اللهم اهدنا

لكل من يدعو الله بالهداية في أمري الدنيا والآخرة، الدعاء، بالهداية فقط وليس معناه حدوث الهداية، بل اتباع الهداية هو حدوث الهداية
في فاتحة الكتاب) يقول الله :  {اهدنا الصراط المستقيم}
. 
لكن هل انتبه أحدنا أن استجابة هذا الدعاء هو القرآن بأكمله، كي تتبعه، فيهديك الله به الصراط المستقيم؟
فالآية الأولى من الفاتحة، الله ينبهك أن الأمر، أمر الهداية يحتاج إلى القراءة والكتابة، والتي لولا أن عرف الإنسان الحروف - وليس اللغة ولا لأصوات - لما استطاع الوصول الذي يتطلب الاتباع والاجتهاد في الدين والاستفادة بخبرة من سبقونا والابتكار في الدنيا ( 1 ). 
ثم تأتي الآية الثانية ليوضح الله تعالى أن استجابة "اهدنا الصراط المستقيم" هي كتاب بأكمله وهو القرآن الكريم "ذلك الكتاب - لا ريب - فيه هدىً للمتقين""
أو 
وهو القرآن الكريم "ذلك الكتاب - لا ريب فيه - هدىً للمتقين"" 
(2) ،وما أثقله من واجب للوصول الهداية، فهو فهم القرآن الكريم، وهو جهاد ومجاهدة 
﴿ {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين} ﴾[العنكبوت: ٦٩]

﴿ {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر} ﴾[القمر: ١٧]
وهو وسيلة عظمى للجهاد 
﴿ {فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا} ﴾[الفرقان: ٥٢]
، وبه - أي بالقرآن
إلا أن فهم القرآن ليس غاية مطلقة، بل هو وسيلة لغاية التقوى التي هي لباسنا وزادنا ووسيلتنا في رحلة وغاية الخلافة في الكون
﴿ {يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون} ﴾[الأعراف: ٢٦]
﴿ {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب} ﴾[البقرة: ١٩٧]
﴿ {قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير} ﴾[العنكبوت: ٢٠]
﴿ {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز} ﴾[الحديد: ٢٥]
فالدعاء بالهداية ليست من طرف واحد وليست إجابتها سهلة، بل إجابتها موجودة وليست موجودة! موجودة لمن اجتهد في الفهم، وليست موجودة لمن تكاسل وتقاعس عن الفهم والعمل

اللهم اهدنا الصراط المستقيم ==> تحرك فالهداية كالكنز لايظهر إلا بالحفر والتعدين والاستخراج والاستخلاص والتقنية والاستخدام

(1) د. طه جابر العلواني
(2 ) د. محمد عبد الله دراز: نظرات في فاتحة الكتاب العظيم
---
أحمد كمال قاسم