من سمات دعوة الإحياء.. (3 من 4)
وأما بدايتنا بالتوحيد فلا تعني أن الناس كفار، بل هكذا دين الله تعالى؛ أصله عميق وهو رأس الواجبات وأعظمها وهو التوحيد، والشرك رأس المحرمات وأظلمها وأفحشها..
دلالة شعار الإحياء الإسلامي..
إننا نرفع شعار دعوة الإحياء الإسلامي، ولهذا الشعار دلالته..
ودلالته الأولى أن هناك أمة موجودة الآن، هي أمة الإسلام التاريخية لم تختف من الوجود، ولم تكفر عن بكرة أبيها بحيث يُعد المسلمون منها كأفراد.. كلا، فهذه أمة موجودة وتحتاج إلى تفعيل وتصحيح الطريق ومواجهة ظواهر الانحراف وبث الروح فيها..
وأما بدايتنا بالتوحيد فلا تعني أن الناس كفار، بل هكذا دين الله تعالى؛ أصله عميق وهو رأس الواجبات وأعظمها وهو التوحيد، والشرك رأس المحرمات وأظلمها وأفحشها.. وهو أوجب أمر أوضحه الأنبياء، وأعظم أمر ذكره القرآن ودار عليه فهو لُب القرآن وزبدة الرسالة، وخاف الأنبياء من الوقوع في الشرك قال ابراهيم {واجنبني وبَنيّ أن نعبد الأصنام} ، وقال الله لأنبيائه {ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون} وقال لنبيه وأكرم الخلق عليه {لئن أشركت ليحبطن عملك}.
والشيطان يريد أن يظفر من العبد دائما بالشرك فإن عجز انتقل الى الكبائر ثم ما دونها تباعا..
وعلى هذا وجدنا كل فترة ظواهر شرك فكانت حقبة برز فيها نفي القدر ونفي سبق علم الله تعالى فواجهته الأمة وعلماؤها وبقايا أصحاب رسول الله حينذاك، ثم جاءت حقبة أخرى تمثلت في عقائد الجهمية تدور على تعطيل ونفي وجود الله وتعطيل الصفات، فواجهتها الأمة.. ثم كانت بدعة عبادة الأضرحة والقبور وما يُفعل عندها، وهي بدعة منذ القرن السادس الهجري، فواجهتها الأمة والعلماء، وفحُشت هذه البدعة زمن الشيخ محمد بن عبد الوهاب وعلماء نجد فواجهوها، ومع المواجهة لم يكفّروا الأمة ولم يقولوا بكفرها بالعموم ولا أن الأصل فيها هو الكفر..
جاءت مصيبة فصل الدين عن الدولة كمحاولة مؤقتة على يد التتار فواجهها العلماء وسطر ابن كثير كلماته في التفسير في قوله تعالى {أفحكم الجاهلية يبغون} وغيره من العلماء.. ولم يكفّروا الأمة بذلك بل واجهوا الظاهرة وكفّروا من قام بالعمل وواجهوه لا الأمة بأسرها..
وفي العصر الحديث جاءت هلكة العلمانية وتبديل الشرائع وفصل الدين عن الدولة، رفض الهوية الإسلامية تبعا لها ، هذا مع اتشار أيضا لبدع القبوريين، وإن اشتدت في أماكن وخفت في أخرى، لأسباب عديدة منها عمل الدعاة مع أسباب أخرى..!
وأمام هذه الفتن تكون دائما نقطة التصحيح هي بيان حق الله الخالص وبيان معنى التوحيد.. لا لتكفير الأمة، بل لبيان حقيقة الإسلام وبالتالي حقيقة الواقع وبطلان هذا الانحراف وبيان مناقضته للعقيدة ولمواجهة الظاهرة وإسقاطها، ويترتب على هذا: التفريق بين الأنظمة المبدِلة للشرائع وبين الأمة.. فمن قام بالتبديل تسقط شرعيته ويترتب عليه حكم الخروج عن شريعة الله تعالى، وكذا من أظهر متابعته على التبديل ورضاه به؛ مثل الخنادق المتترسة ضد الإسلام وشريعته والتي ترفع راية المحاربة لدين الله..
أما عموم الأمة فنحن لا نبحث عن عوراتها ولا سقطاتها ولا نبحث عمن رضي وتابع ممن رفض وأنكر ـ فضلا عن تكفيرها ـ لنقف على موقف كل فرد فيها؛ كلا بل نرخي الستر على الجميع ونبين الحق وندعوهم اليه منتظرين فيئهم الى الحق ورجوعهم الى ما يجب عليهم في هيئتهم الجماعية.
وعلى هذا فالتكفير بالعموم للأمة بدعة غير مقبولة، وهي تمثل إصدار شهادة وفاة للأمة، وخروجا من قضاياها، والانسحاب من معركتها مع عدوها الذي يذبحها ليل نهار.. يتبع إن شاء الله
#من_سمات_دعوة_الإحياء
مدحت القصراوي
كاتب إسلامي
- التصنيف: