وجوهٌ متعدِّدة، لعُملةٍ واحدة
والعَسكر ودَولتُه الحالية، بأنصارِه، وجُنوده، وشُيوخه، وإعلامه، ومُموِّليه؛ لا يَختلِف واقِعُه البتَّة، عن واقع الفاطميين العُبيديين، والتتار المَغوليين.
الدولة الفاطمية، التتار، عسكر مصر؛ وجوهٌ متعدِّدة، لعُملةٍ واحدة، فمَتَى يُفيق النائمون؟!
فالفاطميون زُورًا، الرافضةُ أُصولًا؛ كانوا أصحابَ الأصابع الخفيَّة؛ وراءَ هدم الخِلافة الإسلامية مرَّات، ووَالَوا المشركين، وتحالفوا مع الكافرين؛ خُفيَةٍ وتَقيَّة، وحَكموا المسلمين في مصر وغيرها؛ بالظلم والبطش؛ فقتَلوا الأبرياء، وسَفكوا الدماء، وانتهَكوا الحُدود، وهَتكوا الأعراض، وأشاعُوا الفاحشةَ والخَنا، واستحلُّوا الرِّبا والزِّنا، وأسقطوا الفرائض، وعطَّلوا الشرائع، وأتلفُوا التُّراثَ والمُصنَّفات، وحاربُوا الدِّين وأعدمُوا العلماء، حتَّى فشَا الكُفرُ بصُنوفه، والنفاقُ بحُروفه، فسُبَّ اللهُ والرسولُ والدين، وأصحابُ نبينا الأمين؛ حتى عُلِّقَت رؤوسُ النِّعاج على أبواب الدَّكاكين، مكتوبٌ عليها أسماءُ الصحابة، فمَن أنكر؛ قُتل ومُثَّل به!
وأما التتارُ؛ فأظهروا الإسلامَ، ولبَّسُوا على المُسلمين، وسفكوا الدماءَ حتى اختلطَت بحُمرتها مياهُ دِجلة والفرات، وهدموا المساجدَ واستباحُوها، واتخذُوا مَحاربَها دُورًا للسّكر والدعارة، وساحاتها مَرتعًا لخيُولهم ونجاساتهم.
وأطلَّ النفاقُ ناصيةَ رأسِه، وكشَّر فيها الكُفرُ عن نابِه وضِرسِه، وعلَت كلمةُ الكُفر بين المسلمين، ومُزِّق حبلُ الإيمان المتين، ونزَلت فتنةٌ تركَت الحليمَ كالحيران، وأنزَلت الرجلَ الصاحي منزلةَ السَّكران، وترَكت الرجلَ اللبيبَ لكثرة الوسواس؛ ليس بالنائم ولا اليقظان، وتناكرَت فيها قلوبُ المعارف والإخوان!
فبمَ حكمَ العلماءُ وقتها على هؤلاء؟! وكيف كانت كلمتُهم ومواقفهُم؟!
جَهروا فيهم على مَرأى ومسمع؛ بكلمة الله الحقّ، ولم يخافوا لَومَة لائم!
قال ابن تيمية في الفتاوى، عن الفاطميين: "ولأجل ما كانوا عليه من الزندقة والبدعة؛ بقيت البلاد المصرية مدةَ دولتهم؛ نحو مائتي سنة؛ قد انطفأ نور الإسلام والإيمان، حتى قالت فيها العلماء: إنها كانت دار ردَّة ونفاق، كدَار مُسيلمة الكذاب".
وقال الذهبي في العِبر: "كتب جماعةٌ من العلماء والقضاة والأشراف، والعُدول، والصالحين، المُحدِّثين، وشَهدوا جميعًا: أن الحاكم بمصر هو وسلفُه؛ كفَّار فسَّاق فجَّار مُلحدون، زنادقة مُعطلون، للإسلام جاحدون".
وأما التتار؛ فقال شيخُ الإسلام في الفتاوى: "فإن هؤلاء التتار؛ لا يُقاتِلون على دين الإسلام؛ بل يُقاتلون الناسَ حتى يدخُلوا في طاعتِهم، فمَن دخل في طاعتِهم؛ كَفُّوا عنه؛ وإن كان مُشركًا، أو نصرانيًّا، ومَن لم يدخل؛ كان عدوًّا لهم؛ وإن كان من الأنبياء والصالحين، وبالجملة؛ فمذهَبُهم ودِين الإسلام؛ لا يَجتمعان".
والعَسكر ودَولتُه الحالية، بأنصارِه، وجُنوده، وشُيوخه، وإعلامه، ومُموِّليه؛ لا يَختلِف واقِعُه البتَّة، عن واقع الفاطميين العُبيديين، والتتار المَغوليين، اللهمَّ إلَّا اختلافًا في الشَكل الخارجيّ؛ كالتقنيات، ووسائل الإعلام ... إلخ.
بل إنَّ دولة العسكر الآن؛ لَهِي بالإسلام وأهلِه؛ أشدّ بأسًا وتنكيلًا، لا يَختلفُ في حقيقة ذلك عاقلان، إلَّا مَن خُتِم على قلبِه وسَمعِه، وجُعِل على بَصرِه غِشاوة، فمَن يَهديه من بعد الله؟!
فاخْتَر لنفسك!
أتكونُ مع الفئة المُحارِبة للدِّين، أم من الخاذلَة، أم من المُجاهدة؟!
فمَا ثَمَّ قِسمٌ رابع.
أبو فهر المسلم
باحث شرعي و أحد طلاب الشيخ سليمان العلوان حفظه الله