مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - وما أنا من المتكلفين

منذ 2018-05-05

{قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ * إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ * وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} . [ص 86 - 88]

{وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} :

لم يطلب محمد صلى الله عليه وسلم أجراً على الرسالة و مشقة تبليغها , كما أنه لم يزعم أن القرآن من عند نفسه كما أنه لم يتكلف أحكاماً أو حكماً من عنده, و كذلك العلماء و الدعاة من أتباعه و تلاميذه صلى الله عليه وسلم , إنما هو أمر الله و هي كلماته التي أنزلها للخروج بالبشرية من الظلمات إلى نور الحق و هدايته , ومن شك فسيعلم عين اليقين يوم يرى نار جهنم أمامه , و من عاند أو استكبر أو قابل الرسول و أتباعه و من ساروا على منهجه بالعداء فسيجد مغبة فعله و نتيجة عدائه يوم القيامة.

قال تعالى:

{قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ * إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ * وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} . [ص 86 - 88]

قال السعدي في تفسيره:

لما بين الرسول للناس الدليل ووضح لهم السبيل قال الله له:

{ {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ} } أي: على دعائي إياكم { {مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَّلِفِينَ} } أدعي أمرا ليس لي، وأقفو ما ليس لي به علم، لا أتبع إلا ما يوحى إليَّ.

{ { إِنْ هُوَ} } أي: هذا الوحي والقرآن { {إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ } } يتذكرون به كل ما ينفعهم، من مصالح دينهم ودنياهم، فيكون شرفا ورفعة للعاملين به، وإقامة حجة على المعاندين.

فهذه السورة العظيمة، مشتملة على الذكر الحكيم، والنبأ العظيم، وإقامة الحجج والبراهين، على من كذب بالقرآن وعارضه، وكذب من جاء به، والإخبار عن عباد اللّه المخلصين، وجزاء المتقين والطاغين. فلهذا أقسم في أولها بأنه ذو الذكر، ووصفه في آخرها بأنه ذكر للعالمين.

وأكثر التذكير بها فيما بين ذلك، كقوله: { {واذكر عبدنا} } - { {واذكر عبادنا } } - { {رحمة من عندنا وذكرى} } { { هذا ذكر } }

اللّهم علمنا منه ما جهلنا، وذكرنا منه ما نسينا، نسيان غفلة ونسيان ترك.

{ {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ } } أي: خبره { {بَعْدَ حِينٍ } } وذلك حين يقع عليهم العذاب وتتقطع عنهم الأسباب.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين
المقال التالي
لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء