطن وقيام الليل والتضرع عند السحر
ومجالسة الصالحين:
انت عبد لما تشتهي، وعبد من تخاف وعبد من تطمع فيه فمن ارتفع فوق
الاشتهاء والخوف والطمع اصبح عبدا لله:
قال احد الحكماء:
للمرء ثلاث أخلاء .. خليل يقول له:
انامعك حيا وميتا .. فهو عمله .. وخليل يقول له: انا معك حتى تموت
فهو ماله .. وخليل يقول له: انا معك حتى باب قبرك ثم اخليك هو ولده
ولدتك امك ياابن آدم باكيا .. والناس حولك يضحكون سرورا؟ فاجهد
لنفسك ان تكون اذا بكوا في يوم موتك ضاحكا مسرورا.
اذا استعان الناس بالدنيا فاستعن انت بالله، واذا فرحوا بالدنيا فافرح انت بالله، واذا انسوا باحبابهم فاجعل انسك بالله تنل بذللك
غاية العزة والرفعة.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.الحرام فضلاً عن الشمال أن تدخل في سوريا لماذا؟ لأن هذه الأحكام الحاكمة والسائدة والمسيطرة لم تقام على شريعة الله عز وجل.
فقد يكون هناك جماعات متفرقة هنا وهناك، والفكرة واحدة والمنهج واحد والعقيدة واحدة، فهم يصفون كل منهم في حدود استطاعته، ويربون أيضاً أنفسهم وذويهم على شيء من ذلك، لكن لم توجد هذه الطائفة التي تتمكن من تحقيق: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60] هذا أمر واضح لا يحتاج إلى جدل.
لذلك نعتبر الخروج على هؤلاء الحكام ونحن لا نزكيهم، لا نداهنهم لا نقول: لا يجوز للمسلمين أن يخرجوا عليهم؛ لأنهم لا يستحقون الخروج، ولأنهم يحكمون بما أنزل الله فلا يستحقون الخروج ما نقول هذا، مع الأسف القوانين هي الحاكمة، لكن نفرق بين حاكم وحاكم، بين حاكم يحكم بالقانون، ولكن يصلي ويصوم، ويساعد المسلمين على قيامهم بشعائر الله في بناء المساجد وما شابه ذلك.
وبين حاكم آخر يمنع المسلمين أن يصوموا شهر رمضان، يمنع المسلمين من أن يضحوا بمناسبة العيد اقتصادياً يعني: فرق بين حاكم وحاكم.
لكن الشاهد نحن نقول: لا يجوز الخروج على هؤلاء الحكام بغض النظر أولاً عن تفاوتهم كما ذكرنا، وإنما لأنه هذا الخروج ليس الآن زمانه شرعاً، ولأنه يجب أن يحققوا المعنى المقصود من قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا} [الأنفال: 60] أي: أعدوا أنفسكم كما قال أحد الحكماء المعاصرين اليوم: أقيموا دولة
الإسلام في قلوبكم تقم لكم في أرضكم.
...المزيد

المحصل.. ليمكنك العثور على . .الانتحار سيدي الأستاذ الجليل رئيس تحرير مجلة الرسالة ...

المحصل.. ليمكنك العثور على
.
.الانتحار
سيدي الأستاذ الجليل رئيس تحرير مجلة الرسالة الغراء:
يبالغ بعض الكتاب مبالغة غير معقولة في التنويه بما بين الانتحار وبين المشاعر السامية من صلات، حتى لقد قال أحد الشعراء العصريين:
وحدثت نفسه عيسى بقتلهما ... وكاد أحمد يقضي غير مذكور
وفي أعداد الصحف الأخيرة رسائل لكثيرين من الأدباء ينظرون فيها إلى الانتحار كأنه بعض فضائل المنتحر، وذلك بمناسبة انتحار أدبيين من أدباء الإسكندرية شملتهما رحمة الله.
ولقد نشرت كبرى الصحف اليومية أن أحدهما لم يمت منتحراً بل كان يجرب مسدسه فانطلق. والقول منسوب إلى رجال من أسرته في الذروة العليا من المجتمع المصري الكريم.
وسواء أكان ذلك أم كان غيره فإن الفاضل فاضل والنابه نابه بسبب أعماله وأقواله الطيبة لا بسبب انتحاره، والانتحار إن كان سبباً للإشفاق والرثاء، فما يصلح أن يكون سبباً للإعجاب ولا يجوز اعتباره عذراً عاذراً
ينسب إلى أحد الحكماء قول أظن الحكمة في عكسه. وهذا القول هو أن الناس لا يموتون بل ينتحرون، وهو يعني أن الموت الطبيعي إنما يكون نتيجة لخطأ
وأحسب القول الصحيح أن المنتحرين لا ينتحرون بل يموتون، لأن الانتحار لا يقع إلا والمرء مسلوب الحيوية فاقد التدبير فهو في حكم الميت حين اختار لنفسه الموت
على أن العرف لا يقف عند هذا الحد من تقديره، وبعض القوانين تنظر إليه نظرة أقسى
ومهما تكن النظرة إليه فإن التغاضي عن استنكاره يوشك أن يكون أذى لطائفة يبلغ بها العجز مبلغ التفكير في الانتحار

.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.عسل النحل بين الطب والإسلام
للدكتور حامد البدري الغوابي
يقول الله سبحانه (وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون، ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللاً يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس، إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون) صدق الله العظيم.
هذا هو إعجاز القرآن لا من جهة أسلوبه وما يملك من قوة ولسن وروعة فن؛ إنما هو إعجاز كشف الله به حجاب العلم.
فتأمل النحل وأحوالها، ومملكتها وأجنادها، وانظر إلى بيوتها وخلاياها مسدسة أشكالها، متقاربة أوضاعها، محكماً صنعها بنتها بغير مقياس أو آلة، إنما ألهمها ربها فنها، وأوحى لها أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون، فأطاعت أمر ربها، واتخذ فريق منها بيوتها في بعض الجبال سكنا، واتخذت طائفة أخرى الفجوات في الأشجار بيتا ومأوى، كما اتخذ فريق ثالث بيوت الناس حيث يعرشون أي حيث يبنون لها العروش.
ولكي نفهم هذه الآية حق الفهم، يجب أن نعرف شيئاً عن النحل ومملكته ونظامها فهي مملكة ذات نظام وتنسيق، وقد أولع بها العالم (مرالدي) فصنع خلية من الزجاج راقب فيها أفرادها فرأى عجبا أنطق لسانه بالإقرار بقدرة الخلاق.
كل فرد في هذه المملكة له عمل، لا تقاعد ولا كسل، وهذا النشاط في الخلية أصبح يضرب به الأمثال، مما دعا أحد الحكماء في نصحه لتلاميذه أن يقول (كونوا كالنحل في الخلايا فهي لا تترك عندها متبطلا إلا نفته وأبعدته وأقصته عن الخلية لأنه يضيق المكان ويفني العسل ويعلم النشيط الكسل) وهذا ما تفعله عاملات النحل بالذكور إذا أقبل الشتاء ببرده القارس واستعدت الخلية للبيات فتنقض على الذكور فتقتلها.
أجل!! ليت الإنسان قد أخذ من النحل في نشاطها المثل، فللنحل دوى ولكن يعمل؛ والإنسان قد تسمع له جعجعة ولا ترى طحنا.
وأفراد الخلية يطيعون الملكة ولا يعصون لها أمراً، وهي ملكة واحدة وظيفتها وضع البيض وتدبير العمل وتوزيعه على بقية الأفراد، ورحم الله شوقي حيث قال:
يا ما أقل ملكها ... وما أجل خطره
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
ولم تكن بلاد الحبشة قد عرفت جيولوجيا قبل الفتح الايطالي، ولكن قد تبين أخيراً أن هذه البلاد تحتوي على أكبر مناجم للبلاتين والذهب والفضة والنحاس والحديد والبوتاس والرصاص والفحم والزيت (وهو أهم ما تصبو إليه إيطاليا) وهذه مواد ذات قيمة لا تقدر، وهي ولا شك تستحق ما بذل لأجلها من المشتقات. فلا يصح أن يقال أن التوسع الإيطالي في تلك البلاد كان يقتضيه ازدياد عدد السكان في إيطاليا مع ما هو معروف من رداءة الجو في تلك البلاد، وعدم ملاءمته للإيطاليين بحال من الأحوال
أما ألمانيا فهي تحصل على ما يكفيها من الفحم، إلا أن ضياع الألزاسي واللورين جعلها تتكل على بلاد أخرى في الحصول على الحديد والذهب. وقد استورد منها في العام الماضي 20 مليون طن. ولا شك أن ألمانيا يهمها أن تطمئن على توريد هذه المواد إبان الحرب، ولا يمكن ذلك إلا إذا وضعت البلاد التي توردها تحت إشرافها (بقصد تشيكوسلوفاكيا)
أما إسبانيا فماذا تقدم للأمم التي تهتم بها سياسياً؟ مما لا شك فيه أن الثروة المعدنية لتلك البلاد لا يستهان بها، فهي تحتوي على موارد عظيمة للحديد الممتاز والصلب والنحاس وغيرها من المعادن التي تستوردها ألمانيا من الخارج. . .
وهكذا حيثما وجهنا النظر وجدنا المواد الصناعية هي المحرك لتلك الأمم والحافز لها على التطاحن والحرب
الحب والخوف -
.
عن مجلة (جون أولندن)
لكي نتخلص من مخاوفنا في الحياة، يجب علينا أن نكون على وفاق معها. قال أحد الحكماء: (إن الحب الخالص يزيل الخوف، إذ أن الخوف يناقض الحب. ولا يوجد قول أصدق من هذا القول). فنحن حين نكون على وفاق مع الحياة، معارفها وتجاربها وكل خليقة فيها فلا شيء نخافه. إذ إننا في هذه الحالة نعيش مع كون صديق. . . وكما يقول إدوارد كاربتتر في شعره المنثور: تسرع كل القوى العلوية إلى تحقيق مسراتنا الأبدية.
فإذا دب الحب إلى قلب الإنسان، واتصلت وشائجه بشأن من الشؤون، أصبح هذا الشان قريباً من نفسه كل القرب، فهو لا يخيفه ولكنه يسره ويؤدي به إلى السعادة.
ليس من العسير أن نوثق عرى الألفة مع الكون حتى ترتبط نفوسنا بكل ذرة فيه. وعند
.
.
.
.
.
.
.إن كتاب العصا هو كتاب القضاء لا العصا، وليس في جريدة مؤلفات أسامة كتاب في القضاء وإنما هو كتاب العصا المطبوع. وذكر (ص 22) (الأمير معين الدين أنَر وزير شهاب الدين محمود) وليس في التاريخ الإسلامي من اسمه أنر، وإنما هو اتسنر وهي كلمة تركية معناها لا لحم له، أو الرجل الضَرْب الخفيف اللحم غير الجسيم. واتسنر هذا هو مملوك جد مجير الدين أرتق بن محمود ابن بوري بن طغتكين، وكان عاقلاً ديناً محسناً لعسكره (راجع كتابنا (خطط الشام) م2 ص 21). ومن ذلك في صفحة 192 (تباة البلد) قال ولعلها جمع تاب بوزن غاز وغزاة من قولهم تبا إذا غزا وغنم وسبى. ونحن أميل أن تكون (تُنّاة البلد) أي سكانه من تنأ تنوءاً أقام، ويقولون (الطراء والتناء) أي النزلاء والمقيمون وهي الأولى بالمقام.
وتسرع أيضاً (ص 28) ونقل ظن بعض أهل العلم أن كتاب (الأدب والمروءة) الذي نشرناه في مجلة المقتبس، ثم ضممناه إلى الطبعة الثانية من (رسائل البلغاء) في سنة 1331هـ 1913 هو لصالح بن عبد القدوس لا لصالح بن جناح كما ذكر ناشره أستاذنا العلامة الشيخ طاهر الجزائري رحمه الله؛ قال (ولعله - أي صالح ابن عبد القدوس - أخفى نفسه بهذا الاسم في بعض الأوقات خوف الطلب). والحقيقة أن كتاب الأدب والمروءة هو لصالح بن جناح ترجم له ابن عساكر صاحب تاريخ دمشق، فقال إنه صالح بن جناح اللّخمي الشاعر أحد الحكماء؛ حكى عنه أبو عثمان الجاحظ أنه ممن أدرك الأتباع بلا شك، وكلامه مستفاد في الحكمة. وقد أخذ عنه الجاحظ في نيسابور وقال عنه دمشقي؛ ونشر ابن عساكر طائفة من شعره الجميل. وبذلك انتفى ظن بعض أهل العلم أن كتاب الأدب والمروءة هو لصالح بن عبد القدوس بل هو لرجل عربي دمشقي ينسب إلى لخم من أتباع التابعين ومن أساتيذ عالم الأمة الجاحظ.
ومثل هاته الهنات المعدودة لا تقدح في كتاب طويل وقع في خمسمائة صفحة، الله أعلم كم قاسى ناشره من المتاعب حتى استخرجه من خطوط قديمة سقيمة. وليس لنا بعد هذا إلا الشكر نقدمه للأستاذ شاكر على عنايته وتجويده.
محمد كرد علي
.
.
.
.
.



.
.
.

.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
:
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.

.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
مستهالنار فاح.

يا ويح أهلي يروني بين أعينهم ... على الفراش ولا يدرون ما دائي
ومكثت هناك بدل سبعة الأيام التي صرح لي بها سبعة عشر يوماً. ثم عدت إلى القاهرة وفارقت الحي الذي ولد فيه هواي وترعرع، إلى حيث أنا الآن، وهأنذا ابعث إليكما منه وراء قلبي بتحيات كأضغاث الريحان لا تكاد تبلل بندى المدامع حتى تجفف، بزفرات الأنفاس، والسلام.

صديقي:
كتب أحد الحكماء إلى صديق له يقول (يا أخي إن أيام العمر أقل من أن تحتمل الهجر) وكنت قرأت فيما قرأت كلمة للامراتين يقول فيها (إن الحب القوي المطمئن صبور) فأنا بين هذين في حيرة، ترى متى أهتدي إلى سبيل؟.

أختي مريم:
لماذا لا تكونين بجانبي في كل لحظة كما كنت من عهد قريب؟ أنا في شدة الشوق إليك وإلى سماع حديثك العذب الجميل، وكم أود أن أفضي إليك بسر يجيش به صدري ولا يمكن أن ينطلق به لساني لغيرك. كنت إلى الأسبوع الماضي فارغة الفؤاد، وكنت على أن أطلب إليك الحضور لأناقشك موضوعاً خطيراً قرأته ليلة أمس في رواية (مجنون ليلى) وهو لماذا حكم على ليلى بالموت قبل قيس؟ ألأنها كتمت حبها؟ إن كان الأمر كذلك فأني - خوفاً على حياتي الشابة - أقول لك يا عزيزتي - واثقة منك كل الوثوق - إنني بدأت أشعر بقلبي يميل رويداً رويداً إلى شاب كان يطالعني بعض الأحيان كئيباً حزيناً كأنه دفن
...المزيد

قولهم الاستسلام خطا .. وقولهم الانصاف اصابوا . النابغة الذبياني ويمينه البارة ك سار الناس، فمنهم ...

قولهم الاستسلام خطا .. وقولهم الانصاف اصابوا
.
النابغة الذبياني ويمينه البارة
ك سار الناس، فمنهم من سكَّت الغضبان كما فعل النابغة الذبياني لما أتى النعمان بن المنذر.
والحقيقة أن الشعراء دينهم رقيق إلا من رحم الله، حتى يقول ابن كثير: على مذهب الشعراء في رقة الدين، وأستثني الحضور من أهل العلم والشعر والأدب؛ لأن هؤلاء سيوف إسلامية في الأدب والشعر؛ لكن في الجملة: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} [الشعراء:224] فدينهم رهيف خفيف سخيف، إلا أن يشاء الله.
فأخذ النابغة يعرِّض بغرفة النوم عند النعمان بن المنذر وانظر إلى العقل، من يلاعب الأسد؟!
احذر السلطان واحذر بطشه لا تعاند مَن إذا قال فعلْ
فأهدر النعمان بن المنذر دمه، ففر النابغة على وجهه، كلما أتى قبيلة وقال: أنا ضيفكم أستجيركم قالوا: إن كنت أنت النابغة فلا تدخل بيتنا، وكان ينام في النهار ويمشي في الليل، وفي الأخير أشار عليه أحد الحكماء أن يلبس أكفانه وأن يسلم نفسه إلى أقرب مخفر شرطة ليموت ميتة طبيعية فسلم نفسه، وذُهب به إلى النعمان بن المنذر؛ لكنه جهز ثلاث قصائد؛ لأن النفس -كما يقال- إذا كانت تغلي، فإنها تسخن في حنفيات حتى تصل إلى مصبها.
وكان النابغة قد مدح أعداء النعمان الغساسنة بقصيدة رائعة قال في أولها:
كِلِيْني لِهَمٍ يا أميمة ناصب وليلٍِ أقاسيه بطيء الكواكبِ
تطاول حتى قلت ليس بمنقض وليس الذي يرعى النجوم بآيبِ
وصدرٍِ أراح الليل عازب همه تضاعف فيه الحزن من كل جانبِ
انظر إلى السحر الحلال! وليس كقصيدة:
نحن أبناء الجزيرة المثنى والمغيرة
التي كأنها درجات الحرارة، والصيدليات المناوبة.
نريد شعراً قوياً عارماً هائلاً مؤثراً في الناس، وإلا فلنرح أنفسنا والقراء من الإكثار من كتابة القصائد بمعدل أربعٍ وعشرين قصيدة في كل ثلاث وعشرين ساعة.
فهدر دمه، فلما جاء إليه النابغة قال له:
حلفتُ فلم أترك لنفسك ريبة وليس وراء الله للمرء مذهبُ
لئن كنت قد بلغت عني وشاية لمبلغك الواشي أغش وأكذب
فإنك شمس والملوك كواكبٌ إذا طَلَعَتْ لم يبدُ منهن كوكبُ
فرضي، ثم قال له أيضاً:
فبتُّ كأني ساورتني ضيئلةٌ من الرُكس في أنيابه السُّمُّ ناقعُ
إلى آخر ما قال، وحلف له أيماناً الله أعلم بها.
وكان لنا شيخ في معهد الرياض العلمي، وهو ابن منيف طيب الله ذكره، وهو لا يزال حياً، ولو كان ميتاً لترحمنا عليه، والمقصود أنني حلفتُ أني أستحق درجة أعلى من الدرجة التي أعطاني، وأنا في ثانية متوسط -وهذا من الاستطراد- فقال: أيمين امرئ القيس أم يمين النابغة؟ قلت: لا أدري، قال: إن دريتَ كمَّلتُ لك الدرجة؛ لكنني لا أعرف القصة، فقال هو: إن امرأ القيس فاجر في يمينه، حيث يقول:
حلفتُ لها بالله حلفة فاجرٍ لناموا فما أن من حديث ومِن صالِ
وأما النابغة فيمينه بارة، حيث يقول:
حلفتُ فلم أترك لنفسك ريبةً وليس وراء الله للمرء مذهب
.
.
.
.
.
.
ونسى ذنبه.
وأُعجب برأيه.
أربع كلمات من أربع كتب:
من التوراة: من قنع شبع.
من الإنجيل: من اعتزل نجا.
من الزبور: من سكت سلم.
من القرآن: {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (1).
قيل لأبى حازم: غلت الأسعار .. ! قال: ما يهمكم من ذلك .. ! الذى يرزقنا فى الرخص، هو الذى يرزقنا فى الغلاء.
وقيل لبهلول المجنون: قد غلا السعر فادع الله. فقال: ما أبالى ولو الحبة بدينار .. إن لله علينا أن نعبده كما أمرنا، وعليه أن يرزقنا كما وعدنا (2).
وقيل لعمر بن الخطاب: قل غلا السعر. فقال: اتركوه حتى ترخصوه.
أحد الحكماء:
لا الأمر أمرى ولا التدبير تدبيرى
ولا الشئون التى تجرى بتقديرى
لى خالقٌ رازقٌ ماشاء يفعل بى
أحاط بى علمه من قبل تصويرى
__________
...المزيد

. . . . . . . فوائد من حديث: الحلال بيِّن والحرام بيِّن قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه ...

.
.
.
.
.
.
.
فوائد من حديث: الحلال بيِّن والحرام بيِّن
قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {الحلال بيِّن والحرام بيِّن} أي: أن الله بين في كتابه: الحلال والحرام، فكل شيء واضح للأمة؛ فالحلال نعرفه من المطاعم والمشارب، ومن الذبائح والصيد، ومما ينكح المسلم ويتسَّرى، فهذا بيِّن.
والحرام كذلك بيِّن، من المحرمات التي نهى الله عنها في الأقوال والأعمال والأحوال والكلام والصفات، فحرَّم الله سبحانه وتعالى الشرك: وهو أكبر ذنب عُصي الله به في تاريخ الإنسان، وهو أكبر ظلمٍ على وجه الأرض، وحرم الزنا، وشهادة الزور، وهذه الأمور كلها حرام، وهي بينه ولا تحتاج إلى كثرة تفصيل.
-وأمَّا المشبهات- وفي لفظ للبخاري عن أبي موسى (المشتبهات) -فهذه التي قال عنها أهل العلم: إنها تعارضت فيها النصوص، لا يُدرى هل هي حلال أو حرام؟ أو التي لم يرد نص فيها، فلا يعلم الإنسان هل هي حلال أو حرام؟ فالورع كل الورع أن تتقيها وأن تتركها وأمثلتها كثيرة، وقد مثَّل لها بعض أهل العلم في هذا العصر بهذه الأطياب التي انتشرت عند الناس، وفعل بعض الأمور التي دخلت على المسلمين ولم يكن فيها نصوص، فإذا اشتبهت عليك ولم تعرف ما هو النص، ولم يفتك عالم فيها، فالورع كل الورع أن تتركها؛ لتتقي وتستبرئ لعرضك ودينك.
والاستبراء للعرض والدين مأخوذ من البراءة أي: تتنظف من سمعة السوء ومن أن يُقدح في عرضك ودينك؛ لأن من قرب من حمى الله يوشك أن يقع فيه.
ومن الاستبراء للعرض ما فعله صلى الله عليه وسلم مع صفية بنت حيي وهي زوجته صلى الله عليه وسلم، فقد أتت تزوره وهو معتكف في المسجد، فكلمته وكلَّمها صلى الله عليه وسلم في الليل، فلما أرادت أن تنصرف ودَّعها ومضى معها مشيعاً، وهو قائم معها في باب المسجد، فمر رجلان من الأنصار، فلما رأى الأنصاريان المرأة مع الرسول صلى الله عليه وسلم استعجلا في سيرهما، فقال صلى الله عليه وسلم: {على رسلكما إنها صفية أي: لا تشكوا -قالوا: غفر الله لك يا رسول الله! - أي: هل نشك في أطهر من خلق الله؟ وأبر من خلق الله؟ وأحلم وأتقى وأخشى لله ممن خلق الله؟ -قال صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم} .
ولذلك نهى أهل العلم أن يقف الإنسان موقف التهم ولو كان أبرأ من أي بريء، ولو كان أطهر من ماء المزن، فلا يليق به أن يقف في مواقف التهم، مثل: سوق يجتمع فيه النساء، أو مكان فيه شبه أو مجلس فيه ريبة فلا تجلس فيه ولو أنك طاهر مُطَّهر، لأن هذا يقع في عرضك ودينك، ثم لا يصدقك بعدها الناس أبداً.
قد قيل ما قيل إن صدقاً وإن كذباً فما اعتذارك من قول إذا قيلا
صحيح أنك ما قصدت! لكن الناس لا يبرئون الإنسان، وقد تُلِحق به السمعة والتهمة فتلصق به حتى يلقى الله، ولذلك يقول عقبة بن الحارث: {أتت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله! أنا أرضعت عقبة بن الحارث وأرضعت زوجته -يعني: أنه هو وزوجته أخوان من الرضاعة- فاستدعاه صلى الله عليه وسلم، فقال: فارق زوجتك؟ قال: ولم يا رسول الله؟ قال: تقول فلانة أنها أرضعتك وزوجتك، قال: يا رسول الله! ما صدقت.
قال صلى الله عليه وسلم: كيف وقد قيل؟} كيف وقد وقع هذا الكلام؟ مادام أنه وقع هذا الكلام وانتشر؛ ففارقها، رواه البخاري.
ولذلك فإن من أكبر ما يحافظ عليه المسلم هو ألا يتزيا بزي يُخالف الإسلام، فإنه مهما بلغ من تقوى ومن ورع فإن الناس يتهمونه، والاستبراء للدين وللعرض يمنعك أن توقف نفسك في مواقف الريبة والتهم نسأل الله العافية.
والإنسان يعرف بجليسه، فبعض الناس فيه خير وتقوى وهدى واستقامة ومروءة؛ لكنه يجالس الأنذال، فيعرف بمجالسته لهم، فيوقع في دينه وعرضه تهمة وثلمة لا تُسد، ووصمة لا ترفع إلا بالتوبة وبالرجوع إلى أهل الخير، ولذلك يقول الشاعر:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي
ثم يقول صلى الله عليه وسلم: {لا يعلمها كثير من الناس} أي: أن الذي يعلم الحلال والحرام ويعلم (المشبهات) القليل القلة، ودائماً القليل معهم الخير، يقول الله عز وجل: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ:13] ويقول سبحانه وتعالى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنعام:116].
وقد أسلفنا أن عمر رضي الله عنه وأرضاه خرج إلى السوق فسمع أعرابياً يقول: اللهم إني أسألك أن تجعلني من عبادك القليل، فانتهره عمر، وقال: ما هذا الدعاء الذي ما سمعنا به؟
قال: يا أمير المؤمنين! أما يقول الله: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ:13]؟
فقال عمر: [[كل الناس أفقه منك يا عمر]].
وهذا تواضع منه رضي الله عنه، فالقليل معهم الخير، ولذلك يقول صلى الله عليه وسلم: {لا يعلمها كثير من الناس} أي: لا يعلمون هذه الأمور المشتبهات؛ لأنها لا تظهر لهم؛ إما لتعارض النصوص، أو لعدم ورود النص في هذه المسألة، أو اختلاف أهل العلم، فقال صلى الله عليه وسلم: {فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه} أي: أن من ترك هذه الشبهات فقد برأ الله عرضه ودينه، ويقول أهل العلم: اجعل بينك وبين الحرام حاجزاً، وإن لم تجعل حاجزاً فسوف تقع لا محالة في الحرام نسأل الله العافية.
ومن استرسل في كثرة المباحات، وكثرة اللباس، والمطاعم، والمراكب، يوشك أن يقع في الحرام؛ لأن ذلك يستدعيه لكثرة الدخل، ثم يقع في التعامل بالربا، وقد يأخذ عملاً إضافياً، ثم يقع في الكذب والزور والانتدابات، وبعدها يوقعه في الحرام:
وأنا الذي جلب المنية طرفه فمن المطالب والقتيل القاتل
فهو أول مسئول عن نفسه؛ لأنه أوقع نفسه في كثرة المباحات.
ثم قال صلى الله عليه وسلم: {ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام} أي: أنه يقع في الحرام.
ثم مثَّل صلى الله عليه وسلم: {كالراعي يرعى حول الحمى} أي: هناك رجل معه غنم يرعى حول حمى لأحد ملوك الدنيا؛ لأن من عادة ملوك الدنيا أن يحموا لهم محامي، فيجعلون لهم حمى ويمنع أن يمر به هذا، ومن مر في هذا واقترب منه ضربت عنقه وسجن وجلد، 🌴فالله عز وجل مثله صلى الله عليه وسلم بأن له حمى وهي المحارم، ممنوع أن يستبيحها الإنسان أو أن يقترب منها.
فهذا الراعي كلما أصبح الصباح أخذ غنمه ثم اقترب من مرعى الملك، ليس معه مرعى إلا هناك، ضاقت به الدنيا، كالأعرابي الذي ضاقت به الدنيا إلا أن يبول بمسجده صلى الله عليه وسلم.
فدائماً يرعى حول الشبك وحول حائط هذا الملك، كلما أصبح الصباح يطردونه فيعود، فهذا لا يأمن أن تدخل شاة من غنمه، أو قطيع منها فترعى فيقع في الحرام، فيجلد ظهره، ويضرب عنقه، ويسجن حتى أبد الآبدين، هذا في الدنيا.
أما عند الله عز وجل فوضع الله المحرمات في دائرة، ووضع المباحات عز وجل، فإنه ما حرم شيئاً إلا أباح شيئاً، فمن أكثر من المباحات واقترب دائماً من الحرام يوشك أن يقع ولو مرة من المرات.
فيقول صلى الله عليه وسلم: {ألا وإن لكل ملك حمى! ألا وإن حمى الله في أرضه محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب}.
كل صلاح في الظاهر وكل صلاح في الباطن، وكل صلاح في الأقوال والأعمال والصفات والأحوال مصدره القلب، إذا رأيت الإنسان صلح في أمرٍ وكلامه صحيح وطيب، فاعرف أن قلبه طيب.
حتى الصلاة إذا رأيت الإنسان يخشع في صلاته فاعرف أن قلبه خاشع.
ولذلك كان صلى الله عليه وسلم دائماً يُركز على القلوب، وقد قرأت في بعض الكتب أن بعض الحكماء -والحكمة ضالة المؤمن يأخذها أنى وجدها إذا وافقت أصول وقواعد الدين- يقول أحد الحكماء من الهنود: " الذي ينتصر على نفسه أعظم من الذي يفتح مدينة "
فالانتصار على النفس وتربية القلب هو المقصود، ولذلك يكثر بعض الناس من العبادات لكن قلبه خراب؛ لأنه لم يعتن بتربية قلبه، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {ألا وإن في الجسد مضغة} والسبب أنه يقول: مضغة! كأنه يقول: العجيب أن هذا القلب صغير، وعليه مدار الأعمال، وعليه ترد الأقوال؛ فمن صغره الواجب أن نهتم به، والمضغة: هي اللقمة -المتوسطة- التي يمضغها الإنسان ويأكلها، فيقول صلى الله عليه وسلم: {إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت -هذه المضغة التي هي القلب- فسد الجسد كله}.
يا متعب الجسم كم تسعى لراحته أتعبت جسمك فيما فيه خسران
أقبل على الروح واستكمل فضائلها فأنت بالروح لا بالجسم إنسان
يا من أتعب جسمه في انتقاء الملابس والمطاعم والمشارب ودمرت روحك! لقد أخطأت العمار، هنا الدمار ليس العمار.
ولذلك ينظر الله إلى القلوب، ونظر الناس إلى الأجسام، يقول صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم: {إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم؛ ولكن ينظر إلى قلوبكم} وفي لفظ هناك: {إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم؛ ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم} فالقلب والعمل هو موطن نظر الرب تبارك وتعالى.
قال ابن حجر: إنما سمي القلب قلباً لأنه مقلوب على رأسه في جوف الإنسان.
وقيل: لسرعة تقلبه.
قال سفيان الثوري: [[قلبي يتقلب عليَّ في اليوم خمسين مرة]] أي: تريد من نفسك -دائماً- أن تعتزل فيأتيك بمكان الشبهات، تريد أن تعبد الله فيأتيك بالرياء، تريد أن تختفي فيأتيك بحب الظهور، تريد الإنطواء والعزلة فيأتيك بالشبهة والوسوسة، فدائماً القلب يتقلب، وإنما سمي القلب قلباً لتقلبه.
.
.
.
.
...المزيد

. ... . نصيحة لطلاب العلم السؤال بعض من تسموا بطلبة العلم، وهيأت لهم الدولة كل الوسائل، ومع ...

.
...
.
نصيحة لطلاب العلم
السؤال
بعض من تسموا بطلبة العلم، وهيأت لهم الدولة كل الوسائل، ومع ذلك نائمون في سباتهم لا يعملون لطلب العلم ولا التحصيل، وهم أصبحوا عالة على مجتمعاتهم، ووبالاً على أمتهم فما حكم الشرع فيهم؟
الجواب
أنا أشاركك في الفكرة أنه وجد في المجتمع من أهل التقصير كثير ممن هيئت لهم الأسباب، وتهيئة الأسباب توفيق من الله عز وجل ثم من أهل الخير القائمين على ذلك فنحمد الله عز وجل على ذلك، ووجد أن هناك كسلاً، يعرف ذلك من يعايش التدريس، أو من يصحح في الامتحانات أو يرى في المقابلات المستوى العلمي الهابط، والسبب في ذلك الزهد في طلب العلم وكثرة المثبطات، ربما يرتاح كثير من طلبة العلم بالجلوس ساعة أو ساعتين على شرب إبريق من الشاي، وفي هذا الوقت ألف ابن تيمية كتاباً كاملاً وقد سلف في مناسبات أنه ألف كتاب التدمرية من صلاة الظهر إلى صلاة العصر، وقرأناه سنة فما فهمناه لأنها 😗{تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ} [الأحقاف:25] فالوقت الضائع هذا سببه الخمول والكسل وعدم معرفة طرق التحصيل، وهذه الكليات والمعاهد والمؤسسات العلمية إنما تعطي الإنسان أموراً تجريبية واستقرائية ومفاتيح لطلب العلم، أما العلم الغزير، والتحصيل العلمي، وتحقيق المسائل فلا يحصل إلا بمدارسة الكتب ومراجعة طلبة العلم والعكوف في البيت مع المكتبة، وحضور الجلسات وندوات الخير والمحاضرات والدروس وكثرة التعليم والتحقيق والمسائلة والمذاكرة، أما أن يبقى الإنسان هكذا! فلا يمكن أن يحصل على طائل من العلم، وقد يكون عنده نسبة من العلم، لكن قال أحد الحكماء: يُهلك الأجسام نصف طبيب، ويهلك الأديان نصف عالم، ويهلك الجيل نصف مربي، لأنه يريد أن يوجههم وما عنده إلا نصف فقط فلو كان جاهلاً لاعتذر وقال سامحوني ما عندي تربية.

ونصف عالم يهلك الناس ولو كان جاهلاً لتعلم أو لتواضع وعرف نفسه، ولو كان عالماً لأفاد لكن يرى أنه عالم وهو ليس بعالم هذه هي المشكلة.

وأسباب التحصيل تندرج في أمور:
الأمر الأول: تقوى الله الواحد الأحد، نسأل الله أن يرزقنا وإياكم تقواه.

الأمر الثاني: كثرة التوبة والاستغفار.

الأمر الثالث: أن يكون لك همة في طلب العلم ولا تقل كبرت ولا شخت ولا شبت فأصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام تعلموا العلم كباراً.

الأمر الرابع: أن يكون لك مكتبة سمعية ونظرية تقرأ وتسمع، ويكون شغلك الشاغل هذا، ثم يكون لك مذاكرة مع طلبة العلم واستحضار، ولا تفوتك أي فائدة، ولا بد أن تعلق وتقول دائماً: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً} [طه:114].

وأسباب حفظ العلم كما يقول ابن هبيرة الحنبلي صاحب الإفصاح: أسباب تحصيل العلم وحفظه ثلاثة:
السبب الأول: العمل بالعلم: فإذا عملت أنت بالأحاديث حفَّظك الله الحديث، والذي يريد أن يحفظ كتاباً في الذكر لكنه لا يقرأ الأذكار الصباحية والمسائية وعند النوم وعند القيام فإنه لن يحفظه بل ينساه.

السبب الثاني: التصنيف: إذا بلغت إلى درجة أن تبحث المسألة وتحققها فهذا يثبت معك العلم لأنك تخرج الحديث وتراجعه وتحققه وتسأل عنه وتبحث فيثبت ويرسخ.

السبب الثالث: التعليم: تعليم الناس نحن نقول إننا لسنا أهلاً لأن نجلس أمام هذه الوجوه لأن في الجمع من هو أعلم منا؛ لكن ليثبت العلم ولأن الإنسان يشحذ نفسه إذا علم أن عنده درس أو عنده إلقاء أو محاضرة أو كلمة فتراه راجع المسائل وحقق الأحاديث ورجع إلى التراجم، وأما إذا لم يعلم أن وراءه طلب ولا كلمة ولا درس فقد لا يهتم بهذا، فالعلم يحفظ بالتعليم والتصنيف والعمل به، فيدعو طلبة العلم إلى أن ينفقوا مما أعطاهم الله عز وجل ويزكوا هذا الميراث وهذا الكنز الذي معهم وهو الدعوة إلى الله عز وجل، ومن كان في قرية أو مدينة أو بادية أو ضاحية فإذا ذهب إلى أهله فليكن رسول خير وداعية إسلام يتحدث بما سهل الله عز وجل، فإن الناس لا يريدون كثرة علم، يريدون أي حديث بشرط أن تكون مخلصاً صادقاً متمكناً مما تقول، تسأل الله منه المثوبة وحسن العرض وحسن الخلق للناس فسوف يستفيدون: {بلغوا عني ولو آية} {نضر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها فرب مبلغ أوعى من سامع}.
أسأل الله لي ولكم القبول والهداية والرشد، وأن يعيننا وإياكم على الدنيا والآخرة، ويسهل لنا أمورنا جميعًا وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
...المزيد

التفاهم الموعود .. هو سؤالهم من يقول انه خدعنا و المسؤول .. غير العرب . وقالوا: يدل على اللبيب ...

التفاهم الموعود .. هو سؤالهم من يقول انه خدعنا
و المسؤول .. غير العرب
.
وقالوا: يدل على اللبيب في فطنته حسن سؤاله، والعاقل من يُحسن السؤال؛ ويختار وقته ويجيد عرضه ويجيد مقامه وعلى من يطرح السؤال؛ وهنا مسائل:
.
.
.
.
.
.
.
لا تقل: قد ذهبت أربابه(اي العلم الضاهر ) يا ذكياً والذكاء جلبابه
وأديباً حسنت آدابه لا تقل: قد ذهبت أربابه
كل من سار على الدرب وصل
طلب العلم ليس بالسهل، والذي يأخذ من رءوس الشجر مثل: الجمل الشارد، لا يخرج إلا بمعلومات مزيفة وثقافة عامة، لكن الذي يريد أن يتخصص في علم، لا بد أن يكون بإذن الله صابراً محتسباً.
وهؤلاء علماء الغرب ثقافتهم وحضارتهم في الجزئيات، تجد أحدهم يقضي حياته منذ ولدته أمه إلى أن يصبح في الثمانين من عمره وهو في هندسة التربة -مثلاً- لا يتجاوزها، ولا يأخذ فناً آخر.
وبعضهم في بعض الولايات يقولون: لا يعرف الولايات الأخرى، ولا يقرأ الصحف اليومية، لأنه مشغول بمادته حتى ينتج هذه الجزئية، ويقدمها للناس.
وقد جاءنا أحد الإخوة من طلبة العلم من مصر وهو في نيويورك، وهو من الأذكياء النابهين، أتى بعلاج معه، من سبعة نباتات، اكتشفه رجل من النمسا يسكن في أمريكا وعنده جنسية أمريكية، وكان قد جلس فيها سبعين سنة، وعمره الآن اثنان وتسعون عاماً، ونال جائزة أمريكا على مستوى العالم في الطب، وجلس سبعين سنة يسافر إلى الأرجنتين وبلاد العرب وفنزويلا والصين واليابان، ويجمع النباتات ويحلِّلها، ويختبرها، وبعد سبعين سنة اكتشف هذا العلاج وحده؛ وهذا العلاج عجيب من العجائب.
وأنا لا أكتب له دعاية لأني لا أبيع فيه ولا أشتريه، لكن مقصودي كيف ظل هذا الرجل سبعين سنة حتى أنتج هذا العلاج؟ لكن بالمقابل تجد الإنسان عندنا يريد أن يكون مهندساً، وخطيباً من أجل الراتب، وبعض الناس تجده طبيباً آخر النهار، وعنده معمل، ويستطيع أن يفتي الناس، ويؤلف الكتب، يعني: حيص بيص، لا يدري ماذا يأخذ، فقضية التخصص لا بد منها، ولا بد من، الصبر في طلب العلم، ولهذا قيل: إن القفّال؛ وهو أحد علماء الشافعية: كان عمره أربعين سنة، ففكر في الليل هل يطلب العلم؟ فذهب في الصباح، فلما مر في الطريق جاءه الشيطان وقال: تطلب العلم وأنت في الأربعين؟! فرجع ثم مرَّ برجل يعمل في بستان، أو يسقي الزرع، والغرب يخرج من البئر، وقد أثرت الريشة في الصخر، قال:
اطلب ولا تضجر من مطلبٍ فآفة الطالب أن يضجرا
أما ترى الحبل بطول المدى على صليب الصخر قد أثرا
فلا بد من الطلب والصبر والمحاولة بعد المحاولة.
ومما يُروى أن أحد الحكماء جلس بجناب شجرة، فرأى نملة تريد أن تصعد الشجرة، فسقطت فسقطت، فحاولت فسقطت، وبعد كثيرٍ من المحاولات صعدت، وهذه هي فائدة المحاولة والصبر والمثابرة
.
ثم إني أقول لكم -أيها الإخوة- من لم يستطع في مجال فليذهب إلى مجال آخر كوظيفة، أو عمل، أو طلب علم، أو دعوة، أو خطابة، إنما المهم أن يكون مستقيماً ملتزماً، ثم لا يهم بعد ذلك ما يسلك من مجال، فلك أن تدخل الجنة من أي باب، وليس من باب العلم والتحصيل فقط، لا.
في أي وظيفة شئت، لكن كُن ملتزماً بأمر الله.
...المزيد

السلطان نور الدين وجهاده لأعداء الله نور الدين محمود زنكي هذا كردي من الأكراد الذين قتلهم شر حكام ...

السلطان نور الدين وجهاده لأعداء الله
نور الدين محمود زنكي هذا كردي من الأكراد الذين قتلهم شر حكام العراق، وهو ابن عم صلاح الدين الأيوبي الذي فتح بيت المقدس وصاحب حطين.
ونور الدين زنكي أمره عجيب، يقولون: عدول العالم الإسلامي ستة: الخلفاء الراشدون أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعمر بن عبد العزيز ونور الدين زنكي، كان إذا بقي من الليل ثلث، قام الحراس على قصره، فأيقظوا أهل مدينة دمشق وأيقظوا العسكر يصلون كلهم في الليل حتى يأتي الفجر، كان يقاتل في سبيل الله في الغزوات، فجمع الغبار الذي اجتمع له من الغزوات وصنعت منه لبنة له، وجعلت عند رأسه في القبر، هذا الغبار الذي كسبه في المعارك من ثيابه، ومن خوذه، وملابسه على فرسه؛ جمعوا منه لبنة توسدها رضي الله عنه وأرضاه.
.
نور الدين محمود له قصة عجيبة، وهي قصة القبر وهي أن بعض الناس من النصارى أرادوا الاعتداء على قبر الرسول عليه الصلاة والسلام وأخذ جثمانه الشريف عليه الصلاة والسلام، وكان نور الدين محمود في دمشق، فرأى في المنام أن الرسول عليه الصلاة والسلام، يقول: أنقذني يا محمود! فقام، فسأل العلماء، فقالوا: قبره يؤذى عليه الصلاة والسلام، فجهز جيشاً عرمرماً، ودخل المدينة وطوقوها بالجيش، ودعا الناس إلى وجبة الغداء، وقال: من تخلف فاقتلوه، فأتى الناس جميعاً إلا مغربيين في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم تظاهرا بالعبادة، وهم نصارى، لكن تظاهروا بلباس المسلمين، قال: هل بقي أحد؟ قالوا: ما بقي إلا مغربيان(نضيف لا نشك)، قال: عليَّ بهما، فلما أُتي بهما، فإذا هما كما رآهما في المنام بجانب الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو يقول: أنقذني ويشير إلى الاثنين، فسألهما، فلم يخبرا، قالوا: عباد وزهاد، فأمر الجنود أن يجلداهما بالسياط، فجلدوهم فاعترفوا، فذهب فوجدهم قد حفروا تحت البساط إلى قبره عليه الصلاة والسلام، فصب ما حول القبر قيل: بالرصاص وقيل: بالفضة، فهو هناك إلى الآن.
نور الدين محمود كان عنده مهرجان، وقد جمع الجيوش بعد فتح بعض المدن، فقام أحد الحكماء، وقال:
مثَّل لنفسك أيها المغرور يوم القيامة والسماء تمورُ
إن قيل نور الدين جاء مسلماً فاحذر بأن تأتي وما لك نور
حرمت كاسات المدام تعففاً وعليك كاسات الحرام تدورُ
فبكى حتى سقط من على كرسيه على وجهه ورشوه بالماء، كان من أخشع الناس لله والشاهد هذا الغبار، وأتى ابن عمه صلاح الدين الأيوبي رضي الله عنه وأرضاه، ففتح فتحاً ما سمع الناس بمثله، فرفع الله منازلهم وجمعنا بهم في عليين، يقول بعض المؤرخين: نور الدين لما مات، رؤي في المنام وهو يطير من شجرة على شجرة، قيل: أأنت نور الدين محمود؟ قال: أنا نور الدين محمود، قالوا: أين أنت؟ قال: أما كان في الحديث يقول عليه الصلاة والسلام: {المرء يحشر مع من أحب} وهذا ذكره ابن كثير، لكن ما ذكره في ترجمة نور الدين محمود، بل ذكره في ترجمة رجل من الأكراد في أول المجلد الرابع عشر، أو آخر الثالث عشر، والصحيح أنها في نور الدين محمود، وقصة القبر ذكرها السهيلي، قصة القبر، وأنا ذكرتها بمن رواها في شريط: (قتل المجرمين عدالة) ومن خرجها، فمن أراد أن يراجع هذه القصة فليراجعها في شريط: (قتل المجرمين عدالة) وقال عليه الصلاة والسلام: {ما خالط قلب امرئ رهج في سبيل الله إلا حرم الله عليه النار} رواه أحمد في المسند، يقول هنا: ما في بطن الإنسان من خوف أو جزع، وليس الرهج هنا الغبار، لكن الرهج في غير هذا الحديث الغبار، (رهجُ السنابك) هو الغبار، ولكن حين أتى مع القلب يصرفه إلى الخوف والجزع، فهو من أسماء المعاني لا من أسماء الذوات التي هي الغبار، وعرف بالسياق، فليعلم هذا أيها الإخوة الأجلاء.

...المزيد

. . . . . . . . . . . . . . أبو جهل واتباع الهوى يقول أبو جهل للرسول عليه الصلاة ...

.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
أبو جهل واتباع الهوى
يقول أبو جهل للرسول عليه الصلاة والسلام: أعلم أنك صادق، وأنك لا تكذب، ولكن تقول؟ بنو عبد مناف منا نبي، فما نقول؟ وقال أبو جهل في مجلس قريش: إني أعلم أن محمداً لا يكذب، ولكن قال بنو هاشم: فينا السقاية، فقلنا: فينا الرفادة، فقالوا: فينا الحجابة، فقلنا: فينا الراية، فإذا قالوا: فينا النبوة، فماذا نقول؟!
قال سبحانه: {فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام:33] يقول أحد الماجنين من الشعراء وقد نصحه العلماء أن يتوب فما تاب، يقول في بيتين يصور نفسه يوم غلبه الهوى، وقتل نفسه به، ولكن ما أناب ولا تاب، يقول:
أتوب إليك يا رحمن مما جنت نفسي فقد كثرت ذنوب
وأما من هوى ليلى وترك زيارتها فإني لا أتوب
أستغفر الله! قيل له: تب، قال: ربه الهوى.
ولذلك بلغ بعض الناس منزلة لا يستطيع أن يتوب، وبعضهم يبكي وهو في الذنب، فيقال له: تب، قال: والله ما أستطيع، ولقد حاولت كل محاولة وجربت نفسي فما استطعت، بل بعضهم انهزم أمام سيجارة الدخان، فما استطاع أن يتوب منها وأعلن فشله، فقال: لا أستطيع.
يقول سيد قطب في كلام معناه: " يا عاصياً! حاول مائة محاولة، حاول ألف محاولة، ووراء الألف محاولة لعل الله أن ينصرك في الواحدة بعد الألف ".
جلس أحد الحكماء بجانب شجرة؛ وكانت الشجرة ملساء، فرأى نملة تصعد في الشجرة، فكلما صعدت سقطت، ثم تصعد فتسقط، ثم تصعد فتسقط، ثم صعدت فأعانها الله حتى ارتقت، فقام الحكيم، فقال: " الخط الذي طوله ألف خطوة يقطع بخطوة " يعني: بالصبر.
صابر ولا تضجر من مطلب فآفة الطالب أن يضجرا
أما ترى الحبل بطول المدى على صليب الصخر قد أثرا
ولعلَّ الله أن ينظر إليك في ساعة يعطي فيها من يشاء، ويهدي فيها من يشاء فيهديك هدايةً ما بعدها ضلالة، وتعرض لنفحات الله عز وجل في ساعات الإجابة، وأدبار الصلوات، وما يدريك لعل يوم هدايتك اليوم، أو غداً، أو بعد غدٍ، فلا تيأس من روح الله: {إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف:87].
الهوى غلب بعض الناس حتى أرداهم في النار والعياذ بالله، والمبتدعة ورؤساء المبتدعة غلبهم الهوى.
.
.
.
الحسد سبب للخلاف
ومنها: الحسد؛ قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَقُّ} [البقرة:109] ما خلى جسد من حسد، والحسد يسري في أهل المهن والمتقاربون في السن والزملاء، والأقران فتجد أحدهم يخالف زميله لا لشيء إلا لأنه زميله فقط؛ يقول: الشيخ تجده يخالف الشيخ، والطالب يخالف الطالب، والمهندس يخالف المهندس، والطبيب يخالف الطبيب، والشاعر يخالف الشاعر،

قيل للحسن البصري أيحسد المؤمن، قال: ويلك أنسيت قصة أبناء يعقوب لما حسدوا يوسف عليه السلام، قال: إذا حسدت فلا تبغ، إذا حسدت أحداً فأخفهِ تسيء في قلبك، ولا تسيء بكلمة، لا تجرح عرضه، لا تسيء إليه بحركة غير مسئولة.
.
.
...المزيد

. . . . . . . . . . . . . . المرأة عند أهل الشعر والحكمة.قال بعض الشعراء المسلمين عن ...

.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
المرأة عند أهل الشعر والحكمة.قال بعض الشعراء المسلمين عن المرأة:
سلامٌ أيها الأم الحنون ويا أم الرجال لك الشجون
فأنت ولودة الأبطال يُحمى عفافك بالجماجم لا يهون
معنى البيت: أننا نقدم الجماجم عن أعراضنا وعن بناتنا، وما أظن أحداً سوف يتأخر إذا رأى أن بناته وأخواته سواء في المدارس أو الجامعات، أو المستشفيات يُمس أعراضهن، ولا حيَّا الله الحياة، ولا أسعد الله الدنيا إذا لم تجر في عروقنا حمية المحافظة على البنات والأخوات، كما يقول شاعرنا:
نحن وجه الشمس إسلامٌ وقوه نسبٌ حرٌ ومجدٌ وفتوه
كربٌ عمي وقحطان أبي وهبوا لي المجد من تلك الأبوه
نحن أسد الله في وجه الردى قد وضعنا الكفر في سبعين هوه
والسيوف البيض في وجه الردى يوم ضرب الهام من دون النبوه
وقال أديبٌ عصري يدافع عن المرأة أمام الحضارة الزائفة المزعومة:
أخرجوها من العفاف إلى السو ق وشقوا جلبابها بالمحاجر
جعلوها على المجلات رمزاً للهراء المفضوح في كف فاجر
وادعوا أنهم بها حرروا الجيل وقد مزقوا الحيا بالخناجر
وقد سلف أن كاتباً يسمى الغريافي قبل عشر سنوات كتب قصيدة (مزقيه): ورددت عليه بقصيدة منها:
حين نادى يا بنة الإسلام خدرك مزقيه
دخل أحد الحكماء على ملكٍ من الملوك، فوجد طفلة الملك جالسة عند الملك، فقال الملك: سمعت أن الناس يقولون: إن البنات يقربن البعيد ويبعدن القريب ويقطعن الأرحام، فقال الحكيم: كلا أيها الملك! والله إنهن رياحين القلوب، أتين بالرجال
.
أي: إن الرجال من النساء، من أين أتى خالد بن الوليد وعمر وصلاح الدين ونور الدين وعمر بن عبد العزيز؟ من النساء، فهن قد أتين بالرجال، وحملن بالأبطال، دررٌ مكنونة، ومطارف مصونة، يقمن على المريض، ويذكرن الميت، رحيمات بالأولاد، خدومات للأجداد، حجابٌ عن النار وكنزٌ في الدار.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: {من عال جاريتين فرباهن وأحسن إليهن وزوجهن كن له حجاباً من النار}.
فالحجاب من النار تربية البنات في البيت على تعاليم الكتاب والسنة، ولذلك قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير:8 - 9]
.
وكان أبو بكر الصديق يقرأ في قراءته {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير:8 - 9].
وأول من رفع وأد البنات: محمد عليه الصلاة والسلام، وسوف يسأل الله عز وجل من وأدهن في الجاهلية.
وعندنا وأدٌ من نوعٍ آخر، فإن الجاهلين كانوا يذبحون الفتاة الطفلة ذبحاً، وينكسونها على وجهها، ونحن في مجتمعات العالم الآن الذي لا يتحاكم إلى الكتاب والسنة، يذبحون عفافها ودينها وحجابها ومكانتها وطهرها، يريدونها عارضة أزياء، ومروجة أحذية، وورقة دعاية في المؤسسات والشركات والمحلات، فحسبنا الله ونعم الوكيل! {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة:50].
قال أبو الطيب المتنبي وهو يرثي أم سيف الدولة:
فلو كان النساء كمن عرفنا لفضلت النساء على الرجالِ
فما التأنيث لاسم الشمس عيب ولا التذكير فخرٌ للهلالِ
يقول: لو كانت النساء مثل أمك يا سيف الدولة! لفضلت النساء على الرجال، فليس بعيبٍ أن تسمى فاطمة أو عائشة أو زينب أو أسماء أو خديجة فإن الشمس مؤنث وهي أحسن من الهلال، والهلال مذكر، وفي الرجال من لا يساوي قلامة ظفرٍ من امرأة، وفي النساء من تساوي ألف رجل، والواقع والتاريخ يشهد لذلك، {قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً} [الطلاق:3].
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً