مع القرآن - "مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا"

منذ 2017-01-08

صنفٌ من الناس صَرف توجهاته وعاطفته وجوارحه لدنياه وشهواته ومعيشته ولم يكلف خاطره حتى مجرد التفكير في آخرته والعمل لما بعد الموت.

صنفٌ من الناس صَرف توجهاته وعاطفته وجوارحه لدنياه وشهواته ومعيشته ولم يكلف خاطره حتى مجرد التفكير في آخرته والعمل لما بعد الموت.
{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود: 15 - 16].
قال السعدي في تفسيره: يقول تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} أي: كل إرادته مقصورةٌ على الحياة الدنيا، وعلى زينتها من النساء والبنين، والقناطير المقنطرة، من الذهب، والفضة، والخيل المسومة، والأنعام والحرث. قد صرف رغبته وسعيه وعمله في هذه الأشياء، ولم يجعل لدار القرار من إرادته شيئًا، فهذا لا يكون إلا كافرًا، لأنه لو كان مؤمنًا، لكان ما معه من الإيمان يمنعه أن تكون جميع إرادته للدار الدنيا، بل نفس إيمانه وما تيسر له من الأعمال أثرٌ من آثار إرادته الدار الآخرة.
ولكن هذا الشقي، الذي كأنه خلق للدنيا وحدها {نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا} أي: نعطيهم ما قسم لهم في أم الكتاب من ثواب الدنيا.
 {وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ} أي: لا ينقصون شيئًا مما قدر لهم، ولكن هذا منتهى نعيمهم.

{أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلا النَّارُ} خالدين فيها أبدًا، لا يفتَّر عنهم العذاب، وقد حُرموا جزيل الثواب.{وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا} أي: في الدنيا، أي: بطل واضمحل ما عملوه مما يكيدون به الحق وأهله، وما عملوه من أعمال الخير التي لا أساس لها، ولا وجود لشرطها، وهو الإيمان.

#مع_القرآن

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
"فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ"
المقال التالي
"أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ"