يقظة الشاعر السكران!
جميل أن يبقى في القلب تعظيم الله وكتابه ورسوله مهما قارف المرء من ذنوب.
من أكثر المواقف تأثيرًا لحظات يقظة العصاة الممعنين في الفواحش والذنوب.. يقظتهم عندما يُمس حبهم وتعظيمهم لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
من ذلك ما ذكره الشيخ أبو الحسن الندوي رحمه الله تعالى في كتابه (الطريق إلى المدينة) عن الشاعر الهندي (أختر الشيراني)، والذي كان من مدمني الخمر الفاحشين.
كان أختر يجالس أشكاله من مدمني الخمر وبعض الشباب الشيوعيين العرب الذين يبدو أنهم تعلموا لغة القوم. فإذا عملت الخمرة في رأس أختر عملها صار من حوله يقولون له: "ماذا تقول في فلان؟"، فيؤلف شعرًا بذيئًا ماجنًا ويضحك الجميع.
وذات مرة تجرأ أحد جلسائه من الشيوعيين العرب فقال لأختر: "ماذا تقول في محمد؟".
فلم يكد الشاب يتمّ جملته حتى تناول الشاعر السكران كأس الزجاج وضربه بها على رأسه قائلًا: "يا قليل الأدب! أنت توجه هذا السؤال الوقح إلى رجل مذنب؛ معترف بشقائه؟ ماذا تريد أن تسمع من فاسق؟".
وكان جسمه يرتعد، وانفجر باكيًا وأجهش في البكاء، وأقبل على هذا الشاب الوقح يقول في عنف وغضب:
"كيف سوَّلت لك نفسُك يا خبيث أن تذكر هذا الاسم النزيه المقدس؟ كيف تجاسرت على ذلك يا قليل الأدب؟ يا قليل الحياء! لقد كان لكلامك مجال واسع؛ فلماذا دخلت في هذا الحمى المقدس؟ تب إلى الله من هذا السؤال الوقح، إنني أعرف خبث باطنكم جيدًا".
فأمر بإخراجه من المجلس، ثم قام بنفسه، وبات طول الليل باكيًا؛ يقول:
"لقد بلغ هؤلاء الشباب الملحدون هذا الحد من الوقاحة والجرأة! إنهم يريدون أن ينتزعوا منا آخر ما نعتز به ونعيش عليه من حب وولاء وإخلاص ووفاء!
إنني رجل مذنب؛ لا شك في ذلك، أعترف بذنبي، ولكن هؤلاء يحاولون أن نخلع رِبقة الإسلام من أعناقنا وقلوبنا، ونخرج من حظيرة الإيمان، لا والله؛ لا نرضى بذلك).
جميل أن يبقى في القلب تعظيم الله وكتابه ورسوله مهما قارف المرء من ذنوب.