مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيباً إليه

منذ 2018-05-09

{وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ } [ الزمر 8]

{وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ} :
فتنة الضراء تلجيء الإنسان إلى التضرع و اللجوء لصاحب القوى والقدر , فيسارع من مسه الضر بالدعاء و التضرع لينجيه من بيده الملك و الملكوت.
و بما أن النسيان من طباع الإنسان فمعظم بني آدم إذا ما زال عنه الضر وتحول إلى العافية نسي شكر المنعم و بارزه بالعصيان بل و بادر بكفران النعم و صرف شكره لغير الله و صرف قلبه عن الله إلى شركاء لا يملكون له ضراً و لا نفعاً و إنما زين الشيطان لأتباعه الشرك و بغض إليهم صراط الله المستقيم و حبله المتين فباعد بينهم و بين الله , فكانت النتيجة هي التمتع القليل بدنيا زائلة و الخلود الكبير في نار هائلة.
قال تعالى :
{وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ } [ الزمر 8]
قال السعدي في تفسيره:
يخبر تعالى عن كرمه بعبده وإحسانه وبره، وقلة شكر عبده، وأنه حين يمسه الضر، من مرض أو فقر، أو وقوع في كربة بَحْرٍ أو غيره، أنه يعلم أنه لا ينجيه في هذه الحال إلا اللّه، فيدعوه متضرعا منيبا، ويستغيث به في كشف ما نزل به ويلح في ذلك.
{ { ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ } } اللّه { {نِعْمَةً مِنْهُ} } بأن كشف ما به من الضر والكربة، { {نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ} } أي: نسي ذلك الضر الذي دعا اللّه لأجله، ومر كأنه ما أصابه ضر، واستمر على شركه.
{ {وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ} } أي: ليضل بنفسه، ويضل غيره، لأن الإضلال فرع عن الضلال، فأتى بالملزوم ليدل على اللازم.
{ {قُلْ} } لهذا العاتي، الذي بدل نعمة اللّه كفرا: { {تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ } } فلا يغنيك ما تتمتع به إذا كان المآل النار.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن 

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
إن تكفروا فإن الله غني عنكم
المقال التالي
إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق