مع القرآن - المؤمنون حقاً

منذ 2016-07-20

 إذا ذكر الله تحركت القلوب بالحب و الخوف و الرجاء فحجزت صاحبها عن الذنوب و دفعته للعمل .
و إذا تليت عليهم الآيات تدبروها وعملوا بها فازداد إيمانهم .
 يتوكلون على ربهم و مالكهم وحده فلا يطلبون من غيره رزقاً و لا نفعاً و لايعتقدون في غيره دفع ضر .
يقيمون الصلاة في أوقاتها بخشوع و تبتل و صحة طهارة و صحة أركان .
و ينفقون مما رزقهم الله نفقة الفريضة و صدقات السر و العلن .
هؤلاء هم المؤمنون حقاً 
قال تعالى :

{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ . الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ . أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}   [الأنفال 2-4]
 قال السعدي في تفسيره : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ } الألف واللام للاستغراق لشرائع الإيمان.
{ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } أي: خافت ورهبت، فأوجبت لهم خشية اللّه تعالى الانكفاف عن المحارم، فإن خوف اللّه تعالى أكبر علاماته أن يحجز صاحبه عن الذنوب.
{ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا } ووجه ذلك أنهم يلقون له السمع ويحضرون قلوبهم لتدبره فعند ذلك يزيد إيمانهم،.لأن التدبر من أعمال القلوب، ولأنه لا بد أن يبين لهم معنى كانوا يجهلونه، أو يتذكرون ما كانوا نسوه،أو يحدث في قلوبهم رغبة في الخير، واشتياقا إلى كرامة ربهم،أو وجلا من العقوبات، وازدجارا عن المعاصي، وكل هذا مما يزداد به الإيمان.
{ وَعَلَى رَبِّهِمْ } وحده لا شريك له { يَتَوَكَّلُونَ } أي: يعتمدون في قلوبهم على ربهم في جلب مصالحهم ودفع مضارهم الدينية والدنيوية، ويثقون بأن اللّه تعالى سيفعل ذلك.
والتوكل هو الحامل للأعمال كلها، فلا توجد ولا تكمل إلا به.
{ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ } من فرائض ونوافل، بأعمالها الظاهرة والباطنة، كحضور القلب فيها، الذي هو روح الصلاة ولبها،. { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } النفقات الواجبة، كالزكوات، والكفارات، والنفقة على الزوجات والأقارب، وما ملكت أيمانهم،.والمستحبة كالصدقة في جميع طرق الخير.
{ أُولَئِكَ } الذين اتصفوا بتلك الصفات { هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا } لأنهم جمعوا بين الإسلام والإيمان، بين الأعمال الباطنة والأعمال الظاهرة، بين العلم والعمل، بين أداء حقوق اللّه وحقوق عباده. وقدم تعالى أعمال القلوب، لأنها أصل لأعمال الجوارح وأفضل منها،.وفيها دليل على أن الإيمان، يزيد وينقص، فيزيد بفعل الطاعة وينقص بضدها.
وأنه ينبغي للعبد أن يتعاهد إيمانه وينميه،.وأن أولى ما يحصل به ذلك تدبر كتاب اللّه تعالى والتأمل لمعانيه.ثم ذكر ثواب المؤمنين حقا فقال: { لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ } أي: عالية بحسب علو أعمالهم. { وَمَغْفِرَةٌ } لذنوبهم { وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } وهو ما أعد اللّه لهم في دار كرامته، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
ودل هذا على أن من يصل إلى درجتهم في الإيمان - وإن دخل الجنة - فلن ينال ما نالوا من كرامة اللّه التامة.
أبو الهيثم
#مع_القرآن

 

  • 2
  • 0
  • 11,110
المقال السابق
ما هي الأنفال ؟
المقال التالي
أول مواجهة مع المشركين

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً