عربية أم إسلامية
بسم الله نبدأ وعلى هدي نبيه صلى الله عليه وسلم نسير وعلى الدرب نحمل اللواء.
لم يتحرك العرب تجاه القضية , العرب يكتفون بالاستنكار , الأمة العربية تشجب وتندد وتعترض , الزعماء العرب يجتمعون لإدانة أعمال العدوان في الأرض الفلانية ....
كلمات كم طرقت آذاننا , حتى صمّت عنها الآذان , وكم لفظت بها ألسنتنا حتى خرست عنها الألسنة , وكم تحايلنا بها على حل مشكلاتنا حتى أعيتنا الحيل .
وذلك أنّا سلكنا الطريق الخطأ ورمنا فيه الحق فلم نجد إلا السراب , فطريق إعادة الأمة لن يكون بمسمى العربية الذي أبلى قوانا وما زادنا إلا فرقة , وإنما والله فقط بمسمى الإسلام الذي كلما رجعنا إليه ما زادنا إلا عزاً وعلواً .
الله عز وجل أنزل على رسوله كتاباً أكرم به أجلاف العرب بعد أن كانوا جفاة غلاظاً , يتضاغون بينهم كما تتضاغى الوحوش , يثب بعضهم على بعض وينتهك بعضهم أعراض بعض بالسبي والقتال , يعصف الخمر بعقولهم , ويذهب الميسر وأكل الحرام بأموالهم , وتأتي الأوثان على البقية الباقية من قلوبهم , فلما أكرمهم الله برسول منهم يعرفون أمانته وشرفه , وأنزل عليه كتاباً فيه عزهم صاروا خير بشر يمشون على الأرض , وسادوا به العالم في سنين قلائل , وما تحقق لهم ذاك إلا باتباع هذا الكتاب , ولو تركوه لعادوا كما كانوا أجلافاً تعلوهم العصبية القبلية والتنافس على الدنيا .
لذا لو أراد العرب حقاً استعادة مجدهم التليد وعزهم السليب فعليهم بالعودة إلى دينهم الذي هجروه وكتابهم الذي تنازلوا عن تحكيمه فيما بينهم , وتعاليمه التي أنزلها الله صيانة لهم , صيانة لعقولهم وأعراضهم وأبدانهم وكرامتهم , فلم يترك الله شيئاً فيه صيانة الخلق إلا بينه في كتابه قال تعالى {مَا فَرَّطنَا في الكِتَابِ مِنْ شَيءٍ} فما بال العرب تركوا كتابهم وهجروا التحاكم إليه {أفَحُكْمَ الجَاهليَّة يَبْغُونَ} .
قبل الإسلام جاء عمرو بن لحي ببدعة الأوثان إلى جزيرة العرب وقد كانوا قبل على الحنيفية الخالصة , وحديثاً أتي لحي العصر عبد الناصر بمفهوم القومية العربية الذي مزق الأمة بدلاً من توحيدها وتآلف قلوبها , وما ذاك إلا ليعلموا أن تآلفهم لن يتأتى إلا بمنهج ربهم , الذي لا منهج غيره ولا حق سواه , الذي والله فيه الخير كل الخير لمسلمي العرب وأهل الكتاب منهم .
لما كان الإسلام هو الحكم كان العربي المسلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يتنازل لأخيه المسلم العربي عن إحدى زوجتيه , ويخيره أفضلهما , أما بعدما تنازل العرب عن شريعة ربهم وتحاكموا لطاغوت الأرض وعادوا لنعراتهم القومية صار المسلم يستعبد المسلم تحت مسمى الكفالة أو غيره من المسميات , بل أصبح المسلم العربي يتسمى باسم الأجنبي في بلاد المسلمين , فأي خير جنته القومية العربية ؟؟؟؟
يا قوم إن الغرب لا يتحركون إلا في ظل فلسفة يستظلون بها أو أيديلوجيا يعتقدون أنها تحقق لهم ما يرومون , فما بالكم في ذيل الأمم ومعكم خير عقيدة ولديكم أيديلوجيا الحق المبين , أين أنت يا أمة , أمغتصبة أنت , أم مغيبة العقل , أم وضعوا على عينيك الضماد وكمموا فاك وأصموا آذانَكِ , لا تحليل لوضعك إلا أنك مخطوفة , فإلى متى يظل خطفك واغتصابك ليل نهار , أما ملوا من استعبادك , أما شبعت بطون مغتصبيك من سرقتك , أما رويت بطونهم من مص دماك ، إنا لله وإنا إليه راجعون .
يا مفكري العرب .... يا مثقفي العرب ..... يا عقلاء العرب ..... سلكتم الطريق الخطأ ..... فهلا وجهتم الأمة إلى هويتها الحقيقية ... أليس منكم رجل رشيد.
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: