هل اقترب سقوط بشار؟

منذ 2017-01-21

المطلوب الآن؛ مراقبة تطورات أحداث تدمر وحمص وديرالزور ..لأن من شأنها أن تكذب الكثير من شهادات الزور..وتكشف عن الكثير مما هو مستور...

قد يبدو هذا السؤال غريباَ مع معطيات الواقع المحيط المحبِط ظاهرياً في سوريا ومايتعلق بها، ولكن الأحداث هناك تمر حالياً بمنعطفٍ فارق له ما بعده، فالحرب الممتدة منذ خمس سنين، والتي قُتل فيها نحو نصف مليون من السوريين، وأوذي وشُرد بسببها ما يقرب من نصف الشعب؛ تتطور اليوم إلى مرحلة مغايرة، بسبب المعارك الجارية في مدينتي دير الزور وحِمص.. وهي لا تقل ضراورة وضررًا على الأعداء عما سبقها، من معارك في الموصل وحلب والرقة وغيرها..

هذه التطورات ستجتاح مسلَّمات ليست مسَلَّمة، لذلك ستحتاج إلى أفهام غير تلك المعَّلبة المعوْلمة، تنطلق من مقررات السياسة الشرعية، لا منعطفات العواطف الارتجالية، أو الحزازات الحزبية، أو الحساسيات والحسابات السياسية.. فهناك تحولات محلية في سوريا ستتحول – في رأيي - إلى تحولات إقليمية، ومن ثَم عالمية ..وهي تتعلق بمستقبل نظام النصيرية الموجود لحماية دولة اليهود، فنظام بشار قد يواجه الانهيار، لوخرجت من يده الأمور في حِمص و دير الزور ..

لماذا..؟

- لأن خروج مدينة دير الزور من قبضة ذلك النظام سوف يُفقد بشار هيمنته على كامل شرق سوريا، ويتيح للجماعات الجهادية – خاصة إذا توحدت صفوفها - الإمساك بحركة التنقل والسيطرة لنقاط واسعة في الصحراء السورية، وعلى طول الحدود المتاخمة للأراضي العراقية، بما يُبقي تلك الحدود مفتوحة بين البلدين لآماد قادمة...

- ولأن خروج تلك المدينة من سيطرة القوات النصيرية والميلشيات الشيعية؛ سيُعَقِد مسعى مهاجمة مدينة الرَّقة، ويُقرب الطريق إلى حِمص، وسيكون فصل مدينة دير الزور عن مطارها العسكري - وهو ما حدث مؤخرًا بالفعل – مقدمة لاستيعاب المزيد من أراضي المدينة، بهدف تقطيع أوصالها لتسهيل اجتياحها بالكامل، بما يسهِّل عودة الوصول إلى شمال شرق البلاد التي اجتاحها الأكراد..

- ولأنه إذا تم اجتياح المدينة بالكامل، فإن هذا لن يزيد من هشاشة ما تبقى من الجيش السوري النصيري فحسب؛ بل سيزيد ضعف الدولة نفسها، لفقدانها كامل الشرق السوري بمحافظاته الثلاث: (الحَسَكة) و(ديرالزور) و(الرَّقة) وهي محافظات تمثل الثقل الاقتصادي والخزان النفطي والمستودع الزراعي في البلاد..

- ولأن مطار دير الزور العسكري الذي كان يمثل التحدي الأكبر أمام الثوار خلال العامين الماضيين؛ والذي فشلت المحاولات المتكررة لاقتحامه؛ هو اليوم في حكم الساقط، وسقوطه مكمن خطر داهم ودائم على النظام، لأنه كان ولا يزال المصدر الرئيس لإمداد قواته بالسلاح والعتاد والمساعدات الغذائية، والمنطلق لشن الغارات على كثير من المدن والبلدات..

- ولأن بسقوط مدينة تدمر- التي عجز النظام وحُماته عن حمايتها - صار سقوط مطارها العسكري( تي - فور) مجرد تحصيل حاصل، كما هو الشأن مع مطار دير الزور، وهذان المطاران العسكريان المحاصران حالياً إذا سقطا فعلياً – وهوالمتوقع قريباً - فسوف يشُل ذلك من قدرات طيران النظام على مهاجمة خصومه في سائر الأراضي السورية، وهوما سيُنعش تحركات الفصائل المجاهدة الجادة، التي لم تخرجها ألاعيب السياسة عن طريق الجادة .

- ولأن القوات والميليشيات الشيعية العراقية الآخذة في التآكل بعد إبادة نصفها في الموصل؛ لن تستطيع أن تفي بوعدها الدعائي في الانتقال إلى سوريا بعد العراق، وهو ما سيضطر الدول الكبرى للتدخل برياً لا لحماية بشار، بل حماية إسرائيل، وعندها ستواجه مخاطر الغرق في مستنقعات سوريا العسكرية، التي تريد يائسة ردمها في محادثات الآستانة السياسية، المتقرر فشلها كغيرها قبل اكتمالها..

- ولأن روسيا بدأت التي بدأت بالفعل سحب الكثير من قواتها، لن تظل على عهدها هي وإيران، خاصة بعد التغيرات القادمة في سياسة الأمريكان، التي سيكون على رأسها - كما وعد وتوعد ترامب - محاولة رد الاعتبار لرفع الهيبة والهامة، بعد أن نكستها تخبطات أوباما..

أيام بشار السوداء القاتمة قادمة – بإذن الله - والمطلوب الآن؛ مراقبة تطورات أحداث تدمر وحمص وديرالزور ..لأن من شأنها أن تكذب الكثير من شهادات الزور..وتكشف عن الكثير مما هو مستور...