عِفّة اللسان والقلم!
في يومٍ من الأيام زارني أحد الأحبة من أهل العلم المتخصصين البارعين في أحد فروع العلم الشرعي، وكان مُبرزًا في ذلك الفن، ومرجعًا فيه، وله أيادٍ طولى في تحرير كثيرٍ من مسائله، وتقريبها للناس. وبينما نحن نتجول في مكتبتي وصلنا إلى مكانٍ يحتوي على بعض الكتب الخاصة التي أراجعها بصورةٍ مستمرة؛ فوقعت عيني على أحد مؤلفات صاحبنا، فأخذته؛ لأريه أن ذلك الكتاب مما أحتاج إليه بين الفينة والأخرى.
في يومٍ من الأيام زارني أحد الأحبة من أهل العلم المتخصصين البارعين في أحد فروع العلم الشرعي، وكان مُبرزًا في ذلك الفن، ومرجعًا فيه، وله أيادٍ طولى في تحرير كثيرٍ من مسائله، وتقريبها للناس.
وبينما نحن نتجول في مكتبتي وصلنا إلى مكانٍ يحتوي على بعض الكتب الخاصة التي أراجعها بصورةٍ مستمرة؛ فوقعت عيني على أحد مؤلفات صاحبنا، فأخذته؛ لأريه أن ذلك الكتاب مما أحتاج إليه بين الفينة والأخرى.
وقد أهداني ذلك الكتاب قبل ما يقرب من سبع سنوات، وكان كتابًا رائعًا، حَرَّر فيه كثيرًا من المسائل المهمة في ذلك الفن.
ولمّا أخذت الكتاب من مكانه شرعت في تقليب صفحاته أمام صاحبنا، فوقع بَصَرُه على بعض علامات الاستفهام التي وضعتها لمّا قرأتُ الكتاب فَوْرَ وصولِه إليّ؛ فسألني صاحبي عن هذه العلامات، وماذا تعني؟!
فقلت له: لقد طال بي العهد ونسيت، ولكن ربما كانت بسبب وجود شيء من العبارات أو المناقشات التي تحتاج إلى بعض التلطيف.
فهز صاحبي رأسه، وقال -بكل نزاهة وصدق-: بل هذا هو الصحيح، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت للطَّفْتُ العبارة، وإذا أعدت طبع الكتاب مرةً أخرى، فسأفعل ذلك.
ثم قال: "لا يندم صاحب المَنْطِقِ العَفِّ".
ثم تجاذبنا أطراف الحديث في ذلك الشأن، وأنه لا يلزم من بيان الحق، أو المخالفة في الرأي أن يتعصّب الإنسان لرأيه، أو أن يستعدي مخالفيه بكل حال، أو أن يستسلم لعوارضه النفسية وقت الكتابة أو المناقشة؛ فالإنسان كلما زاد عِلمه، وتقدّم سِنُّه اتسعت رحمته وحِلْمه.
ولقد أفدت من حديث ذلك الصاحب النزيه أيّما فائدة، وذلك بأن ينظر الإنسان في عواقب أمره، وأن يستحضر أن الرفق لا يكون في شيءٍ إلا زانه، ولا يُنزع من شيءٍ إلا شانه، وأن عِفَّةَ اللسانِ والقلمِ نعمةٌ يهبها الله لمن يشاء من عباده، والراحمون يرحمهم الرحمن.
محمد بن إبراهيم الحمد
دكتور مشارك في قسم العقيدة - جامعة القصيم
- التصنيف: