تذوق المعاني - [23] أذكار الصباح والمساء (2)
والذكر بأنواعه مستحب في هذين الوقتين كأذكار الصباح والمساء بل هما الأفضل على الإطلاق، وكذلك الإكثار من الأذكار غير المخصوصة بوقت معين كالتهليل والتسبيح والتحميد والتكبير والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والحوقلة؛ كذلك قراءة القرآن، أما المكروه الوحيد خلالهما فهو الصلاة فقد ورد النهي عن الصلاة خلالهما وقبيل أذان الظهر.
ونتابع استعراض الأذكار وشرح معانيها..
1. قال رسول الله «لأن أقعد مع قوم يذكرون الله تعالى من صلاة الغداة حتى تطلع الشمس، أحب إليَّ من أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل، ولأن أقعد مع قوم يذكرون الله تعالى من صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس، أحبُّ إليَّ من أن أعتق أربعة» (داود برقم [3667]).
«من أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل»: أحررها وأخلصها إذ هي من أنفس وأغلى الأنفس.
والذكر بأنواعه مستحب في هذين الوقتين كأذكار الصباح والمساء بل هما الأفضل على الإطلاق، وكذلك الإكثار من الأذكار غير المخصوصة بوقت معين كالتهليل والتسبيح والتحميد والتكبير والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والحوقلة؛ كذلك قراءة القرآن، أما المكروه الوحيد خلالهما فهو الصلاة فقد ورد النهي عن الصلاة خلالهما وقبيل أذان الظهر.
2. «رَضِيْتُ باللَّهِ رَبًّا، وبالإسْلامِ دِيْناً، وبِمُحَمَّدٍ نَبيًّا» (ثَلاثَ مَرَّاتٍ) (أحمد [4/337]، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" برقم [4]، وابن السني برقم [68]، وأبو داود [4/318]، برقم [5072]، والترمذي [5/465]، برقم [3389]) وجاء في الحديث: «أن من قالها ثلاثاً حين يصبح، وثلاثاً حين يُمسي، كان حقاً على الله أن يرضيه يوم القيامة».
«رضيت بالله ربًّا»: قنعت به، واكتفيت به، ولم أطلب معه غيره.
«وبالإسلام ديناً»: رضيت بالإسلام ديناً؛ بمعنى لم أسْعَ في غير طريق الإسلام، ولم أسلك إلا ما يوافق شريعة محمد.
«وبمحمد»: رضيت بمحمد نبياً.
«كان حقاً على الله أن يرضيه»: كان واجباً أوجب الله على نفسه أن يرضيه.
3. «بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيءٌ في الأرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وهُوَ السَّمِيعُ العَلِيْمُ» (ثَلاثَ مَرَّاتٍ) (أخرجه أبو داود [4/323] برقم [5088، 5089]، والترمذي [5/465] برقم [3388]، وابن ماجه برقم [3869]، وأحمد [1/72])، وجاء في الحديث: «أن من قالها ثلاثاً إذا أصبح، وثلاثاً إذا أمسى؛ لم يضره شيء».
«بسم الله»: بسم الله أستعيذ.
«مع اسمه»: مع مصاحبة اسمه.
«ولا في السماء»: ولا يضر مع اسمه شيء في السماء؛ يعني: كما أن أهل الأرض في الأمن والسلامة ببركة اسم الله تعالى ومصاحبته، كذلك أهل السماء، والذي يصحب اسم الله ويلازمه، لا يضره شيء؛ أو معناه: الذي لا يضر مع اسمه شيء من جهة الأرض ولا من جهة السماء.
«وهو السميع العليم»: السميع بكل المسموعات، والعليم بكل شيء.
4. «يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أسْتَغِيثُ، أصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، وَلاَ تَكِلْنِي إلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ» (صحيح الترغيب والترهيب [1/273] برقم [654]، ق).
«يا حي»: الدائم البقاء.
«يا قيوم»: المبالغ في القيام على شؤون خلقه.
«برحمتك أستغيث»: هو منتهى اللجوء إلى الله، وإفراده بطلب العون.
«أصلح لي شأني كله»: حالي وأمري.
«ولا تكلني»: لا تتركني.
«إلى نفسي طرفة عين»: لحظة ولمحة.
هذا الدعاء يبين إدراك العبد لمدى ضآلته وعجزه في مقابل ثقته المطلقة في قدرة وحكمة ورحمة المولى عز وجل.
5. «حَسْبِيَ اللهُ لاَ إلَهَ إلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ، وَهُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ» (سَبْعَ مَرَّاتٍ) (أخرجه ابن السني برقم [71] مرفوعاً، وأبو داود موقوفاً [4/321] برقم 5081])، وجاء في الحديث: «أن من قالها حين يصبح وحين يمسي سبع مرات، كفاه الله ما أهمه من أمر الدنيا والآخرة».
حسبي الله»: كفاني الله تعالى في كل شيء.
««عليه توكلت»: اعتمدت.
6. «اللَّهُمَّ مَا أصْبَحَ بِي مِنْ نِعْمَةٍ، أوْ بِأحَدٍ مِنْ خَلقِكَ، فَمِنْكَ وَحْدَكَ لا شَرِيْكَ لَكَ، فَلَكَ الـحَمْدُ ولَكَ الشُّكْرُ» (أخرجه أبو داود [4/318] برقم [5073]، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" برقم [7]، وابن السني برقم [41]، وابن حبان (موارد) رقم [2361])، «وإذَا أمْسَى قَالَ: اللَّهُمَّ مَا أمْسَى بِي...»، وجاء في الحديث: «أن من قالها: فقد أدَّى شكر يومه، ومن قال مثل ذلك حين يمسي؛ فقد أدى شكر ليلته».
«ما أصبح بي»: ما صار مصاحباً بي من نعمة.
«فمنك»: فمن عندك ومن فضلك.
«وحدك» توكيد لقوله «فمنك»؛ وأيضاً: «لا شريك لك» توكيد لـ «وحدك»؛ بمعنى كل ما أصبح بي من نعمة فمنك وحدك، لا يشاركك في إعطائها غيرك.
فرد فضل النعمة إلى غير الله هو من الشرك الأكبر كأن يدعو المرء ولياً من الأولياء فيستجيب الله القادر على كل شئ لعله يثوب إلى رشده فيتمادى في جهله وينسب الفضل لذلك الولي فيغرق في شر جهله مرتين وأساء الأدب مع ربه مرتين.
لك الحمد ولك الشكر»: تكرار لتخصيص الله سبحانه وإفراده بالحمد والشكر، فلك الحمد بلساني على ما أعطيت، وهو الثناء الكامل، ولك الشكر بجوارحي على ما أوليت، وإنما جمع بين الحمد والشكر؛ لأن الحمد رأس للشكر، والشكر سبب للزيادة، قال الله تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم من الآية:7]، وشكر المنعم واجب؛ قال تعالى: {وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} [البقرة من الآية:152].
«والشكر باللسان معروف، أما الشكر بالجوارح فهو استخدامها في كل ما يرضي الله، فلا يخطو برجله خطوة إلا وفيها طاعة لله، ولا يستخدم أيا من حواسه كلها فيما يغضب الله ويعرضه لسخطه والعياذ بالله، فإذا كان المنعم الكريم قد امتن علينا بكل هذه النعم والعطايا؛ ألا نكون عباداً شكورين؟
سهام علي
كاتبة مصرية، تخرجت في كلية الإعلام، وعضوة في هيئة تحرير موقع طريق الإسلام.
- التصنيف:
- المصدر: