راية الإسلام - إياك وترك راية الإسلام .. (28)

منذ 2017-04-02

وكثير من المسلمين يسلّمه الله تعالى من الفتنة ويموت على (الإيمان المُجمل وبعض الإيمان الواجب)؛ فينجو ويَسلم.

لا إسلام إلا بولاء:
لا إسلام لمسلم إلا بأن يكون له ولاء ثابت للمسلمين، فهو مقتضى ولازم لإفراد الله تعالى بالمحبة ومن ثم محبة أهل دينه الذي ارتضاه لخلقه، على مر التاريخ.. والبراءة من مظاهرة عدوهم عليهم.
ومن عُدم ولاؤه لله ولدينه وللمسلمين فليس بمسلم بل هو منافق، قال تعالى عن المنافقين {مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء} فهو منزوع الولاء، خاوي من الاعتصام والانحياز لدينه ورايته؛ لم يحسم موقفه ولم يتخذ موقفا حاسما تجاه الراية.
ولهذا لم يقبل النبي صلى الله عليه وسلم من العباس إسلامه لاستمرار مظاهرة قومه، وأسَره وطلب منه الفدية ـ والمسلم لا يسترقه مسلم ـ ولم يعتد بإسلامه السابق حتى ينحاز الى الإسلام كاملا ويترك راية قومه.. حتى خرج مهاجرا وانحاز إلى راية الإسلام وترك راية قومه.. رضي الله عنه.
وليس سبب ولاء الكافرين دائما الشك في المعتقد؛ بل يكون السبب هو افتقاد الاعتصام بالله؛ فيستبدّ به الخوف فينتقل بين المعسكرات الظاهرة في الأرض، أو تستبد به الشهوة فيقفز باحثا عنها لا يفرق تحت أي راية وجدها.. ومعدوم الولاء لله ولدينه وللمسلمين مناقض لقوله تعالى {إن وليي الله الذي نزل الكتاب} .
ومن هنا فإن الله تعالى لم يذكر جريمة ولاء الكافرين إلا عن المنافقين {بشِّر المنافقين بأن لهم عذابا أليما، الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين؛ أيبتغون عندهم العزة}
والنفاق لا يكون فقط بالشك والاعتقاد، بمعنى الخلل في علم القلب؛ بل قد يكون النفاق أيضا في عمل القلب، فيكون بغضا للدين أو استخفافا به أو افتقادا للمحبة والتعظيم لله والاعتصام به والثقة فيه والتوكل عليه.. 
فقد ينتقل الإنسان إلى معسكر غير المسلمين شكا في الدين، وقد يذهب بحثا عن أمن أو شهوة أو بسبب الخوف أو رغبة في الكيد لبعض من يبغضهم في معسكر المسلمين.
ومن أهم الأمور بيانا أن النفاق قد يكون مستترا وسابقا لجريمة ولاء الكافرين؛ فلما جاءت فرصة تربّح من ولاء الكافرين والاهم !، وعندئذ يصبح النفاق ظاهرا بعد أن كان مستترا..
وقد يكون الإنسان مؤمنا، إيمانا مجملا، ولو ضعيف؛ لو مات على هذا الإيمان لنجا، وذنوبه في المشيئة، وكثير من المسلمين يسلّمه الله تعالى من الفتنة ويموت على (الإيمان المُجمل وبعض الإيمان الواجب)؛ فينجو ويَسلم.
وآخرون إيمانهم المجمل ضعيف وقد يتعرض للفتنة لما علم الله تعالى فيه من خبث طوية أو لذنب أوجب ذلك؛ فتُعرض عليه فتنة ينالها بولاء الكافرين فيضعف حينئذ؛ فيتوصل إلى (أمن أو رزق أو شهوة أو مطمع أو تنفيث حقد أو تحقيق انتقام) بقبوله لولاء الكافرين إذا وجد فرصة، وحينئذ يقع النفاق، ومن هذه اللحظة يطرأ النفاق في قلبه.
وقد يحتفظ بعلمه فيكون معاندا (أشد الناس عذابا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه)، وقد يقْوى انحرافه حتى يغيب عنه العلم وينساه لشدة المخالفة فينكر بعد معرفة ويجهل بعد علم.
للتوكيد:
1) النفاق قد يكون في علم القلب، شكا وتكذيبا.. وقد يكون في عمل القلب فيكون بغضا أو استخفافا أو افتقادا للمحبة والتعظيم والانقياد والاعتصام.
2) النفاق قد يكون مستقرا في قلب صاحبه يعاني منه قبل موقف الولاء، وقد يكون طارئا عند موقف فتنة، شهوة أو خوف.
3) في غالب الأمر يكون النفاق الطاريء عقب إيمان مجمل ضعيف، وقد يكون عقب إيمان أيا ما كنت صورته بسبب خبث الطوية أو خبث الذنوب، ولهذا قال الراسخون في العلم {ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا} .. فاللهم آمين.

مدحت القصراوي

كاتب إسلامي

المقال السابق
27 :التزام الحق ورحمة الخلق
المقال التالي
إياك و ترك راية الإسلام .. (29)