مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - بل كانوا يعبدون الجن

منذ 2018-02-15

{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ * فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ }   [سبأ 40 – 42]

{بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} :

أكثر البشر عبدوا الشيطان عبادة طاعة, أمرهم بالشرك فأطاعوه فكانت طاعتهم عبادة له من دون الله , زين لهم الأوثان و زين لهم عبادة الرسل أو الملائكة , زين لهم اختراع المناهج و سن الشرائع و القوانين و خلع رسالات الله و كلماته من الحياة فأطاعوه.

و يوم الحشر يستهزيء الله بهم و يسأل ملائكته توبيخاُ للمشركين, أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون؟ فكان جواب الملائكة دون أدنى تفكير : سبحانك تنزهت عن كل شريك, بل هم أطاعوا الشيطان و أعوانه من الجن لما زينوا لهم الشرك فكانت عبادتهم على الحقيقة عبادة للشيطان.

و ها هم جميعاً يوم القيامة في مواجهة الحقيقة الناصعة, حيث لا ينفع المشرك شركه و لا ينجده معبوده بل الكل في أشد الحاجة لعفو الرحمن و النار أمامهم متقدة مستعرة تستعد لالتهام كل مشرك عاند الله و استكبر عن منهجه.

{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ * فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ }   [سبأ 40 – 42]

قال السعدي في تفسيره:

{ {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا } } أي: العابدين لغير اللّه والمعبودين من دونه, من الملائكة. { {ثُمَّ يَقُولُ } } الله { { لِلْمَلَائِكَةِ} } على وجه التوبيخ لمن عبدهم { أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ } فتبرأوا من عبادتهم.

و { {قَالُوا سُبْحَانَكَ} } أي: تنزيها لك وتقديسا, أن يكون لك شريك, أو ند { { أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ} } فنحن مفتقرون إلى ولايتك, مضطرون إليها, فكيف ندعو غيرنا إلى عبادتنا؟ أم كيف نصلح لأن نتخذ من دونك أولياء وشركاء؟"

ولكن هؤلاء المشركون { {كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ} } أي: الشياطين, يأمرون بعبادتنا أو عبادة غيرنا, فيطيعونهم بذلك. وطاعتهم هي عبادتهم, لأن العبادة الطاعة, كما قال تعالى مخاطبا لكل من اتخذ معه آلهة { { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} }

{ { أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ } } أي: مصدقون للجن, منقادون لهم, لأن الإيمان هو: التصديق الموجب للانقياد.

فلما تبرأوا منهم, قال تعالى مخاطبا لهم: { {فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا} } تقطعت بينكم الأسباب, وانقطع بعضكم من بعض. { وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا } بالكفر والمعاصي - بعد ما ندخلهم النار - { {ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ} } فاليوم عاينتموها, ودخلتموها, جزاء لتكذيبكم, وعقوبة لما أحدثه ذلك التكذيب, من عدم الهرب من أسبابها.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
المترفون
المقال التالي
قالوا ما هذا إِلَّا رجلٌ يرِيد أَنْ يصُدَّكمْ عمَّا كان يَعْبدُ آبَاؤُكُم