صفات اليهود
هذا المقال يقوم بشرح صفات اليهود الواردة في القرآن الكريم وفي السنة النبوية، ويتناول العديد من المواقف التي شهدت لهم بخصال الخسة والندالة.
الحمد لله ملك الملوك، والصَّلاة والسَّلام على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وأشْهُد أن لا إله إلاَّ الله وحْده لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبدُه ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وبعدُ:
قال الله تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [المائدة:82].
فأخبر الله جلَّ وعلا أنَّ اليهود من أشد الناس عداوة وحربًا على المسلمين, كما أخبر الله تعالى أنهم يشعلون الفتن والحروب ضد المسلمين؛ قال الله تعالى: {وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [المائدة:64].
واليهود لم يَسلَمْ من شرِّهم أحدٌ؛ بل إنَّهم تطاوَلوا على ربِّ العالمين سبحانه وتعالى فقالوا بأنَّ لله تعالى الولد؛ قال الله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [التوبة:30].
ومنها قولهم: إنَّ الله تعالى فقيرٌ ونحن أغنِياء؛ قال الله تعالى: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} [آل عمران:181].
وبهذه الأقوال الكفريَّة الشَّنيعة وغيرها من الأعمال؛ كالكذِب على الله تعالى، والصَّد عن سبيلِه، استحقُّوا غضَب الله تعالى ولعْنته إلى يوم القيامة، وجعل الله تعالى منهم القِرَدة والخنازير عقوبةً لهم؛ قال الله تعالى: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ} [المائدة:60]، وقال الله تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ} [الأعراف:167].
وقد اشتُهِر اليهود بصِفاتٍ ذميمة، ذَكَرها الله تعالى في كتابِه عنهم، وهذه الصِّفات متأصِّلة في جميع اليهود إلى يوم القيامة، وعلى المسلم أن يكون على حذَرٍ منها.
فمنها: الغدر والخيانة، ونقْض العُهُود والمواثيق؛ قال الله تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [المائدة:13]، والتَّاريخ يشهد بنقضهم العهود والمواثيق؛ فقد نقضوا العهد مع رسولِ الله صلَّى الله عليْه وسلَّم وحاوَلوا قتْلَه أكثر من مرَّة، وفي آخرِها وضعوا له السُّمَّ في الشَّاة، وقدَّموها هديَّة، فمضغ منها مضغة، ثمَّ مكث يُعاني سنوات عديدة من هذا السُّمّ (صحيح البخاري: ص 1131 برقم [5777]).
وما يحصل لإخوانِنا في فِلَسْطين أكبر شاهد على نقْض العهود، واليهود لا تنفع معهم العهود والمواثيق والاتِّفاقيات، وإنَّما يعرفون لغة الشِّدَّة والقوَّة؛ ولذلِك لمَّا نقضوا العهد مع النَّبيّ صلَّى الله عليْه وسلَّم، حاصرَهم الرسول عليْه الصَّلاة والسَّلام ونزَلوا على حُكْم سعدٍ، فأمر أن تُقْتَل المقاتلة، وأن تُسْبَى النِّساء والذُّريَّة، وأن تقسم الأموال؛ فقال النَّبيُّ صلَّى الله عليْه وسلَّم: «» (صحيح البخاري: ص 723 برقم [38]، وصحيح مُسلم: ص 734 برقم [1768]).
ومن صفاتهم الذَّميمة: أنَّهم قتَلَة الأنبياء عليْهِم الصلاة السَّلام فقد قتلوا يحيى وزكريَّا وغيرَهُما من الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام؛ قال الله تعالى: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاؤُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} [آل عمران:112]، روى الإمام أحمد في مسنده من حديث عبدالله بن مسعود رضِي اللَّه تعالى عنْه أن النبي صلَّى الله عليْه وسلَّم قال: « » ( [6 /413] برقم [3868]، وقال محقِّقو المسند: إسناده حسن).
ومن صفاتِهم الذَّميمة: عصيانُهم لله تعالى، واعتِداؤهم على الخلْق، وأنَّهم لا يتناهَون عن المنكرات فيما بينهم؛ قال الله تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ. كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة:78-79].
ومنها: أكْل أمْوال النَّاس بالباطل؛ قال الله تعالى: {وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ. لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [المائدة:62-63]؛ ولذلِك يَحرص اليهود على السَّيطرة على البنوك والاقتِصاد العالمي؛ ليتحكَّموا في مصير الأُمَم والشعوب.
ومنها: كِتْمان العِلْم الَّذي أمرهم الله تعالى بتبليغه؛ قال الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [آل عمران:187]، فأخبر الله جلَّ وعلا أنَّهم يكْتمون العلم اغتياظًا من إظهاره بعرَض الدنيا الزَّائل.
ومنها: الحسَد؛ قال الله تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة:109].
ومنها: الجبن الشَّديد من مقاتلة المسْلمين في ساحات المعارك؛ قال الله تعالى: {لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ} [الحشر:14]، وقال الله تعالى: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ} [آل عمران:111]، قال ابن كثير: "وهكذا وقع؛ فإنَّهم يوم خيبر أذلَّهم الله تعالى وأرْغَمَ آنافهم، وكذلك مَن قبلهم من يهود المدينة: بني قينقاع، وبني النَّضير، وبني قُرَيظة، كلّهم أذلَّهم الله" (تفسير ابن كثير: [3 /159]).
وأكبر شاهدٍ على ذلك من الواقِع أنَّك تُشاهد الطِّفل الفِلَسطيني ومعه الحجَر، يُقابِل الجنديَّ اليهوديَّ المدجَّج بالسِّلاح، وهو يفرُّ هاربًا منه خوفًا على حياتِه.
ومن صفاتِهم الذَّميمة:
نشْر الفساد في الأرْض؛ ينشُرون المخدِّرات والمسْكرات، ويُشيعون الفواحش والرَّذائل في أوْساط الشُّعوب، فهم تجَّار الرَّذيلة، وسماسِرة البغاء، ويسيْطِرون على الإعْلام بقنواته الفضائيَّة المتعددة، الَّتي تنشر الأفلام الإباحيَّة الخليعة، وتنشر كذلك الكفر والإلحاد، وتُشكِّك المسلِمين في عقيدتِهم ودينهم, فهم يسعَون إلى الإفساد في الأرْض بكلِّ وسيلة يَملكونَها، وصدق الله تعالى إذ يقول: {وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [المائدة:64].
ومنها: أنَّهم من أحْرصِ النَّاس على الحياة؛ قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ. وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ. وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} [البقرة:94-96].
ومعنى الآيات الكريمة:
أي: "إن كنتم تعتقِدون أنَّكم أولياء لله تعالى من دون النَّاس، وأنَّكم أبناء الله تعالى وأحبَّاؤه، وأنَّكم من أهل الجنَّة ومَن عداكُم من أهل النَّار، فباهِلوا على ذلك وادَّعوا على الكاذبين منكم أو مِن غيركم، واعلموا أنَّ المباهلة تستأْصِل الكاذب لا مَحالة، فلمَّا تيقَّنوا ذلك وعرفوا صِدْقَه، نكلوا عن المباهلة؛ لِما يعْلمون من كذِبِهم وافتِرائهم وكتْمانهم الحقَّ من صفة الرَّسول صلَّى الله عليْه وسلَّم ونعْتِه كما يعرفون أبناءَهم، وسمِّيت هذه المباهلة تمنِّيًا؛ لأنَّ كلَّ محقٍّ يودُّ لو أهلك الله المبطل المناظر له، وكانت المباهلة بالموْت؛ لأنَّ الحياة عندهم عزيزة عظيمة؛ لما يعلمون من سوء مآلِهم بعد الموت، وهم أحْرَص منَ المشركين الَّذين لا كتاب لهم - عليهم لعائن الله تعالى المتتابعة إلى يوم القيامة"(تفسير ابن كثير: [1 /497] بتصرُّف).
قال ابن عبَّاس رضي الله عنْهما: "لو تمنَّوُا الموت لشرِق أحدُهم بريقه"، وقال أيضًا: "لو تمنَّى اليهود الموت لماتوا" (تفسير ابن كثير: [1 /494]، وقال: هذه أسانيد صحيحة إلى ابن عباس).
ومنها: البُخل: فهم -قاتلهم الله تعالى- اتَّهموا الله تعالى بالبخل، فعندما نزل قول الله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} [البقرة:245]، قالوا: "يا محمَّد صلى الله عليه وسلم، افتقَر ربُّك فسأل عبادَه القرْض؟!" فعاقبهم الله تعالى بنفْس الصِّفة الذَّميمة الَّتي اتَّهموه بها؛ قال الله تعالى: {غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاء} [المائدة:64]؛ لذلك فاليهود مِنْ أشدِّ الناس بخلاً، وأقلهم إنْفاقًا وبذْلاً.
ومنها: صفة الذُّل؛ قال الله تعالى: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ} [آل عمران:112]، قال ابنُ جرير الطَّبري: "ألْزم اليهودُ المكذِّبون لمُحمَّد صلَّى الله عليْه وسلَّم الذلة أيْنما كانوا من الأرْض، وبأيّ مكانٍ كانوا من بِقاعِها من بلاد المسلمين والمشركين، {إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ}؛ أي: بعهْد من الله وعهْد من النَّاس لهم، والمراد بالحَبْل السَّبب الَّذي يأْمنون به على أنفُسِهم من المؤْمنين، وعلى أموالهم وذراريهم؛ من عهْدٍ وأمان تقدّم لهم عقده قبل أن يثقفوا في بلاد الإسلام" (تفسير ابن جرير: [3 /394]).
وهم الآن تحت حماية النَّصارى الأمريكان، وهُم في ذلَّة، وإن ملكوا الأسلحة النَّوويَّة، والطَّائِرات، والدَّبَّابات المتطوِّرة، وتفوَّقوا على المسلمين في القوَّة العسكريَّة، ولكن يكفينا قول الله تعالى: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [يوسف:21].
والحمد لله ربِّ العالَمين, وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمَّد، وعلى آله وصحْبِه أجْمعين.
أمين بن عبد الله الشقاوي