مع القرآن - استعينوا بالصبر و الصلاة

منذ 2015-08-18

الاستعانة بالصبر على الطاعة و الصبر عن المعصية و الصبر على الآلام. والاستعانة بالصلاة التي هي نور وبرهان وطاعة وصلة وأمن وأمان.

الاستعانة بالصبر على الطاعة و الصبر عن المعصية و الصبر على الآلام.

والاستعانة بالصلاة التي هي نور وبرهان وطاعة وصلة وأمن وأمان.

هذا الثنائي العظيم الذي أوصى الله المؤمنين بالاستعانة به حتى يصلوا إلى بر الأمان سالمين لابد للمؤمن من التمسك بهما وطلب العون من الله في حسن العبادة بهما مع سؤاله تعالى تمام العافية في الدارين.

قال  تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة:153].

قال العلامة السعدي رحمه الله: "أمر الله تعالى المؤمنين، بالاستعانة على أمورهم الدينية والدنيوية {بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ} فالصبر هو: حبس النفس وكفها عما تكره، فهو ثلاثة أقسام: صبرها على طاعة الله حتى تؤديها، وعن معصية الله حتى تتركها، وعلى أقدار الله المؤلمة فلا تتسخطها، فالصبر هو المعونة العظيمة على كل أمر، فلا سبيل لغير الصابر، أن يدرك مطلوبه، خصوصاً الطاعات الشاقة المستمرة، فإنها مفتقرة أشد الافتقار، إلى تحمل الصبر، وتجرع المرارة الشاقة، فإذا لازم صاحبها الصبر، فاز بالنجاح، وإن رده المكروه والمشقة عن الصبر والملازمة عليها، لم يدرك شيئًا، وحصل على الحرمان، وكذلك المعصية التي تشتد دواعي النفس ونوازعها إليها وهي في محل قدرة العبد، فهذه لا يمكن تركها إلا بصبر عظيم، وكف لدواعي قلبه ونوازعها لله تعالى، واستعانة بالله على العصمة منها، فإنها من الفتن الكبار. وكذلك البلاء الشاق، خصوصًا إن استمر، فهذا تضعف معه القوى النفسانية والجسدية، ويوجد مقتضاها، وهو التسخط، إن لم يقاومها صاحبها بالصبر لله، والتوكل عليه، واللجأ إليه، والافتقار على الدوام".

فعلمت أن الصبر محتاج إليه العبد، بل مضطر إليه في كل حالة من أحواله، فلهذا أمر الله تعالى به، وأخبر أنه   {مَعَ الصَّابِرِينَ} أي: مع من كان الصبر لهم خلقًا، وصفة، وملكة بمعونته وتوفيقه، وتسديده، فهانت عليهم بذلك، المشاق والمكاره، وسهل عليهم كل عظيم، وزالت عنهم كل صعوبة، وهذه معية خاصة، تقتضي محبته ومعونته، ونصره وقربه، وهذه [منقبة عظيمة] للصابرين، فلو لم يكن للصابرين فضيلة إلا أنهم فازوا بهذه المعية من الله، لكفى بها فضلا وشرفا، وأما المعية العامة، فهي معية العلم والقدرة، كما في قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ}  وهذه عامة للخلق.

وأمر تعالى بالاستعانة بالصلاة لأن الصلاة هي عماد الدين، ونور المؤمنين، وهي الصلة بين العبد وبين ربه، فإذا كانت صلاة العبد صلاة كاملة، مجتمعا فيها ما يلزم فيها، وما يسن، وحصل فيها حضور القلب، الذي هو لبها فصار العبد إذا دخل فيها، استشعر دخوله على ربه، ووقوفه بين يديه، موقف العبد الخادم المتأدب، مستحضراً لكل ما يقوله وما يفعله، مستغرقًا بمناجاة ربه ودعائه لا جرم أن هذه الصلاة، من أكبر المعونة على جميع الأمور فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولأن هذا الحضور الذي يكون في الصلاة، يوجب للعبد في قلبه، وصفا، وداعيًا يدعوه إلى امتثال أوامر ربه، واجتناب نواهيه، هذه هي الصلاة التي أمر الله أن نستعين بها على كل شيء.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ
المقال التالي
وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ