(طوبى للغرباء)!
ذلك الحديث الذي كان بمثابة القنديل المُعلَّق على ناصية طريق الالتزام.. ذلك الشعور الذي كان يسيطر -وإن لم يكن في بعض الأحيان صوابًا- على قلبٍ يتشبّث بعروة الثبات.. شعور الغربة الذي ينتابك وأنت تتميز -غير قاصد ولا مُريدٍ ولا ينبغي لك- عن الناس بـ (لحيتك) وسِمتك.
ذلك الحديث الذي كان بمثابة القنديل المُعلَّق على ناصية طريق الالتزام..
ذلك الشعور الذي كان يسيطر -وإن لم يكن في بعض الأحيان صوابًا- على قلبٍ يتشبّث بعروة الثبات..
شعور الغربة الذي ينتابك وأنت تتميز -غير قاصد ولا مُريدٍ ولا ينبغي لك- عن الناس بـ (لحيتك) وسِمتك..
هذا الشعور الذي أراه كان هينًا جدًا بجوار ما نحياه الآن!
قد كان الملتزِم -على أي حال- رجلًا (بتاع ربنا).. و(ما لوش في اللوع)..
كلمته -على الأرجح دومًا- صادقة، ونيته لله -وإن اعترى فعله شطط أو حماقة- خالصة..
أما الآن.. فلن أُوصِّف بأكثر من التصريح بتلك النزغة الخفية التي طالما راودتني -وأحسبها راودت الكثيرين- بالتحرُّر من مظهرٍ صار يحسبني -ولا بد- على فلانٍ أو علان.. أشخاصٌ وجماعات، ممن لا أرضى صحبتهم، بلْ التوافق معهم على رأيٍ أو خُلقٍ أو طريقة تفكير أصلًا!
لولا نية بدوام الاتباع -على العور والتقصير-، وذكريات دموع الأسحار، ودعوات الليالي الطوال بالثبات حتى الممات - لهانت على النفس (شَعَرات) لم تكن يومًا تابعة لأحزاب وأجندات و (شعارات).
لولا ما عاهدت عليه ربك - لأحببت أن تكون صندوقًا مُغلقًا، ترجوه أن يحوي دُررًا تبِينُ بالمخالطة.. دون أحكامٍ مسبقة، وانطباعاتٍ صارت -وللأسف- لسِمتك لازمة.. وإنما أنت في الحقيقة مُتعوِّذٌ منها، حريصٌ على الابتعاد عنها!
صارت الغربة في لزوم توضيحك -بفعلك وخُلقك؛ فالأقوال لا يُعوَّل عليها كثيرًا- أنك نسخة مستقلة -أو كذا تريد-، غير مطالب بالتبرير لزيد أو الدفاع عن عمرو.. أو أنك بالضرورة موافق لهما أو لغيرهما في رأي يظنونك للوهلة الأولى عن يقين -غير منطقي- معتنقًا له.. أو مُخالِفًا مُعترِضًا عليه!
صارت الغربة أقسى وأشرس..
لكنها أنقى وأروح..
كن على طبيعتك؛ فلست مركز الكون..
أوفِ لربك بالعهد، وسله الثبات.. وأقبل على صلاح نفسك.. ومن حولك..
وإنما الصدق في الحال والمقال - أرضى عند الله..
وما فوق التراب - تراب!
محمد عطية
كاتب مصري