مع القرآن - الفوز من نصيب المفلحين

منذ 2016-03-13

الفوز من نصيب المفلحين
و من فاز و حقق النصر الأعظم بالإفلات من النار و الفوز بجنة الله و رضوانه فقد فاز الفوز المبين الذي لا يضاهيه أي فوز إلا من زاد عليه مرتبة عند الملك سبحانه .
و قد بين سبحانه طريق تحقيق الفوز بكل وضوح :
أولاً : بتحقيق التقوى التي تتمثل في فعل أوامره الجالبة لرضوانه و اجتناب نواهيه الجالبة لسخطه.
ثانياً: بابتغاء الوسيلة الصالحة للقرب منه سبحانه سواء كانت وسيلة قلبية كحب الله و رسوله وشرعه و الولاء لكل مؤمن و البراء من كل كافر و منافق و الخوف من الله و الرجاء فيما عنده و الشكر في السراء و الصبر في الضراء ...إلخ 
أو كانت وسيلة بدنية كالسعي في حاجات الناس و المشي للمساجد أو فعل الطاعات البدنية بأنواعها .
وقد تكون بدنية و قلبية معاً كالصلاة و الدعوة و الذكر .
أو وسيلة مالية كالزكاة و الإنفاق في سبيل الله .
أو تجمع بين المال و البدن كالحج و العمرة .
ثالثاً: الجهاد في سبيله بالمال و النفس والرأي، واللسان، والسعي في نصر دين الله بكل ما يقدر عليه العبد .
قال تعالى :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [المائدة 35] .
قال السعدي في تفسيره : هذا أمر من الله لعباده المؤمنين، بما يقتضيه الإيمان من تقوى الله والحذر من سخطه وغضبه، وذلك بأن يجتهد العبد، ويبذل غاية ما يمكنه من المقدور في اجتناب ما يَسخطه الله، من معاصي القلب واللسان والجوارح، الظاهرة والباطنة. ويستعين بالله على تركها، لينجو بذلك من سخط الله وعذابه. { وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ } أي: القرب منه، والحظوة لديه، والحب له، وذلك بأداء فرائضه القلبية، كالحب له وفيه، والخوف والرجاء، والإنابة والتوكل. والبدنية: كالزكاة والحج. والمركبة من ذلك كالصلاة ونحوها، من أنواع القراءة والذكر، ومن أنواع الإحسان إلى الخلق بالمال والعلم والجاه، والبدن، والنصح لعباد الله، فكل هذه الأعمال تقرب إلى الله. ولا يزال العبد يتقرب بها إلى الله حتى يحبه الله، فإذا أحبه كان سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها ويستجيب الله له الدعاء.
ثم خص تبارك وتعالى من العبادات المقربة إليه، الجهاد في سبيله، وهو: بذل الجهد في قتال الكافرين بالمال، والنفس، والرأي، واللسان، والسعي في نصر دين الله بكل ما يقدر عليه العبد، لأن هذا النوع من أجل الطاعات وأفضل القربات.
ولأن من قام به، فهو على القيام بغيره أحرى وأولى { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } إذا اتقيتم الله بترك المعاصي، وابتغيتم الوسيلة إلى الله، بفعل الطاعات، وجاهدتم في سبيله ابتغاء مرضاته.
والفلاح هو الفوز والظفر بكل مطلوب مرغوب، والنجاة من كل مرهوب، فحقيقته السعادة الأبدية والنعيم المقيم.
أبو الهيثم

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
يسعون في الأرض فساداً
المقال التالي
لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ