جيل الغد.... وغياب الهدف

منذ 2016-03-21

لا شك أن كل مُربِّ ومُربية يطمحون في غَدٍ مُشرقٍ لمن يربونهم، لكن هل سألوا أنفسهم ما الطريق الذي يذلّلونه لمن تحت أيديهم، هل هو الطريق الذي يوصلهم إلى مبتغاهم، في ظّل سيطرة الاهتمامات الهامشية في عصرنا على الكثير من شبابنا وفتياتنا، وانشغال كثير من العاملين في الحقل التربوي بالرعاية على حساب التربية.

وقد لوحظ في الوسط التربوي أن كثيراً من المربين أدركوا أنهم يدورون في حلقة مفرغة، وعدد ليس باليسير منهم يكتفون بأن يكون متربيهم منشغلين بغض النظر عن قيمة ذلك الانشغال، وماهي نتائجه ومآلاته، ولاغرابة أن نجد كثيرا من أبناءنا منشغلاً بسفاسف الأمور على حساب عظائمها.

وعلى وجه الخصوص من جهلوا قدر العظماء والناجحين من ذوي الطموح الذين تشغلهم الأهداف الكبرى طويلة الأمد، أما الأهداف العاجلة الطارئة فهي من أهداف غيرهم، وقد نقلت لنا كتب التاريخ الكثير من أخبار من سلكوا طريق الطموح للوصول إلى مصاف بعض علوم الشريعة، ليصبحوا بذلك مرجعية وينتهي أمر بعض الفنون والعلوم إليهم .

أما من صَغُرت همَّمهم فيرضون بالنتائج الهابطة في حياتهم وعملهم، ويبحثون عن الماركة الجديدة لألبستهم، وهائمون في الرحلات والسفريات الترفيهية المكلفة، وغارقون في الشكليات والمظاهر الخادعة أمام أقرانهم فترى الكثير منهم لا يهمّه إلا ما تحت قدميه، واعتقد أنك أيها المربي لست منهم، وما قراءتك لهذه المقالة إلا دليلا على ذلك.

إذاً كيف تملك أيها المربي ناصية المجد وتعطي أبناءك رؤية بعيدة المدى؟ لينشغلوا بها عن التفاهات من الأعمال والمشاغل، الجواب: إن تمليك المتربي لرؤية بعيدة المدى ينبع من نظرتك لقدراته ورغبته وفرصته، وجوانب الاهتمام لديه والانطلاق من هذه الأسس لترسم طموحهم بصورة عملية، وفي شكل نقاط محددة ومقيسه حتى لا يكون تابعاً لرؤية غيره.

وفي حال تمكنت أيها المربي من تمليك متربيك الرؤية، فإنه يلزمك على الفور تمليكه المهارة التي يصل بها إلى هدفه ورؤيته بجودة وإتقان. فمثلاً: إن اختار المتربي أن يتضلع ويبحر في بعض علوم الشريعة، فإنه بحاجة إلى مهارة علوم الآلة والتدرج في علومها، ثم الانتقال إلى علوم الغايات بشرط التزام السُلّم التعليمي فيها، والأخذ من المتقنين من أهل ذلك الفن.

وعلى المربي تعزيز المهارات التي تحتاجها الرؤية المختارة، فإنه إن فقد المهارة قد يتيسر له الوصول إلى رؤيته ولكن بنتائج هشة وضعيفة، وهذا الأمر بالتأكيد لن يكون جاذباً أو مغرياً حتى يمكن الاحتفاء، إن لم يحصل الإعراض عنه وتجاوزه.

ويحتاج المربي بالإضافة إلى العنصرين السابقين الذين هما:(تمليكه الرؤية و تمليكه المهارة) استخدام أسلوب التحفيز والتركيز على عنصر الحماسة ورفع الهمة للمتربين، فإنه حين ينطلق ويمضي بخطا  واثقة نحو هدفه ورؤيته يختلف عمن ،   فقدها  لأنه يؤدي به إلى انقطاع عن السعي لتحقيق الرؤية وعدم تمكنه من الوصول إليها غالبا، وبالتالي السير دون هدف وغاية.

وكم لدينا من الشباب والجيل اليوم، من يسيرون بلاهدف ولاغاية ولدى البعض منهم المهارة لكن تقعد بهم هممهم عن نيل المعالي، وإن مما يعزز من علو الهمة أن تذكر له محاسن تحقيق الرؤية كأنه يراها تتحقق رأي العين، ويمكن أن يضاف عليها ذكر مساوئ القعود عن تحقيق رؤيته وهدفه، الذي يعتبر من أهم بعث الحماسة في المتربي ولدى المتلقي.

الخلاصة:
إن الارتقاء بالمتربين وجيل الغد من أبنائنا لتكون لهم رؤية واضحة وطموحة والعزوف عن الانشغال بسفاسف الأمور والاهتمامات واجب عليك أيها المربي العظيم، ويلزمك في هذا توجيه قدرات متربيك ومن تحت يديك إلى ما ينفعهم وينفع أمتهم في الدنيا والآخرة واستثمار طاقاتهم أحسن استثمار
وبالله التوفيق

____________

بقلم/نبيل محمد.