مع القرآن - ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين

منذ 2018-04-18

جند الله الذين حققوا شروط النصر و أولها الإيمان و الاستقامة ثم الأخذ بأسباب النصر المستطاعة لهم الغلبة و النصر و التمكين وعد من الله على ألسنة الرسل و الله لا يخلف وعده.

{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ}:

لو كان..لكنا 

تمني الكفار المعاندين و تسويفهم و تكاسلهم عن قبول الحق و إعراضهم عن كلمة الله.

يتمنى أحدهم في قرارة نفسه لو آمن بالله و لكن تمنعه شهوته و يمنعه هواه و يزين له عناده شياطين الإنس و الجن.

تمني السابقون واحتجوا بأنهم لو كانوا في الأمم السابقة لصدقوا بكتب الأنبياء السابقين، وفي الوقت ذاته هم قائمون على تكذيب الرسول والرسالة الحالية التي نزلت لهم، ومهما طالت المهلة فسيأتيهم نبأ تكذيبهم وعنادهم وعداوتهم لله وأوليائه يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

أما من استقام على طريق الله و آمن بكلماته و عمل بها و دعا إليها فهؤلاء هم أهل الجنة و النصر في الآخرة و أهل التمكين والنصر في الدنيا إن هم حققوا شروط النصر، فإن تخلفوا عن بعض الشروط تأخر نصرهم و كفر الله عنهم سيئاتهم و أحسن إليهم في الآخرة و جزاهم خير الجزاء على إيمانهم و صبرهم.

جند الله الذين حققوا شروط النصر و أولها الإيمان و الاستقامة ثم الأخذ بأسباب النصر المستطاعة لهم الغلبة و النصر و التمكين وعد من الله على ألسنة الرسل و الله لا يخلف وعده.


قال تعالى:

{وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ * لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ * لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ * فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ * فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ* وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ} [الصافات 167-174]


قال السعدي في تفسيره:

يخبر تعالى أن هؤلاء المشركين، يظهرون التمني، ويقولون: لو جاءنا من الذكر والكتب، ما جاء الأولين، لأخلصنا للّه العبادة، بل لكنا المخلصين على الحقيقة.

وهم كَذَبَة في ذلك، فقد جاءهم أفضل الكتب فكفروا به، فعلم أنهم متمردون على الحق {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} العذاب حين يقع بهم، ولا يحسبوا أيضا أنهم في الدنيا غالبون، بل قد سبقت كلمة اللّه التي لا مرد لها ولا مخالف لها لعباده المرسلين وجنده المفلحين، أنهم الغالبون لغيرهم، المنصورون من ربهم، نصرا عزيزا، يتمكنون فيه من إقامة دينهم، وهذه بشارة عظيمة لمن اتصف بأنه من جند اللّه، بأن كانت أحواله مستقيمة، وقاتل من أمر بقتالهم، أنه غالب منصور.

ثم أمر رسوله بالإعراض عمن عاندوا، ولم يقبلوا الحق، وأنه ما بقي إلا انتظار ما يحل بهم من العذاب، ولهذا قال: {وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ} من يحل به النكال، فإنه سيحل بهم.

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
وما منا إلا له مقام معلوم
المقال التالي
ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسداً ثم أناب