فوارق - بين الموضوعية والتربص
و فارق دقيق ذلك الذي يفصل بين الموضوعية والتربص
بين النصيحة والتعيير
بين النقد والنقض
بين المنافحة عن وجهة النظر وبين محاولة فرضها ورفض وحقران (كل) ما دونها
فارق دقيق وخيط رفيع للغاية قليل من لا يعبره ويمزق تلك الحواجز الرقيقة بين تلك الأمور المتباينة
يُتبين اختراق تلك الحواجز من خلال عدة أشياء أهمها الإصرار على انتهاك غيب الصدور وهتك أستار النوايا والسرائر التي لا يعلم حقيقتها إلا الله ولا يدرك سرها غيره
يُتبين أيضا حدوث ذلك الاختراق من خلال تحميل الكلام ما لا يحتمله بل وأخذه على أبشع محامله والإصرار على تحقير أي محاولة لإحسان الظن أو التماس العذر أو حتى النقاش الموضوعي المهذب
بل ويصل الأمر إلى السخرية من أصحاب تلك المحاولات ونبذهم بالألقاب المهينة والتشبيهات المنفرة وربما البراءة منهم ومقاطعتهم فقط لأنهم رفضوا التمرغ في مخاضة التنابذ والتراشق
ناهيك طبعا عن خصائص ممزقي تلك الخيوط الرفيعة التي لا تخلو من الموالاة و المعاداة على الأشخاص والمواقف والغلظة والقسوة التي لا تخطئها عين ولا تغادر أطروحاتهم فظاظة طباع وتدني ألفاظ تظهر من خلالها أحيانا عُقد روحية وأمراض قلبية ربما لا يكون علاجها إلا عند الأطباء وفي المصحات النفسية
إن من أكثر ما يثير الأسف والنفور أن تقوم فكرة فئام من الناس على تجهيل الآخرين وبيان نقصهم وتسفيههم
أن تكون القيمة التي يقدمونها لمستمعيهم أو قرائهم قائمة على رسالة ضمنية أنهم فقط من يفهمون وأنهم وحدهم الأوسع اطلاعا والأعمق ثقافة وعلما وذلك من خلال الامتهان الدائم للآخرين وأفكارهم ورؤاهم وعبر بيان خفتهم أو تفاهتهم بالنسبة لعمق أصحابنا هؤلاء وذكائهم المذهل وثقافتهم الفظيعة
وقد يلجأ أحيانا أصحاب تلك الطريقة إلى تصورات متوهمة في عقولهم ولوازم لا يحتملها الكلام لكي تكون فرصة سانحة لنهش من يعدونهم من البلهاء السذج وإرسال رسالتهم المتكبرة في الوقت نفسه والتي فحواها: اتبعوني فأنا الذكي الأعظم والمثقف الأكبر والعميق الذي لا يشق له غبار
أفكار عظامية وقيم تسلقية لا تبزغ ولا تعلو إلا على سلم من عظام الآخرين
مجد زائف ما أشبهه وحياة طفيلية شبيهة بحياة مصاص دماء لا يحيا إلا اقتياتا على أرواح الآخرين والتجرع حتى الثمالة من دماء أفكارهم وبذلهم
- التصنيف:
- المصدر: