وللمُستضعَفين من المُوحِّدين؛ فضلٌ وأجر..!
كلّما كانت الطاعتان مُستويَتين في الصورة ظاهرًا؛ كان الفضلُ والسَّبقُ لأشقّهما.
قال ابن تيمية رحمه الله، في الفتاوى: "إذا استوَت الطاعتان، فأشقّهما أفضلهما..! وبهذا ناظَر مُهاجرةُ الحبشة المُقيمون بين الكفار، لمن زعم أنه أفضل منهم، فقالوا: كنا عند البغضاء البُعداء، وأنتم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ يُعلِّم جاهلَكم، ويُطعِم جائعَكم .. وذلك في ذات الله".
قلتُ: وفي هذا أبلغ ردٍّ، على كلّ مُعَيِّرٍ همَّازٍ لمَّاز .. لمَن هو دُونه في زَعمه!
ولو كان المُعيِّر في أرض التوحيد، والمُعيَّر بين أهل الشِّرك ..!
فيَستعلِي عليه، ويَمنُن فيَستكثِر، ويُعجَب بمُقامِه على غيره ويَستكبر!
بينما قد يكون هذا الغير، أجلَد منه صبرًا، وأعظمَ منه أجرًا، وأرفعَ منزلةً وقَدْرًا ..!
وما منعَه من الوصول إلى مثل مُقامه، إلا العجزُ والاستضعاف، وقِلّة الحِيلة وانقطاع السُّبُل، مع ثباتِه على الحق، واستفراغ الوُسْع في الجهاد المُستطاع.
وهكذا كان مُهاجرةُ الحبشة رضي الله عنهم ..!
يُقيمون رغمًا واستضعافًا، بين النصارى والمشركين، إلَّا أنّهم كانوا على الحقّ، ثابتين مُحتسِبين، يُجاهِدون الكُفر في أرضِه، ويُوحّدون الله ويُطيعونه بين ظهرانيهم.
فكان مُقامُهم وطاعتهم وعبادتهم وجهادهم وتوحيدهم، أشقّ ممَّن كان مُقامُهم ودِينهم آمنًا بين يدَي رسول الله صلى الله عليه وسلَّم. فصاروا من هذا الوجه أفضل، وإن كانوا من غيره مَفضولِين ..!
أمَّا القاعدون بين المشركين لدنياهم - غير أولي الضرر والأعذار والحاجة - ولا يُقيمون دينًا ولا توحيدًا ولا إعلاءً لكلمة الله؛ فمِلء الأرض من أمثالهم، لا يَعدل تراب نَعل مُهاجِر، قد خرج بنفسِه ومالِه في سبيل الله ..!
فإن الأصل .. هو الفِرار والهجرة، من أرض الظلم والكفر، إلى أرض العدل والإيمان.
وفي الجُملة:
فهكذا على كلّ طاعةٍ؛ فـقِسْ ..!
كلّما كانت الطاعتان مُستويَتين في الصورة ظاهرًا؛ كان الفضلُ والسَّبقُ لأشقّهما.
وليست الطاعة في الأمن واليُسر، كأجرها في الخَوف والعُسر!
فارْفُقوا بالمُستضعَفين من المُوحِّدين ..!
أبو فهر المسلم
باحث شرعي و أحد طلاب الشيخ سليمان العلوان حفظه الله
- التصنيف: