وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ
انظر حولك أخي بتدبر في الجواهر الصدوقة ليس في المظاهر الخداعة ستجدهم لا محالة إن جردت نفسك من الهوى ونظرت بعين الجوهر لا المظهر.
لي أصدقاء وأقرباء كانوا في طاعة الله مجتهدين، وبالتقوى ممتلئين، ولله متقربين..
مر الزمان والتقيت بهم مرة أخرى بعد غياب سنين، فوجدتهم.. في معصية الله مجتهدين (مع ظنهم أنهم على الحق)، وبالتجرؤ على الله ممتلئين، وعن الله معرضين..
فأصابني الرعب أن يجرفني الزمان فأكون مثلهم.. رعب شديد أخذ بأنفاسي وبنبض فؤادي..
فوجدتُ أن الوقاية الوحيدة من هذا المصير المظلم الكئيب الغرور أن ألتزِمَ معرفةَ الصالحين، ولا أحيد عن صحبتهم مهما جرفتني الأيام ومهما ارتقت بي الحياة وارتفع شأني (كل من أعرفهم ضلوا بعدما ارتفع شأنهم في الدنيا عاليًا!)..
فقفزت الآية في ذهني فوجدت ربَنا الرحيم قد قدّم لنا الحل على طبق من ماس حر حلًا جامعًا مانعًا؛ قال تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف:28].
تعقيب متسائل:
من هم الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي ويريدون وجهه؟ حتى نصبر أنفسنا معهم.
الرد على التعقيب:
كل منا حوله من أصدقائه ومعارفه من هو على يقين أنهم منه لله أقرب. الأمر ليس مطلقًا فهم ليسوا ملائكة ولا أنبياء ولا صديقين ولا بالضروري شيوخ ولا علماء... بل هم أصدقاؤنا الذين نتوسم فيهم أنهم أسبق منا على الطريق القويم. تعرفهم بإنكارهم فضلهم ويقينهم أنهم هم أقل منك، وتواضعهم لله، وخفضهم لك جناح الذل من الرحمة بكرامة وعزة نفس دون تعارض أو تناقض. الأمر نسبي وليس مطلقًا وهم موجودون في محيطِ كلٍ منا؛ فَهُم رزق من الله كالهواء كي نتنفسهم ونحيا بهم ولكننا لا نراهم من فرط إنكارهم أي فضل لهم علينا، أو أي مرتبة لهم فوقنا بل الضد يدّعون، وبفضلنا يوقنون، وبعلونا عليهم يؤمنون.
فقط انظر حولك أخي بتدبر في الجواهر الصدوقة ليس في المظاهر الخداعة ستجدهم لا محالة إن جردت نفسك من الهوى ونظرت بعين الجوهر لا المظهر. إجابة سؤالك عندك أنت أخي فسل نفسك صادقًا معها ستجدهم بإذن الرزاق.
والله أعلم.
أحمد كمال قاسم
كاتب إسلامي
- التصنيف: