مع القرآن - فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ

عند المحن و اشتداد الكرب يلجأ الإنسان جبلة إلى الله , و غالبية الخلق يعودون لديدنهم و عادتهم و ينسون الخالق و أوامره و محرماته بعد زوال الكرب و انتهاء المحنة .

و نسي هؤلاء أن الكرب الذي زال سرعان ما سيعود بأشد صوره إذا ماتوا على غيهم و عنادهم , و أن من أنجاهم في الدنيا وحده القادر على نجاتهم يوم الفزع الأكبر .

{فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ * لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [العنكبوت 65 و 66]

قال السعدي في تفسيره :

ألزم تعالى المشركين بإخلاصهم للّه تعالى، في حالة الشدة، عند ركوب البحر وتلاطم أمواجه وخوفهم الهلاك، يتركون إذا أندادهم، ويخلصون الدعاء للّه وحده لا شريك له، فلما زالت عنهم الشدة، ونجى من أخلصوا له الدعاء إلى البر، أشركوا به من لا نجاهم من شدة، ولا أزال عنهم مشقة.

فهلا أخلصوا للّه الدعاء في حال الرخاء والشدة، واليسر والعسر، ليكونوا مؤمنين به حقا، مستحقين ثوابه، مندفعا عنهم عقابه.

ولكن شركهم هذا بعد نعمتنا عليهم، بالنجاة من البحر، ليكون عاقبته كفر ما آتيناهم، ومقابلة النعمة بالإساءة، وليكملوا تمتعهم في الدنيا، الذي هو كتمتع الأنعام، ليس لهم همٌّ إلا بطونهم وفروجهم.

{ {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } } حين ينتقلون من الدنيا إلى الآخرة، شدة الأسف وأليم العقوبة.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن