مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - والذين اتخذوا من دونه أولياء الله حفيظ عليهم

منذ 2018-07-31

وحده الخالق ووحده القيوم على خلقه , وحده الرزاق ووحده المدبر للممالك العلوية و السفلية,ووحده يستحق الولاء المطلق بالطاعة واتباع الأمر و المبادرة إلى اجتناب النهي والمحبة لذاته وصفاته و المحبة لأوليائه.

{أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ} :

وحده الخالق ووحده القيوم على خلقه , وحده الرزاق ووحده المدبر للممالك العلوية و السفلية,ووحده يستحق الولاء المطلق بالطاعة واتباع الأمر و المبادرة إلى اجتناب النهي والمحبة لذاته وصفاته و المحبة لأوليائه.

من الناس من طرح كل هذا خلف ظهره واتخذ من دون الله أولياء قدمهم عليه في الطاعة وقدم أمرهم على أمره ونهيهم على نهية ومن أكبر هؤلاء الشركاء المطاعين هوى النفس و شياطين الإنس و الجن.

لذا أرسل الله خاتم رسله لينذر جميع من في الأرض و يحذرهم من خطورة الولاء لغير الله , وتقديم الهوى و الشياطين و مناهج الأرض على أمر الله و منهجه وصراطه وكلماته , فمن وقع في الشرك ووالى أعداء الله فما له يوم القيامة من أولياء , فهم أضعف من أن ينصروهم في هذا المشهد المهيب فضلاً عن أن ينصروا أنفسهم أو ينجدوها من العذاب المقيم.

قال تعالى:

{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ * وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ * وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ * أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِى الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} . [الشورى 5-9]

قال السعدي في تفسيره:

 { {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ } } يتولونهم بالعبادة والطاعة، كما يعبدون الله ويطيعونه، فإنما اتخذوا الباطل، وليسوا بأولياء على الحقيقة. { {اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ} } يحفظ عليهم أعمالهم، فيجازيهم بخيرها وشرها. { {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ} } فتسأل عن أعمالهم، وإنما أنت مبلغ أديت وظيفتك.

ثم ذكر منته على رسوله وعلى الناس، حيث أنزل الله { {قُرْآنًا عَرَبِيًّا } } بين الألفاظ والمعاني { { لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى} } وهي مكة المكرمة { {وَمَنْ حَوْلَهَا } } من قرى العرب، ثم يسري هذا الإنذار إلى سائر الخلق. { { وَتُنْذِرَ } } الناس { { يَوْمَ الْجَمْعِ } } الذي يجمع الله به الأولين والآخرين، وتخبرهم أنه { لَا رَيْبَ فِيهِ } وأن الخلق ينقسمون فيه فريقين { { فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ} } وهم الذين آمنوا بالله، وصدقوا المرسلين، { { وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ } } وهم أصناف الكفرة المكذبين.

{ {} و } مع هذا { {لَوْ شَاءَ اللَّهُ} } لجعل الناس، أي: جعل الناس { {أُمَّةً وَاحِدَةً } } على الهدى، لأنه القادر الذي لا يمتنع عليه شيء، ولكنه أراد أن يدخل في رحمته من شاء من خواص خلقه.

وأما الظالمون الذين لا يصلحون لصالح، فإنهم محرومون من الرحمة، فـ { {مَا لَهُمْ} } من دون الله { {مِنْ وَلِيٍّ } } يتولاهم، فيحصل لهم المحبوب { { وَلَا نَصِيرٍ } } يدفع عنهم المكروه.

والذين { {اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} } يتولونهم بعبادتهم إياهم، فقد غلطوا أقبح غلط. فالله هو الولي الذي يتولاه عبده بعبادته وطاعته، والتقرب إليه بما أمكن من أنواع التقربات، ويتولى عباده عموما بتدبيره، ونفوذ القدر فيهم، ويتولى عباده المؤمنين خصوصا، بإخراجهم من الظلمات إلى النور، وتربيتهم بلطفه، وإعانتهم في جميع أمورهم.

{ {وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } } أي: هو المتصرف بالإحياء والإماتة، ونفوذ المشيئة والقدرة، فهو الذي يستحق أن يعبد وحده لا شريك له.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن
المقال التالي
وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله