مع القرآن - أول مواجهة مع المشركين

منذ 2016-07-21

في أول مواجهة مع المشركين ...فريق  من المؤمنين كاره للمواجهة و يريد الفوز بالعير دون قتال ( فوز ناعم لا تعب فيه ) و هذا الفريق لازال بيننا بنفس طريقة التفكير إلى يوم الناس هذا , و المعظم مذعن لله طائع خاضع لأمره ...ثم كان البيان و الإذعان من الجميع فنزل النصر و ثأروا من صناديد مكة الذين ساموهم سوء العذاب و طردوهم و نكلوا بهم طيلة سنوات طويلة أقاموها بين ظهرانيهم قبل الهجرة .
وهذا درس عظيم فقد يأتيك النصر و الفوز من موضع يحبه الله و إن كان في قلبك منه خوف أو وجل .
قال تعالى :

{ كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ * يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ * وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ } [الأنفال 5 - 8] .
قال السعدي في تفسيره : 
أخرج اللّه رسوله صلى الله عليه وسلم من بيته إلى لقاء المشركين في { بدر } بالحق الذي يحبه اللّه تعالى، وقد قدره وقضاه.
وإن كان المؤمنون لم يخطر ببالهم في ذلك الخروج أنه يكون بينهم وبين عدوهم قتال.
فحين تبين لهم أن ذلك واقع، جعل فريق من المؤمنين يجادلون النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، ويكرهون لقاء عدوهم، كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون.

هذا وكثير من المؤمنين لم يجر منهم من هذه المجادلة شيء، ولا كرهوا لقاء عدوهم،.وكذلك الذين عاتبهم اللّه، انقادوا للجهاد أشد الانقياد، وثبتهم اللّه، وقيض لهم من الأسباب ما تطمئن به قلوبهم كما سيأتي ذكر بعضها.
وكان أصل خروجهم يتعرضون لعير خرجت مع أبي سفيان بن حرب لقريش إلى الشام، قافلة كبيرة،.فلما سمعوا برجوعها من الشام، ندب النبي صلى الله عليه وسلم الناس،.فخرج معه ثلاثمائة، وبضعة عشر رجلا معهم سبعون بعيرا، يعتقبون عليها، ويحملون عليها متاعهم،.فسمعت بخبرهم قريش، فخرجوا لمنع عيرهم، في عَدَدٍ كثير وعُدَّةٍ وافرة من السلاح والخيل والرجال، يبلغ عددهم قريبا من الألف.
فوعد اللّه المؤمنين إحدى الطائفتين، إما أن يظفروا بالعير، أو بالنفير،.فأحبوا العير لقلة ذات يد المسلمين، ولأنها غير ذات شوكة،.ولكن اللّه تعالى أحب لهم وأراد أمرا أعلى مما أحبوا.
أراد أن يظفروا بالنفير الذي خرج فيه كبراء المشركين وصناديدهم،. { وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ } فينصر أهله { وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ } أي: يستأصل أهل الباطل، ويُرِيَ عباده من نصره للحق أمرا لم يكن يخطر ببالهم.
{ لِيُحِقَّ الْحَقَّ } بما يظهر من الشواهد والبراهين على صحته وصدقه،. { وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ } بما يقيم من الأدلة والشواهد على بطلانه { وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ } فلا يبالي اللّه بهم.

أبو الهيثم 
#مع_القرآن

 

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
المؤمنون حقاً
المقال التالي
بدر: فئة و فئة