بين الأعلام و مرجئة السلطان - متى يصبح الحاكم صنماً ؟

منذ 2016-01-03

فرق بين طاعة ولي أمر مسلم في معروف و بين عبادته المطلقة عياذاً بالله 
وليّ الأمر .. هل أصبح الصّنم العَصري ؟ !

إن أخطر ما يَعتنق هؤلاء المُسبّحون بحَمد الحُكّام؛ ليس مجرد الدعوة إلى طاعة ولي الأمر، كلَّا .. إنها " تألِيه وتقديس " وليّ الأمر، شاء مَن شاء وأبَى مَن أبَى !
فهُو فقط؛ الآمِرُ والنَّاهي، والحَاكمُ والقاضِي، والمَسموع والمُطاع، فلا رادَّ لأمْرِه، ولا مُعقِّب لحُكمه !
إنها صورة مُستَنسخَة، من الكَهنُوت الكَنسِي عند النصارى، لكن بصبغة إسلامية. ذلِكُم الكَهنُوت؛ الذي يَمنح الكاهَن ما شاء من سُلطَات مُطلقَة، دون نظر أو مُراجَعة !
فيَعفُو عمَّن يشاء، ويُؤاخِذ من يشاء، يَبطش بمن يريد، ويَحكم بالذي يَهواه، شِعاره الفرعوني ( ما أُريكم إلا ما أرَى ) .. !
قد مَلك رِقابَ الناس، كَرهًا لا اختيارًا، وتسلَّط على حُكمهم وبلادهم وخيراتِهم، باسم الإسلام ووليّ أمر المسلمين !
فباسْمِ وليّ الأمر .. تُراق دماءُ المسلمين هنا وهناك !
وباسمِه .. تُستَحلّ الأعراض والحُرماتُ والأنفُس المَعصومة !
وباسمه .. يُحمَل السلاحُ على المسلم؛ حرامِ الدم والنفس !
وباسمه .. يُوالَى المشركون، ويُعادَى المؤمنون المُوحِّدون !
وباسمه .. تُستباح الحدود، والأموال، والحقوق، والمُمتلكات !
وباسمه .. تُقاد فتنةٌ بين المؤمنين هنا، وتَشتعل أخرى هناك !
وباسمه .. يُسجَن العالِم، ويُطلَق العاهر، ويُمكَّن الخوَّان !
وباسمه .. تُنكَّس راية الحقّ والإسلام، لترتفع راية الباطل والكُفران !
وباسمه .. تُبَثُّ قنوات الدّعارة، وتُغلق المساجدُ ودُور الطهارة !
وباسمه .. يُضيَّع الشّرع، وتَطغى حاكميةُ الكافرين على المسلمين !
وباسمه .. يُحارَب الجهاد، ويُقتلُ المجاهدون، لترتفع رايةُ الصّليب !
وباسْمه .. أصبح المؤمن عدوًّا، والكافرُ حبيبًا وليًّا !
وباسْمه .. تُقسَّم بلادُ المسلمين، وتُهيَّأ للخائنين والكافرين !
وباسْمِه .. وباسْمِه .. وباسْمِه !
فماذا بَقي لله إذًا ؟!!

إذا كان نبيُّنا عليه السلام، قد نَهى عن إطرائِه، وقال :
« لاتطروني كما أطرَت النصارى، المسيحَ ابن مريم، فإنَّما أنا عبد»  !
ونَهى أن يُقال: ( ما شاء اللهُ وشِئت ) !
فكيف بمن نَصَّبوا مُجرمًا مِن بينهم، ليس له من مُؤهلات وراثة الأنبياء، على أقوامهم؛ إلَّا أنه يدَّعي الإسلام، ويُحسب على المسلمين ؟!
كيف أصبح اليومَ إلهًا يُعبَد من دون الله، لمجرّد أنه وَلِيَ أمرَ الناس ؟! فما أحلَّه أحلُّوه، وما حرَّم حرَّموه، ولو خالف ما أحلّ اللهُ وحرَّم !
كيف صارت مشيئتُه سابقةً، وإرادتُه مُقدَّمةً؛ وأحكامُه نافذةً على مشيئة الله ومُرادِه وحُكمِه ؟!!
ويُقدَّم حُكمُه وتشريعُه، على حُكم الله ورسولِه ودينِه ؟!
أفيضيعُ شرعُ الله العظيم، ودِينُه القَويم، وحُكمُه المستقيم، لأجْلِ نفسٍ مَنفوسة، ورُوحٍ مَزهوقة، وآدميٍّ أصلُه من ماءٍ مهين ؟!!
واللهِ ما كان هكذا؛ حُكمُ رسولِ الله، ولا حُكمُ خُلفائِه، وأصحابِه !
{ ثُمَّ جَعلناكَ على شَريعَة من الأمر فاتَّبِعْهَا ولاتتَّبِع أهواءَ الذين لايَعلمُون }.

اللهم إنِّي أبرأ إليك من هؤلاء، ومَن ناصرَهم وعَاونهم، كائنًا مَن كان !
أبوفهر المسلم

أبو فهر المسلم

باحث شرعي و أحد طلاب الشيخ سليمان العلوان حفظه الله

 
المقال التالي
من صفات المرجئة