مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - وترى الظالمين لما رأوا العذاب يقولون هل إلى مرد من سبيل

منذ 2018-08-17

وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ

{وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ} :

استحقوا العذاب بما قدمت أيديهم من ظلم النفس وظلم الناس والعناد والابتعاد عن أوامر الله وسبيله , فأضلهم الله بما قدمت أيدهم وبإصرارهم على ضلال اختاروه لأنفسهم.

يتمنى الظالم عند معاينة العذاب لو يرد إلى الحياة الدنيا لينتهج سبيل الحق وهيهات أن يعود.

يعرض الظالمون على النار خاشعين مذلولين في مشهد مخزي هم من اختاروه لأنفسهم حين تمسكوا بطريق الخسران المبين.

لن ينفع ساعتها صاحب سوء صادقوه , ولا متبوع أطاعوه , ولا صاحب جاه أو مال أو ملك انخدعوا بما عنده, فالملك يومئذ لله وحده , و لله القوة جميعاً.

قال تعالى :

{ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ * وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ * وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِيَاءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ سَبِيلٍ} . [الشورى 44-46]

قال السعدي في تفسيره:

يخبر تعالى أنه المنفرد بالهداية والإضلال، وأنه { { مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ } } بسبب ظلمه { {فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ } } يتولى أمره ويهديه.

{ {وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ } } مرأى ومنظرا فظيعا، صعبا شنيعا، يظهرون الندم العظيم، والحزن على ما سلف منهم، و { {يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ } } أي: هل لنا طريق أو حيلة إلى رجوعنا إلى الدنيا، لنعمل غير الذي كنا نعمل، وهذا طلب للأمر المحال الذي لا يمكن.

{ {وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا} } أي: على النار { {خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ} } أي: ترى أجسامهم خاشعة للذل الذي في قلوبهم، { {يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ} } أي: ينظرون إلى النار مسارقة وشزرا، من هيبتها وخوفها.

{ {وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا } } حيث ظهرت عواقب الخلق، وتبين أهل الصدق من غيرهم: { { إِنَّ الْخَاسِرِينَ} } على الحقيقة { {الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } } حيث فوتوا أنفسهم جزيل الثواب، وحصلوا على أليم العقاب وفرق بينهم وبين أهليهم، فلم يجتمعوا بهم، آخر ما عليهم. { {أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ} } أنفسهم بالكفر والمعاصي { {فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ } } أي: في سوائه ووسطه، منغمرين لا يخرجون منه أبدا، ولا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون.

{ {وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِيَاءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ } } كما كانوا في الدنيا يمنون بذلك أنفسهم، ففي القيامة يتبين لهم ولغيرهم أن أسبابهم التي أملوها تقطعت، وأنه حين جاءهم عذاب الله لم يدفع عنهم. { {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ سَبِيلٍ} } تحصل به هدايته، فهؤلاء ضلوا حين زعموا في شركائهم النفع ودفع الضر، فتبين حينئذ ضلالهم.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
وجزاء سيئة سيئة مثلها
المقال التالي
استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله