وصايا للشباب
العلم يحتاج إلى ترتيب، يحتاج إلى جدولة، فهذا الشاب الذي قرب منه مفارقة عصر الشباب -بعد أن أمضى ستة عشر عامًا في الدراسة- عنده بعض الخيوط التي يمكن أن يتشبَّث بها، وقد يشارك في بعض المسائل العلمية؛ لأنه درسها في الجامعة، مع أنه خفي عليه ما قبلها وما بعدها، فلا رابط بين العلم في صدره، مثلُ هذا يحتاج إلى أن يبدأ طلب العلم من جديد، وليس بسرٍّ أن يقال: إن بعض الخريجين بالنسبة لبعض زملائهم ممن هم معهم على كراسي الدراسة يصلح أن يكونَ شيخًا لبعض!
الحمدُ لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبيِّنا محمد، وعلى آلِه وصحْبه أجمعين.
أما بعدُ:
فدون مقدمات نقول: خيرُ ما يُوجَّه إليه الشباب في ظروفنا التي نعيشها وما قبل ذلك وما بعده أمرَانِ فقط؛ لكنهما أمران يحويان الدنيا والآخرة، هما: العلْم والعمَل.
فإذا كانت الظروف قبْل سنين لا تسمح لكثيرٍ من الناس بالتفرُّغ لهذين الأمرين؛ انشغالاً بأسباب المعيشة، فإن الناس قد كُفوا -أو جُل النَّاس قد كُفوا في هذه الأيام ولله الحمد والمنة- ولا يدرك ما أقول إلا مَن كان عمره تجاوَز الستين.
فقد مرَّت البلاد -وغيرها من البلدان- بفقْرٍ شديد، وانشغل الناس بتحصيل أسباب لقمة العيش، أما الآن وقد وسَّع الله على المسلمين وفُتحتْ لهم الدنيا، فإن عليهم أن يتَّجهوا إلى ما خُلقوا من أجله، وهو تحقيق العبوديَّة لله جل وعلا وأن يمتثلوا أمر الله جل وعلا بقوله: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم:6]، [1].
فعلى المسلم أن ينتبه لهذا الأمر، وأنه إنما خُلق لتحقيق العبوديَّة لله جل وعلا: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56]، [2].
وعَودًا إلى ما بدأنا به، وهو التوجيه إلى العلم والعمل؛ إذ إنَّ العمل وحده دون علمٍ قد يكون ضررًا ونقصًا على صاحبه، فقد يَعبُد اللهَ جل وعلا على غير ما شرعه في كتابه، أو في سنة نبيِّه عليه الصلاة والسلام فيعبد الله على جهل، ويُفسد أكثرَ مما يصلح، والعلم أيضًا من دون عمل كالشجر بلا ثمر، فلا بُدَّ مِن اقْتران العلْم بالعمَل، واقتضاء العِلْم للعمَل [3].
وكثير مِن طلاَّب العلم -ممن ينتسب إلى هذه الثُّلَّة [4] التي فرَّغت نفسها لطلب العلم- لا شكَّ أنهم يسلكون السبيل والطريق الذي تكفَّل الله جل وعلا على لسان نبيِّه أن مَن سلكه سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنَّة [5].
لكن بعض الناس يسلك سبيلاً طويلاً بعيدًا شاقًّا، وبعض الناس ييسَّر له السبيل، ويسهل عليه ويطلب العلم من أقرب وسائله وطرُقه، ويختصر الوقت اختصارًا بَيِّنًا، ويكون ذلك إذا هيأ الله جل وعلا من يأخذ بيده من أول الطريق.
ونلاحِظ على كثير من طلاب العلم ممن يتخرَّج في الكليات الشرعية -بعد أن أمضى ستة عشر عامًا في الطلب- أنه لا يمكن أن يُسمَّى ولا طُويلِب [6] علم؛ بل هو إلى العامية أقرب؛ لأنه يعيش في مهامه [7] وفي صحارٍ وطرق متشعبة.
فطالبُ العلم يحتاج إلى مَن يأخذ بيدِه مِنْ أول الطريق، فإذا حث القرآن والسُّنة على العلم، ورفع منزلة العلماء [8]، فلننظر إلى أقرب طريقٍ وأخصره لتحصيل هذا المطلوب العظيم الذي جاء الحثُّ عليه في الكتاب والسنة، وإذا كان الصِّراط المستقيم الموصل إلى الجنَّة فيما يعرفه الناس في حياتهم العادية -الطريق المستقيم، والخط المستقيم، والصراط المستقيم- يقولون: إنه أقرب طريق يوصل بين نقطتَيْن، وأنت الآن في مكانك هذا تبحث إلى أقرب طريق يوصلك إلى الغاية، وهي الجنة، فكيف نسلك هذا الطريق المختصر القريب؟
العلم الذي جاء الحث عليه في النصوص، إنما هو علم الكتاب والسنة: قال الله، وقال رسوله، علم الصحابة، علم السلف [9].
وأما التشعبات التي جاءت من بعدُ إذا كانت لا تخدم نصوص الوحيين، وتعيننا على فهم الكتاب والسنة، وتعيننا على كيفية الإفادة من نصوص الكتاب والسنة، فإنها لا شك من الصوادِّ عن هذا الصراط وعن هذا الطريق.
كثير ممن ينتسب إلى طلب العلم وقد أمضى في العلم ستة عشر عامًا -على أقل تقدير- وتخرج في كلية شرعية، يجد نفسه كالتائه في الصحراء، إذا قيل له: ابدأ بطلب العلم من أول الطريق، فاقرأ من "الأُصُول الثلاثة"، و"القواعد الأربعة" [10]، هو قرأ "الأُصُول الثلاثة" في المرحلة الابتدائية؛ لكن لطول العهد قد يكون نسيها؛ لأنه لم يراجعها، ولَم يحضر شروحها عند أهل العلم، ولم يقرأ شروحها المطبوعة ولا المسجلة، أو قرأها ونسيها، فهو يحتاج إلى أن يبدأ الطريق من أول خطوة؛ ليختصر له الطريق، فهو بين أمرَيْن:
الأول: إما أن يقول: أنا تخرجت في كلية شرعية، وأنا شيخ، بالمرسوم الملكي أنه تخرج في كلية الشريعة، يطلق عليه اسم شيخ، فيقف عند هذا الحد، ويستحيي ويستكبر ويستنكف أن يطلب العلم من أول الطريق، ثم ذلك يستمر في هذه المهمهة، وهذه المفازة، لا يدري أين يذهب يمينًا وشمالاً.
والثاني: إذا سمع كلامًا جميلاً لأهل العلم قال: لا بد أن أقرأ هذا الكتاب، ثم يسمع كلامًا يترك هذا الكتاب ويرجع إلى الثاني، ثم يسمع كلامًا عن كتب ابن القيم [11] فيرجع إليها، ثم يسمع...وبهذا ينتهي عمره على لا شيء، ونجد كثيرًا مِنْ طلاب العلم يتخبَّطون في قراءاتهم، فلا ترتيب، ولا تنظيم، ولا اتِّباع للجادة المسلوكة عند أهل العلم.
فالعلم يحتاج إلى ترتيب، يحتاج إلى جدولة، فهذا الشاب الذي قرب منه مفارقة عصر الشباب -بعد أن أمضى ستة عشر عامًا في الدراسة- عنده بعض الخيوط التي يمكن أن يتشبَّث بها، وقد يشارك في بعض المسائل العلمية؛ لأنه درسها في الجامعة، مع أنه خفي عليه ما قبلها وما بعدها، فلا رابط بين العلم في صدره، مثلُ هذا يحتاج إلى أن يبدأ طلب العلم من جديد، وليس بسرٍّ أن يقال: إن بعض الخريجين بالنسبة لبعض زملائهم ممن هم معهم على كراسي الدراسة يصلح أن يكونَ شيخًا لبعض! لماذا؟
لأن هذا اهتم من أول الأمر، ووجد مَنْ يُوَجّهه في المرحلة المتوسطة في المعهد العلمي، في هذا المحضن الشرعي الذي نسأل الله جل وعلا له الاستمرار والقوة والمزيد من ترسيخ العلم والاهتمام بمتون العلم الأصلية، وهي موجودة -ولله الحمد- إلى الآن.
إذا وجد من يأخذ بيد طالب العلم من المرحلة المتوسطة، ووجَّهه إلى من ينفعه الحضور عنده من أهل العلم، مثل هذا -في الغالب- يسلك الطريق، لكن الإشكال فيمن لا ينتبه إلا بعد التخرُّج في الجامعة، ثم بعد ذلك توظَّف، قد يتوظف في القضاء، وقد يتوظف في منصب يقتضي أن يعرض نفسه للإفْتاء، وقد يتوظف في الدعوة، ويعرض نفسه لأسئلة الناس، ثم بعد ذلك هو بين أمرَيْن: إما أن يقول: لا أدري، في جل المسائل، وهذا حرج كبير؛ أن يأخذ راتبًا في مقابل: "لا أدري"؛ لأنه إنما وظِّف في هذا المرفق لينفع الناس، أو تحمله نفسُه الأمَّارة بالسوء والكبر والحياء -العرفي لا الحياء الشرعي- أن يفتي بغير علم، وهو في هذه الحالة يضل نفسه ويضل الناس.
فأنا أقول من البداية: يا إخوة، لا بد أن نمسك الطريق من أوله، ونطلب العلم على الجادة، ويكون همنا تحصيل علم الوحيين: الكتاب والسنة، ولا يعني هذا أننا نقتصر على القرآن، صحيح البخاري، صحيح مسلم... إلى آخره، لا بد أن نقرأ ما يُعيننا على فهم الكتاب والسنة، ونحن في قراءتنا للغة العربية أجرُنا كمَن يقرأ القرآن، أو يفسر القرآن، لماذا؟
لأنه وسيلة، والوسائل لها أحكام المقاصد، أنت قرأتَ اللغة العربية، لماذا؟ من أجل أن تفهم الكتاب والسنة، لك أجر من يتعلَّم الكتاب والسنة، قرأتَ في علوم الحديث لكي تعرف ما يثبت وما لا يثبت من حديث النبي عليه الصلاة والسلام لك أجر من يقرأ ويُقرئ الحديث؛ لأن الوسائل لها أحكام الغايات، قرأت في أصول الفقه لتعرف كيف تتعامل مع النصوص، نصوص الكتاب والسنة، فلك أجر من يتعلم ويعلم الكتاب والسنة؛ لأنك لا تتعلم هذا العلم بمفرده، نعم قد يكون بعض الناس يفني عمره في هذه الوسائل ولا يصل إلى الغايات، فمثل هذا محروم؛ لأن هذه وسائل، كمن يمشي من أجل الخُطى وأجر الخطى إلى المسجد، فإذا وصل باب المسجد وقف وما دخل، فهذه وسيلة، وأجر الخطى إنما رتِّب من أجل الصلاة، فمن خرج إلى الصلاة لا يَنْهَزُه [12] إلا الصلاةُ له بكل خطوة حسنة [13].
فإذا اقتصر على الوسيلة، مشى وقد تطهَّر في بيته، وخطا إلى المسجد خمسين خطوة، مائة خطوة، ألف خطوة، ثم وقف عند الباب، نقول: هذا مثل مَن يتخصص في اللغة العربية، ولا يستعمل هذه اللغة في عِلم الكتاب والسنة وفهم الكتاب والسنة، وقُل مثل هذا في كل العلوم الوسائل؛ لأن القصد من معرفة اللغة العربية فهْم الوحيَيْنِ، القصد من علوم الآلة عمومًا كيفية التعامل مع نصوص الوحيين، فليكن همُّنا الكتاب والسنة، ولا يمنع ذلل ولا يعني هذا أني أقول للإخوان: لا تقرؤوا في اللغة العربية، لا تقرؤوا في أصول اللغة، ولا في علوم الحديث، ولا في قواعد التفسير، لا، هذه أمور لا بد منها لفهم الغاية، التي هي نُصُوص الكتاب والسنة.
كيف يتعامل شخصٌ ما عرَف اللغةَ العربية مع كتاب أُنزل بلغة العرب؟ كيف يفرِّق بين الحقائق الواردة في القرآن؟ الألفاظ الواردة في القرآن؛ كيف يتعامل معها على أنها حقائق لغوية، أو عرفية، أو شرعية، حتى يعرف هذه الحقائق؟
فعلى طالب العلم أن يهتمَّ بهذا غايةَ الاهتمام، ويأخذ منه ما يكفيه، ولا يزيد على ذلك، قد تحتاج الأمَّة إلى متخصصين في اللغة العربية يفيدون أهلَ العلم فيما يحتاجون إليه من عويص المسائل ودقائق المسائل، لكن -والحمد لله- ما يكفي لفهم الوحيين أمرُه ميسور، يعني من قرأ الآجرومية [14] مع شروحها وحواشيها، استفاد فائدة عظيمة، والآجرومية خمس ورقات ما تزيد، ثم إن أتبعها بالقطر -"قطر الندى"- وألفية ابن مالك، فهذا نور على نور، لكن لا يكون على حساب نصوص الوحيين، ثم بعد ذلك إذا انتهى من الآجرومية، ثم القطر، ثم الألفية، تطلَّعتْ نفسه إلى ما هو أعظم من ذلك من شروح "المفصل" [15]، وشروح الكافي، وشروح كذا، لا، نقول: خذ من علم العربية ما يكفيك.
وبعض الناس إذا قيل له: علم العربية، اقتصر على النحو! نقول: هذا الكلام ليس بصحيح، العربية علوم وفروع متعدِّدة، فطالب العلم يحتاج من علوم العربية كلها الاثني عشر علمًا يحتاج إليها، يحتاج علم النحو، يحتاج علم الصرف، يحتاج علم المعاني، البديع، البيان، الوضع، الاشتقاق، إلى غير ذلك من العلوم، فقه اللغة، متن اللغة، يحتاج إلى العلوم كلها، لكن مع ذلك لا تكن هذه العلوم على حساب الوحيين، لا تكن هذه العلوم على حساب الوحيين.
قد يقول قائل: إن الجامعات في هذه البلاد وغيرها، فيها أقسام للُّغة العربيَّة، معنى هذا تغلق هذه الأقسام؟! نقول: لا يا أخي، الأمَّة في أمسِّ الحاجة إلى هذه الأقسام، لكن ما الذي يمنع أن يكون التطبيق في هذه الأقسام على الكتاب والسنة؟ يعني إذا شُرح بابٌ من أبواب النحو، قال: نطبق على القرآن، ثم جاء بسورة الفاتحة، نستخرج من سورة الفاتحة ما مرَّ بنا في هذا الباب، ثم بعد ذلك الباب الثاني على مقطع من سورة البقرة، أو من قصار السور، والباب الثالث... وهكذا.
وبهذا يُفهم الكتاب القرآن العظيم، وترسخ لغة العرب؛ لأنَّ القرآن بلغة العرب، قد يمرُّ عليه في القرآن بعض الألفاظ التي فيها اختلاف مع اللُّغة العربيَّة، فيما يقرر في قواعد العربية، يوجد منها الشيء اليسير، كلمات يسيرة في القرآن تختلف عمَّا قرَّره النُّحاة، وعلى هذا فلا بد أن نخضع النحو إلى أفصح الكلام ولا عكس، لا نتطلب إجابات ?تقديرات تبعد بنا عن فهم القرآن من أجل قواعد وضعها النحو.
نقول: خير ما يُضبط به علمُ النحو التطبيقُ على القرآن، وفي "شرح الأزهرية" من بعيد أبعاد، أو هو "شرح شذور الذهب" في آخره إعراب قصار السور؛ لتمرين الطلاب على إعراب القرآن، وفهم اللغة في آن واحد.
فالآن لك عناية بالنحو، كثير من الطلاب يصاب بيأس بالنسبة لهذا العلم، يقول: قرأتُ النحو، حفظت الآجرومية والقطر والشروح، وبدأت بالألفية، لكن ما أرى لساني يعتدل؟! نقول: يا أخي، لا تيْئَس؛ لأنك بتعلُّمك هذا العلم، لا يلزم أن يُقوَّم لسانك، إلا إن كنتَ خطيبًا، أو مدرسًا، أو شيئًا من هذا، أو تُكثِر القراءة في كتب على الشيوخ الذين يصحِّحون لك ما تخطئ فيه، أما إذا لم تكن خطيبًا، ولا مدرسًا، ولا تقرأ على المشايخ، ثق ثقة تامة أن لسانك لن يعتدل.
لكن ماذا بقي لك من علم النحو؟
بقي الفائدة العظمى، وهي فهم الكلام؛ لأن علم النحو يفيدنا في أمرَيْن:
الأول: تقويم اللسان.
والثاني: فهم الكلام.
أنت إذا قرأتَ في القرآن، أو في السُّنَّة وقد عرفت قواعد اللغة العربية، قد تكون قراءتك فيها شيء منَ اللحن، ولا يتقوَّم لسانك بهذا، لكن أنت تفهم الفاعل من المفعول، من الحال من التمييز، من غيرها، ولكل كلمة في موقعها معنى خاص، فلا ييْئَس من قرأ النحو على الجادة من المتن، الطبقة الأولى إلى الثانية إلى الثالثة، إلى أن ينتهي من هذا العلم، ويقول: أنا واللهِ ما استفدت شيئًا، ومع الأسف فإننا نجد هذا اليأس في نفوس كثيرٍ من طلاب العلم، ونقيم بعض الدروس في اللغة العربية، ونجد بعض الكبار يتخلَّف عنها، نقول له: لماذا؟ يقول: والله ما أستطيع، حضرت الدرس وما استفدت!
يا أخي، لا تستطيع أن تفرِّق بين التمييز والحال، قال: كتابةً أعرب لك؛ ولكن ما أنطق، قيل: ما يلزم يا أخي، أنت إذا لم تستفد الفائدتين، فلا تَفُتْك هذه الفائدة العظمى، وأنت بهذا تفهم الكلام؛ كلام الرب جل وعلا وكلام النبي عليه الصلاة والسلام وكلام أهل العلم، ولا يمكن أن يزهد طالب العلم في علم العربية إلا إذا زهد في علوم الكتاب والسنة؛ لأنها بلسان العرب، بلسان عربي مبين.
فعلى الإنسان أن يحرصَ على هذا أشدَّ الحرص، وبعضهم يقول: نفهم كلام الله جل وعلا دون هذا التعقيد الذي في كتب النحو، فقل: يا أخي، علم النحو لا يحتاج إلى تعقيد، ما يحتاج تقرأ في "أوضح المسالك" [16]، كتاب معقد لا تقرأ فيه، تكتفي بالآجرومية والقطر، وما كتب عليهما، إن سمتْ همتُك إلى الألفية فبها ونعمت، وإلا فأنا أضمن لك أن تتقن العربية بهذين الكتابين مع شروحهما.
فبعض الأحكام الشرعية يتغيَّر الحكمُ فيها تبعًا لتغيُّر الإعراب، ومُثِّل لهذا بحديث:
1- «ذكاة الجنين ذكاةُ أمِّه» [17]، وبعضهم يرويه: «ذكاةُ الجنين ذكاةَ أمه»، فما الفرق؟
يقولون: «ذكاةُ الجنين ذكاةُ أمه» برفع الجزأين، قلنا: إن ذكاة الجنين هي ذكاة أمه، فلا يحتاج إلى تذكية، وبهذا قال الجمهور، لكن إذا قرأنا بالرواية الأخرى؛ النصب: «ذكاةَ الجنين ذكاةَ أمه»، قلنا: منصوب على نزع الخافض، والتقدير: كذكاة أمه [18]، فيلزم أن يذكَّى مثل ذكاة أمه، وبهذا يقول الحنفية [19].
تغيَّر الحكم أو لم يتغيَّر؟ تغيَّر الحكم.
2- وأعظم من ذلك قول الأصمعي وجمع من أهل العلم: إنَّ الذي يلحن في كلام النبي صلى الله عليه وسلم يُخشَى عليه أن يدخل في قوله عليه الصلاة والسلام : «من كذَب عليَّ مُتَعَمِّدًا، فلْيَتَبَوَّأ مقعده من النار»[20].
إذا قلت: «إنما الأعمالَ بالنيات» [21]؛ يعني: أنت قلتَ على الرسول عليه الصلاة والسلام ما لم يقله، إذا قلت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنما الأعمالَ بالنيات» فالرسول ما قال هذا الكلام؛ إنما قال: «إنَّما الأعمالُ بالنيات»، فنهتم لهذا الأمر.
فطالب العلْم إذا تعَلَّم النَّحْو ولَمْ يتعلَّم الصرف، فإنه بذلك يقع في حرَج كبيرٍ، فالصرف لا بد منه، لكن لا يعني ذلك أننا نقرأ "الشافية" [22] وشروح الشافية، لكنَّنا نقتَصِر على المُختصرات في هذا الفن.
يحتاج طالب العلم أيضًا إلى علم البيان، وعلم البديع، وعلم المعاني، يحتاج إليها حاجة شديدة ماسة.
يعني كيف نستخرج إعجاز القرآن بغير هذه العلوم؟ لا بد أن نقرأ هذه العلوم؛ لكي نعرف قيمةَ هذا الكتاب العظيم الذي تُحدِّي به العرب، بعض الناس يقرأ القرآن وكأنه كلام عاديٌّ، وهذا العمل ليس بصحيح؛ بل إذا عرف هذه العلوم وقرأها، وجد أن القرآن لا يضاهيه أدنى مضاهاة أيُّ كلام، والعرب الفُصَحاء تَحَدَّاهم الله جل وعلا أن يأتوا بمثله [23]، ثم تحداهم أن يأتوا بعشر سور من مثله[24]، ثم بسورة من مثله [25]، ولكن هل من الممكن أن يُتحدى العرب أن يأتوا بآية؟ ما حصل، هذا التحدي بآية ما حصل، لكن آية تعادل أقصر سورة يمكن أن يتحدى بها، أما مجرد آية؛ مثل: {ثُمَّ نَظَرَ} [المدثر:21]، {مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن: 64]، فالعرب لا يعجزون أن يقولوا: ثم نظر؛ لذا لَم يحصل التحدِّي بآية.
على كل حال، طالب العلم لا بد أن تكون رؤيته متكاملةً وشاملة، ولذا يشترطون لمن يتصدَّى لتفسير القرآن أن يعرف جميع العلوم؛ لأنه قد يشكل عليه أشياء في تفسير القرآن لا يحلها إلا فقيهٌ، لا يحلها إلا مُحدِّث، لا يحلها إلا لُغوي، تشكل عليه بحيث لا يحلها إلا علماء البلاغة، وهكذا [26].
فطالب العلم عليه أن يأخذ من كل علمٍ ما يناسبه، ولا يعني أنه موغل في كل علم، بحيث يصير هو الهمَّ أجمع، لا، يأخذ من كل علم ما يكفيه، فهناك مختصرات في سائر العلوم نافعة، وأهل العلم ما قصروا، رتَّبوا هذه الكتب وصنفوها، وجعلوها على طبقات تناسب المتعلِّمين وطبقاتهم، فجعلوا للمبتدئين كتبًا، وجعلوا للمتوسطين كتبًا، وجعلوا للمتقدمين كتبًا، وكتب العلم التي تشرح موجودة، والأشرطة وكلام أهل العلم في هذا كثير.
وعِلْم العربيَّة نحتاجه أيضًا في السُّنة، وعرفنا اختلاف الحكم تبعًا لاختلاف الإعراب [27]، وعرفنا أنَّ الخطر الذي عبَّر عنه الأصمعي وغيره بإدخال من يلحن في الحديث بحديث «مَن كذب»، قد يكون هذا غير متعمد، فيخرج من هذا، لكن كونه يُلصَق بهؤلاء -ولو مِنْ وَجْه- أنه كذب على النبي -عليه الصلاة والسلام فالإنسانُ لا يريد أن يقع في هذا، ولو لَم يكن عن قصد، وحديث: «مَن حدث عنِّي بحديث يُرَى أنه كذب، فهو أحد الكاذبين» [28]، فهذا مخيف، يعني ما يلزم أن تراه أنت، لو رآه غيرُك أنه كذب، فأنت واقع في هذا الوعيد، وإنك أحد الكاذبين، والكاذبُ عليه مِنَ اللهِ ما يستحقُّ كما جاء في النُّصوص [29].
لا بُدَّ أن نتعلم العلم، وأنتم لا شك أنَّكم مِن طلاب العلم، وأخذتم منه بقسط كافٍ -إن شاء الله تعالى- لكن المزيد هو المطلوب، والله جل وعلا ما أَمَرَ نبيَّه من الاستزادة من شيء إلا من العلْم: {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه:141].
فنحن بحاجة ماسة إلى الازدياد من العلم، بعض الناس يقول: أنا والله تخرجت، درست مدة عشرين سنة، خمسٍ وعشرين سنة، والآن أحمل أعظم الشهادات، يعني إلى متى؟ نقول: الرسول عليه الصلاة والسلام قيل له: {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه:141].
وبعض الناس يقول: أنا والله درست مدة عشر سنين، عشرين سنة، ثلاثين سنة، وإذا سُئلت عن شيء ما أقدر، ما استفدت، فأترك.
نقول: يا أخي، النتيجة ليست بيدك، النتيجة عند الله جل وعلا عليك أن تبذل السبب، فبذْلُ السبب منك مطلوب؛ ((من سلك طريقًا))، السبب سلوك الطريق، ابذل سلوك الطريق، فاسلك الطريق تضمن لك النتيجة؛ «مَن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهل الله له به طريقًا إلى الجنة» [30].
حضر معنا البعض عن المشايخ، بعض الناس أدركناه في الخامسة والسبعين من العمر، درس على شيوخنا وعلى شيوخهم، وكان زميلاً لشيوخهم، فدرس مع الشيوخ ومع شيوخهم، ودرس مع الطلاب، وتأخَّر عنا في الطلب حتى مات، ما يقرب عن تسعين سنة، لكنه بالفعل ما أدرك شيئًا؛ لأنه إذا سمع شيئًا يحثه على العمل عمِل به، فهذا مع صدق النية سهل الله جل وعلا به طريقًا إلى الجنة، فالنتيجة مضمونة، النتيجة في الآخرة مضمونة، لكن في الدنيا هل ضمن لك أن تكون عالمًا؟ لا، ما ضمن لك أن تكون عالمًا؛ ولذا اليأس ليس بوارد، لا في العلم ولا في العمل؛ لأن بعض الناس أيضًا بالنسبة للعمل، يقول: حاولت وعجزت، كيف حاولت؟ حاولت الإخلاص وما قدرت، يأتي كثير من طلاب العلوم الشرعية والكليات، يقولون: والله نحن حاولنا الإخلاص، ومن شرط العلم الإخلاص؛ لأنه من أمور الآخرة المحضة، لا يجوز فيه التشريك، فأخشى أن أكون من أول من تُسعَّر بهم النار [31]، أترك طلب العلم، يقال له: لا تترك ولا تيْئَس، الترك ليس بحلٍّ، لكن عليك أن تجاهد، تجاهد نفسك، وحينئذٍ إذا علم الله منك صدق النية، أعانك.
بعض الناس يقول: حاولت قيام الليل، وجاهدت نفسي وعجزت، نقول: السلف كابدوا قيام الليل سنين، ولا بد مِنْ تجاوز مرحلة الاختبار، فإذا تجاوزت مرحلة الاختبار ونجحت، فإنك في النهاية تتلذَّذ، فالطلب في بدايته شاقّ، أقرانك وأقاربك في استراحات مبسوطون على ما قالوا، يتمشون وينبسطون، ويتجاذبون أطراف الحديث، وينظرون إلى أخبار العالم، وأنت جالِس بزاوية في بيتك تقرأ كتابًا، أو في مسجد بين يدي الشيخ.
فالنَّفس فيها صراع في أول الأمر، لكن هذه مرحلة امتِحان، فإذا صبرتَ واحتسبت الأجْر من الله جل وعلا وأخلصت وصدقت اللجوء إليه، لا شك أنك تكون في نعيم، في جنة، لا يدركها أمثال هؤلاء، كما قال شيخ الإسلام رحمه الله وكما قال من قبله، يعني هم في جِنان، لو يعلم بها الملوك لجالدوهم بالسيوف.
مثلاً عطاء بن أبي رباح [32] كان مُبتلًى بعللٍ كثيرة، بتشويه خلقي وعلل في جميع أطرافه، وفي لونه، وفي شكله، وفي وجهه، وإذا جلس في المسجد الحرام، الملوك كأنهم أطفالٌ بين يديه، فما الذي رفع هذا؟ بِمَ رُفع مثل هذا؟ رُفع بالعلم، فإذا أدركتَ مثل هذه الأمور، وقرأت ما أعدَّ الله جل وعلا للعلماء العاملين في كتابه وسنة نبيِّه عليه الصلاة والسلام لا شك أنك سوف تنسى كلَّ ما يتلذَّذ به الناس من أمور دنياهم.
يعني في العام الماضي والذي قبله، أيامَ سوق المساهمات، فقدْنا بعض طلاب العلم، أين فلان؟ قالوا: والله انشغل بالمساهمات، وكان من الملازمين للدروس في جميع الأوقات، في النتيجة حصل ما حصل، يعني يا الله عاد حسب الأرباح والخسائر، ماذا خسر هذا الذي ترك الدروس؟ وما الذي خسره من ترك الأسهم؟ أعرف بعض طلاب العلم انشغلوا بهذا، نسوا العلم، والله إننا نختبرهم في بعض المسائل الصغيرة التي كانوا يُقرِئونها الطلاب، ويساعدون الشيخ في تقريرها، نسوها، وبعضهم نسي القرآن، وبعضهم يصلي صلاة ببدنه، وليس للقلب فيها أي نصيب، يعني ماذا خسر هذا الشخص في مقابل حطام الدنيا؟ خسر شيئًا عظيمًا، بينما الذي لزم الدروس، وأدرك من العلم ما أدرك، وإذا ذهب إلى صلاته فهو مرتاح مُقبل على ربه، فهذا ما فاته شيء.
الدنيا -الحمد لله- مقدور عليها، لكن من الخاسر في الحقيقة؟ {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الزمر:15]، الخسران في القيامة، وليس في الدنيا، قد يخسر الإنسان، قد تصيبه ضائقة مادية، قد يشتغل في تجارة ويخسر، لكن ليس هذا.
وَكُلُّ كَسْرٍ فَإِنَّ الدِّينَ يَجْبُرُهُ *** وَمَا لِكَسْرِ قَنَاةِ الدِّينِ جُبْرَانُ [33]
فعلى الإنسان أن يُقبِل على ما خُلق من أجله، حَصِّل هذا الهدف، ثم بعد ذلك: {وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [القصص: 77]، التي تستعين بها على تحقيق هذا الهدف، أما أن تجعل الدنيا هي الهدف، وقد رأينا من عوام المسلمين، والآن بعض علماء المسلمين - مع الأسف- وبعض طلاب العلم من ينطبق عليه: «تعس عبدُ الدرهم، تعس عبد الدينار، تعس وانتكس -نسأل الله العافية- وإذا شيك فلا انتقش» [34].
نعرف من دهاة عوام المسلمين من تأتيهم بضائع من الشرق والغرب، ويخبرك بأسعارها وفوائدها في لحظة، ما يحتاج آلات، أفضل من الآلات، وأسرع من الآلات، لكن لا يعرف يقص أظافره، وإذا أصابتْه شوكة يطلب من يسعفه، وهذا حاصل بالفعل، فما هو بخيال؛ إنما هذا حاصل بالفعل، ولبس الساعة سنين ثم خلعها ولم يعرفها، ومع ذلك يخبرك عن أمور الدنيا بدقة.
فالمسلم مخلوق لتحقيق هدف: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، تحقيق العبودية، ومع ذلك هذه العبودية تحتاج إلى شيء من الدنيا، فينتبه لشيء من دنياه، كما قال الله جل وعلا: {وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا}. الحال الآن في وضْع المسلمين العكس تمامًا، كأنما خُلقوا للدُّنيا، ويحتاجون إلى من يقول لهم ويتعاهدهم: "ولا تنْسَ نصيبك منَ الدِّين"!
فعلى الإنسان أن ينتبه لنفْسه قبْل فوات الأوان، والآن أكثر الحضور -ولله الحمد- من الشباب، الذين هم في عصر الإمكان، الكلام عن الكتب، وترتيب الكتب، وماذا يقرأ، وماذا لا يقرأ، فهناك أشرطة سُمِّيَت: "كيف يبني طالب العلم مكتبته"، وهذه موجودة في الأسواق، لسنا بحاجة إلى الكلام عليها مرة أخرى، العلم، وطالب العلم، والعالم، والذين أوتوا العلم قد رفعهم الله درجات، {يَرْفَعِ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة:11].
وهل الدرجات عشرون سنتيمترًا مثل درج الدنيا؟ لا، الدرجة الواحدة ما بين السماء والأرض[35]، و"درجات" بصيغة الجمع، ما هي بدرجة، ولا بدرجتين، ولا كذا، فتنبه لِمِثْل هذا الأمر، هذا بالنسبة للعلم، هذه كلمة مختصرة.
بالنسبة للعمل، يوجد في صفوف طلاب العلم -مع الأسف- من يأخذ العلم مجردًا، ويشكو من عدم ثباته في نفسه، ينسى العلم، نقول لك: يا أخي، اعمل بهذا العلم، ثم بعد ذلك فإنه يثبت، والعلم كما يقول علي رضي الله عنه: "يهتف بالعمل، فإن أجابه وإلا ارتحل" [36].
وكم مِنْ شخصٍ تعلَّم من العلوم الشيء الكثير، ثم بعد ذلك في النهاية نسي، لماذا؟ لأنه لا يعمل، العلم النظري المجرد لا يثبت، فلو أنَّ إنسانًا أخذ مُصنفًا مِنْ ثلاثمائة صفحة - مثلاً - في تعلُّم قيادة السيارة، في تفكيك المكينة، وتفكيك كذا، يعني أخذ كلَّ ما يتعلق بالسيارة، وقرأ الكتلوجات القديمة والحديثة وكذا، لكنه ما باشر ما معه، فماذا يتعلم هذا الشخص؟
لا بد من العمل، فالعمل يثبت به العلم، والأعمال متاحة في شرعنا -ولله الحمد- كثيرة جدًّا، يعني بعض الناس قد يصعب عليه ويشق عليه أن يساعد الناس ببدنه، نقول: يا أخي، ساعد الناس، وابذل ما تستطيع برأيك، مثلاً: إذا جاء أحدُ الناس يستشيرك فأعطه النصيحة.
العمل الخاص الذي لا يتعدى، صيام النوافل، قيام الليل، الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، الذي صار الناس بأمسِّ الحاجة إليه الآن، فالمنكرات الآن في محافل المسلمين تزيد، ولا بُدَّ من التعاوُن على إزالتها وإنكارها، لكن بطُرُق تترتَّب عليها المصلحة، ولا يترتب عليها أدنى مفسدة [37].
والإنسان -ولله الحمد- في هذا البلد لا يوجد أحدٌ يمنعه من أن يقول لشخصٍ رآه في طريقه إلى المسجد: صلِّ يا أخي، صلِّ جزاك الله خيرًا، الآن الإقامة قربت، والمسجد قريب، وقد سمعتَ الأذان، ولا عذر لك، ورأس مالِك الصلاة، أعظم أركان الإسلام، هل يوجد أحد يمنعه من هذا؟ يرى شبابًا يلعبون كرة يقول لهم: صلُّوا، يرى صاحب محل مفتوح بعد الأذان، يقول له: أغلق.
ولو أن الناس تتابعوا على الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، وتعاوَنوا عليه، ما وجدْنا هذا التساهلَ الموجود في أسواق المسلمين ومحافلهم، فالاهتمام بهذا الشأن هو مِن أهم المهمَّات وأولى الأولويات بالنسبة لجميع المسلمين؛ لأنَّ الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «مَن رأى منكم منكرًا، فلْيُغيره بيده، فإن لَم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه» [38]، واللسان -ولله الحمد- مستطاع، بالأسلوب المناسب الذي لا يترتَّب عليه مفاسد.
هذه الأمَّة، إنما فُضِّلت على غيرها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شأنُه عظيم، لماذا لُعن بنو إسرائيل؟ {كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ} [المائدة: 79]، كانوا لا يتناهون عن منكرٍ فعلوه، هذا هو السبب [39]، فإذا وجدنا المنكر ولم ننكره، لا يعني هذا أن نأخذ عصًا ونضرب هذا، لا، أبدًا، الشرع -ولله الحمد- جعل لك فسحة، لا تستطيع أن تغيِّر بيدك -وكل إنسان في بيته يستطيع التغيير بيده- ومن له ولاية على شيء يستطيع التغيير بيده، لكن إذا لم يستطع، فالخيار الثاني التغيير باللسان، وهذا مقدور عليه في بلادنا -ولله الحمد- وليس مانع، ولا يوجد من يمنع من التغيير باللسان إذا لم يوجد هناك مشكلةٌ، أو مفسدة أعظم من هذا التغيير.
المقصود أن علينا أنْ نَتَكاتَف على هذا المرفق العظيم، وننوء بالحمل مع إخواننا الرسْميين، ولعل الله جل وعلا أن يدفعَ عنَّا، فالمنكرات لا شك أنها سببٌ لمقْت الله وغضبه، وفي الحديث الصحيح: أنهلِك وفينا الصالحون؟ قال: «نعم، إذا كثُر الخبث» [40]، عندنا صالحون كثر -ولله الحمد- عندنا علماء عاملون، وعندنا دعاة وقضاة، وعندنا أخيار، وعندنا زهَّاد، وعندنا عُبَّاد، لكن الخبث كثر؛ فيخشى علينا، ولا نستطيع أن نردَّ هذا الخبث إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ ولذلك قدِّم على الإيمان: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:110]، فقدّم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الإيمان، والأمرُ بالمعروف والنهي عن المنكر لا يصح دون إيمان، إلا أنه من أجل أننا فضِّلنا به على سائر الأمم قُدِّم، وإلا فالأمم السابقة كلهم يؤمنون بأنبيائهم، يعني من كُتب له اتباع الأنبياء فإنهم يؤمنون.
أيضًا هناك أعمال خاصة على طالب العلم أن يلتزمها؛ ليُعان على طريقه ومسيرته في طلب العلم: يستعينُ بقراءة القرآن على الوَجْه المأمور به بالتدبُّرِ والتَّرتيلِ، وأيضًا يُكْثِر مِن تلاوةِ القرآن لِيحصلَ على الأُجورِ العظيمة، فبِكلِّ حرفٍ عشْرُ حسناتٍ[41]، فالإنسانُ في ربعِ الساعةِ يقرأُ جزءًا يحصلُ له مائةُ ألفِ حسنةٍ، وليكثرْ مِن هذا، ويجعلْ له وقتًا للتدبُّر والنظرِ في كتاب الله والاعتبار {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر:17]، لا بد أن نعتبر، ولا بد أن نتذكَّر، لا بد أن نذكِّر أنفسنا، ونذكِّر غيرَنا بالقرآنِ {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} [ق:45]، لكنْ مَن الذي يتذكَّرُ؟ هو الذي يخافُ الوعيدَ، أما الإنسانُ الغافلُ الساهي اللاهي، فنَصيبُه من هذا قليلٌ، ومع الأسفِ نَرى البعضَ مِمَّن ينتسبُ إلى طلبِ العلمِ عندَه شيءٌ من الجفاء بالنسبة للقرآن، فتجده إذا تيسَّر له أن يَحضُرَ إلى المسجدِ قبلَ الإقامة، ويصليَ الركعتين إن بقيَ وقتٌ، أخذَ مصحفًا، وقرأ ما تيسر؛ ورقةً أو ورقتينِ، ويكونُ القرآنُ عنده- على ما يقول الناس-: على الفرغة؛ إن وَجد وقتًا قرأ، وإلا فلا.
فهذه مشكلةٌ يُعايِشُها كثيرٌ من طلابِ العلم، حتى مِن الحُفاظ، بعضُ الطلاب إذا ضَمِن حِفْظَ القرآن يشعر أنه قد قام بدوره وانتهى منه، نقول له: لا يا أخي، الآنَ جاء دورك، الآن جاء دور التلاوة التي يترتَّب عليها أجرُ الحروف، وجاء دورُ الترتيل والتدبرِ والاستنباطِ والتذكُّرِ والتذكيرِ بالقرآن، الآن جاء دوره، فأهلُ القرآن لهم هذه الخاصَّةُ، هم أهلُ الله، وهُم خاصَّتُه [42]، وينبغي أن يُعْرَفوا بما لا يُعرفُ به غيرُهم -كما قال ابنُ مسعود- يُعرف بصيامه، يُعرف بصَلاته، يُعرف بقيامه، يعرف بتلاوته، يعرف بنفعه الخاصِّ والعامِّ، يُعرَفُ بإقباله على الله جل وعلا إذا غفَل الناسُ، فصاحِبُ القرآن له شأن عظيم.
أيضًا مما يوصَى به المسلمُ عمومًا: لا يزالُ لسانُه رطْبًا بذكر الله جل وعلا[43]، والذِّكْر لا يكلِّفُ الإنسانَ مشقةً، فإن قال: "سُبحانَ الله وبحمده" مائةَ مرَّةٍ، حُطَّت عنه خطاياه وإن كانت مثلَ زبَدِ البحر[44]، فقولك: "سبحانَ الله وبحمده" مائة مرة بالتجربة تحتاج إلى دقائقَ يسيرةٍ، فليس علينا الآصارُ والأغلال التي كانت على مَن قبلنا، كأنْ يأخذَ الإنسانُ سيفًا ويقتلَ نفسَه لِيتوبَ الله عليه[45]، ما يلزمنا هذا، دقائق يقول: "سبحان الله وبحمده"، حُطت عنه خطاياه وإن كانت مثلَ زبد البحر، وهناك أيضًا لزوم الاستغفار، وللاستغفارِ فوائدُ جليلة؛ فإن له دورًا في انشراح النفس، وطيب العيش، وكثرة المال والولد، والبركة في الرزق.
وأيضًا من يقول: (لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير) عشرَ مرات، كمن أعتق أربعةً مِن ولَدِ إسماعيلَ[46]، عشر مرات تقال في زمن يسير، مائة مرة ولا يكون أحد مثله، إلا إذا أتى بمثل هذا الذِّكر أو زاد، حرزٌ من الشيطان، ومائة درجة، ويُمحى عنه مائةُ سيئة، وكمن أعتق عشَرةً مِن ولد إسماعيل[47]، أُجورٌ عظيمة بأعمال يسيرة، أما الحرمان فعاقبتُه وخيمة.
مثلاً تجد كثيرًا من الناس إذا ذهب إلى أمرٍ من الأمور ووجد صاحب الأمر غير موجود، يُقال له: واللهِ خرج إلى مصلحة، يأتي بعد ربع الساعة مثلاً؛ ربع الساعة خمس عشرة دقيقة، هذه أثقلُ عليه في الانتظار مِن خمس عشرة سنة، تجده يتوهَّج ويتأسف ويتألم، فيخرج ويدخل، وينتظر هنا، لماذا؟ ما عوَّد نفسه على الذِّكْر، فلو شرع في قراءة جزءٍ من القرآن في ربع الساعة هذه، ألَنْ يودَّ أن يتأخَّر صاحبُه حتى يكمل هذا الجزء؟ إذا كان له وِرْدٌ ونصيب يوميٌّ من القرآن، ألن يتمنى أن تتأخر الإقامةُ قليلاً حتى يكْملَ قراءته؟ هذا هو الحاصل يا إخواني.
أما الذي يتفقَّدُ القرآنَ لمجرد إمضاء وقته، ويتصلُ بالذِّكر في ذلك، ما يُفلح، فقط ينتظر الإقامة وينتظر متى يأتي الإمام، لماذا؟ لأنه ما عوَّد نفسه، ولا تعرَّف على الله في الرخاء ليعرفه -سبحانه- في مثل هذه الشدائد[48].
لكن لو تأخَّر الموظف الذي ينتظره عشر دقائق أو ربع ساعة، أو تعوَّد، وكان لا يحفظ القرآن وفي جيبه جزء من القرآن فقرأه، يكفيه، مائة ألف حسنة أفضل بكثير من العمل الذي جاء مِن أجْله، ولأننا لم نعوِّدْ أنفسَنا على هذا؛ نتضايق كثيرًا، الإنسان في طريقه وفي مصلحته ذَهابًا إليها وإيابًا منها، يضيِّع أوقاتًا كثيرة، مثلاً الناس في السيارات الآن -وكثير من الناس لا يُحْسن استغلال مثل هذه الأوقات- اقرَأِ القرآنَ، اتلُ مِن الأذكار ما جاء الشرعُ بالحثِّ عليه، اسمعْ أشرطةً عِلمية تستفِدْ.
المقصود: أن الإنسانَ يحفظ الوقت؛ لأنَّ العمرَ هو عبارةٌ عن هذه الأنفاس وهذه الدقائق، وقبلها الثواني، وبعدها الساعات[49]، هذا هو عمرُ الإنسانِ؛ بل هذا هو حقيقة الإنسان، فإذا ضيَّع الإنسانُ نفسَه، فعلامَ يحاسَب؟
إذا ضيع الإنسان نفسه، يعني انتهت بالكلية، ما فعل شيئًا، وكم من شخص يُمَدُّ له في العمر إلى مائة سنة، فإذا طَلب من أهله وذويه أن يخبروه ماذا أنجز خلال هذه السنين المائة، والله ما يجد شيئًا نافعًا، وبعض الناس يبارَك له في عمره.
عمر بن عبد العزيز: [50] مات وما أكمل الأربعين، ولكن انظر ما زال ذِكره إلى الآن باقيًا؛ الذِّكر الحسَن.
وسعيد بن جبير[51]: ما أكمل الخمسين. النووي [52]: ستة وأربعين، وملأ الدنيا عِلمًا، في مساجدِ الدنيا كلِّها يُقال: قال النوويُّ رحمه الله تعالى.
"فعلينا أن نحرِص على هذا".
ثم قد يقول قائل: ما السرُّ وراء هذه البَركة؟ إننا رأينا أناسًا طالتْ أعمارُهم؛ لكن ما كُتب لهم مثلُ هذا الذِّكر الحسن، بحيث يقال على كل إنسان: (رحمه الله) جاء شخص إلى هشام بن عبد الملك وقال له: إن أباك منحني قطعةَ أرض، ثم جاء عمرُ بن عبد العزيز رحمه الله فأخذها مني، قال: سبحان الله، الذي أعطاك الأرض ما قلتَ: رحمه الله، والذي أخذها منك تقول: رحمه الله؟! قال: وماذا أفعل؟ كلُّ الناس تقول هذا، ما يُذكر اسمُه إلا وترحَّم الناس عليه!
فعَلى الإنسان أن يحرص على تحقيق مثل هذه الأمور، وكم من شخص تجري أعماله بعد وفاته مئاتِ السنين، لماذا؟ لأنه دلَّ الناس على هُدًى، علَّم الناس الخير، ألَّف مصنَّفاتٍ يستفيد منها الناس، وأجورهم ماضية، «أو علمٍ يُنتفع به» [53]، وبعض الناس على العكس؛ مئاتِ السنينَ تجري عليهم الأوزار؛ لأنهم عمِلوا بدعًا وصنفوا كتبَ بِدَعٍ، فصار الناسُ يتأثَّرون بها، فعليهم أوزارهم.
«ومَن سنَّ في الإسلام سُنة حسنة، فله أجرُها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سنَّ في الإسلام سنة سيئة، فعليه وِزرُها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة»[54]، فعلينا أن نهتم بأنفسنا ونحتاط لها، والموضوع المذكور في الإعلان موضوعٌ متشعِّب ولا ينتهي، ولا ندري بما نبدأ ولا بما ننتهي، لكن لعل الأسئلة تبيِّن شيئًا من المراد.
والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] قال علي بن أبي طالب: علموا أنفسكم وأهليكم الخير؛ ("تفسير الصنعاني" ج3 ص303، وقال الشيخ الألباني: صحيح موقوفًا، وقال مجاهد: "اتقوا الله، وأوصوا أهليكم بتقوى الله"، وقال قتادة: "تأمرهم بطاعة الله، وتنهاهم عن معصية الله، وأن تقوم عليهم بأمر الله، وتأمرهم به وتساعدهم عليه، فإذا رأيت لله معصية قدعتَهم عنها وزجرتهم عنها"؛ ("تفسير ابن كثير" ج4 ص392).
[2] قال الشيخ السعدي: "هذه الغاية التي خلق الله الجنَّ والإنس لها، وبعث جميع الرُّسُل يدْعون إليها، وهي عبادته المتضمِّنة لمعرفته ومحبته، والإنابة إليه، والإقبال عليه، والإعراض عما سواه، وذلك متوقف على معرفة الله - تعالى -، فإنَّ تمام العبادة متوقف على المعرفة بالله؛ بل كلما ازداد العبد معرفة بربِّه، كانتْ عبادته أكمل، فهذا الذي خَلَق الله المكلَّفين لأجله، فما خلقهم لحاجة منه إليهم"؛ ("تفسير السعدي" ج1 ص813).
[3] قال ابن تيميَّة: إن الاعتبار في صواب العمل بما جاء به الكتاب والسنة، لا بما يستحسنه المرء أو يجده أو يراه من الأمور المخالفة للكتاب والسنة؛ بل قد يكون أحد هؤلاء - كما قال عمر بن عبدالعزيز -: من عبَدَ الله بجهل أفسد أكثر مما يصلح؛ ("كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في الفقه"، ج 25 ص 281).
وقال أيضًا: إن القصد والعمل إن لَم يكن بعلم، كان جهلاً وضلالاً واتباعًا للهوى؛ ("كتب ورسائل وفتاوى ابن تيميَّة في الفقه"، ج 28 ص 136).
وقال محمد بن عمر النووي البنتني: إنَّ الشيطان كلما فتح بابًا على الناس من الأهواء، وزين الشهوات في قُلُوبهم، بيَّن الفقيه العارف مكايدَه، فيسد ذلك الباب ويجعله خائبًا خاسرًا، بخلاف العابد؛ فإنَّه ربما يشتغل بالعبادة وهو في حبائل الشيطان ولا يدري؛ ("تنقيح القول الحثيث بشرح لباب الحديث"، ج 1 ص 8).
[4] قال الراغِبُ: ولاعتِبار الاجتماع قِيل: الثُّلَّةُ بالضَّم: الجَماعَةُ مِنَّا، ومنه قولُه تعالى: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ . وَثُلَّةٌ مِنَ الْآَخِرِينَ} [الواقعة: 39، 40]؛ ("تاج العروس"، ج28 ص163).
[5] يُشير الشيخ إلى حديث أبي هريرة قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «من نفَّس عن مؤمنٍ كربةً من كُرب الدنيا، نفس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسرٍ، يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا، ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنة، وما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلتْ عليهم السكينة، وغشيتْهم الرحمة، وحفَّتْهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن بطَّأ به عمله، لم يُسرع به نسبه»؛ أخرجه مسلم: كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، حديث رقم (2699)، وعنه مختصرًا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهل الله له طريقًا إلى الجنة»؛ أخرجه الترمذي: كتاب العلم، باب فضل طلب العلم، حديث رقم (2646)، وقال: هذا حديثٌ حسنٌ، وأحمد في مسنده، حديث رقم (8117).
وجاء من حديث أبي الدرداء مطولاً، قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من سلك طريقًا يبتغي فيه علمًا، سلك الله به طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضعُ أجنحتها رضاءً لطالب العلم، وإن العالم لَيستغفرُ له من في السموات ومن في الأرض، حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، إن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا؛ إنما ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظٍّ وافرٍ»؛ أخرجه الترمذي: كتاب العلم، باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة، حديث رقم (2682)، وأبو داود: كتاب العلم، باب الحث على طلب العلم، حديث رقم (3641)، وابن ماجه: في المقدمة، باب: فضل العلماء والحث على طلب العلم، حديث رقم (223)، وأحمد في مسنده، حديث رقم (21208).
[6] تصغير طالب.
[7] المهمه: المفازة والبرية القفر، وجمعها مهامه، ("لسان العرب"، ج13 ص542).
[8] من النصوص التي تحث على طلب العلم وترفع العلماء، ما يلي:
أولاً: من القرآن الكريم:
1 - قوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114].
2 - وقوله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر: 9].
3 - وقوله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11].
4 - وقوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28].
ثانيًا: من السنة:
1 - قوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا، يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ»؛ أخرجه البخاري: كتاب العلم، باب: من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، حديث رقم (71)، ومسلم: كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة، حديث رقم (1037)، والترمذي: كتاب العلم، باب: إذا أراد الله بعبد خيرًا فقهه في الدين، حديث رقم (2645)، وابن ماجه: في المقدمة، باب فضل العلماء والحث على طلب العلم، حديث رقم (220)، ومالك في الموطأ: كتاب الجامع، باب جامع ما جاء في أهل القدر، حديث رقم (1667)، والدارمي: في المقدمة، باب الاقتداء بالعلماء، حديث رقم (224).
2 - وقوله صلى الله عليه وسلم: «ألا إن الدنيا ملعُونةٌ ملعُونٌ ما فيها، إلاَّ ذكر الله وما والاهُ، وعالمٌ أو مُتعلمٌ»؛ أخرجه الترمذي: كتاب الزهد، باب منه، حديث رقم (2322)، وقال: حديث حسن، وابن ماجه: كتاب الزهد، باب مثل الدنيا، حديث رقم (4112).
3 - وقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ خَرَجَ فِي طَلَبِ العِلْمِ، كَانَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يَرْجِعَ»، أخرجه الترمذي: كتاب العلم، باب في فضل طلب العلم، حديث رقم (2647)، وقال: حديث حسن.
[9] قال ابن القيم في قصيدة:
العِلْمُ قَالَ اللهُ قَالَ رَسُولُهُ *** قَالَ الصَّحَابَةُ لَيْسَ خُلْفٌ فِيهِمَا
العِلْمُ نَصْبَكَ لِلْخِلاَفِ سَفَاهَةً *** بَيْنَ الرَّسُولِ وَبَيْنَ رَأْيِ سَفِيهِ
كَلاَّ وَلا نَصْبَ الخِلاَفِ جَهَالَةً *** بَيْنَ النُّصُوصِ وَبَيْنَ رَأْيِ فَقِيهِ
"شرح قصيدة ابن القيم" ج 1/ص 123. وقال المباركفوري في شرح حديث أبي هريرة السابق: ((عِلْمًا)): نَكَّرَهُ؛ لِيَشْمَلَ كُلَّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ عُلُومِ الدِّينِ قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً، إِذَا كَانَ بِنِيَّةِ القُرْبَةِ وَالنَّفْعِ وَالانْتِفَاعِ، وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ الرِّحْلَةِ فِي طَلَبِ العِلْمِ.
[10] هما كتابان لشيخ الإسلام ومجدد دعوة التوحيد محمد بن عبدالوهاب، أبي الحسين، التميمي (1115 - 1206 هـ)، وهما كتابان في العقيدة: الأول: "الأصول الثلاثة وأدلتها"، اشتمل على تقرير توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهيَّة، والولاء والبَراء، وذكر الأصول الثلاثة التي يجب على الإنسان معرفتُها، وهي: معرفة العبد ربَّه، ومعرفة العبد دينه، ومعرفة العبد نبيَّه صلى الله عليه وسلم، والثاني: "القواعد الأربع"، تكلم فيه على أربع قواعد لمعرفة حقيقة المشركين، ذكرها الله تعالى في كتابه الكريم، وهي مهمة، ينبغي على المسلم معرفتها.
[11] هو العلامة شمس الدين أبو عبد الله، محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حريز، الدمشقي، الجنبلي، الشهير بابن قيم الجوزية؛ لأن أباه كان قيمًا - أي: مسؤولاً - على مدرسة الجوزية بدمشق، له مؤلفات تربو على الثلاثين مؤلفًا، وهو من العلماء الذين شهدت لهم أعمالُهم بالإخلاص؛ لما كتب الله لها من بركة وشهرة بين طلاب العلم، من أهم أعماله: "إعلام الموقعين عن رب العالمين"، و"إغاثة اللهفان"، و"الداء والدواء"، و"الروح"، و"حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح".
انظر: "الدرر الكامنة" (4/21)، و"شذرات الذهب" (6/168)، و"النجوم الزاهرة" (10/249)، و"الأعلام" (6/56).
[12] النهز: الدفع، يقال: نهزتُ الرجل أنهزه: إذا دفعتَه، ونهز رأسه إذا حركه، ("لسان العرب" ج5/ ص421).
[13] جاء من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«صلاة أحدكم في جماعةٍ تزيد على صلاته في سوقه وبيته بضعًا وعشرين درجةً؛ وذلك بأنه إذا توضَّأ فأحسن الوضوء، ثم أتى المسجد لا يريد إلا الصلاة، لا ينهزه إلا الصلاة، لم يخطُ خطوةً إلا رفع بها درجةً، أو حُطتْ عنه بها خطيئةٌ، والملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي يصلي فيه: اللهم صلِّ عليه، اللهم ارحمه، ما لم يُحدِث فيه، ما لم يؤذِ فيه، وقال: أحدكم في صلاةٍ ما كانت الصلاة تحبسه»؛ أخرجه البخاري: كتاب البيوع، باب ما ذكر في الأسواق، حديث رقم (2119)، ومسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وانتظار الصلاة، حديث رقم (649)، وأبو داود: كتاب الصلاة، باب ما جاء في فضل المشي إلى الصلاة، حديث رقم (559)، وأحمد في مسنده، حديث رقم (7382)، وأخرجه الترمذي مختصرًا: كتاب الجمعة، باب ما ذكر في فضل المشي إلى المسجد وما يكتب له، حديث رقم (603)، وابن ماجه: كتاب الطهارة وسننها، باب ثواب الطهور، حديث رقم (281).
وجاء من حديث عثمان بن عفان أنه توضأ يومًا وضوءًا حسنًا، ثم قال: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فأحسن الوضوء، ثم قال: «من توضأ هكذا، ثم خرج إلى المسجد لا ينهزه إلا الصلاة، غُفر له ما خلا من ذنبه»؛ أخرجه البخاري: كتاب الطهارة، باب فضل الوضوء والصلاة عقبه، حديث رقم (232).
[14] هي المقدمة الآجرومية، لمؤلفها أبي عبد الله محمد بن محمد بن داود الصنهاجي، النحوي المشهور بابن آجُرُّوم - بفتح الهمزة الممدودة، وضم الجيم، والراء المشددة - من أشهر المختصرات النحوية، ولها العديد من الشروح، وهو متن منشور ومبارك، انتفع به عامة طلاب العلم، واعتكفوا عليه حفظًا وتدريسًا وشرحًا ونظمًا، ونفع الله به خلقًا، ("شذرات الذهب" ج 6 ص 62، و"الجامع للمتون العلمية").
[15] هو "المفصل في صنعة الإعراب"، لأبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري.
[16] هو كتاب "أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك"، لمؤلفه جمال الدين ابن هشام الأنصاري.
[17] أخرجه الترمذي: كتاب الأطعمة، باب ما جاء في ذكاة الجنين، حديث رقم (1476)، وأحمد في مسنده، حديث رقم (10950)، من حديث أبي سعيد الخدري، وقال الترمذي: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وقد روي من غير هذا الوجه عن أبي سعيدٍ، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، وهو قول سفيان الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وأخرجه أبو داود: كتاب الضحايا، باب ما جاء في ذكاة الجنين، حديث رقم (2828)، والدارمي: كتاب الأضاحي، باب في ذكاة الجنين ذكاة أمه، حديث رقم (1979)، من حديث جابر بن عبد الله.
[18] قال المباركفوري: نعم يروى هذا الحديث بالرفع والنصب؛ لكن المحفوظ عند أئمة الحديث هو الرفع، قال الحافظ المنذري في "تلخيص السنن": والمحفوظ عن أئمة هذا الشأن في تف?ير هذا الحديث الرفع فيهما. ("تحفة الأحوذي" ج5 ص43).
[19] قال في "التلخيص" قال ابن المنذر: إنه لم يروَ عن أحد من الصحابة ولا من العلماء أن الجنين لا يؤكل إلا باستثناء الذكاة فيه، إلا ما روي عن أبي حنيفة ("عون المعبود" ج8 ص19)، فقد قال أبو حنيفة بتحريم الجنين إذا خرج ميتًا، وإنها لا تغني تذكية الأم عن تذكيته ("تحفة الأحوذي" ج5 ص41).
[20] أخرجه البخاري: كتاب العلم، باب إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم حديث رقم (110)، ومسلم: في المقدمة، باب تغليظ الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث رقم (3)، وأحمد في مسنده، حديث رقم (9601)، من حديث أبي هريرة. وأخرجه البخاري: كتاب الجنائز، باب ما يكره من النياحة على الميت، حديث رقم (1291)، ومسلم: في المقدمة، باب تغليظ الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث رقم (4)، من حديث المغيرة بن شعبة. وأخرجه البخاري: كتاب أحاديث الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل، حديث رقم (3461)، والترمذي: كتاب العلم، باب ما جاء في الحديث عن بني إسرائيل، حديث رقم (2669)، وقال: حديث حسن صحيح، وأحمد في مسنده، حديث رقم (6450، 6556، 6849، 6967)، من حديث عبدالله بن عمرو.
وأخرجه البخاري: كتاب الفتن، باب ما جاء في النهي عن سبِّ الرياح، حديث رقم (2257)، وابن ماجه: في المقدمة، باب التغليظ في تعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث رقم (30)، وأحمد في مسنده، حديث رقم (3686، 3791، 3804، 3839، 4145)، من حديث عبدالله بن مسعود.
وأخرجه الترمذي: كتاب تفسير القرآن، باب ما جاء في الذي يفسر القرآن برأيه، حديث رقم (2951)، وقال: حديث حسن، وأحمد في مسنده، حديث رقم (2670، 2967)، من حديث ابن عباس. وأخرجه الترمذي: كتاب المناقب، باب مناقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه حديث رقم (3715)، وقال: حديث حسن صحيح غريب، وأحمد في مسنده، حديث رقم (585، 1078)، من حديث علي بن أبي طالب. وأخرجه أبو داود: كتاب العلم، باب في التشديد في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث رقم (3651)، وابن ماجه: في المقدمة، باب التغليظ في تعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث رقم (36)، وأحمد في مسنده، حديث رقم (1416)، من حديث الزبير بن العوام. وأخرجه ابن ماجه: في المقدمة، باب التغليظ في تعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث رقم (33)، من حديث جابر بن عبد الله.
وأخرجه ابن ماجه: في المقدمة، باب التغليظ في تعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث رقم (37)، من حديث أبي سعيد الخدري.
[21] من حديث عمر بن الخطاب، أخرجه البخاري بهذا اللفظ في صحيحه: كتاب بدء الوحي، باب بدء الوحي، حديث رقم (1)، وأبو داود: كتاب الطلاق، باب فيما عني به الطلاق والنيات، حديث رقم (2201)، وابن ماجه: كتاب الزهد، باب النية، حديث رقم (4227).
[22] "الشافية في علم التصريف"، اسم المؤلف: جمال الدين أبو عمرو عثمان بن عمر الدويني النحوي، المعروف بابن الحاجب.
[23] كما في قوله تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: 88]، وقوله تعالى: {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ} [الطور: 34].
[24] كما في قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [هود: 13].
[25] كما في قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 23]، وقوله تعالى: {قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [يونس: 38].
[26] قال بعض الفضلاء: علم التفسير لا يتم إلا بأربعة وعشرين علمًا، وعدَّ الإمام الشافعي في مجلس الرشيد ثلاثًا وستين نوعًا من علوم القرآن، وقال بعض العلماء: العلوم المستخرجة من القرآن ثمانون علمًا، ودون فيها كتب. ("أبجد العلوم" ج 2 ص 6).
[27] راجع ذلك عند الحديث على قوله صلى الله عليه وسلم : «ذكاة الجنين ذكاة أمه».
[28] عن سمرة بن جندب، والمغيرة بن شعبة قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من حدَّث عني بحديثٍ يرى أنه كذبٌ، فهو أحد الكاذبين»؛ أخرجه مسلم مسندًا: في المقدمة، باب وجوب الرواية عن الثقات، بدون رقم، وأحمد في مسنده، حديث رقم (905). وعن المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حدث عني حديثًا وهو يرى أنه كذبٌ، فهو أحد الكاذبين»؛ أخرجه الترمذي: كتاب العلم، باب ما جاء فيمن روى حديثًا وهو يرى أنه كذب، حديث رقم (2662)، باب من حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا وهو يرى أنه كذب، حديث رقم (41)، وأخرجه ابن ماجه: في المقدمة، باب من حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا وهو يرى أنه كذب، حديث رقم (38)، وأخرجه عن سمرة بن جندب بنفس اللفظ، نفس المرجع، حديث رقم (39). وجاء في "مسند الروياني" أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من حدث عني حديثًا لم أقله، فليتبوأ مقعده من النار»؛ ("مسند الروياني" ج 2 ص 250).
[29] قال النووي: ولهذا؛ قال العلماء: ينبغي لمن أراد رواية حديث أو ذكره أن ينظر، فإن كان صحيحًا أو حسنًا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، أو فعله، أو نحو ذلك من صيغ الجزم، وإن كان ضعيفًا فلا يقل: قال، أو فعل، أو أمر، أو نهى، وشبه ذلك من صيغ الجزم؛ بل يقول: روي عنه كذا، أو جاء عنه كذا، أو يروى، أو يُذكر، أو يحكى، أو يقال، أو بلغنا، وما أشبهه - والله سبحانه أعلم.
قال العلماء: وينبغي لقارئ الحديث أن يعرف من النحو واللغة وأسماء الرجال، ما يسلم به من قوله ما لم يقل، وإذا صح في الرواية ما يعلم أنه خطأ... ("شرح النووي على صحيح مسلم" ج 1 ص 71).
[30] سبق تخريجه.
[31] يشير إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم : «إن أول الناس يُقضَى يومَ القيامة عليه رجلٌ استشهد، فأتي به، فعرَّفه نِعَمَه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، قال: كذبت؛ ولكنك قاتلتَ لأنْ يقال: جريءٌ، فقد قيل، ثم أمر به فسُحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجلٌ تعلَّم العلم وعلَّمه، وقرأ القرآن، فأتي به، فعرَّفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمتُ العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن، قال: كذبتَ؛ ولكنك تعلمتَ العلم ليقال: عالمٌ، وقرأتَ القرآن ليقال: هو قارئٌ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجلٌ وسَّع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله، فأتي به، فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيلٍ تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت؛ ولكنك فعلت ليقال: هو جوادٌ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه، ثم ألقي في النار»؛ أخرجه مسلم: كتاب الإمارة، باب من قاتل للرياء والسمعة استحق النار، حديث رقم (1905). والترمذي - مطولاً -: كتاب الزهد، باب ما جاء في الرياء والسمعة، حديث رقم (2382).
[32] كان عبدًا لامرأة من قريش، وقال إبراهيم بن إسحاق الحربي: كان عطاء بن أبي رباح عبدًا أسود لامرأة من أهل مكة، وكان أنفه كأنه باقلاة، قال: وجاء سليمان بن عبدالملك أمير المؤمنين إلى عطاء هو وابناه، فجلسوا إليه وهو يصلي، فلما صلى انفتل إليهم، فما زالوا يسألونه عن مناسك الحج وقد حوَّل قفاه إليهم، ثم قال سليمان لابنيه: قُومَا، فقاما، فقال: يا ابنَي، لا تنيا في طلب العلم؛ فإني لا أنسى ذلَّنا بين يدي هذا العبد الأسود.
ولد في خلافة عثمان بن عفان، توفي عام 114هـ، وقيل: 115، عن ثمانين سنة مات، قال ابن حجر: ثقة فقيه فاضل، انتهت فتوى أهل مكة إليه وإلى مجاهد في زمانهما، وأكثر ذلك إلى عطاء، وقال أهل العلم: كان عطاء أسود أعور أفطس أشل أعرج، ثم عمي بعد ذلك؛ ("صفة الصفوة" ج2 ص212، و"تقريب التهذيب" ج1 ص391، و"الكاشف"، ج2 ص21، و"تهذيب الكمال" ج20 ص70).
[33] من قصيدة تنسب إلى أمير المؤمنين الراضي بالله ("حياة الحيوان الكبرى" ج 1 ص 250).
[34] أخرجه البخاري: كتاب الجهاد والسير، باب الحراسة في الغزو في سبيل الله، حديث رقم (2887)، مطولاً، وباختصار ابن ماجه: كتاب الزهد، باب في المكثرين، حديث رقم (4136): « ».
[35] ورد أن بين الدرجة والدرجة في الجنة خمسمائة عام. ("سبل الهدى والرشاد" ج 3 ص 116)، وأخرج القراب عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «قاتلوا أهل الصقع، فمن بلغ منهم فله درجة في الجنة»، قالوا: يا رسول الله، ما الدرجة؟ قال: «ما بين الدرجتين خمسمائة عام» ("الدر المنثور" ج 4 ص 87)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الجنة مائة درجة، ما بين كل درجتين مسيرة خمسمائة عام»؛ قلت: رواه الترمذي غير قوله: «خمسمائة عام» رواه الطبراني في الأوسط، فيه يحيى بن عبدالحميد الحماني، وهو ضعيف ("مجمع الزوائد" ج 10 ص 419، و"جامع الأحاديث"، ج 4 ص 200).
[36] "نظم الدرر" ج 6 ص 200، و"جامع الأحاديث" ج 16 ص 334، و"تاريخ مدينة دمشق" ج 56 ص 66، و"تدريب الراوي" ج 2 ص 257. وقال إبراهيم الحربي: إنه ينبغي للرجل إذا سمع شيئًا في آداب النبي أن يتمسَّك به، ولأن ذلك سبب ثبوته وحفظه ونموه، والاحتياج فيه إليه، قال الشعبي ووكيع: كنا نستعين على حفظ الحديث بالعمل به، ويروى عن سفيان الثوري قال: من عمل بما علم، أورثه الله علم ما لم يعلم، وعن أبي الدرداء قال: من عمل بعُشر ما يعلم، علَّمه الله ما يجهل، وعن ابن مسعود أنه قال: ما عمل أحد بما علَّمه الله إلا احتاج الناس إلى ما عنده، وعن عمرو بن قيس الملائي أنه قال: إذا بلغك شيء من الخبر فاعمل به ولو مرة، تكن من أهله؛ ("فتح المغيث" ج 2 ص 359).
[37] حتى تكون الدعوة إلى الله عمومًا، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خاصة، نافعةً غير مفسدة، فإنه يتوجب على الراغب في القيام بهما أن يتعلم أسس الدعوة وآداب الداعية؛ من العلم بطبائع المجتمع وسلوكياته، ومفاهيمه ومعتقداته، والتمكن من لغة الخطاب، واختيار أقرب المسالك إلى عقل أفراده، وغير ذلك من الآداب التي أنصح كل راغب في العمل الدعوي بأن يتعلمها جيدًا قبل الشروع في الدعوة، فكم من مجتهد في الدعوة كان عمله شؤمًا على الدين، ومنفرًا للمخاطبين!
[38] أخرجه مسلم: كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان، حديث رقم (49)، وابن ماجه: كتاب الفتن، باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حديث رقم (4013)، وأحمد في مسنده، حديث رقم (10689)، كلهم من حديث أبي سعيد الخدري.
[39] قال النسفي: وفيه دليل على أن ترْك النهي عن المنكر من العظائم، فيا حسرةً على المسلمين في إعراضهم عنه ("تفسير النسفي" ج1 ص296)، وقال الشوكاني: ويحتمل أن يكون وصفهم بأنهم قد فعلوا المنكر، باعتبار حالة النزول، لا حالة ترك الإنكار، وبيان العصيان والاعتداء بترك التناهي عن المنكر؛ لأن من أخلَّ بواجب النهي عن المنكر فقد عصى الله - سبحانه - وتعدَّى حدوده، والأمرُ بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم القواعد الإسلامية، وأجلِّ الفرائض الشرعية؛ ولهذا كان تاركه شريكًا لفاعل المعصية، ومستحقًّا لغضب الله وانتقامه ("فتح القدير" ج2 ص66).
وعن عبدالله بن مسعودٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا، اتَّقِ الله ودَعْ ما تصنع؛ فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد، فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيلَه وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك، ضرب الله قلوب بعضهم ببعضٍ»؛ أخرجه أبو داود: كتاب الملاحم، باب الأمر والنهي، حديث رقم (4336)، من حديث عبدالله بن مسعود، وأخرجه الترمذي: كتاب تفسير القرآن، باب من سورة المائدة، حديث رقم (3048)، وابن ماجه: كتاب الفتن، باب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، حديث رقم (4006)، كلاهما من حديث أبي عبيدة.
[40] أخرجه البخاري: كتاب أحاديث الأنبياء، باب قصة يأجوج ومأجوج، حديث رقم (3346)، ومسلم: كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب اقتراب الفتن وفتح ردم يأجوج ومأجوج، حديث رقم (2880)، وابن ماجه: كتاب الفتن، باب ما يكون من الفتن، حديث رقم (3953)، وأحمد في مسنده، حديث رقم (26867)، أربعتهم عن زينب بنت جحش، وأخرجه الترمذي: كتاب الفتن، باب ما جاء في الصف، حديث رقم (2185)، عن عائشة.
[41] عن عبدالله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من قرأ حرفًا من كتاب الله، فله به حسنةٌ، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: "الم" حرفٌ، ولكن ألفٌ حرفٌ، ولام حرف، وميم حرف»؛ أخرجه الترمذي: كتاب فضائ? القرآن، باب ما جاء فيمن قرأ حرفًا من القرآن: ما له من الأجر، حديث رقم (2910)، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وأخرجه الدارمي موقوفًا على عبدالله، ولفظه: «تعلَّموا هذا القرآن؛ فإنكم تؤجرون بتلاوته بكل حرفٍ عشر حسناتٍ، أما إني لا أقول بـ"الم "، ولكن بألف ولام وميم بكل حرفٍ عشر حسنات»؛ كتاب فضائل القرآن، باب فضل من قرأ القرآن، حديث رقم (3308).
[42] عن أنس بن مالكٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن لله أهلين من الناس»، قالوا: يا رسول الله، من هم؟ قال: «هم أهل القرآن، أهل الله وخاصته»؛ أخرجه ابن ماجه: في المقدمة، باب فضل من تعلم القرآن وعلمه، حديث رقم (215)، وأحمد في مسنده، حديث رقم (11870).
[43] عن عبدالله بن بسرٍ رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن شرائع الإسلام قد كثُرتْ عليَّ، فأخبرني بشيءٍ أتشبث به، قال: «لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله»؛ أخرجه الترمذي: كتاب الدعوات، باب ما جاء في فضل الذكر، حديث رقم (3375)، وقال: هذا حديث حسن، وقال الشيخ الألباني: صحيحٌ، وابن ماجه: كتاب الأدب، باب فضل الذكر، حديث رقم (3793)، وأحمد في مسنده، حديث رقم (17227)، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح، والحاكم في المستدرك (ج1 ص672)، وقال: هذا حديث صحيح، وابن حبان في صحيحه (ج3 ص 96)، والبيهقي في سننه الكبرى (ج3 ص37)، والطبراني في "المعجم الأوسط" (ج2 ص118)، وابن أبي شيبة في مصنفه (ج6 ص58). قال المباركفوري: ((رطبًا من ذكر الله))؛ أي: طريًّا، مشتغلاً، قريب العهد منه، وهو كناية عن المداومة على الذكر ("تحفة الأحوذي" ج9 ص222).
[44] عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قال: سبحان الله وبحمده، في يومٍ مائة مرةٍ، حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر»؛ أخرجه البخاري: كتاب الدعوات، باب فضل التسبيح، حديث رقم (6405)، ومسلم: كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، حديث رقم (2691)، والترمذي: كتاب الدعوات، باب ما جاء في فضل التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد، حديث رقم (3466)، وابن ماجه: كتاب الأدب، باب فضل التسبيح، حديث رقم (3812)، وأحمد في مسنده، حديث رقم (7949)، ومالك في الموطأ: كتاب النداء للصلاة، باب ما جاء في ذكر الله تبارك وتعالى حديث رقم (487)، وابن حبان في صحيحه (ج3 ص111).
قال ابن حجرٍ العسقلاني: قول "سبحان الله" ومعناه تنزيه الله عما لا يليق به من كل نقص، فيلزم نفي الشريك والصاحبة والولد وجميع الرذائل، وقال أيضًا: والمراد بقوله: «وإن كانت مثل زبد البحر» الكناية عن المبالغة في الكثرة؛ ("فتح الباري" ج11 ص206).
[45] يشير الشيخ إلى قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 54]، قال سفيان بن عيينة: التوبة نعمة من الله أنعم الله بها على هذه الأمَّة دون غيرها من الأمم، وكانت توبة بني إسرائيل القتل؛ ("تفسير القرطبي" ج1 ص401).
[46] عن أبي أيوب الأنصاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قديرٌ - عشر مرارٍ، كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل»؛ أخرجه مسلم: كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، حديث رقم (2693)، والطبراني في المعجم الكبير (4/ 164).
[47] عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قديرٌ، في يوم مائة مرة، كانت له عدل عشر رقابٍ، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزًا من الشيطان يومَه ذلك حتى يمسي، ولم يأتِ أحدٌ بأفضل مما جاء به، إلا أحدٌ عمل أكثر من ذلك»؛ أخرجه البخاري: كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، حديث رقم (3293)، ومسلم: كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، حديث رقم (2961)، والترمذي: كتاب الدعوات، باب ما جاء في فضل التسبيح والتكبير التهليل والتحميد، حديث رقم (3468)، وابن ماجه: كتاب الأدب، باب فضل لا إله إلا الله، حديث رقم (3798)، وأحمد في مسنده، حديث رقم (7948)، ومالك في الموطأ: كتاب النداء للصلاة، باب ما جاء في ذكر الله تبارك وتعالى حديث رقم (486).
[48] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سرَّه أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب، فليكثر الدعاء في الرخاء»؛ أخرجه الترمذي: كتاب الدعوات، باب ما جاء أن دعوة المسلم مستجابة، حديث رقم (3382)، وقال: هذا حديثٌ غريب.
وعن ابن عباس - ولا أحفظ حديث بعضهم عن بعض - أنه قال: كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا غلام - أو يا غليم - ألا أعلِّمك كلمات ينفعك الله بهن»، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم قال: «تعرَّف إليه في الرخاء، يعرفْك في الشدة»؛ أخرجه أحمد في مسنده، حديث رقم (2800).
[49] قال الشاعر أحمد شوقي:
دَقَّاتُ قَلْبِ المَرْءِ قَائِلَةٌ لَهُ *** إِنَّ الحَيَاةَ دَقَائِقٌ وَثَوَانِي(ديوان أحمد شوقي1/528)
[50] هو عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص الأموي، يكنى أبا حفص، أمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، أحد خلفاء بني أمية، وعدَّه المؤرخون وعلماء الأمة خامس الخلفاء الراشدين، سئل محمد بن علي بن الحسين عن عمر بن عبد العزيز، فقال: أمَا علمت أن لكل قوم نجيبةً، وأن نجيب بني أمية عمر بن عبد العزيز، وأنه يُبعث يوم القيامة أمَّةً وحده، وعن سفيان الثوري أنه قال: "الخلفاء خمسة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعمر بن عبد العزيز - رضي الله عنهم"؛ أخرجه أبو داود في سننه: كتاب السنة، باب في التفضيل، حديث رقم (4631)، وقال هشام: لما جاء نعي عمر بن عبد العزيز، قال الحسن البصري: مات خير الناس؛ (انظر: "حلية الأولياء" 5/254، و"صفة الصفوة" 2/113، و"تقريب التهذيب" 1/415، و"تاريخ الخلفاء" 1/228، و"التاريخ الكبير" 6/174).
[51] هو سعيد بن جبير بن هشام، أبو عبد الله، مولى بني والبة من بني أسد، كان ابن عباس إذا أتاه أهلُ الكوفة يستفتونه يقول: أليس فيكم ابن أم الدهماء؟ وكان يقال: سعيد بن جبير جهبذ العلماء، وقال ابن كثير: كان من أئمة الإسلام في التفسير والفقه وأنواع العلوم؛ (انظر: "حلية الأولياء" 4/273، و"التاريخ الكبير" 3/461، و"سير أعلام النبلاء" 4/332، و"البداية والنهاية" 9/98).
[52] هو يحيى بن شرف بن مري بن حسن بن حسين بن حزام بن محمد بن جمعة النووي، الشيخ الإمام العلامة محيي الدين أبو زكريا، شيخ الإسلام، أستاذ المتأخرين، وحجة الله على اللاحقين، والداعي إلى سبيل السالفين، ومن مؤلفاته المباركة: كتاب "رياض الصالحين"، و"المجموع شرح المهذب"، و"شرح صحيح مسلم"، و"بستان العارفين"، و"الأذكار"، وغيرها؛ (انظر: "طبقات الشافعية الكبرى" 8/395).
[53] عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا مات الإنسان، انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقةٍ جارية، أو علمٍ ينتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له»؛ أخرجه مسلم: كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، حديث رقم (1631)، والترمذي: كتاب الأحكام، باب في الوقف، حديث رقم (1376)، والنسائي: كتاب الوصايا، باب فضل الصدقة عن الميت، حديث رقم (3651)، وأبو داود: كتاب الوصايا، باب ما جاء في الصدقة عن الميت، حديث رقم (2880)، وأحمد في مسنده، حديث رقم (8627)، والدارمي: في المقدمة، باب البلاغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث رقم (559).
[54] أخرجه مسلم: كتاب العلم، باب من سن سنة حسنة أو سيئة، ومن دعا إلى هدى أو ضلالة، حديث رقم (1017)، والنسائي: كتاب الزكاة، باب التحريض على الصدقة، حديث رقم (2554)، وقد قال تعالى : {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} [النحل: 25]، وسبب تحملهم وزرَينِ أن رؤساء الضلال وقادته تحملوا وزرين: أحدهما: وزر ضلالهم في أنفسهم، والثاني: وزر إضلالهم غيرهم؛ (انظر: "أضواء البيان" - 2/364).
عبد الكريم بن عبد الله الخضير
عضو هيئة التدريس في قسم السنة وعلومها في كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض وحاليا عضو هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
- التصنيف:
- المصدر: