تدبر - [334] سورة يس (3)- (4)
لقد كان تجردهم قدوة لتجرده وإخلاصهم أسوة لتفانيه، ولذا لم يطلب هو الآخر أجرًا، ولا طمع في مقابل، وهو يضع نفسه كجزء من منظومة الصدق المتكاملة التي كان هدفها الأوحد إعلاء كلمة الله، وتوحيده بالعبادة، والقصد وبذل الوسع لإبلاغ الرسالة، بلا أجر، ولا مقابل.
(3)
ولم تكن دعوته لنفسه، ولم يكن مطلبه لذاته، ولم يجعل مسعاه لمصلحته، بل أعلن تجرده في مفتتح كلامه قائلًا: {ٱتَّبِعُوا۟ ٱلْمُرْسَلِينَ} [يس من الآية:20].
لقد كانت دعوة متجردة نقية، كانت صدعًا بحق خالص لا تشوبه من شوائب حظ النفس شائبة، فهؤلاء المرسلون الذين لا يسألونكم أجرًا، ولا يطلبون شيئًا لأنفسهم هم الأولى بالاتباع، كان هذا لسان حال حبيب النجار، وما لخصه لسان مقاله في كلماته التي خلد ذكرها المولى في كتابه قائلًا: {اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ} [يس:21]
لقد كان تجردهم قدوة لتجرده وإخلاصهم أسوة لتفانيه، ولذا لم يطلب هو الآخر أجرًا، ولا طمع في مقابل، وهو يضع نفسه كجزء من منظومة الصدق المتكاملة التي كان هدفها الأوحد إعلاء كلمة الله، وتوحيده بالعبادة، والقصد وبذل الوسع لإبلاغ الرسالة، بلا أجر، ولا مقابل.
(4)
{اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ} [يس:21].
صفتان جعلهما مؤمن سورة يس علة الاتباع الذي ينصح به قومه وحجة وصيته لهم؛ عدم سؤال الأجر والهداية. وهاتان الصفتان من أهم مناطات الاتباع على الإطلاق، أن يكون الاتباع للمخلصين الذين لا يطلبون شيئًا لأنفسهم، أي شىء، لا يسعون لجاه ولا يطمعون في مال، ولا يبتغوة شهرة ولا ثناء بدعوتهم، وإن من أبرز موانع القبول ومن أشد أسباب النفور من الدعاة = ضد تلك الصفة.
أن يشعر المدعو أن الداعي يريد شيئًا منه، يريد ماله أو ثناءه، أو حتى انقياده وتهليله لكل خطواته، أن يشعر أنه يريد دنيا أو شيئَا من عرضها الزائل ووجاهتها الفانية.
{وَهُم مُّهْتَدُونَ} [يس من الآية:21].
ومحل الهداية = الوحي المنزل {فِيهِ هُدًۭى لِّلْمُتَّقِينَ} [البقرة من الآية:2]، {يَهْدِى لِلَّتِى هِىَ أَقْوَمُ} [الإسراء من الآية:9]، فالمستحق للاتباع هو ذلك المهتدي بنور الوحي، والمسترشد بتوجيهات التنزيل. إذن فهم المخلصون المتجردون المهتدون، هم الهادون المهتدون، المستغنون عن الناس، والمفتقرون لرب الناس، و هؤلاء هم الأحق بالاتباع.
- التصنيف: